Discursos e Intervenciones

خطاب القاه القائد الأعلى فيدل كاسترو روث ، رئيس مجلسي الدولة و الوزراء و رئيس حركة عدم الانحياز بدورة الجلسات الرابعة و الثلاثين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، المنعقدة بنيو يورك ، بيوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1979

Fecha: 

12/10/1979

ما أتيت للحديث عن كوبا. لن أعرض بهذه الجمعية استنكار الاعتداءات التي كان و لا يزال بلدنا الصغير و لكنه ذو كرامة، ضحية لها خلال 20 سنة. لم أصل أيضا إلى هنا لأصف الجار الجبار بصفات غير ضرورية بعقر داره.

لدينا تفويض من المؤتمر السادس لرؤساء الدول أو الحكومات لحركة عدم الانحياز لتقديم تأملاتها و مواقفها أمام الأمم المتحدة.

إننا 95 دولة من كافة القارات ، التي تمثل، هي الأخرى، الأغلبية الساحقة للإنسانية. توحدنا العزيمة بالدفاع عن التعاون بين دولنا، تحقيق التنمية الوطنية و الاجتماعية الحرة ، السيادة، الأمن، المساواة، و تقرير المصير بحرية. إننا شركاء بمساعينا من أجل تغيير النظام الحالي للعلاقات الدولية، الذي يعتمد على الاجحاف، اللا مساواة و الاضطهاد. إننا نعمل في السياسة الدولية كعامل شامل و مستقل.

اجتمعت الحركة في هافانا و أكدت مجددا على مبادئها و أهدافها.

إن البلدان غير المنحازة نصر على ضرورة انهاء اللا مساواة الهائلة التي تفصل البلدان المتطورة عن البلدان النامية. و من أجل ذلك نناضل في سبيل التخلص من الفقر، من الجوع، المرض و الأمية التي يعاني منها مائات الملايين من البشر . نطمح إلى إقامة نظام عالمي جديد، يعتمد على العدالة، المساواة و السلام، الذي من شأنه أن يحل محل النظام المجحف و غير المتكافئ الذي يسود اليوم، حيث ، حسب ما ينص عليه بيان هافانا، "ما زالت الثروة مركزة بأيدي عدة دول عظمى، التي اقتصاداتها ، المعتمدة على التبذير، تبقى قائمة بفضل استغلال العمال ، و نقل و نهب موارد طبيعية و موارد أخرى من شعوب افريقيا، أمريكا اللاتينية ، آسيا و مناطق أخرى بالعالم. "

بين المشاكل التي ستناقشها هذه الدورة لجلسات الجمعية العامة ، يحتل السلام مركز الصدارة بين المواضيع المثيرة للقلق.

إن البحث عن السلام يشكل أيضا طموح لحركة عدم الانحياز و ارتكز الاهتمام عليه بالمؤتمر السادس . و لكن، السلام، بالنسبة إلى بلداننا لا يتجزأ. إننا نريد سلام يفيد بنفس الطريقة الكبار و الصغار، الأقوياء و الضعفاء ، سلام يشمل جميع مجالات العالم و يصل إلى كافة مواطنيه.

منذ اقامتها، تعتبر حركة عدم الانحياز أن مبادئ التعايش السلمي ينبغي عليها أن تكون حجر الزاوية في العلاقات الدولية و أنها تشكل الأساس لتعزيز السلام و الأمن الدولي و تقليص التوتر و اتساع هذه العملية إلى جميع مناطق العالم و إلى كل مجالات العلاقات و لا بد من تطبيقها على الصعيد العالمي في العلاقات ما بين الدول.

و لكن، بنفس الوقت، اعتبرت القمة السادسة أن هذه المبادئ للتعايش السلمي تتضمن أيضا حق الشعوب التي هي خاضعة لسيطرة اجنبية و استعمارية، حقها في تقرير المصير، في الاستقلال و السيادة، في تكامل أراضي الدول، حق كل دولة في انهاء الاحتلال الأجنبي و عدم الحصول على الأراضي عنوة، و حقها في اختيار نظامها الاجتماعي، السياسي و الاقتصادي.

هكذا فقط يمكن للتعايش السلمي أن يكون الأساس بالعلاقات الدولية.

لا يمكن تنكر ذلك. عندما يتم تحليل بنية العالم المعاصر يتبرهن أن حقوق شعوبنا هذه ليست مضمونة بعد. إن الدول غير المنحازة تعلم بشكل جيد من هم اعدائنا التاريخيين ، من أين تأتي التهديدات و كيف ينبغي علينا مكافحتها.و لذلك ،قد اتفقنا بهافانا التأكيد مجددا على ما يلي:

"إن جوهر سياسة عدم الانحياز، وفقا لمبادئها الأصلية، و ميزتها الأساسية، ترتبط بالنضال ضد الامبريالية ، الاستعمار ، الاستعمار الجديد، نظام التفرقة العنصرية، العنصرية، بما فيها الصهيونية و أي نوع من الاعتداءات ، الاحتلال ، السيطرة ، التدخل أو الهيمنة الأجنبية و أيضا النضال ضد سياسات الدول العظمى أو الكتل."

هكذا يفهم أن بيان هافانا أيضا ربط النضال من أجل السلام "بالتأييد السياسي، الأخلاقي و المادي لحركات التحرر الوطني و القيام بأعمال مشتركة لتصفية السيطرة الاستعمارية و انهاء التمييز العنصري."

إن البلدان غير المنحازة كنا دائما و لا نزال نولي أهمية كبيرة لإمكانية و ضرورة الانفراج ما بين الدول العظمى. و لذلك اشارت القمة السادسة، بقلق كبير، إلى أنه بعد قمة كولومبو قد جرى نوع من الركود في عملية الانفراج هذه، التي ما زالت محدودة أيضا " بأبعادها و أيضا جغرافيا".

انطلاقا من هذا القلق ، إن بلدان عدم الانحياز- التي جعلت من نزع التسلح و انهاء الأسلحة النووية هدفين دائمين و بارزين لنضالها و التي اتخذت المبادرة بالدعوة إلى الدورة العاشرة الاستثنائية لجلسات الجمعية العامة حول نزع السلاح –عالجت بمؤتمرها نتائج المفاوضات حول الأسلحة الاستراتيجية و الاتفاقيات التي اطلقت عليها سالت – 2 .

تعتبر، هي الأخرى، أن هذه الاتفاقيات تشكل خطوة مهمة في المفاوضات ما بين أهم دولتين عظيمتين نوويتين و أنها سوف تفسح المجال لإجراء مفاوضات أوسع، من شأنها أن تؤدي إلى نزع السلاح الشامل و تقليص التوترات.

و لكن، بالنسبة إلى البلدان غير المنحازة لا تشكل هذه المعاهدات أكثر من جزء للتقدم نحو السلام. رغم أن المفاوضات ما بين الدول العظمى ، هي بمثابة عنصر حازم بالعملية، أكدت البلدان غير المنحازة مجددا أن السعي نحو توطيد الانفراج و من أجل توسيعه بجميع أنحاء العالم، و من أجل الحيلولة دون التهديد النووي، ، تراكم الأسلحة و بنهاية المطاف ، إن تجنب الحرب مهمة ينبغي على جميع الشعوب المشاركة فيها و ممارسة مسؤوليتها.

السيد الرئيس:

اعتمادا على مفهوم شمولية السلام، و ضرورة الربط ما بين البحث عن السلام في سائر البلدان بالنضال في سبيل الاستقلال الوطني، السيادة الكاملة، المساواة بين الدول، إن رؤساء الدول و الحكومات أبدينا اهتمامنا للقضايا الملحة أكثر بإفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية و مناطق أخرى . من المهم التركيز على أننا كنا ننطلق من موقف مستقل غير مرتبط بسياسات التي يمكنها أن تحدث نتيجة للتناقض ما بين الدول العظمى . إذا رغم هذا التوجه، الموضوعي، و غير الملتزم، تتحول مراجعة الأحداث الدولية إلى لعنة لدعامة الامبريالية و الاستعمار، فإن هذا ليس إلا انعكاس للحقيقة الأساسية لعالمنا المعاصر.

هكذا، فقد شدد رؤساء الدول أو الحكومات ، عند مراجعة الوضع بإفريقيا، و بعد تقدير التقدم الذي تحقق بنضال الشعوب الافريقية في سبيل انعتاقها ، كقضية أساسية في المنطقة ، على ضرورة انهاء الاستعمار، العنصرية ، التمييز العنصري و نظام التفرقة العنصرية بالقارة و على وجه الخصوص بإفريقيا الجنوبية.

كان لا بد من الابراز على أن الدول العظمى الاستعمارية و الامبريالية كانت تواصل باتخاذ سياساتها العدوانية بهدف ادامة، استرجاع أو توسيع سيطرتها و استغلالها للأمم الافريقية.

ما زال وضع افريقيا دراميا. كان ينبغي على البلدان غير المنحازة ادانة الاعتداءات على الموزامبيق، زامبيا، أنغولا، بوتسوانا، التهديدات على ليسوتو، المحاولات الدائمة لزعزعة تلك المنطقة، دور النظامين العنصرين لرود يسيا و جنوب افريقيا . ضرورة تحقيق بفترة محددة التحرر الكامل لزمبابوي و ناميبيا ليست فقط قضية للبلدان غير المنحازة أو للقوى التقدمية أكثر لعصرنا، بل و إنما اتفق المجتمع الدولي على ذلك، من خلال الأمم المتحدة، و هذا يعني أن هناك واجبات لا بد من الالتزام بها و يفترض أن يتم الاستنكار الدولي أمام عدم الالتزام بها. و لذلك، عندما وافق رؤساء الدول و الحكومات بالبيان الختامي على ادانة مجموعة من البلدان الغربية بأسمائها و تمت ادانة الولايات المتحدة بالدرجة الأولى ، لتعاونها المباشر و غير المباشر بالحفاظ على الاضطهاد العنصري و السياسة الاجرامية لإفريقيا الجنوبية ، و بالمقابل، اعترفت بالدور الذي لعبته البلدان غير المنحازة، الأمم المتحدة، ، منظمة الوحدة الافريقية، البلدان الاشتراكية، البلدان الإسكندنافية و قوى أخرى ديمقراطية و تقدمية تأييدا لنضال شعوب افريقيا و ليس بذلك أي برهان على اتجاه فكري و إنما ببساطة ها هو تعبير صادق عن الحقيقة الموضوعية. إدانة جنوب افريقيا دون ذكر أولئك الذين يوفرون إمكانية تجسيد سياستها الاجرامية أمر غير مفهوم.

