خطاب الجنرال روز الجيش راؤول كاسترو في ختام المؤتمر التاسع لاتحاد الشبيبة الشيوعية
أيتها الرفيقات والرفاق المدعوّون والمندوبون:
كان مؤتمرنا هذا مؤتمراً جيداً، وهو مؤتمر بدأ في الحقيقة في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي مع انعقاد الاجتماعات المفتوحة والعلنية التي حظيت بمشاركة مئات الآلاف من الشبان، وتواصلت من خلال الجمعيات التقييمية التي عقدتها المنظمات القاعدية واللجان البلدية والإقليمية، والتي تم فيها بلورة قرارات اعتُمدت الآن في هذه الجلسات النهائية.
إن كان هناك من شيء توافر خلال ما يزيد عن السنوات الخمس المنقضية منذ أن اختتم فيدل أعمال المؤتمر الثامن لاتحاد الشبيبة الشيوعية، في الخامس من أيلول/سبتمبر 2004، إنما هو العمل والتحديات.
نحيي هذا المؤتمر في خضم واحدة من أبشع وأوسع الحملات الإعلامية ضد الثورة الكوبية خلال السنوات الخمسين من وجودها، وهو موضوع سيتعيّن عليّ أن أتناوله بالتأكيد في لحظة لاحقة.
مع أنني لم أتمكن من حضور الجمعيات التي سبقت انعقاد هذا المؤتمر، فقد تابعتها واطلعت على مجرياتها كلها بشكل موجز. أعرف أنه قليلٌ ما ذُكر عن الإنجازات، وذلك من أجل التركيز على المشكلات، مع النظر إلى النفس من الداخل ومن دون تخصيص وقتاً أكثر من اللازم لتقييم العوامل الخارجية. إنه النمط الذي ينبغي أن يتّسم به بشكل دائم عمل اتحاد الشبيبة الشيوعية، في وجه أولئك الذي يكرسون جهودهم للبحث عن القشة في أعين الغير بدلاً من تكريس هذا الجهد من أجل القيام بما يجب.
إنه ليبعث الرضى سماع شبان كثيرين ممن يعملون في مجال الإنتاج وهم يشرحون بفخر وبكلمات بسيطة ما يقومون به من نشاط من دون أن يذكروا تقريباً الصعوبات المادية والعقبات البيروقراطية التي تؤثر سلباً على هذا النشاط.
كثيرُ من الصعوبات التي جرى بحثها ليست بصعوبات جديدة، وإنما هي صعوبات رافقت المنظمة منذ زمن طويل، وقد اتخذت المؤتمرات السابقة بشأنها القرارات ذات الصلة، ومع ذلك فإنها تتكرر بقدر أكبر أو أقل، مما يبرهن على قلة الاستمرارية والصرامة في الإشراف على تنفيذها.
وفي هذا المجال، من المحق والضروري تكرار أمر شدّد عليه الرفيقان ماتشادو ولازو اللذان ترأسا العديد من الجمعيات: يشعر الحزب بأنه مسؤول أيضاً عن عمل اتحاد الشبيبة الشيوعية، وبشكل خاص جداً عن المشكلات في سياسة الكوادر.
لا ينبغي علينا أن نسمح مرة أخرى أن تتحول الوثائق المقرّة إلى حبر على ورق وأن تُحفظ للذكرى. يجب أن تشكل هذه الوثائق مرشداً للعمل اليومي على مستوى المكتب الوطني وعلى مستوى كل عضو. ما هو أساسي اتفقتم عليه، ولم يبقَ الآن سوى العمل.
يوجّه البعض انتقادات شديدة عند حديثهم عن شبيبة اليوم وينسون بأنهم هم أيضاً كانوا شباباً. إنما هو واهم السعي لجعل شباب اليوم كشباب الحقب السالفة، هناك مثل حكيم يقول: أبناء البشر يشبهون عصرهم أكثر مما يشبهون آباءهم.
طالما كان الشباب الكوبيون وما يزالون مستعدّين لمواجهة التحديات، وهذا ما أثبتوه في الانتعاش من الأضرار التي أحدثتها الأعاصير، ومواجهة استفزازات العدو ومهمات الدفاع، ويمكنني أن أذكر الكثير غيرها.
متوسط عمر المندوبين إلى المؤتمر هو 28 سنة، وبالتالي فإنهم جميعاً قد كبروا خلال هذه السنوات القاسية من الفترة الخاصة وشاركوا في جهود شعبنا الرامية لحماية الإنجازات الرئيسية للاشتراكية في خضم الوضع الاقتصادي بالغ التعقيد.
ونظراً لأهمية أن تكون طليعة الشباب متابِعة لواقعنا الاقتصادي بالذات، فقد أقرّت لجنة المكتب السياسي، وانطلاقاً من التجربة التحليلية الإيجابية التي جرت على هذا الصعيد مع نواب الجمعية الوطنية، أن تضع أمام الجمعيات البلدية لاتحاد الشبيبة الشيوعية معلومات تنقل، بكل صدق، الوضع الحالي والآفاق في هذا المجال، وكذلك الأمر بالنسبة للقادة الحزبيين الرئيسيين، وقادة المنظمات الجماهيرية والحكومات على مختلف المستويات.
تشكل المعركة الاقتصادية اليوم وأكثر من أي وقت مضى المهمة الرئيسية ومحور العمل الأيديولوجي، لأنه على هذه المعركة تعتمد ديمومة نظامنا الاجتماعي وصونه.
