Fidel
Soldado de las Ideas
قبل أيام ثلاثة بالكاد، تلبّس مساعد وزير العلاقات الخارجية الأمريكي، أوتو رايش، وهو رمزٌ أشهر من نار على علم، بأكذوبة مشينة بتأكيده أن أربع طائرات كوبية قد هبطت في الثاني عشر من تشرين نيسان/أبريل الماضي في العاصمة الفنزويلية بدون أن يعرف أحد "ما الذي كانت تفعله هناك، وماذا كانت تحمل على متنها، لا نعرف". يبدو بأن هذه هي بداية حملة على كوبا أو انتقاماً من الفشل ما فوق العادي الذي مني به الانقلاب الفاشي الذي وقف هو وراءه، أو للغايتين معاً.
إن مرد امتناعي عن تقديم الأدلة على ما حدث في مونتيرّيه، وما أجبرني على الانسحاب في ذات اليوم الذي ألقيت فيه خطابي في القمة، هو أن السيد كاستانجيدا كان قد جر الرئيس فيسينتي فوكس إلى مغامرته المتهتكة. ولم يكن بإمكاني الكشف عنها بدون أن أُقحم رئيس الدولة المكسيكي.
المؤامرة الحالية على كوبا في جنيف كان قد دبّرها السيد كاستانجيدا في واشنطن. فالحكومة التشيكية كانت قد سئمت من دورها المرتزق باهظ الكلفة والمحِطّ لمصداقيتها. وكانت حكومة الولايات المتحدة في العام الماضي، بعد القرار الذي تم فرضه بالقوة ضد كوبا، قد جُرِّدت من صفتها كعضو في لجنة حقوق الإنسان في عقاب مذلٍّ ومحقٍّ لها، وذلك عبر تصويت سري أجراه المجلس الاجتماعي الاقتصادي. وكانت هذه أخزى هزيمة تسجّل منذ قيام هذه الهيئة في عام 1945.
هناك فكرة أساسية كانت تشغل ذهني منذ أن كنت في زمني اشتراكياً طوباوياً. كنت أنطلق من اللاشيء لمجرد رؤيتي للخير والشر التي يزرعها المجتمع الذي يتولد ويتربّى فيه المرء، وهو مجتمع مليء بالغرائز وخالٍ من القيم التي يشرع الآباء، وخاصة منهم الأمهات، بغرسها في أي مجتمع وأي عصر.
ولكن معركة الأفكار لا تعني فقط مبادئ ونظرية ومعارف وثقافة وحجج وردّ وردّ على ردّ وسحق أكاذيب وزرع حقائق؛ إنما تعني وقائع وإنجازات ملموسة. حتى في ظل الفترة الخاصة، في ظل حصار وعداء وتهديدات أكثر الإمبراطوريات جبروتاً في الوجود، يصمم شعبنا ويبني أكثر المجتمعات عدالة وإنسانية عُرف حتى يومنا هذا. إننا على وعي كامل لذلك. وفي طليعة هذا الإنجاز المجيد يأتي الشبان والطلاب وأطفالنا الرائعون. ولهذا نجد التفاؤل والثقة بالمستقبل أقوى في كل يوم.
كم من المعاناة! كم من الارتياح! رغم ما رويته لكم عن الأزمة الاقتصادية، وعن أسعار السكر، وهي أسعار بائسة، وأسعار النيكل التي هي في مستويات بالكاد تعادل سعر التكلفة، أو الضربة التي تلقتها السياحة مع العمل الإرهابي المرتكب في نيويورك ضد الشعب الأمريكي، بالإضافة إلى النتائج السياسية التي عادت بها تلك الضربة، ما أدى بالعالم إلى مستوى شديد من التوتر ومن المشاكل الكبيرة، والتي تعودتم ونحن معتادين عليها منذ زمن طويل.
قبل أيام قليلة جداً، بعث لي شخص صديق بنص تقرير صادر عن شركة "غالوب"، وهي الشركة الأمريكية الشهيرة لاستطلاع الرأي. أخذتُ أتصفّح هذه المادّة بانعدام طبيعي للثقة بسبب المعلومات الكاذبة والمنافقة التي يتم استخدامها عادة بحق وطننا.
لا أكون نزيهاً إذا لزمت الصمت بعد الخطاب الذي ألقاه أوباما في الثالث والعشرين من أيار/مايو أمام "المجمع الكوبي-الأمريكي"، الذي أسسه رونالد ريغان. أصغيت إليه كما أصغيت إلى خطابيّ كل ماك كين وبوش. لا أضمر الحقد لشخصه، لأنه ليس مسؤولاً عن الجرائم المرتكبة ضد كوبا وضد البشرية. لو دافعتُ عنه، إنما أنا أكون بذلك أسدى خدمة جليلة لمنافسيه. ولهذا فإنني لا أخشى توجيه الانتقاد إليه والتعبير له بكل صراحة عن وجهات نظري حول كلماته.
يعتقد المرء أن ليس هناك من موضوع يستحق أمر التعليق عليه من دون أن يبعث الملل عند القّراء الصابرين بعد حلقة برنامج "الطاولة المستديرة" ليوم الثاني عشر من حزيران/يونيو، التي غطت وقائع تقديم الطبعة الجديدة من كتاب نُشر في بوليفيا قبل 15 سنة من اليوم، وهذه المرة بتوطئة كتبتها أنا. قُرئت في تلك الحلقة من البرنامج مقدّمة كتبها الرئيس إيفو موراليس لاحقاً ثم رسالة من الكاتبة الأرجنتينية الشهيرة استيلا كالوني، واللذين سيتم إدراجهما في الطبعة القادمة. اخترتُ بدقة المعطيات التي استخدمتُها في التوطئة.
الطريقة المشينة التي اتخذ الاتحاد الأوروبي قراره بها في التاسع عشر من الجاري بإلغاء العقوبات عن كوبا تناولتها 16 برقية صحفية عالمية. لا يترتب عن هذا الإلغاء أي أثر اقتصادي على الإطلاق بالنسبة لبلدنا. خلافاً لذلك، قوانين الولايات المتحدة المتجاوزة لحدودها، وبالتالي حصارها الاقتصادي والمالي ما يزالان ساريان بشكل كامل.
أصبح الفقر الشديد في العالم الثالث يشمل ما عددهم 1200 مليون شخصاً. إن الهوة تكبر، ولا تنحسر. الفارق بين دخول أغنى البلدان وبين دخول أفقرها، والذي كان في عام 1960 يبلغ 37 ضعفاً، أصبح اليوم يبلغ 74 ضعفاً. وقد وصل الأمر إلى حدود بلغت أن الأشخاص الثلاثة الأكثر ثراء في العالم يتمتعون بأموال وممتلكات تعادل مجموع إجمالي الناتج المحلي للبلدان الثمانية وأربعين الأفقر. في عام 2001 وصل عدد الأشخاص الجائعين حسياً إلى 860 مليوناً؛ وعدد الكبار الأميين إلى 854 مليوناً؛ وعدد الأطفال الذين لا تتوفر لهم المدارس إلى 325 مليوناً؛ وعدد الأشخاص الذين يفتقدون للأدوية الأساسية متدنية الكلفة إلى ألفي مليون؛ وعدد الذين لا يتمتعون بالشروط الصحية الأساسية إلى 2400 مليوناً. وما لا يقل عن أحد عشر مليوناً من الأطفال دون الخامسة من العمر يموتون سنوياً لأسباب يمكن تجنبها، وهناك 500 مليون يصابون بالعمى بسبب نقص الفيتامين "أ".
الصفحات