من مؤتمر القمة السادسة يظهر بقوة أكبر و بشكل عاجل، أكثر من أي وقت مضى، ضرورة انهاء وضع لا يمس فقط حق شعبي زمبابوي و ناميبيا في استقلالها و المطالبة التي لا يمكن تأجيلها بأن يحقق السود و النساء السوداء بجنوب افريقيا وضعا يسمح باعتبارهم بشر متساويين و محترمين ، و أيضا ضمان الاحترام و السلام لكافة بلدان المنطقة.

التأييد المتواصل لحركات التحرر الوطني ، للجبهة الوطنية و للسوابو كان قرارا موحدا و متوقعا . و لا يكمن الأمر هنا – لنقول ذلك بشكل جيد – في التعبير عن أفضلية أحادية بالحلول عن طريق الكفاح المسلح . صحيح أن المؤتمر أثنى على شعب ناميبيا و السوابو ، ممثله الوحيد و الشرعي، لتكثيف الكفاح المسلح و التقدم فيه و طالب بتقديم التأييد الكامل و الفعال لهذا النوع من الكفاح. و لكن هذا يحصل لأن العنصريين الجنوب أفارقة قد أغلقوا كل الطرق أمام المفاوضات الحقيقية و لذلك تحولت محاولات الحلول عن طريق المفاوضات إلى خدعة فقط.

الموقف تجاه قرارات كمنولث المتخذة باجتماعاتها بلوساكا ، بآب الماضي، الموجهة نحو الدعوة إلى مؤتمر من قبل الحكومة البريطانية كسلطة بروديسيا الجنوبية ، للنقاش حول مشاكل زمبابوي سمحت بالتأكيد على أن البلدان غير المنحازة لا تعارض الحلول التي يمكن تحقيقها دون الكفاح المسلح إذا تؤدي إلى إقامة حكومة أصيلة و موثوقة للأكثرية و إذا يتحقق الاستقلال بشكل مرضي للشعوب المكافحة و أن يتم ذلك وفقا لقرارات الهيئات كمنظمة الوحدة الافريقية و الأمم المتحدة و بلداننا غير المنحازة.

السيد الرئيس:

كان ينبغي على القمة السادسة أن تتآسف مرة أخرى لعدم تطبيق القرار 1514 للجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة باستقلال البلدان، على الصحراء الغربية . يجب علينا أن نتذكر أن هناك قرارات للبلدان غير المنحازة و للأمم المتحدة ، مثل القرار 3331 للجمعية العامة، بشكل خاص، قد أكدت مجددا على الحق الشرعي لشعب الصحراء الغربية في ممارسة حق تقرير المصير و الحصول على استقلاله. بهذه القضية تشعر كوبا بمسؤولية خاصة، لأنها كانت عضوة للجنة الأمم المتحدة التي قامت بالتحقيق حول الصحراء الغربية ، مما سمحت لممثلتنا التأكد من العزيمة الكاملة لدى الشعب الصحراوي لصالح تقرير المصير و الاستقلال . نؤكد هنا مجددا أن موقف البلدان غير المنحازة ليست تناحريا تجاه أي بلد . بالتحية للاتفاقية ما بين الجمهورية المورتانية و جبهة البوليساريو و التحية للقرار المورتاني بسحب قواتها من أراضي الصحراء الغربية و الاستنكار لتوسع الاحتلال المسلح من قبل المغرب لجنوب الصحراء الغربية ، الذي كان يديره سابقا موريتانيا لا يمكن رؤيته إلا كتطبيق لمبادئنا و لمقررات الأمم المتحدة. و لذلك عبر المؤتمر عن آماله بأن تسمح اللجنة المخصصة لمنظمة الدول الافريقية ، التي تشكلت بالاجتماع السادس عشر لقمة المنظمة الافريقية ، بضمان أن الشعب الصحراوي يمارس حقه في تقرير المصير و في الاستقلال في أقرب وقت ممكن.

نفس المبدأ و نفس الموقف حسما الاتفاقيات حول مايوتي و الأرخبيل المالغاشي و اعادتها إلى جزر القمر و مدغشقر.

السيد الرئيس:

لاشك في أن مشكلة الشرق الأوسط تحولت إلى إحدى الأوضاع المثيرة أكثر للقلق في العصر المعاصر. إن القمة السادسة عالجتها بأبعادها المزدوجة .

من جهة، أكد المؤتمر من جديد أن تمسك إسرائيل بمواصلة سياسة الاعتداء ، التوسع و الاستيطان الاستعماري بالأراضي التي احتلتها ، بدعم من الولايات المتحدة، تشكل تهديدا خطيرا للسلام و الأمن الدولي.

و بنفس الوقت، عالج المؤتمر المشكلة من زاوية حقوق البلدان العربية و القضية الفلسطينية.

بالنسبة إلى البلدان غير المنحازة ، تشكل القضية الفلسطينية صلب مشكلة الشرق الأوسط و جزء لا يتجزأ منها. لا تنحل مشكلة الشرق الأوسط دون حل القضية الفلسطينية.

إن الأساس لتحقيق سلام عادل بالمنطقة يبدأ بالانسحاب الكامل و بلا قيد و لا شرط لإسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة و هذا يفترض للشعب الفلسطيني إعادة كل الأراضي المحتلة و استرجاع الحقوق الوطنية الشرعية ، بما فيها حق العودة إلى الوطن ، حق تقرير المصير و إقامة الدولة المستقلة بفلسطين ، وفقا للقرار 3236 للجمعية العامة . هذا يعني عدم شرعية و الغاء الإجراءات المتخذة من قبل إسرائيل بالأراضي الفلسطينية و العربية المحتلة بما فيها المستوطنات بالأراضي الفلسطينية و بالأراضي العربية الأخرى، التي لا بد من جلائها فورا ، إنه شرط لحل المشكلة.

كما قلت بخطابي بالقمة السادسة" ... لسنا متعصبين. تربت دائما الحركة الثورية بحقد تجاه التمييز العنصري و المذابح من أي نوع، و من أعماق وجداننا، نشجب بشدة الملاحقة بلا رحمة و الإبادة التي مارسها النازية ضد الشعب العبري بوقتها. و لكن، لا يمكنني أن أتذكر شيئا يشبه ذلك أكثر من الطرد، الملاحقة و الإبادة التي تقوم بها الامبريالية و الصهيونية اليوم ضد الشعب الفلسطيني .إن الأبطال الفلسطينيين مجردون من أرضهم، مطرودون من وطنهم، مبعثرون بالعالم، ملاحقون ، الذين يتم اغتيالهم، إنهم يشكلون مثالا مذهلا للتفاني، الوطنية، و إنهم بمثابة الرمز الحي لأكبر جريمة لعصرنا"

( تصفيق)

هل يستغرب أحد بأن المؤتمر رأى نفسه مجبورا ، لأسباب لا تنتج عن أي تحيز سياسي، بل و إنما عن التحليل الموضوعي للأحداث، على الإشارة إلى أن سياسة الولايات المتحدة تلعب دورا أساسيا في الحيلولة دون إقامة السلام العادل و الكامل للمنطقة من خلال انحيازها لإسرائيل و دعمها و العمل للحصول على حلول جزئية لصالح الأهداف الصهيونية و لضمان إنجاح الاعتداء الإسرائيلي على حساب الشعب العربي لفلسطين و الأمة العربية قاطبة ؟

الأحداث، فقط الأحداث جعلت المؤتمر يقوم بإدانة السياسة الأمريكية و مناوراتها بالمنطقة.

عندما حصل رؤساء الدول أو الحكومات على توافق الأراء ، حيث تمت ادانة اتفاقيات كامب ديفد و معاهدة مصر-إسرائيل لعام 1979، وراء تلك الصيغ كانت هناك ساعات طويلة من المراجعة الدقيقة و التبادلات المثمرة التي سمحت للمؤتمر أن تأخذ بعين الاعتبار أن هذه المعاهدات ليست فقط تخلي كامل عن قضية البلدان العربية و إنما عمل تواطؤ بالاحتلال المستمر للأراضي العربية. إن المواصفات قاسية، و لكنها حقيقية و عادلة. ليس الشعب المصري هو الذي خاضع لرأي هيئات الحركة. يحظى الشعب المصري باحترام كل واحد من بلداننا و تضامن كافة شعوبنا. نفس الأصوات التي ارتفعت لشجب اتفاقيات كامب ديفد، و المعاهدة المصرية- الإسرائيلية، ، هي التي مدحت جمال عبد الناصر، مؤسس الحركة و حامل التقاليد القتالية للأمة العربية .لم و لن يتجاهل أحد الدور التاريخي لمصر بالثقافة و بالتنمية العربية و فضائله كمشجع و مؤسس للبلدان عدم الانحياز.

كما أنه تركزأيضا اهتمام المؤتمر بقضايا جنوب شرق آسيا إن النزاعات المتزايدة و التوترات التي تحصل هناك تشكل تهديدا للسلام لا بد من تجنبه.