من دون اقتصاد متين وديناميكي، ومن دون القضاء على المصاريف الزائدة عن الحاجة وعلى الإسراف، لن يكون بالإمكان التقدم في رفع مستوى حياة المواطنين، ولن يكون بالوسع المحافظة على المستويات المحرزة في التعليم والصحة المؤمنة مجاناً لجميع المواطنين وتحسين هذه المستويات.
من دون زراعة قويّة وفاعلة نستطيع تطويرها بالموارد المتوفرة بعيداً عن الحلم بالموازنات الكبرى المعهودة في أوقات أخرى، لا نستطيع أن نطمح بديمومة ورفع مستوى غذاء المواطنين، الذي ما زال اعتماده كبيراً على استيراد منتجات يمكن جنايتها في كوبا.
من دون أن يشعر الأشخاص بالحاجة للعمل من أجل العيش، في كنف نظم وقوانين حكومية بالغة الأبوية وغير عقلانية، لا نقوى أبداً على حفز الحب للعمل، ولن نحلّ النقص المزمن في البنّائين والعمال الزراعيين والصناعيين والمعلّمين ورجال الشرطة وغيرها من المهن الضرورية الآخذة بالاندثار شيئاً فشيئاً.
من دون بلورة شجب اجتماعي ثابت ومنتظم من الخروج عن القانون ومن مختلف مظاهر الفساد، سيظل عدد ليس بقليل من الأفراد يغتني على حساب عرَق الأغلبية ويروّج لمواقف وأفكار تضرب بشكل مباشر جوهر الاشتراكية.
إذا ما حافظنا على قوائم عمّال منتفخة في جميع ميادين العمل الوطني واستمرينا في دفع أجور لا علاقة لها بالنتائج المحرزة ورفع حجم الأموال المتداولة، لا يمكننا أن نتوقّع توقف الأسعار عن الارتفاع المتواصل، ضاربة بذلك القدرة الشرائية عند الشعب. نعرف أنه يفيض عن الحاجة مئات الآلاف من العمال في القطاعين الحكومي والتجاري، ويقدر بعض الأخصائيين أن الفائض من فرص العمل يزيد عن المليون شخص، وهذه هي قضية حساسة جداً من واجبنا مواجهتها بثبات وحسّ سياسي.
لن تترك الثورة أحداً بلا مأوى، وستكافح في سبيل توفير الظروف لكي يكون لكل الكوبيين فرصاً للعمل الكريم، ولكن المسألة ليست أن تتكفل الدولة بتأمين فرصة عمل لكل واحد بعد عدة فرص عُرضت عليه. أول المهتمّين بإيجاد فرصة عمل مفيدة اجتماعياً يجب أن يكون المواطن نفسه.
بإيجاز، الاستمرار في الإنفاق أكثر مما يرد، إنما هو يساوى التهامنا للمستقبل ووضع بقاء الثورة بحد ذاته في خطر.
إننا في مواجهة وقائع ليست محببة أبداً، ولكننا لا نغلق أعيننا أمامها. إننا على قناعة بأنه لا بد من كسر بعض القواعد قواعد وتحمّل بثبات وثقة مسؤولية تحديث نموذجنا الاقتصادي، والذي دخل حيز التنفيذ، بهدف وضع أسس عدم القابلية للعودة عن الاشتراكية الكوبية وتطوير هذه الاشتراكية، والتي نعرف بأنها ضمانة للاستقلال والسيادة الوطنية.
لا أجهل بأن اليأس يدب أحياناً في نفوس بعض الرفاق، وذلك لرغبتهم بتغييرات فورية في ميادين عديدة. أقصد بهذا القول طبعاً أولئك الذين يفعلون ذلك من دون النية على محاباة العدو في لعبته. نتفهم مباعث القلق هذه، التي تنشأ بشكل عام نتيجة الجهل لحجم المهمة التي نحن أمامها، وعمق وتعقيد العلاقات فيما بين مختلف عناصر عمل المجتمع التي يجب تغييرها.
أولئك الذين يطالبون بالتقدم بخطى أسرع، عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار سلسلة القضايا التي نقوم ببحثها، والتي لم أذكر لكم منها اليوم إلا بعضها. من واجبنا تفادي التسبب بمشكلات أكبر من المشكلات التي نحاول حلّها، نتيجة التسرع أو الارتجال. ففي مسائل ذات بُعد إستراتيجي بالنسبة للأمة كلها، لا يمكننها أن ننجر وراء العواطف وأن نتحرك من دون النزاهة اللازمة. وكما شرحت، هذا هو السبب الوحيد الذي جعلنا نقرر تأجيل انعقاد مؤتمر الحزب عدة أشهر وكذلك المؤتمر الوطني الذي سيسبق انعقاده.
هذا هو التحدّي الأكبر والأهم الذي يواجهنا من أجل ضمان استمرار الإنجاز الذي تم بناؤه على مدى هذه السنوات الخمسين، والذي تبنته شبيبتنا بمسؤولية وقناعة كاملتين. الشعار الذي التأم هذا المؤتمر في ظله هو "كل شيء من أجل الثورة" وهذا يعني قبل كل شيء تعزيز وتوطيد الاقتصاد الوطني.
إن الشبيبة الكوبية مدعوّة لأخذ مكانها كبديل للجيل المؤسس للثورة، ولكي تقود القوة الجماهيرية الكبرى فهي تحتاج لطليعة قادرة على الإقناع وعلى التعبئة انطلاقاً من القوة المنبثقة عن مثالها الشخصي، وفي مقدمتها قادة أشدّاء ومؤهلين وذوي مكانة، قادة حقيقيون، وليس مرتجلين، وأن يكونوا قد مرّوا في مدرسة الطبقة العاملة التي لا غنى عنها، والتي تتبلور فيها القيم الأكثر أصالة عند الإنسان الثوري. لقد أثبتت الحياة لنا ببلاغة خطر انتهاك هذا المبدأ.