و عبرت القمة السادسة عن قلقها المماثل للوضع بالمحيط الهندي. إن البيان الذي وافقت عليها منذ 8 سنوات الجمعية العامة للأمم المتحدة، و الذي تعتبر هذه المنطقة كمنطقة سلام، لم يحقق أهدافه. لم يتقلص التواجد العسكري بتلك المنطقة، بل يزداد. إن القواعد العسكرية تمتد الآن حتى جنوب افريقيا و تستخدم بشكل إضافي للحراسة على الحركات الافريقية للتحرر. ما زالت المحادثات ما بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي متوقفة ، رغم الاتفاقيات التي ابرمت مؤخرا ما بين البلدين للنقاش حول استئنافها. من هنا ظهرت الدعوة إلى القمة السادسة لكافة الدول المعنية ، للعمل بشكل فعال من أجل تحقيق أهداف بيان اعلان المحيط الهندي كمنطقة سلام.

عالجت القمة السادسة قضايا أخرى إقليمية و عالمية مثل التي تتعلق بالأمن و التعاون مع أوروبا؛ قضية المتوسط ، التوترات السائدة هناك، و المتزايدة الآن، كنتيجة للسياسة العدوانية التي تتخذها إسرائيل و مساندتها من قبل دول عظمى امبريالية معينة.

توقفت عند معالجة الوضع بقبرص، التي ما زالت محتلة جزئيا من قبل قوات اجنبية، و كوريا، التي ما زالت منقسمة رغم رغبة الشعب الكوري بإعادة توحيد الوطن بالطرق السلمية مما جعل البلدان غير المنحازة تؤكد مجددا و توسع قراراتها التضامنية الموجهة إلى تجسيد طموحات الشعبين.

من المستحيل التعرض لسائر القرارات السياسية للقمة السادسة . القيام بذلك سوف يحول دون التعرض لما تعتبره إحدى المجالات الأساسية لقمتنا : أبعادها الاقتصادية، صرخة الشعوب النامية، التي استاءت من التخلف، و المعاناة به. إن كوبا، كالبلد المقام، سوف تعطي للبلدان الأعضاء بالمجتمع الدولي، البيان الختامي و القرارات الإضافية للمؤتمر. و لكن، سيسمح لي، قبل أن أنقل إليكم كيف ترى البلدان غير المنحازة الوضع الاقتصادي العالمي، ما هي مطالبها و آمالها، أن اغتنم بعض اللحظات لأخبركم عن توجه البيان الختامي حول القضايا الأمريكي لاتينية في هذه اللحظة.

انعقاد القمة السادسة في بلد أمريكي لاتيني وفر الفرصة لرؤساء الدول و الحكومات المجتمعين هناك للتذكيربأن شعوب تلك المنطقة بدأت تبذل جهودها من أجل الاستقلال منذ مطلع القرن التاسع عشر. كما أنها لم تنسى، كما يقول البيان، أن "أمريكا اللاتينية كانت احدى المناطق في العالم التي عانت أكثر من اعتداء الامبريالية،الاستعمار و الاستعمار الجديد للولايات المتحدة و أوروبا." و كان ينبغي على المشاركين في المؤتمر الابراز على أنه ما زالت هناك بقايا للاستعمار، الاستعمار الجديد و الاضطهاد الوطني في تلك الأرض النضالية. لذلك دعى المؤتمر إلى الغاء الاستعمار بجميع اشكاله و ظواهره. أدان وجود القواعد العسكرية في امريكا اللاتينية و الكاريبي مثل التي هي في كوبا و بورتو ريكو، و طالب، مرة أخرى، اعادة الأراضي المحتلة بتلك القواعد ضد ارادة شعبيها من قبل الولايات المتحدة و الدول العظمى الاستعمارية الأخرى.

تجارب مناطق أخرى جعلت رؤساء الدول و الحكومات يرفضون و يدينون محاولة اقامة ما يسمى "بقوة أمن" في الكاريبي ، و هذه آلية استعمارية جديدة لا يتطابق بسيادة البلدان، و لا بأمنها و بالسلام.

عندما طالب المؤتمر اعادة جزر الملوين إلى جمهورية الأرجنتين، و عندما تؤكد من جديد على الحق الشرعي لشعب بيليسي في تقرير المصير و الاستقلال و تكامل الأراضي، اثبت مجددا على ما حدده بيانه كجوهر عدم الانحياز. تأكد بسعادة أنه انطلاقا من أول أكتوبر/ تشرين الأول تدخل في حيز التنفيذ المعاهدات الموقعة ما بين جمهورية بورتو ريكو و الولايات المتحدة ، و قدم تأييده الكامل لتلك المعاهدات و ناشد باحترامها بنصها و روحها و دعى كافة بلدان العالم حتى تلتحق ببروتكول المعاهدة المعني بالحياد الدائم لقاناة باناما.

إن رؤساء الدول أو الحكومات ، رغم الضغوطات التي مورست ، و التهديدات و المدح و تعند الحكومة الامريكية، التي تطالب باعتبار مشاكل بورتو ريكو كمشاكل داخلية للولايات المتحدة ، أكدوا من جديد على تضامنهم مع نضال بورتو ريكو ه و حقها الشرعي في تقرير المصير، الاستقلال و تكامل الأراضي و ناشدوا حكومة الولايات المتحدة إلى عدم القيام بأي مناورة سياسية أو قمعية موجهة إلى بقاء الوضع الاستعماري لذلك البلد للأبد. (تصفيق)

ليس هناك تكريم بكرامة أكبر من هذا للتقاليد التحررية لأمريكا اللاتينية و الشعب الباسل البورتو ريكي، الذي قد احتفل بهذه الأيام بالذات ب"صرخة لاريس" التي عبر به منذ تقريبا 100 سنة عن توجهه للحرية الذي لا يرضخ.

عندما تعرض رؤساء الدول أو الحكومات للحقيقة اللاتينوأمريكية ، و هم كانوا قد حللوا مغزى العملية التحررية في ايران ، كان ينبغي عليهم أن يتعرضوا للقفزة الثورية لغريناطة و الانتصار الخارق لشعب نيكاراغوا و طليعته، الجبهة الساندينية للتحرير الوطني( تصفيق)و ابراز المغزى التاريخي الهائل الذي يرتديه هذا الحدث لشعوب أمريكا اللاتينية و العالم. اضافة إلى ذلك، أكد رؤساء الدول أو الحكومات على أمر يعتبر جديدا في العلاقات الأمريكي لاتينية و هو مثال لمناطق أخرى في العالم: الطريقة التضامنية و المتماسكة التي تميز بها تصرف حكومات باناما، كوستا ريكا، المكسيك، و بلدان المعاهدة الاقليمية الفرعية الأندية : بوليفيا، كولومبيا، إيكوادور، البيرو، فينيزويلا في سبيل تحقيق حل عادل للمشكلة النيكاراغوية، و أيضا التضامن الذي قدمته كوبا تاريخيا لقضية ذلك الشعب.

أعترف بأن تلك التوجهات حول أمريكا اللاتينية كانت تكفي للشعب الكوبي لتبرير كل جهود و حرص مائات الآلاف من رجال و نساء بلدنا، في مساعيها حتى تحتضن كوبا بكرامة البلدان الشقيقة لبلدان عدم الانحياز بقمة هافانا. و لكن كان هناك أكثر بكثير من ذلك بالنسبة إلى كوبا. نود أن نشكر هنا على ذلك. ، في منصة الأمم المتحدة ، باسم شعبنا. في هافانا ، تلقى الشعب الكوبي التأييد لحقه في اختيار النظام السياسي و الاجتماعي الذي اختاره و بمطالبته بإعادة الأرض التي تحتلها قاعدة غوانتانامو و بإدانة الحصار الذي من خلاله ما زالت الحكومة الامريكية تسعى إلى عزل الثورة الكوبية و تحلم بتدميرها (تصفيق).

نقدر المغزى العميق و الأصداء الدولية لإدانة الحركة في هافانا للأعمال الاعتدائية للولايات المتحدة ضد كوبا، ، و ضغوطاتها و تهديداتها. و نصفها كانتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة و لمبادئ القانون الدولي و تهديد للسلام العالمي. مرة أخرى نستجيب لمطلب أشقائنا و نؤكد للمجتمع الدولي على أن كوبا ستبقى مخلصة لمبادئ التضامن الدولي.

السيد الرئيس:

قد علمنا التاريخ أن الحصول على الاستقلال، بالنسبة إلى شعب يتحرر من النظام الاستعماري أو الاستعماري الجديد، هو بنفس الوقت آخر عمل لنضال طويل و العمل الأول لمعركة صعبة و جديدة. لأن استقلال شعوبنا ، التي هي حرة ظاهريا، و سيادتها و حريتها، مهددة بالرقابة الخارجية على مواردها الطبيعية و لما تفرضه ماليا الهيئات الدولية الرسمية و للوضع المتأزم لاقتصاداتها و كل هذا يؤثر على كمال سيادتها.

لذلك، بالذات عند بداية معالجة المشاكل الاقتصادية العالمية، فإن رؤساء الدول أو الحكومات، من طرف:

"أكدوا بوقار مرة أخرى على الأهمية البالغة لتوطيد الاستقلال السياسي من خلال الانعتاق الاقتصادي...و أكدوا مجددا على أن النظام الاقتصادي الدولي القائم يتعارض مع المصالح الأساسية للبلدان النامية و هو مجحف اجحافا عميقا و لا يتماشى و تنمية البلدان غير المنحازة و بتنمية بلدان أخرى و لا يساعد على الغاء الآفات الاقتصادية و الاجتماعية التي تعاني منها تلك البلدان.."

و من جهة أخرى شددوا على أن:" المهمة التاريخية التي ينبغي على حركة عدم الانحياز توليها في النضال من أجل الاستقلال الاقتصادي و السياسي لكل البلدان النامية و لكل الشعوب؛ من أجل ممارسة السيادة الكاملة و الدائمة و الرقابة على مواردها الطبيعية و على كل نشاطاتها الاقتصادية و من أجل اعادة هيكلة عميقة بواسطة اقامة نظام اقتصادي دولي جديد."

لأختتم هذه الكلمات:

"إن النضال من أجل القضاء على الاجحاف في النظام الاقتصادي الدولي القائم و اقامة نظام اقتصادي دولي جديد هو جزء لا يتجزأ من نضال الشعب في سبيل التحرر السياسي، الاقتصادي، الثقافي و الاجتماعي."

ليس ضروريا أن نبرهن هنا إلى أي مدى النظام الاقتصادي الدولي القائم مجحف اجحاف عميق و لا يتطابق مع تنمية البلدان النامية. إن الأرقام أصبحت معروفة على مستوى الشعب و لا نحتاج إليها. يناقش إذا كان مبلغ الناس المصابين بسوء التغذية هو 400 مليون أو أصبح 450 مليون من جديد حسب ما هو مسجل ببعض الوثائق الدولية. إن اربعمائة مليون من الرجال و النساء الجائعين إنه مبلغ كافي لتوجيه الادانة .

لا شك عند أحد بفشل و الغاء آمال البلدان النامية بعد انتهاء هذا العقد الثاني من التنمية.

اعترف المدير العام لمجلس الفاو أن "التقدم ما زال بطيئا و هذا يؤدي إلى خيبة الآمال فيما يتعلق بأهداف التنمية على المدى الأطول المتفق عليها بالاستراتيجية الدولية للتنمية و في البيان و برنامج العمل حول النظام الاقتصادي الدولي الجديد و بقرار المؤتمر العالمي للتغذية و ببعض المؤتمرات التي انعقدت لاحقا. ما زال بعيدا من التحقيق في الانتاج الزراعي و الغذائي للبلدان النامية بهذه العشرة سنوات الأخيرة الزيادة المتواضعة المتوسطة سنويا ب4% التي طرحت لحل بعض المشاكل الملحة للجوع العالمي و التقارب من مستويات من الاستهلاك ما زالت متدنية . كنتيجة من ذلك، فإن توريد الأغذية بالبلدان النامية و هو عنصر يؤثر سلبا على الميزان العاجز للمدفوعات ، ستصل قريبا جدا حسب منظمة الفاو إلى أبعاد تحول دون ادارتها. أمام ذلك تتقلص الالتزامات الرسمية لتقديم مساعدات خارجية للبلدان النامية.

لا يمكن تجميل هذه الصورة . أحيانا تنعكس ببعض الوثائق الرسمية الزيادة المؤقتة للإنتاج الزراعي بمناطق معينة من العالم النامي أو يبرز الارتفاع المؤقت لأسعار بعض المنتجات الزراعية . و لكن، إنه تقدم عابر و فوائد تزول سريعا. إن الدخل عن الصادرات الزراعية بالبلدان النامية ما زال غير مستقر و غير كافئ بالنسبة إلى احتياجاتها إلى استيراد الأغذية، الأسمدة، و المنتجات الأخرى من أجل رفع الانتاج الذاتي. إن انتاج الأغذية بأفريقيا بالنسبة إلى عدد السكان في عام 1977 كان 11% أقل مما كان منذ 10 سنوات.

إذا يبقى إلى الأبد التخلف في الزراعة ، لا تتقدم أيضا عملية التصنيع. و لا يمكنها أن تتقدم، لأنه بأكثرية البلدان المتطورة يرون التصنيع في البلدان النامية كتهديد.

في ليما، بعام 1975، اقترح لنا للبلدان النامية المؤتمر العالمي للتصنيع هدف الوصول إلى عام 2000 بمساهمة 25% من كل المنتجات المصنوعة بالعالم. التقدم الذي احرز منذ ليما حتى اليوم ضئيل جدا و إذا لا تقبل الاجراءات المقترحة من قبل مؤتمر القمة السادسة و إذا لا ينفذ برنامج عاجل للتصحيح في السياسة الاقتصادية لأكثرية البلدان المتطورة، لن يتحقق أيضا ذلك الهدف. إلى حد الآن لا نصل إلى انتاج 9% من المنتجات المصنوعة بالعالم.

تنعكس تبعيتنا ، مرة أخرى، بأننا، بلدان آسيا، افريقيا و أمريكا اللاتينية، نستورد 26.1% من المنتجات المصنعة التي تدخل في التجارة الدولية، و نصدر فقط 6.3%.

يقال أن هناك عملية معينة من التوسع الصناعي، و لكن الانتاج لا يجري بالوتيرة الضرورية و لا في الصناعات الرئيسية للاقتصاد الصناعي. اشار إلى ذلك مؤتمر هافانا. إن اعادة التوزيع العالمي للصناعة أو ما تسمى بإعادة الانتاج الصناعي، لا يمكنه أن يشكل تأكيدا جديدا على اللامساواة الاقتصادية العميقة التي ظهرت في العصر الاستعماري بالقرن التاسع عشر. إذن تمت ادانتنا بأن نكون منتجين للمواد الخامة و المنتجات الزراعية الرخيصة. الآن يريدون الاعتماد على اليد العاملة الوفيرة، و الرواتب البائسة بالبلدان النامية حتى تنقل إليها الصناعات التي لديها أقل مستوى تكنولوجي و الانتاجية المتدنية و التي تلوث البيئة أكثر. نرفض ذلك بتاتا.

إن البلدان المتطورة التي لديها اقتصاد السوق تنتج اليوم 85% من الانتاج الصناعي العالمي ، منها الانتاج الصناعي ذات أعلى تكنولوجيا .تراقب أيضا على أكثر من 83% من الصادرات الصناعية. تذهب 26% من تلك الصادرات إلى البلدان النامية و تحتكر أسواقها. أخطر ما نجده لتلك البنية التابعة هو أن ما نستورده، ليس فقط خيرات الرأسمال ، بل و إنما المنتجات الاستهلاكية، تصنع حسب مطالبها، احتياجاتها، و تكنولوجيا البلدان التي لديها أكبر تطور صناعي و بموجب نماذج المجتمع الاستهلاكي و بهذا الشكل تدخل بثغرات التجارة تلوث مجتمعاتنا بالذات و تضيف عنصرا جديدا للأزمة البنيوية التي أصبحت دائمة.

كنتيجة لكل ذلك حسب ما اثبته رؤساء الدول أو الحكومات في هافانا ، الهواة القائم ما بين البلدان المتطورة و البلدان النامية لم تبق فقط، بل و إنما اتسعت بشكل جوهري. إن المشاركة النسبية للبلدان النامية في الانتاج العالمي تدنت إلى حد كبير خلال العقدين الأخيرين ، مما لديه عواقب كارثية أكثر في الظواهر مثل سوء التغذية، الأمية و عدم وجود ظروف صحية.

يتمنى البعض حل المشكلة المآسوية للإنسانية بواسطة اجراءات قاسية لتقليص عدد السكان. يتذكرون أن الحروب و الأوبية ساعدت على تقليصها في عصور أخرى. و أكثر من ذلك يقولون أن التخلف يسببه الانفجار السكاني. و الانفجار السكاني ليس سبب للتخلف، إنما نتيجة للتخلف. ستأتي التنمية بحلول للفقر ، و ستساهم، بواسطة التربية و الثقافة، بلداننا لتحقيق مستوايات عقلانية و مؤاتية من النمو. بتقرير اصدره مؤخرا البنك العالمي هناك اشارة إلى آفاق أخطر. هناك امكانية، يقال، بأن يصبح في عام ألفين، 600 مليون نسمة في الأرض بحالة الفقر المطلق.

السيد الرئيس، السادة الممثلون:

إن وضع التخلف الزراعي و الصناعي الذي لم يتخلص منه البلدان النامية، بلا شك، كما أشارت إلى ذلك القمة السادسة، هو نتيجة للعلاقات المجحفة و غير المتساوية . و لكن، يضاف الآن إلى ذلك، كما تتم الاشارة إلى ذلك ببيان هافانا، الازمة الطويلة للاقتصاد الدولي.

لم أتوقف طويلا بهذا المجال. لندقق الآن أن رؤساء الدول أو الحكومات كن قد اعتبرنا أن أزمة النظام الاقتصادي الدولي لم تحدث للظرف الحالي، و إنما مؤشر للخلل البنيوي و عدم التوازن القائم بطبيعتها بالذات. و قد تأزم هذا الخلل لرفض البلدان المتطورة ذات اقتصاد السوق، للرقابة على خللها الخارجي و للمستوايات العالية للتضخم و البطالة، فقد تولدت البطالة بالذات بتلك البلدان المتطورة التي لا تريد أن تطبق الآن الاجراءات الوحيدة التي ستؤدي إلى الغائها. و سنشير أيضا إلى أن هذه الأزمة هي نتيجة لانعدام المساواة الدائم في العلاقات الاقتصادية الدولية و حل اللا مساواة ، كما نقترح، سيساعد على تخفيف و ابعاد الأزمة نفسها، و فيما بعد سنتعرض لهذا الموضوع و هو مسجل أيضا ببيان هافانا.

ما هي الأمور الرئيسية التي اضطر ممثلوا حركة عدم الانحياز إلى الاشارة إليها في هافانا؟

هناك قمنا بإدانة استخدام الموارد البشرية و المادية لسباق التسلح و خاصة من قبل الدول العظمى، الذي هو غير مجدي، خطير و يمثل تبذيرا للاإنسانية (تصفيق) و طالبنا بأن تستخدم كميات كبيرة من هذه الموارد في سبيل التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.

قد عبرنا عن قلقنا الشديد للتقدم الضئيل الذي احرز في المفاوضات الموجهة إلى تنفيذ يبان و برنامج عمل حول اقامة نظام اقتصادي دولي جديد. أشرنا إلى سبب ذلك، أي عدم وجود الارادة السياسية لدى أغلبية البلدان المتطورة و شجبنا خصوصا المماطلة و التكتيكات التسويفية

و التفريقية التي تتخذهاتلك البلدان. إن فشل الجلسة الخامسة لدورات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و التنمية جعل هذا الوضع يتجلى.