لقد قالها فيدل بوضوح في اختتام المؤتمر الثاني لاتحاد الشبيبة الشيوعية، في الرابع من نيسان/أبريل 1972:
"لا أحد يتعلم السباحة على اليابسة، ولا أحد يمشي فوق البحر. الإنسان يخلقه وسطه البيئي، الإنسان تخلقه حياته نفسها، نشاطه نفسه".
وانتهى إلى القول:
"سنتعلّم احترام ما يبدعه العمل، عبر إبداعنا. سنُعلّم على احترام هذه الخيرات، عبر تعليم أبداع هذه الخيرات".
هذه الفكرة، التي أُطلقت قبل 38 سنة من اليوم، والتي من المؤكد أنها وجدت تصفيقاً حاداً في ذلك المؤتمر، هي تعبير جليّ أيضاً عن القضايا التي نتفق عليها ومن ثم لا نطبّقها.
اليوم أكثر من أي وقت مضى يحتاج الأمر لكوادر قادرين على القيام بعمل أيديولوجي فاعل، لا يمكنه أن يكون حوار طرشان ولا تكراراً ميكانيكياً لشعارات؛ قادة يفكّرون بحجج متينة، من دون أن يظنوا أنفسهم أصحاب الحقيقة المطلقة؛ يعرفون الإصغاء، ولو لم يعجبهم ما يقوله بعضهم؛ يقيمون وجهات نظر الآخرين بعقل مفتوح، وهو لا يعني تفنيد وجهات النظر غير المقبولة بأسس متينة وشدة.
تشجيع النقاش الصريح وعدم رؤية التباين بأنه مشكلة، وإنما مصدراً لأفضل الحلول. الإجماع المطلق بشكل عام هو مصطنع وبالتالي فإنه مؤذٍ. التناقض، حين لا يكون متضاداً، كما هو في حالتنا هذه، إنما هو محرك للتطور. من واجبنا أن نقضي عن سبق الإصرار على كل ما يغذي التصنع والانتهازية. إن تعلّم كيفية التوفيق بين المواقف، وتحفيز الوحدة وتعزيز القيادة الجماعية، إنما هي ملامح يجب أن يتميّز بها قادة الثورة المستقبليون.
إن الشبان ذوو الفكر والقدرة الضروريين لتحمّل مهام القيادة متوفّرون على طول البلاد وعرضها. التحدي يكمن في اكتشافهم، وإعدادهم وتوكيلهم بمسؤوليات أكبر بشكل تدريجي. والجماهير ستتكفل بالتأكيد على صحة الاختيار.
نلاحظ أنه يتواصل التقدم في ما يتعلق بالتركيبة العرقية والجندرية. إنه توجّه لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالتراجع ولا بالسطحية فيه، ويتعيّن على اتحاد الشبيبة الشيوعية أن يعمل فيه بشكل دائم. وبهذه المناسبة، أؤكّد بأنه أحد القرارات التي اتخذناها، وفي هذه الحالة قبل 35 سنة من اليوم، في المؤتمر الأول للحزب، والذي تركنا تطبيقه لاحقاً للبادرة العفوية ولم نشرف عليه كما يجب، مع أن هذا أيضاً هو إحدى الدعوات الأولى التي أطلقها فيدل في مناسبات متكررة منذ لحظة انتصار الثورة.
كما ذكرت لكم في البداية، توافق إحياء هذا المؤتمر مع حملة غير معهودة للإساءة لكوبا يتم تنظيمها وإدارتها وتمويلها من مراكز القوة الإمبراطورية في الولايات المتحدة وأوروبا، رافعين رايات حقوق الإنسان بشكل منافق.
لقد تم التلاعب بدناءة ووقاحة بموت شخص محكومٍ بالسجن بسبب ارتكابه 14 جناية عامة، تم تحويله عمداً وبفضل الكذب المتكرر والطمع بدعم اقتصادي من الخارج إلى "منشق سياسي"، جرى تحفيزه على الاستمرار في إضرابه عن الطعام رافعاً مطالب خارجة عن المنطق.
بالرغم من الجهود التي بذلها أطباؤنا توفّي، وهو أمر عبّرنا عن أسفنا له في لحظته وكشفنا عن المستفيدين الوحيدين من هذا الحدث، وهم أنفسهم الذين يحفّزون اليوم شخصاً آخر على الاستمرار في موقف مشابه من حيث الابتزاز غير المقبول. هذا الأخير، وبالرغم من كل الافتراء، ليس مسجوناً، إنه شخص طليق نفّذ حكمه بالسجن لارتكابه جنايات عامة، وبالتحديد الاعتداء على سيدة وإصابتها، وهي طبيبة ومديرة مستشفى، وبالإضافة لذلك هددها بالموت، ومن ثم على شخص مسنّ في السبعين من العمر، اضطر الأمر لبتر ذراعه. وكما في الحالة السابقة، يتم فعل كل ما يمكن في سبيل إنقاذ حياته، ولكن إذا لم يغيّر موقفه المدمّر ذاتياً، فإنه سيكون مسؤولاً، إلى جانب من يقفون وراءه، عن النهاية التي لا نتمنّاها أيضاً.
إنه ليثير الاشمئزاز المكيال بمعيارين من قبل الذين يطبقون صمتاً متواطئاً في أوروبا على أعمال التعذيب في ما تعرف بالحرب على الإرهاب، وسمحوا برحلات جوية سريّة للسي آي إيه من أجل نقل سجناء، وحتى أنهم قدّموا أراضي بلادهم من أجل إقامة سجون سرّيّة.