أثبت أن التبادل غير المتكافئ بالعلاقات الاقتصادية الدولية، كميزة أساسية للنظام، أصبح أقل تكافؤا. بينما تزداد بشكل مستمر أسعار المنتجات و خيرات الرأسمال، و الأغذية و الخدمات التي تستوردها من البلدان المتطورة، بالمقابل، أسعار المنتجات الأولي التي نصدرها متذبذبة أو راكدة باستمرار. علاقة التبادل أصبحت أسوأ. ركزنا على أن الاحتمائية، احدى العناصر التي أدت إلى تأزم الانهيار الكبير في الثلاثينات، ادخلت مرة أخرى من قبل بعض البلدان المتطورة. تأسف المؤتمر لأنه، في مفاوضات الاتفاقية العامة حول الضرائب و التجارة لم تأخذ بعين الاعتبار البلدان المتطورة التي تنتمي إليها مصالح و مشاغل البلدان النامية و على وجه الخصوص البلدان الأقل تطورا.

المؤتمر استنكر كيف بلدان متطورة معينة تركز على استخدام الدعم الداخلي لعدة منتجات و تؤثر على منتجات تهتم بها البلدان النامية.

شجب المؤتمر النواقص بأبعاد و عمل النظام العام للأفضليات و بهذه الروح أدان القيود التمييزية المتضمنة بقانون التجارة الخارجية بالولايات المتحدة و أيضا الموقف المتصلب لبعض البلدان المتصنعة التي حالت دون الوصول إلى اتفاق حول هذه المشاكل في الجلسة الخامسة لدورات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و التنمية.

نعبر عن قلقنا للتدهور المستمر للوضع المالي الدولي. إن عدم الاستقرار في صرافة العملات الاحتياطية الرئيسية و التضخم الذي يزيد خلل الوضع الاقتصادي العالمي يخلق صعوبات اضافية للبلدان النامية ، مما يقلص القيمة الحقيقية للدخل عن الصادرات و يقلل الاحتياط بالعملة الصعبة. نشير إلى النمو الفوضوي للموارد المالية الدولية العالمية كعامل سلبي. بشكل أساسي من خلال استخدام دولارات الولايات المتحدة التي انخفضت قيمتها و عملات أخرى للاحتياط. نلاحظ أنه، بينما

اللا مساواة في العلاقات الاقتصادية الدولية تؤدي إلى زيادة الدين الخارجي المتراكم بالبلدان النامية إلى أكثر من 300 مليار دولار، الهيئات المالية الدولية و البنك الخاص يرفع معدلات الفائدة و تعجل مدد تسديد القروض و بذلك تخنق البلدان النامية ماليا و كل هذا، كما تمت ادانته في المؤتمر، يشكل عامل تعسفي و قسري في المفاوضات، مما يسمح لهم بالحصول على فوائد سياسية و اقتصادية اضافية على حساب بلداننا.

أخذ المؤتمر بالحسبان المساعي الاستعمارية الجديدة حتى لا تسمح للبلدان النامية ممارسة سيادتها الكاملة على مواردها الطبيعية بشكل دائم و فعال. و لذلك أيد الجهود التي تبذلها البلدان النامية المنتجة للمواد الخامة للحصول على أسعار عادلة لصادراتها و تحسين الدخل عن الصادرات.

من جهة أخرى، اهتم المؤتمر أكثر من أي وقت مضى بتقوية العلاقات الاقتصادية و نقل التكنولوجيا و العلم و التقنيك ما بين البلدان النامية. مفهوم ما يمكن تحديده "كالاستدامة الذاتية الجماعية" ، يعني التأييد المتبادل و التعاون ما بين البلدان النامية ، بشكل أنها تعتمد أولا على طاقاتها الجماعية و كل هذا يكتسب قوة ببيان هافانا أكثر من أي وقت مضى. إن كوبا كرئيسة للحركة و كبلد منسق، ستبذل إلى جانب مجموعة البلدان 77 كل الجهود اللازمة لتشجيع برنامج العمل الذي وضعه ا لمؤتمر في مجال التعاون الاقتصادي.

و لا نرى الاستدامة الذاتية الجماعية كانكفاء ذاتي بل و إنما كعامل في العلاقات الدولية، تقوم بتنشيط كافة الامكانيات و الموارد لهذا الجزء المهم و المعتبر من الانسانية، أي البلدان النامية، حتى تنضم إلى التيار العام للموارد و الاقتصاد التي يمكن تعبئتها يا كانت في العالم الرأسمالي أو في البلدان الاشتراكية.

السيد الرئيس:

رفضت القمة السادسة محاولات عدة بلدان التي تسعى إلى استخدام مسألة الطاقة لتفريق البلدان النامية.

إن مسألة الطاقة، يمكن معالجتها فقط بإطارها التاريخي ، آخذين بالحسبان، من ناحية، كيف النماذج الاستهلاكية لبعض البلدان المتطورة أدت إلى تبذير الوقود و بنفس الوقت، أنذرت إلى الدور الاستغلالي للشركات متعددة الجنسيات، المستفيدة من التزويد بالوقود الرخيص و قد استخدمه بشكل خالي عن المسؤولية . إن الشركات متعددة الجنسيات تستغل بنفس الوقت المنتجين و المستهلكين و تحصل على فوائد خارقة و غير مبررة من الطرفين. و تحاول أن تحمل البلدان النامية المصدرة للبترول للوضع الحالي.

اسمحولي أن أذكر أنه بكلماتي بالافتتاحية اشرت إلى معاناة البلدان النامية التي لا تنتج البترول خصوصا الأقل تقدما و قلت أننا على يقين بأن البلدان غير المنحازة المنتجة للبترول سوف تجد صيغا حتى تساهم بتخفيف الوضع السيء لتلك البلدان المضروبة للتضخم العالمي و اللامساواة بالتبادل و التي تعاني من عجز خطير في ميزان المدفوعات و زيادة كبيرة جدا للدين الخارجي. هذا لا يستثني البلدان المتطورة و الاحتكارات و الشركات متعددة الجنسيات من مسؤوليتها.

إن رؤساء الدول أو الحكومات، عند اعتبار مشكلة الطاقة بهذا التوجه، أبرزوا ضرورة اجراء مناقشات حولها في اطار المفاوضات العالمية التي تتم بالأمم المتحدة. بمشاركة كافة البلدان و بربطها بسائر قضايا التنمية، و بالإصلاح المالي و النقدي ، و بالتجارة العالمية و المواد الخامة ، بشكل أن يجري تحليل شامل للمجالات المرتبطة بإقامة نظام اقتصادي دولي جديد.

بمراجعة المشاكل الرئيسية التي تؤثر على البلدان النامية في المجال الاقتصادي العالمي، لا بد من الإشارة إلى عمل الشركات متعددة الجنسيات. اعلنت مرة أخرى أن سياساتها و ممارساتها غير مقبولة. بحثا عن الفوائد تستنفد الموارد، تحدث خللا بالاقتصاد، تنتهك سيادة البلدان النامية، تضر حق الشعوب في تقرير المصير بحرية، تتدخل في شؤون الدول و تلتجئ باستمرار إلى الرشوة، الفساد، و ممارسات أخرى غير مرغوبة فيها، و من خلالها تسعى إلى خضوع، و تخضع البلدان النامية للبلدان المتصنعة. أمام التقدم القليل الذي أحرز في مهمة اعداد قانون تصرف بالأمم المتحدة الذي ينظم نشاطات الشركات متعددة الجنسيات، أكد المؤتمر مجددا أنه من العاجل أن ينتهي هذا العمل بسرعة بهدف تقديم أداة قانونية للمجتمع الدولي التي تخدم على الأقل للرقابة و تنظيم نشاطات الشركات متعددة الجنسيات حسب أهداف و طموحات البلدان النامية. عند تسجيل كل المجالات السلبية الساحقة للوضع الاقتصادي للبلدان النامية، لفتت القمة السادسة الانتباه بشكل خاص إلى المشاكل التي تتراكم بالبلدان النامية الأقل تقدما بظروف غير مساعدة، دون سواحل و أخرى متوسطة معزولة و طالبت باتخاذ اجراءات عاجلة و خاصة لتخفيفها. ها هو، السيد الرئيس و السادة الممثلون، المشهد غير المتفائل، و إنما هو وخيم و غير مشجع، الذي كان أمام البلدان الأعضاء بحركة عدم الانحياز عند اجتماعها بهافانا. و لكن، البلدان غير المنحازة لم تنجر إلى مواقف خيبة الآمال أو افراغ الصبر و التي كان من الممكن تفسيرها. بنفس الوقت الذي وضعوا مفاهيم استراتيجية تسمح لها بالسير نحو الأمام بنضالها، إن رؤساء الدول أو الحكومات أكدوا من جديد على مطالبهم و حددوا مواقفهم.

أول هدف أساسي لنضالنا هو تقليص و حتى الغاء التبادل غير المتكافئ الذي يسود اليوم و الذي يحول التجارة الدولية إلى اداة مفيدة للاستغلال الاضافي لثرواتنا. اليوم ساعة عمل في البلدان المتطورة تعادل 10 ساعات عمل في البلدان المتخلفة.

تطالب البلدان غير المنحازة بالاهتمام الجاد بالبرنامج المتكامل للمنتجات الأساسية ، الذي تمت المضاربة به و تم تمويهه بما تسمى بالمفاوضات "شمال-جنوب". و بنفس الوقت تطالب بتشجيع حقيقي للصندوق المشترك ، الذي سيكون اداة استقرارحتى يسود تطابق دائم ما بين أسعار المنتجات و الواردات و الذي لم يبدأ تقريبا الانضمام به. بالنسبة إلى البلدان عدم الانحياز، هذا التطابق الذي يربط بشكل دائم أسعار المنتجات المصدرة بأسعار الأجهزةالأساسية، المنتجات المصنعة،المواد الخامة التكنولوجية، التي تستوردها من البلدان المتطورة، تشكل الدعامة الأساسية لكل المفاوضات الاقتصادية المستقبلية.

تطالب البلدان النامية أن البلدان التي سببت التضخم و التي تشجعه بسياستها، تتخذ الاجراءات الضرورية للرقابة عليها ، حتى تتوقف تأزم نتائج التبادل غير المتكافئ.