ماذا كانوا سيقولون لو أننا فعلنا مثلهم وانتهكنا الأعراف الخلقية وغذّّينا هؤلاء الأشخاص بالقوة، كما جرت العادة على فعله في مراكز تعذيب كثيرة من بينها قادة غوانتانامو البحرية. وبالمناسبة، هم أنفسهم الذين يقومون في عقر بلدانهم باستخدام قوات الشرطة للهجوم بالخيول على المتظاهرين، كما نشاهد يومياً تقريباً عبر شاشات التلفزيون، وللضرب وإطلاق الغازات المسيلة للدموع، وحتى الرصاص. وماذا يمكن القول عن سوء المعاملة والإذلال المتكرر الذي يُخضعون المهاجرين له؟
الصحافة الكبرى الغربية لا تهاجم كوبا فحسب، فقد شرعت بممارسة شكل جديد من الإرهاب الصحافي الشديد ضد قادة سياسيين ومثقفين وفنانين وشخصيات أخرى ترفع أصواتها في كل أنحاء العالم ضد الرياء والنفاق، ويقيّمون الأحداث بكل بساطة بشكل موضوعي.
من ناحية أخرى، يبدو بأن من حملوا راية حرية الصحافة التي يتحدثون عنها قد نسوا بأن الحصار الاقتصادي والتجاري المفروض على كوبا وكل آثاره اللاإنسانية على شعبنا ما تزال سارية وتشتد حدة؛ وأن إدارة الولايات المتحدة الحالية لم توقف الحد الأدنى من الدعم للتخريب؛ وأن الموقف المشترك المجحف والتمييزي والتدخلي للاتحاد الأوروبي، الذي رعته في لحظة اعتماده الإدارة الأمريكية واليمين المتطرف الإسباني، ما يزال يطالب بتغيير النظام في بلدنا، أو تدمير الثورة، والحال سواء.
إن أكثر من نصف قرن من المعركة الدائمة قد علّمت شعبنا بأن التردد هو مرادف للهزيمة.
مهما حدث، لن نتنازل أبداً أمام الابتزاز، جاء هذا من أي بلد أو من أي مجموعة بلدان مهما بلغ جبروتها. من حقنا أن ندافع عن أنفسنا.
إذا كانوا يسعون لحشرنا، فليعلموا بأننا سنعرف كيف نتحصّن، أولاً في الحقيقة وفي المبادئ. سنكون من جديد صامدين ورابطى الجأش وصابرين. الأمثلة في تاريخنا تزيد عن الحاجة!
هكذا كافح مناضلونا الأوائل في الحروب من أجل الاستقلال في القرن التاسع عشر!
وهكذا ألحقنا الهزيمة بآخر هجوم شنّه عشرة آلاف جنديّ من الدكتاتورية المسلحة حتى العظم، الذين واجههم في البداية مائتا مقاتل ثائر خاضوا تحت القيادة المباشرة للقائد العام فيدل كاسترو روز، وعلى مدى 75 يوماً، بين الرابع والعشرين من أيار/مايو والسادس من آب/أغسطس من عام 1958، أكثر من 100 معركة، بما فيها أربع في منطقة صغيرة تتراوح مساحتها بين 650 و700 كيلومتر مربّع، أي، منطقة أصغر مساحة من مدينة هافانا. تلك العملية الكبرى حسمت مجرى الحرب، وبعد ذلك بأربعة أشهر ويزيد حدث انتصار الثورة، مما حمل القائد إرنستو غيفارا على أن يكتب في يومياته الحربية: "خرج الجيش الباتستي مكسور الشوكة من هذا الهجوم الأخير على سلسلة جبال سييرّا مايسترا".
ولم يخيفنا الأسطول اليانكي أيضاً قبالة شاطئ خيرون [خليج الخنازير] عام 1961. أمام ناظرهم قضينا على جيشهم المرتزق في ما شكّل أول هزيمة لمغامرة عسكرية للولايات المتحدة في هذه القارة.
وهذا ما فعلناه مجدداً عام 1962 خلال أزمة أكتوبر [أزمة الصواريخ]. لم نتراجع مليمتر واحد أمام التهديدات الوحشية التي أطلقها عدوّ كان يصوّب إلينا أسلحته النووية ويستعد لغزو الجزيرة؛ ولا حتى فعلنا ذلك عندما حاول قادة الاتحاد السوفييتي، حليفنا الرئيسي في وضع بالغ الصعوبة وكان مصير الثورة يعتمد على دعمه، حاولوا بلا احترام أن يقنعونا، بعدما تفاوضوا من وراء ظهرنا على شروط حل الأزمة، أن نرضى بالتفتيش داخل أراضي وطننا للتحقق من سحب أسلحتهم النووية، وقلنا بأنه في أحسن الأحوال يمكنهم القيام بذلك من على متن سفنهم في المياه الدولية، ولكن في كوبا.. أبداً.
إننا متأكدون بأن ظروفاً أسوأ من تلك يصعب أن تتكرر.