تطالب البلدان النامية – و ستواصل نضالها في سبيل ذلك – أن تصل المنتجات الصناعية لاقتصاداتها البدائية إلى أسواق البلدان المتطورة ، و الغاء الاحتمائية الرذيلة التي ادخلت من جديد في الاقتصاد الدولي، و التي تهدد بإيصالنا مجددا إلى حرب اقتصادية وخيمة ، أن يطبق بصفة عامة و دون أوهام كاذبة الأفضليات الضريبية المعممة و غير المتبادلة، كطريقة للسماح بتطوير صناعاتها الحديثة دونما تسحقها في السوق العالمية الموارد التكنولوجية العالية للاقتصادات المتطورة. تعتبر البلدان غير المنحازة أن المفاوضات التي هي على وشك الانتهاء حول قانون البحر لا يمكنها، مكا تسعى إلى ذلك عدة بلدان متطورة، أن تخدم للتأكيد من جديد على الخلل القائم بما يخص الموارد البحرية، بل و إنما يجب عليها أن تكون وسيلة لتصحيحها المتكافئ. إن مؤتمر البحر ابرز مرة أخرى العجرفة و القرار الامبريالي لبعض البلدان التي تضع امكانياتها التكنولوجية فوق روح التفاهم و التوفيق التي تطلبها البلدان النامية ، و تهدد بالقيام بشكل ايحادي بعمليات منجمية بأعماق البحر. بلغت دين البلدان النامية 335 مليار دولار. المبلغ الشامل الذي يدفع عن خدمات الدين الخارجي يتجاوز 40 مليار سنويا ، و هذا يمثل أكثر من 20% من صادراتها السنوية. من جهة أخرى، معدل الدخل بالفرد بالبلدان المتطورة أكبر من المعدل بالبلدان النامية ب14 مرة. إنه وضع لا يمكن تحمله.

تحتاج البلدان النامية إلى اقامة نظم جديدة للتمويل التي تتلقى من خلالها الموارد المالية اللازمة لتحقيق التطور المتواصل و المستقل لاقتصاداتها و ينبغي أن يكون هذا التمويل على المدى الطويل و بفائدة منخفضة و يجب أن تكون تلك الموارد تحت التصرف الكامل للبلدان النامية حتى تقيم، هي الأخرى، نظام الأولويات التي تطبق بخطط التطور الصناعي و حتى لا يتم امتصاص هذه الموارد المالية ، كما يحصل اليوم، من قبل الشركات متعددة الجنسيات، التي تستفيد بشكل اضافي عن طريق استغلال المساهمة المالية المفترضة للتنمية، لتأزم تشويه اقتصاداتها و الحصول على أقصى ارباح بواسطة استغلال موارد البلدان.

تطالب البلدان غير المنحازة ،و باسمها حركة البلدان عدم الانحياز، أن تكرس للتنمية جزء مهم من الموارد الهائلة التي تبذر اليوم الانسانية بسباق التسلح، و هذا سيساهم بشكل متزامن على ابعاد خطر الحرب و سيساعد على تحسين الوضع الدولي.

إن البلدان غير المنحازة، و هي تعبر عن مواقف كافة البلدان النامية، تطالب بإقامة نظام مالي دولي جديد يحول دون التذبذب الكارثي الذي تعاني منه العملات السائدة بالاقتصاد الدولي و خصوصا الدولار الأمريكي. إن الفوضى الماليىة تضرب البلدان النامية بشكل اضافي و تطمح تلك البلدان أن تصبح لديها اتخاذ القرار بالنظام المالي العالمي الجديد كممثلي أغلبية بلدان المجتمع الدولي و ممثلي أكثر من مليار و 500 مليون رجل و امرأة.

بالخلاصة، السيد الرئيس، السادة الممثلون:

التبادل غير المتكافئ يفلس شعوبنا و يجب أن ينتهي!

التضخم الذي يصدر إلينا يفلس شعوبنا و يجب أن ينتهي!

الاحتمائية تفلس شعوبنا و يجب أن تنتهي!

الخلل القائم باستغلال الموارد البحرية هو تعسفي و يجب الغاؤه!

الموارد المالية التي تتلقاها البلدان النامية غير كافئة و لا بد من زيادتها!

المصروفات بالأسلحة غير عقلانية ، يجب أن تتوقف و لا بد من استخدام مواردها لتمويل التنمية!

إن النظام المالي الدولي الذي يسود اليوم هو بحالة افلاس و لا بد من تبديله!

إن ديون البلدان الأقل تطورا نسبيا و بوضع غير صالح لا يمكن تحملها و ليست لديها حل .لا بد من الغائها!

إن المديونية تسحق اقتصاديا باقية البلدان النامية . و لا بد من تخفيفها!

إن الهواة الاقتصادية بين البلدان المتطورة و التي تسعى إلى تطويرها لا تتقلص و إنما تتسع . لا بد من انقراضه.

ها هي مطالب البلدان النامية.

السيد الرئيس، السادة الممثلون:

الاهتمام بهذه المطالب، التي بعضها قدمت بانتظام من قبل البلدان النامية بالملتقيات الدولية ، بحركة 77 و بحركة البلدان عدم الانحياز، سوف يسمح بتغيير توجه الوضع الاقتصادي الدولي ، مما ستوفر للبلدان النامية الشروط المؤسسية لتنظيم البرامج التي ستضعها نهائيا بطريق التنمية.

و لكن، حتى لو تتخذ و تنفذ كل هذه الإجراءات، و رغم تصحيح الأخطاء و الرذائل للنظام الحالي للعلاقات الدولية، ستنقص البلدان النامية عنصرا حاسما: التمويل الخارجي.

كل الجهود الداخلية ، كل التضحيات التي تقدمها و تستعد للقيام بها البلدان النامية ، كل الفرص لزيادة الطاقات الاقتصادية التي تكتسب عندما تلغى عدم المساواة بين أسعار الصادرات و الواردات، و تحسين الظروف التي تجري بها التجارة الخارجية، مع ذلك، لن تكون كلها كافية. على ضوء وضعها المالي الحقيقي و الحالي، تحتاج، إضافة إلى ذلك، إلى موارد بكميات تسمح لها بتغطية الدين و بنفس الوقت تغطي التكاليف الهائلة التي تتطلبها القفزة إلى التنمية على الصعيد العالمي.

هنا أيضا الأرقام معروفة جدا، لا داعي إلى تكرارها.

إن القمة السادسة عبرت عن قلقها أمام واقع، فليس فقط دين البلدان النامية لا يمكن تحمله عمليا، بل و إنما هذا الدين ينمو كل سنة بوتيرة يمكن اعتبارها راكضة.تؤكد المعلومات التي زودها مؤخرا تقرير للبنك العالمي ، الذي اصدر في الأيام التي كنا نعقد بها المؤتمر بهافانا، أن الوضع يزداد خطورة كل يوم. فقط في عام 1978، الدين العام الخارجي ل96 بلد نامي ازداد ب51مليار دولار. هذه الوتيرة ترفع الدين إلى المبالغ الخيالية المذكورة.

لا يمكننا، السيد الرئيس، الإذعان لهذا الوضع الوخيم!

ان الاقتصاديين الذين لديهم أكبر سمعة ، يا كان الغربيون أو الذين يؤمنون بمذاهب الماركسية، يقبلون بأن طريقة عمل المديونية الدولية بالبلدان النامية ليس عقلانية بتاتا و الحفاظ عليه يهدد بانقطاع مفاجئ سيضع بخطر التوازن الاقتصادي العالمي المزمن و غير المستقر.

يحاول البعض أن يفسر حدث اقتصادي مفاجئ، و هو أن المراكز المصرفية الدولية ما زالت تزود تمويل لبلدان تعتبر تقنيا بحالة افلاس، بحجة أنها مساهمة كريمة لمساعدة تلك البلدان لتحمل الصعوبات الاقتصادية . و لكن الأمر ليس كذلك، إنها في الحقيقة عملية لإنقاذ النظام الرأسمالي الدولي نفسه. في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1978 كانت تقبل لجنة التجمعات الأوروبية بشكل توضيحي أنه:

"التوازن الحالي للاقتصاد العالمي يعتمد إلى حد كبير على مواصلة تيار القروض الخاصة للبلدان النامية التي لا تنتج البترول ... بوتيرة لا سابقة لها منذ 1974 ، و أي عرقلة لهذا التيار سيضع بخطر التوازن المذكور" .

إن الافلاس المالي العالمي سيكون قاسيا جدا بالدرجة الأولى للبلدان النامية و للبلدان الرأسمالية المتطورة. سوف يؤثر أيضا على الاقتصادات الأكثر استقرارا. و لكن، ربما لن يبق النظام الرأسمالي قائما بعد مثل هذه الكارثة. من الصعب أن لا يؤدي الوضع الاقتصادي الرهيب إلى حرب عالمية، بلا مفر. يتم الحديث عن وجود قوات عسكرية خاصة لاحتلال الحقول البترولية و مصادر المواد الخامة.

و لكن، إذا كان واجب الجميع انشغال البال لهذا المشهد الوخيم ، إنه واجب أولا لا ولائك الذين يمتلكون عدد أكبر من الثروات و من الرفاهية المادية. بنهاية المطاف لا يخيفنا كثيرا آفاق عالم دون رأسمالية. (تصفيق)

اقترح أنه بدلا عن روح المواجهة تعتمد على التبعية المتبادلة الاقتصادية العالمية التي تسمح برص طاقات جميع الاقتصادات للحصول على فوائد مشتركة، و لن يكون مفهوم التبعية المتبادلة مقبولة فقط عندما ننطلق من القبول بالإجحاف الضمني و الوحشي للتبعية المتبادلة حاليا. إن البلدان النامية ترفض أن يقترح لها "كتبعية متبادلة" القبول بالتقسيم الدولي المجحف و التعسفي للعمل. الذي فرضه الاستعمار الدولي انطلاقا من الثورة الصناعية الانجليزية و الذي عمقته الامبريالية.