وفي مرحلة أحدث عهداً، أظهر الشعب الكوبي بشكل راسخ قدرته على المقاومة وثقته بنفسه عندما عانت كوبا، كمحصّلة لاندثار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفييتي، انخفاض إجمالي ناتجها المحلي بنسبة 35 بالمائة، وتقلّص تجارتها الخارجية بنسبة 85 بالمائة، وفقدانها لأسواق صادراتها الأساسية، مثل السكر والنيكل والحمضيات وغيرها، التي انخفضت أسعارها بمقدار النصف، واختفاء القروض بشروط ملائمة، بما تبع ذلك من توقف للاستثمارات الحيوية الرئيسية مثل أول محطة كهرو-حرارية ومصفاة سيينفويغوس، وانهيار النقل والبناء والزراعة مع التوقف الفجائي ومرة واحدة للمؤن من قطع الغيار للتقنية والأسمدة والأعلاف والمواد الأولية للصناعات، مما أدى إلى شلل مائة بالمائة من المصانع والتدهور المفاجئ كماً ونوعاً لغذاء شعبنا وصولاً إلى ما دون المستوى اللازم. جميعنا عانينا فصول الصيف الحارّة تلك خلال النصف الأول من عقد التسعينات من القرن الماضي بانقطاعات للتيار الكهربائي تزيد مدة الواحد منها عن الاثنتي عشر ساعة بسبب انعدام الوَقود اللازم لتوليد الكهرباء؛ وبينما كان يحدث كل هذا، كانت عشرات الوكالات الصحفية الغربية، ومن دون أن يخفي بعضها بهجته، ترسل مراسليها إلى كوبا لكي تكون الأولى في نقل وقائع الهزيمة النهائية للثورة.
في خضم ذلك الوضع المأساوي، لم يُترك أحداً ومصيره وظهرت جلياً القوة التي تبعثها قوة الشعب حين يتعلق الأمر بالدفاع عن أفكار عادلة وعن إنجاز تم تحقيقه بكثير من التضحية. إنما نظام اشتراكي فحسب، وبالرغم من عيوبه ونواقصه، ما هو قادر على تجاوز امتحان عسير.
وعليه، فإنها لا تؤرقنا الطبول الراهنة للهجمة الرجعية الدولية، المنسَّقة كالعادة، من قبل الذين لا يتقبّلون الإدراك بأن هذا البلد لن ينثني، بأي طريقة كانت، وأنه يفضّل الاختفاء من الوجود قبل ذلك كما أثبتنا في عام 1962.
قبل 142 سنة فقط من اليوم، في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 1868، بدأت هذه الثورة. في ذلك الوقت كان الصراع مع استعمار أوروبي قيد الانحطاط، وهو كفاح جرت مقاطعته دائماً من قبل الإمبريالية الأمريكية حديثة الولادة التي لم تكن تريد لنا الاستقلال، إلى أن تسقط "الثمرة الناضجة" بفعل "الجاذبية الجغرافية" بين يديها. هذا ما حدث بعد ذلك الموعد بثلاثين سنة من حروب خاضها وتضحيات قدمها الشعب الكوبي.
العناصر الخارجية تقوم الآن بتبادل الأدوار فيما بينها. منذ أكثر من نصف قرن والإمبراطورية الأكثر حداثة وجبروتاً على وجه الأرض تعتدي علينا وتضايقنا بشكل متواصل، مستعينة الآن بالمقاطعة المترتبة عن "الموقف المشترك" المشين، الذي ما يزال على حاله بفضل ضغوط بعض البلدان والقوى السياسية الرجعية من الاتحاد الأوروبية بشروط متنوعة غير مقبولة.
نتساءل: لماذا؟ ونرى أنه، بكل بساطة، لأن هذه العناصر ما تزال هي نفسها ولا تتخلى عن طموحاتها القديمة في الهيمنة.
يدرك الشباب الثوري الكوبي تماماً أنه في سبيل حماية الثورة والاشتراكية، ومواصلة السير في طريق العزة والحرية ما زالت أمامهم سنوات كثيرة بعد من الكفاح والتضحيات.
في ذات الوقت، تحدّق بالبشرية تحديات هائلة، وينبغي على الشبان، في المقام الأول، مواجهتها. يتعلق الأمر بالدفاع عن بقاء الجنس البشري بحد ذاته، الذي يهدده التغير المناخي اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهو تغيّر يتسارع بفعل معايير الإنتاج والاستهلاك اللاعقلانية التي تكرّسها الرأسمالية.
نحن اليوم سبعة آلاف مليون نسمة على وجه الأرض. نصفهم من الفقراء، ألف وعشرون مليون يعانون الجوع. يجدر التساؤل: ماذا سيحدث في عام 2050، حين يصل عدد سكان العالم إلى تسعة آلاف مليون وتكون شروط الحياة على وجه الأرض قد تدهورت بشكل أكبر بعد.
المهزلة التي انتهت إليها القمة الأخيرة المنعقدة في العاصمة الدانماركية في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي هي إثبات على أن الرأسمالية بقوانين سوقها العمياء لن تقوى أبداً على حل هذه المشكلة ولا غيرها من المشكلات الكثيرة. إنما الوعي وحده وتعبئة الشعوب والإرادة السياسية عند الحكومات وتقدم المعرف العلمية والتكنولوجية ما يمكنه أن يمنع فناء الإنسان.
وفي الختام أود أن أذكر بأنه في شهر نيسان/أبريل من العام القادم يمر نصف قرن على إعلان الطابع الاشتراكي للثورة وعلى الانتصار الساحق على الغزو المرتزق في شاطئ خيرون. سنحتفل بهذين الحدثين الهامّين في كل ركن من أركان البلاد، بدءاً من باراكووا حيث حاولوا إنزال كتيبة، وحتى أقصى غربي البلاد، وسنقوم في العاصمة بمسيرة شعبية كبرى واستعراض عسكري، وفي جميع هذه النشاطات سيكون العمال، المثقفون والشباب العناصر الرئيسيون.
بعد أيام قليلة، في الأول من أيار/مايو، سيعطي شعبنا الثوري رداً ساحقاً على طول البلاد وعرضها، في الشوارع وفي الساحات العامة، على هذا التصعيد العدواني الدولي الجديد.
لا تخشى كوبا الأكاذيب ولا تركع أمام الضغوط أو الشروط أو الإملاءات، أتت من حيث أتت، إنها تدافع عن نفسها بالحقيقة، التي تفرض نفسها دائماً، عاجلاً أم آجلاً.
قبل 48 سنة من الآن، في مثل هذا اليوم، ولد اتحاد الشبيبة الشيوعية. في ذلك الرابع من نيسان/أبريل 1962 التاريخي، أكد فيدل:
"إن الإيمان بالشباب هو أن ترى فيهم، بالإضافة للحماس، أهلية؛ وبالإضافة للطاقة، مسؤولية؛ وبالإضافة للشباب، بطولة، شخصية قوية، إرادة، حب للوطن، إيمان بالوطن! حب للثورة، إيمان بالثورة، ثقة بأنفسهم! قناعة عميقة بأن الشبيبة قادرة، بأن الشبيبة كفؤة، قناعة عميقة بأنه على كاهل الشبيبة يمكن إيداع مهام كبرى".
هكذا كان الأمس، وهكذا هو اليوم، وهكذا سيكون الغد.
شكراً جزيلاً.
كان مؤتمرنا هذا مؤتمراً جيداً، وهو مؤتمر بدأ في الحقيقة في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي مع انعقاد الاجتماعات المفتوحة والعلنية التي حظيت بمشاركة مئات الآلاف من الشبان، وتواصلت من خلال الجمعيات التقييمية التي عقدتها المنظمات القاعدية واللجان البلدية والإقليمية، والتي تم فيها بلورة قرارات اعتُمدت الآن في هذه الجلسات النهائية.
إن كان هناك من شيء توافر خلال ما يزيد عن السنوات الخمس المنقضية منذ أن اختتم فيدل أعمال المؤتمر الثامن لاتحاد الشبيبة الشيوعية، في الخامس من أيلول/سبتمبر 2004، إنما هو العمل والتحديات.
نحيي هذا المؤتمر في خضم واحدة من أبشع وأوسع الحملات الإعلامية ضد الثورة الكوبية خلال السنوات الخمسين من وجودها، وهو موضوع سيتعيّن عليّ أن أتناوله بالتأكيد في لحظة لاحقة.
مع أنني لم أتمكن من حضور الجمعيات التي سبقت انعقاد هذا المؤتمر، فقد تابعتها واطلعت على مجرياتها كلها بشكل موجز. أعرف أنه قليلٌ ما ذُكر عن الإنجازات، وذلك من أجل التركيز على المشكلات، مع النظر إلى النفس من الداخل ومن دون تخصيص وقتاً أكثر من اللازم لتقييم العوامل الخارجية. إنه النمط الذي ينبغي أن يتّسم به بشكل دائم عمل اتحاد الشبيبة الشيوعية، في وجه أولئك الذي يكرسون جهودهم للبحث عن القشة في أعين الغير بدلاً من تكريس هذا الجهد من أجل القيام بما يجب.
إنه ليبعث الرضى سماع شبان كثيرين ممن يعملون في مجال الإنتاج وهم يشرحون بفخر وبكلمات بسيطة ما يقومون به من نشاط من دون أن يذكروا تقريباً الصعوبات المادية والعقبات البيروقراطية التي تؤثر سلباً على هذا النشاط.
كثيرُ من الصعوبات التي جرى بحثها ليست بصعوبات جديدة، وإنما هي صعوبات رافقت المنظمة منذ زمن طويل، وقد اتخذت المؤتمرات السابقة بشأنها القرارات ذات الصلة، ومع ذلك فإنها تتكرر بقدر أكبر أو أقل، مما يبرهن على قلة الاستمرارية والصرامة في الإشراف على تنفيذها.
وفي هذا المجال، من المحق والضروري تكرار أمر شدّد عليه الرفيقان ماتشادو ولازو اللذان ترأسا العديد من الجمعيات: يشعر الحزب بأنه مسؤول أيضاً عن عمل اتحاد الشبيبة الشيوعية، وبشكل خاص جداً عن المشكلات في سياسة الكوادر.
لا ينبغي علينا أن نسمح مرة أخرى أن تتحول الوثائق المقرّة إلى حبر على ورق وأن تُحفظ للذكرى. يجب أن تشكل هذه الوثائق مرشداً للعمل اليومي على مستوى المكتب الوطني وعلى مستوى كل عضو. ما هو أساسي اتفقتم عليه، ولم يبقَ الآن سوى العمل.
يوجّه البعض انتقادات شديدة عند حديثهم عن شبيبة اليوم وينسون بأنهم هم أيضاً كانوا شباباً. إنما هو واهم السعي لجعل شباب اليوم كشباب الحقب السالفة، هناك مثل حكيم يقول: أبناء البشر يشبهون عصرهم أكثر مما يشبهون آباءهم.
طالما كان الشباب الكوبيون وما يزالون مستعدّين لمواجهة التحديات، وهذا ما أثبتوه في الانتعاش من الأضرار التي أحدثتها الأعاصير، ومواجهة استفزازات العدو ومهمات الدفاع، ويمكنني أن أذكر الكثير غيرها.
متوسط عمر المندوبين إلى المؤتمر هو 28 سنة، وبالتالي فإنهم جميعاً قد كبروا خلال هذه السنوات القاسية من الفترة الخاصة وشاركوا في جهود شعبنا الرامية لحماية الإنجازات الرئيسية للاشتراكية في خضم الوضع الاقتصادي بالغ التعقيد.