إذا يريدون الحيلولة دون الصدام و النضال الذي يبدو و كأنه الدرب الوحيد أمام البلدان النامية –درب سيخاض فيه معارك صعبة و طويلة ، التي لا أحد يستطيع أن يتنبأ بأبعادها، ينبغي على الجميع أن نبحث و نجد صيغا للتعاون لحل المشاكل الكبرى التي صحيح أنها تؤثر على شعوبنا و لكن، لا يمكن حلها دون التأثير بشكل ما على البلدان المتطورة أكثر.

لم تمر سنوات عديدة منذ قولنا بأن التبذير غير العقلاني للخيرات المادية و تبذير الموارد الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي المتطور أصبح بشكل لا يمكن تحمله. ما هو سبب أزمة الطاقة الدراماتيكية التي تعيشها؟ من يجب أن يتحمل أسوأ العواقب، أليس هي البلدان النامية التي لا تنتج البترول؟

إن هذه الأراء حول ضرورة انهاء التبذير بالمجتمعات الاستهلاكية قد تعممت اليوم.

بوثيقة أصدرت مؤخرا لمنظمة التنمية الصناعية للأمم المتحدة يتم التأكيد على أن: " أنماط الحياة الحالية ، خصوصا في البلدان المتصنعة ، ربما يجب أن يطرأ عليها تغيرا جذريا و مؤلما".

واضح أن البلدان النامية لا يمكنها أن تنتظر، و هي لا تنتظر،أن تصل التغيرات التي تطمح إليها و التمويل الذي تحتاج إليه، كهيبة، على أثر مجرد تحليل حول المشاكل الاقتصادية الدولية. بهذه العملية، التي فيها تناقضات، نضال و مفاوضات، ينبغي على البلدان غير المنحازة أن تعتمد بالدرجة الأولى على قراراتها و جهودها الذاتية. إن هذه القناعة تطلع بوضوح من القمة السادسة. بالبيان الختامي، عند التعرض للشؤون الاقتصادية، رؤساء الدول أو الحكومات يعترفون بضرورة القيام ببلدانها بالتغيرات البنيوية اللازمة الاقتصادية و الاجتماعية ، آخذين بعين الاعتبار أن هذه الطريقة الوحيدة للتخلص من الضعف الحالي لاقتصاداتها و لتحويل النمو الاحصائي إلى تنمية حقيقية. هكذا فقط – يعترف رؤساء الدول بذلك – ستكون الشعوب مستعدة لدفع الثمن المطلوب لكونها الصانعة الرئيسية للعملية. كما قلنا بتلك المرة: "إذا كان النظام عادلا اجتماعيا، امكانية البقاء و تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية هي أكبر بكثير".

إن تاريخ بلدي مثال لا يمكن انكاره على ذلك. الضرورة العاجلة لحل مسألة التخلف، يجعلنا نرجع، ايها السيد الرئيس، إلى مشكلة تعرضنا لها منذ لحظات، و أتمنى أن يكون آخر موضوع أتعرض له في هذه الجلسة الرابعة و الثلاثين للأمم المتحدة. أقصد التمويل الدولي.

من أخطر الظواهر التي ترافق المديونية السريعة للبلدان النامية، حسب ما قلناه، هو أن أغلبية التمويل الذي تتلقاها هذه البلدان من الخارج، ترى نفسها مضطرة إلى استخدامها لتغطية الميزان التجاري و الحسابات العادية السلبية ، لتجديد الديون و تسديد الفائدة.

إذا نأخذ مثال البلدان النامية التي لا تصدر بترول، و تعرضت لوضعها بمؤتمر هافانا، فقط في السنوات الست الأخيرة يتجاوز العجز في ميزان المدفوعات 200 مليار دولار.

أمام ذلك، إن الاستثمارات التي تحتاج إليها في الحقيقة البلدان النامية، هي هائلة . و تحتاج إليها ، بالضبط، و بالدرجة الأولى ، تقريبا بلا استثناء، بقطاعات و بانتاج ليست مربحة جدا، التي لا تجذب المستثمرين و لا الممولين الاجانب من القطاع الخاص.

لزيادة انتاج الأغذية، بهدف الغاء سوء التغذية الذي يعاني منه 450 مليون شخص، و قد ذكرنا ذلك، لا بد من توفير موارد جديدة، أراضي و ماء. حسب الاحصائيات المتخصصة، مجموع المساحة المزروعة بالبلدان النامية يجب أن تزداد بالسنوات العشرة المقبلة ب67 مليون هكتار و أراضي الري بأكثر من 10 ملايين هكتار.

اعادة تأهيل أعمال الري تتطلب الرعاية ب45 مليون هكتار. و لذلك، الاحصائيات المتواضعة أكثر تؤكد على أن المساعدة المالية الدولية - و نقصد المساعدة و ليس مجموع تدفق الموارد – يجب أن تصل سنويا إلى ثمانية أو تسعة مليارات دولار لتحقيق هدف نمو الزراعة على وتيرة 3.5 % و 4% بالبلدان النامية.

إذا نعالج التصنيع، تتجاوز الاحصائيات هذه المقاييس إلى حد كبير. إن منظمة التنمية الصناعية للأمم المتحدة، عندما وضعت الأهداف التي ذكرناها في الاجتماع المنعقد بليما، حدد أن التمويل يجب أن يكون في وسط السياسة الدولية للتنمية و أنه يجب أن يصل بعام 2000 إلى مبلغ يتراوح ما بين 450 مليار و 500 مليار دولار سنويا و ثلثه، أي من 150 مليار إلى 160 مليار يجب أن يكون تمويل خارجي.

و لكن، التنمية، ايها السيد الرئيس و السادة الممثلون، ليست فقط زراعة و تصنيع. إن التنمية تعني بشكل رئيسي الاهتام بالانسان،الذي يجب أن يكون الهدف و العامل الأساسي لأي جهود تبذل من أجل تحقيق التنمية. حتى أورد مثال كوبا سأشير إلى أن بلدنا في السنوات الخمسة الأخيرة استثمرت في البناء في مجال التربية معدل سنوي يعادل 200 مليون دولار . أما الاستثمار في مجال الأجهزة و البناء في مجال الصحة العامة فمعدلها السنوي هو 40 مليون دولار. و إن كوبا بلد واحد فقط من 100 بلد نامي. و من أصغرها جغرافيا و بعدد سكانها. لذلك يمكن التقدير بأنه في مجال الاستثماراتـ الخدمات التربوية و خدمات الصحة العامة، سوف تحتاج البلدان النامية إلى بعض عشرات المليارات من الدولارات سنويا لتجاوز عواقب التخلف. ها هي المشكلة الكبيرة التي هي أمامنا.

و هذه ليست، ايها السادة، ليست مشكلتنا فقط. ليست فقط مشكلة البلدان التي هي ضحية للتخلف و التطور . إنها مشكلة لسائر المجتمع الدولي. قيل أكثر من مرة أن التخلف فرض علينا من قبل الاستعمار ة الاستعمار الجديد الامبريالي. إن مهمة مساعدتنا للخروج من التخلف هي بالدرجة الأولى واجب تاريخي و أخلاقي على أولائك الذين استفادوا من نهب ثرواتنا و استغلال رجالنا و نسائنا خلال عقود و قرون (تصفيق). و لكنها مهمة للإنسانية بأجمعها و أثبتت ذلك القمة السادسة.

إن البلدان الاشتراكية لم تشترك بنهب العالم، و هي ليست مسؤولة عن ظاهرة التخلف. و لكن، واجب المساعدة، مع ذلك، لتجاوزه، تفهمه و تتولاه انطلاقا من طبيعة نظامها الاجتماعي، حيث تعتبر التضامن الأممي من المنطلقات الأساسية.

و بنفس الشكل، عندما ينتظر العالم أن تساهم البلدان النامية المنتجة للبترول في التيار العالمي للموارد لتغذية التمويل الخارجي للتنمية، لم تقم بذلك لأنه واجب تاريخي لا أحد يستطيع فرضه عليها، و إنما تقوم بذلك كأمل و واجب التضامن ما بين البلدان النامية. ينبغي على الدول الكبرى المصدرة للبترول أن تكون واعية بهذه المسؤولية.

حتى البلدان النامية التي لديها مستوى أرقى يجب عليها أن تقدم مساهمتها . إن كوبا، التي لا تحكي هنا باسم مصالحها، و لا تدافع عن هدف وطني، مستعدة للمساهمة بمقدار طاقاتها: بالآلاف أو عشرات الآلاف من الفنيين، أطباء، مربيين، مهندسين زراعيين، مهندسين أخصائيين بالمياه، مهندسين ميكانيكيين، اقتصاديين، عمال موصوفين، متخرجي المعاهد التقنية المتوسطة، و آخرين. حان الوقت لرص صفوفنا في مهمة اخراج شعوب كاملة و مائات الملايين من البشر من التخلف، البؤس، سوء التغذية، المرض، الأمية، فكل هذا يحول دون تمتعهم الكامل بالكرامة و الافتخار بتسميتهم رجال. (تصفيق)

لا بد من تنظيم الموارد للتنمية ، ها هو واجبنا المشترك.

هناك، ايها الرئيس، عدد كبير من الصناديق الخاصة ، متعددة الأطراف، عامة، خاصة، هدفها المساهمة بمجال ما يتعلق بالتنمية، يا كانت الزراعة، الصناعة، ، أو للتعويض عن العجز بميزان المدفوعات، بشكل أنه ليس سهلا عندما نتعرض هنا بالجمعية الرابعة و الثلاثين، للمشاكل الاقتصادية التي نوقشت بالقمة السادسة، أن نطرح مقترحا محددا لإقامة صندوق جديد.

و لكن، لا شك في أن مشكلة التمويل يجب مناقشتها بالكامل و بعمق لإيجاد حل. أضافة إلى الموارد التي أصبحت منظمة بالقنوات المصرفية المختلفة، و بالمنظمات الامتيازية ، الهيئات الدولية و هيئا التمويل الخاص، نحتاج إلى مناقشة و إقرار الطريقة التي، ببداية العقد المقبل للتنمية، باستراتيجيتها ، التي تتضمن مساهمة إضافية لا تقل عن 300 مليار دولار، بالقيم الحقيقية في عام 1977، موزعة بمبالغ سنوية لا يجب أت تكون أقل من 25 مليار منذ السنوات الأولى، لاستثمارها في البلدان النامية. (تصفيق) يجب أن تكون هذه المساعدة بهيبات و قروض بشروط ميسرة على المدى الطويل و بأدنى فائدة.

لا بد من تعبئة هذا التمويل الإضافي كمساهمة من العالم المتطور و البلدان التي تملك موارد للعالم النامي في السنوات العشرة المقبلة . إذا نريد السلام هناك حاجة إلى هذه الموارد . إذا ليست هناك موارد للتنمية لن تكون هناك سلام. سيفكر البعض أننا نطلب الكثير؛ و أنا أعتقد أن المبلغ ما زال متواضع. حسب الاحصائيات، كما عبرت عن ذلك في افتتاح القمة السادسة لبلدان عدم الانحياز، يستثمر العالم سنويا في المصروفات العسكرية أكثر من 300 مليار دولار. ب300 مليار دولار يمكن بناء 600 ألف مدرسة التي تسع ل400 مليون طفل، أو ستين مليون مسكن مريح تسع ل300 مليون شخص ؛ أو 30 ألف مستشفى ب18 مليون سرير، 20 ألف مصنع يعطي عمل لأكثر من 20 مليون عامل، أو ضمان الري ل150 مليون هكتار أراضي، التي بمستوى تقني مناسب يمكنها أن تغذي مليار نسمة. تبذر الإنسانية هذا المبلغ عسكريا في الحقل العسكري. ليأخذ بالحسبان ، علاوة على ذلك، العدد الهائل للموارد البشرية، الشباب، الموارد العلمية، التقنية، الوقود، المواد الخامة، و خيرات أخرى. ها هو السعر الأسطوري لعدم وجود مناخ حقيقي من الثقة و السلام في العالم.

الولايات المتحدة فقط ستصرف في العقد 1980-1990 هذا المبلغ ست مرات في النشاطات العسكرية.

طلبنا لعشرة سنوات من التنمية مبلغ أقل مما يصرف اليوم بوزارات الحرب و أقل بكثير مما سيصرف بعشرة سنوات بأهداف عسكرية.

ربما الطلب يبدو و كأنه غير عقلاني للبعض: الشيء غير العقلاني في الحقيقة هو جنون العالم بعصرنا و المخاطر التي تهدد الإنسانية.

المسؤولية الكبيرة لدراسة، تنظيم و توزيع هذه الموارد يجب أن تقع بالكامل على عاتق منظمة الأمم المتحدة. يجب أن يدير هذه الأموال المجتمع الدولي بظروف المساواة المطلقة لكافة البلدان المساهمة و المستفيدة ، دون شروط سياسية و دون ربط ما بين عدد الهيبات و القدرة على التصويت لقرار فرصة القروض و مصير الأموال.

رغم واجب تقييم تدفق الموارد من منطلق مالي، لا يجب أن يكون هذا المنطلق الوحيد. يمكنها أن تكون أجهزة، أسمدة، مواد خامة، وقود، محطات كاملة، التي تقيم حسب مقاييس التجارة الدولية. و أيضا خدمة الطاقم التقني و تحضير التقنيين لا بد من اعتبارها كمساهمة.

إننا متأكدون ، السيد الرئيس العزيز و السادة الممثلون، بأنه إذا الأمين العام للأمم المتحدة، بمساعدة رئيس الجمعية، بكل سمعة و ثقل هذه المنظمة، و إضافة إلى ذلك بتأييد مبدئيا بنفوذ البلدان النامية و مجموعة 77، إذا يهتمون بتلك المبادرة و يدعون جميع العوامل التي ذكرناها لأجراء المناقشات التي ليست فيها مجال للخصومة ما بين الجنوب و الشمال و لا ما بين الشرق و الغرب، بل و إنما تحضر كل القوى بمهمة مشتركة ، وبواجب مشترك و بأمل مشترك. إذن، هذه الفكرة التي تقدمها الآن للجمعية العامة يمكن ها أن تتوج بنجاح.

لأنه ليس مشروع سيفيد فقط البلدان النامية، و إنما سيفيد كل الأمم.

كثوار لا تخيفنا المواجهة. نؤمن بالتاريخ و بالشعوب. و لكن، كناطقين و مترجمين لمشاعر 95 بلد لدينا مسؤولية النضال من أجل التعاون بين الشعوب. و هذا التعاون، إذا يتحقق على أسس جديدة و عادلة، سيفيد جميع البلدان بالمجتمع الدولي. و سيفيد السلام العالمي بشكل خاص. إن التنمية، يمكنها أن تكون على المدى القريب ، مهمة تتطلب تضحيات ظاهرية و حتى هيبات يبدو أنها لا تعوض. و لكن، العالم الشاسع، الذي يعيش بالتخلف، دون قوة شرائية، و قدرته الاستهلاكية محدودة إلى أقصى حد، سينضم إليه بالتنمية مائات الملايين من المستهلكين و المنتجين. إنه السبيل الوحيد القادر على إعادة تأهيل الاقتصاد العالمي، بما فيه اقتصاد البلدان المتطورة، التي تولد الأزمة الاقتصادية و تعاني منها. برهن تاريخ التجارة الدولية أن التنمية تعتبر العامل الأكثر ديناميكية في التجارة العالمية. تجري أغلبية التجارة بأيامنا ما بين البلدان المتصنعة بالكامل. يمكننا أن نؤكد على أنه كلما يتسع التصنيع و التقدم بالعالم، سيتسع أكثر التبادل التجاري المفيد للجميع. و لذلك نطلب باسم البلدان النامية و ندافع عن قضية بلداننا. لا نطالب بنعمة. إذا لا نجد حلولا مؤاتية سنصبح كلنا ضحايا للكارثة.

السيد الرئيس، الممثلون الموقرون:

يجري الحديث عادة عن حقوق الانسان. و لكن، لا بد عن الحديث أيضا عن حقوق الإنسانية. لماذا ينبغي على شعوب أن تمشي حافية حتى تسافر الأخرى بسيارات ترفة؟ لماذا تعيش البعض 35 سنة حتى تعيش الآخرون 70 سنة؟ لماذا البعض فقراء فقر مدقع بينما آخرون هم أغنياء غناء فاحش؟

أحكي باسم الأطفال الذين ليست لديهم قطعة من الخبز (تصفيق) أحكي باسم المرضى الذين ليست لديهم أدوية . أحكي باسم الذين حرموا من الحق في الحياة و في الكرامة الإنسانية.

بعض البلدان لديها بحر و أخرى لا. بعضها لديها موارد طاقة و أخرى لا؛ تتوفر عند بعضها الأراضي لإنتاج الأغذية و لا تتوفر عند غيرها؛ بعضها حافلة بالآلات و المصانع، لا يمكنها حتى أن تتنفس لأن الهواء مسمم في أجوائها؛ و أخرى ليست لديها إلا ذراعيها الضعيفة لرزق الخبز.

بنهاية المطاف ، بعض البلدان لديها موارد عديدة و أخرى ليست لديها شيئا. ما هو مصيرها؟ الموت جوعا؟ أن تكون فقيرة للأبد؟ ما هي منفعة الحضارة إذن؟ ما هي منفعة وعي الانسان؟ ما هي منفعة العالم؟ لا يمكن الحديث عن السلام باسم عشرات الملايين من البشر الذين يموتون سنويا من الجوع أو من أمراض قابلة للشفاء. لا يمكن الحديث عن السلام باسم 900 مليون أمي.

يجب أن ينتهي استغلال البلدان الفقيرة من قبل الغنية!

أعرف أن هناك ببلدان فقيرة عديدة هناك من يستغل و هناك الذين يستغلونهم.

أتوجه إلى البلدان الغنية حتى تساهم. أتوجه إلى البلدان الفقيرة حتى توزع.

كفى كلمات! لا بد من العمل! كفى أعمال مجردة، لا بد من الأعمال المحددة! كفى الحديث عن نظام اقتصادي دولي مضارب لا أحد يفهمه! ضحكات و تصفيق)لا بد من الحديث عن نظام حقيقي و موضوعي يفهمه الجميع!

لم أصل إلى هنا كرسول للثورة. لم أصل إلى هنا حتى أطلب أو أتمنى انفجار العالم بعنف. قد جئنا للحديث عن السلام و التعاون بين الشعوب. قد جينا للإنذار بأنه، لو لا نحل بشكل سلمي و بحكمة الاجحاف و اللامساواة حاليا، المستقبل سيكون نهاية العالم. (تصفيق)

إن رنين الأسلحة و اللغة المهددة و العجرفة على الصعيد الدولي يجب أن تتوقف. كفى الوهم بأن مشاكل العالم تنحل بالأسلحة النووية. تستطيع الأسلحة أن تقتل الجائعين، المرضى، الجهلة، و لكنها لا تقتل الجوع، المرض، الجهل. و لا يمكنها أن تقتل التمرد العادل للشعوب. و بالهلكست سيموت أيضا الأغنياء و هم الذين لديهم أكثر لخسارته. (تصفيق)

لنقول وداعا للأسلحة و لنتكرس بشكل حضري بالمشاكل المهلكة أكثر بعصرنا. ها هي المسؤولية و الواجب المقدس أكثر لسائر رجال الدولة في العالم. علاوة على ذلك، ها هو المنطلق الذي لا بد منه للبقاء البشري.

شكرا جزيلا

(نسخة مختصرة وضعها مجلس الدولة)


 

(VERSIONES TAQUIGRAFICAS - CONSEJO DE ESTADO)