ونظراً لأهمية أن تكون طليعة الشباب متابِعة لواقعنا الاقتصادي بالذات، فقد أقرّت لجنة المكتب السياسي، وانطلاقاً من التجربة التحليلية الإيجابية التي جرت على هذا الصعيد مع نواب الجمعية الوطنية، أن تضع أمام الجمعيات البلدية لاتحاد الشبيبة الشيوعية معلومات تنقل، بكل صدق، الوضع الحالي والآفاق في هذا المجال، وكذلك الأمر بالنسبة للقادة الحزبيين الرئيسيين، وقادة المنظمات الجماهيرية والحكومات على مختلف المستويات.
تشكل المعركة الاقتصادية اليوم وأكثر من أي وقت مضى المهمة الرئيسية ومحور العمل الأيديولوجي، لأنه على هذه المعركة تعتمد ديمومة نظامنا الاجتماعي وصونه.
من دون اقتصاد متين وديناميكي، ومن دون القضاء على المصاريف الزائدة عن الحاجة وعلى الإسراف، لن يكون بالإمكان التقدم في رفع مستوى حياة المواطنين، ولن يكون بالوسع المحافظة على المستويات المحرزة في التعليم والصحة المؤمنة مجاناً لجميع المواطنين وتحسين هذه المستويات.
من دون زراعة قويّة وفاعلة نستطيع تطويرها بالموارد المتوفرة بعيداً عن الحلم بالموازنات الكبرى المعهودة في أوقات أخرى، لا نستطيع أن نطمح بديمومة ورفع مستوى غذاء المواطنين، الذي ما زال اعتماده كبيراً على استيراد منتجات يمكن جنايتها في كوبا.
من دون أن يشعر الأشخاص بالحاجة للعمل من أجل العيش، في كنف نظم وقوانين حكومية بالغة الأبوية وغير عقلانية، لا نقوى أبداً على حفز الحب للعمل، ولن نحلّ النقص المزمن في البنّائين والعمال الزراعيين والصناعيين والمعلّمين ورجال الشرطة وغيرها من المهن الضرورية الآخذة بالاندثار شيئاً فشيئاً.
من دون بلورة شجب اجتماعي ثابت ومنتظم من الخروج عن القانون ومن مختلف مظاهر الفساد، سيظل عدد ليس بقليل من الأفراد يغتني على حساب عرَق الأغلبية ويروّج لمواقف وأفكار تضرب بشكل مباشر جوهر الاشتراكية.
إذا ما حافظنا على قوائم عمّال منتفخة في جميع ميادين العمل الوطني واستمرينا في دفع أجور لا علاقة لها بالنتائج المحرزة ورفع حجم الأموال المتداولة، لا يمكننا أن نتوقّع توقف الأسعار عن الارتفاع المتواصل، ضاربة بذلك القدرة الشرائية عند الشعب. نعرف أنه يفيض عن الحاجة مئات الآلاف من العمال في القطاعين الحكومي والتجاري، ويقدر بعض الأخصائيين أن الفائض من فرص العمل يزيد عن المليون شخص، وهذه هي قضية حساسة جداً من واجبنا مواجهتها بثبات وحسّ سياسي.
لن تترك الثورة أحداً بلا مأوى، وستكافح في سبيل توفير الظروف لكي يكون لكل الكوبيين فرصاً للعمل الكريم، ولكن المسألة ليست أن تتكفل الدولة بتأمين فرصة عمل لكل واحد بعد عدة فرص عُرضت عليه. أول المهتمّين بإيجاد فرصة عمل مفيدة اجتماعياً يجب أن يكون المواطن نفسه.
بإيجاز، الاستمرار في الإنفاق أكثر مما يرد، إنما هو يساوى التهامنا للمستقبل ووضع بقاء الثورة بحد ذاته في خطر.
إننا في مواجهة وقائع ليست محببة أبداً، ولكننا لا نغلق أعيننا أمامها. إننا على قناعة بأنه لا بد من كسر بعض القواعد قواعد وتحمّل بثبات وثقة مسؤولية تحديث نموذجنا الاقتصادي، والذي دخل حيز التنفيذ، بهدف وضع أسس عدم القابلية للعودة عن الاشتراكية الكوبية وتطوير هذه الاشتراكية، والتي نعرف بأنها ضمانة للاستقلال والسيادة الوطنية.
لا أجهل بأن اليأس يدب أحياناً في نفوس بعض الرفاق، وذلك لرغبتهم بتغييرات فورية في ميادين عديدة. أقصد بهذا القول طبعاً أولئك الذين يفعلون ذلك من دون النية على محاباة العدو في لعبته. نتفهم مباعث القلق هذه، التي تنشأ بشكل عام نتيجة الجهل لحجم المهمة التي نحن أمامها، وعمق وتعقيد العلاقات فيما بين مختلف عناصر عمل المجتمع التي يجب تغييرها.
أولئك الذين يطالبون بالتقدم بخطى أسرع، عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار سلسلة القضايا التي نقوم ببحثها، والتي لم أذكر لكم منها اليوم إلا بعضها. من واجبنا تفادي التسبب بمشكلات أكبر من المشكلات التي نحاول حلّها، نتيجة التسرع أو الارتجال. ففي مسائل ذات بُعد إستراتيجي بالنسبة للأمة كلها، لا يمكننها أن ننجر وراء العواطف وأن نتحرك من دون النزاهة اللازمة. وكما شرحت، هذا هو السبب الوحيد الذي جعلنا نقرر تأجيل انعقاد مؤتمر الحزب عدة أشهر وكذلك المؤتمر الوطني الذي سيسبق انعقاده.
هذا هو التحدّي الأكبر والأهم الذي يواجهنا من أجل ضمان استمرار الإنجاز الذي تم بناؤه على مدى هذه السنوات الخمسين، والذي تبنته شبيبتنا بمسؤولية وقناعة كاملتين. الشعار الذي التأم هذا المؤتمر في ظله هو "كل شيء من أجل الثورة" وهذا يعني قبل كل شيء تعزيز وتوطيد الاقتصاد الوطني.
إن الشبيبة الكوبية مدعوّة لأخذ مكانها كبديل للجيل المؤسس للثورة، ولكي تقود القوة الجماهيرية الكبرى فهي تحتاج لطليعة قادرة على الإقناع وعلى التعبئة انطلاقاً من القوة المنبثقة عن مثالها الشخصي، وفي مقدمتها قادة أشدّاء ومؤهلين وذوي مكانة، قادة حقيقيون، وليس مرتجلين، وأن يكونوا قد مرّوا في مدرسة الطبقة العاملة التي لا غنى عنها، والتي تتبلور فيها القيم الأكثر أصالة عند الإنسان الثوري. لقد أثبتت الحياة لنا ببلاغة خطر انتهاك هذا المبدأ.
لقد قالها فيدل بوضوح في اختتام المؤتمر الثاني لاتحاد الشبيبة الشيوعية، في الرابع من نيسان/أبريل 1972:
"لا أحد يتعلم السباحة على اليابسة، ولا أحد يمشي فوق البحر. الإنسان يخلقه وسطه البيئي، الإنسان تخلقه حياته نفسها، نشاطه نفسه".
وانتهى إلى القول:
"سنتعلّم احترام ما يبدعه العمل، عبر إبداعنا. سنُعلّم على احترام هذه الخيرات، عبر تعليم أبداع هذه الخيرات".
هذه الفكرة، التي أُطلقت قبل 38 سنة من اليوم، والتي من المؤكد أنها وجدت تصفيقاً حاداً في ذلك المؤتمر، هي تعبير جليّ أيضاً عن القضايا التي نتفق عليها ومن ثم لا نطبّقها.
اليوم أكثر من أي وقت مضى يحتاج الأمر لكوادر قادرين على القيام بعمل أيديولوجي فاعل، لا يمكنه أن يكون حوار طرشان ولا تكراراً ميكانيكياً لشعارات؛ قادة يفكّرون بحجج متينة، من دون أن يظنوا أنفسهم أصحاب الحقيقة المطلقة؛ يعرفون الإصغاء، ولو لم يعجبهم ما يقوله بعضهم؛ يقيمون وجهات نظر الآخرين بعقل مفتوح، وهو لا يعني تفنيد وجهات النظر غير المقبولة بأسس متينة وشدة.
تشجيع النقاش الصريح وعدم رؤية التباين بأنه مشكلة، وإنما مصدراً لأفضل الحلول. الإجماع المطلق بشكل عام هو مصطنع وبالتالي فإنه مؤذٍ. التناقض، حين لا يكون متضاداً، كما هو في حالتنا هذه، إنما هو محرك للتطور. من واجبنا أن نقضي عن سبق الإصرار على كل ما يغذي التصنع والانتهازية. إن تعلّم كيفية التوفيق بين المواقف، وتحفيز الوحدة وتعزيز القيادة الجماعية، إنما هي ملامح يجب أن يتميّز بها قادة الثورة المستقبليون.
إن الشبان ذوو الفكر والقدرة الضروريين لتحمّل مهام القيادة متوفّرون على طول البلاد وعرضها. التحدي يكمن في اكتشافهم، وإعدادهم وتوكيلهم بمسؤوليات أكبر بشكل تدريجي. والجماهير ستتكفل بالتأكيد على صحة الاختيار.
نلاحظ أنه يتواصل التقدم في ما يتعلق بالتركيبة العرقية والجندرية. إنه توجّه لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالتراجع ولا بالسطحية فيه، ويتعيّن على اتحاد الشبيبة الشيوعية أن يعمل فيه بشكل دائم. وبهذه المناسبة، أؤكّد بأنه أحد القرارات التي اتخذناها، وفي هذه الحالة قبل 35 سنة من اليوم، في المؤتمر الأول للحزب، والذي تركنا تطبيقه لاحقاً للبادرة العفوية ولم نشرف عليه كما يجب، مع أن هذا أيضاً هو إحدى الدعوات الأولى التي أطلقها فيدل في مناسبات متكررة منذ لحظة انتصار الثورة.
كما ذكرت لكم في البداية، توافق إحياء هذا المؤتمر مع حملة غير معهودة للإساءة لكوبا يتم تنظيمها وإدارتها وتمويلها من مراكز القوة الإمبراطورية في الولايات المتحدة وأوروبا، رافعين رايات حقوق الإنسان بشكل منافق.
لقد تم التلاعب بدناءة ووقاحة بموت شخص محكومٍ بالسجن بسبب ارتكابه 14 جناية عامة، تم تحويله عمداً وبفضل الكذب المتكرر والطمع بدعم اقتصادي من الخارج إلى "منشق سياسي"، جرى تحفيزه على الاستمرار في إضرابه عن الطعام رافعاً مطالب خارجة عن المنطق.
بالرغم من الجهود التي بذلها أطباؤنا توفّي، وهو أمر عبّرنا عن أسفنا له في لحظته وكشفنا عن المستفيدين الوحيدين من هذا الحدث، وهم أنفسهم الذين يحفّزون اليوم شخصاً آخر على الاستمرار في موقف مشابه من حيث الابتزاز غير المقبول. هذا الأخير، وبالرغم من كل الافتراء، ليس مسجوناً، إنه شخص طليق نفّذ حكمه بالسجن لارتكابه جنايات عامة، وبالتحديد الاعتداء على سيدة وإصابتها، وهي طبيبة ومديرة مستشفى، وبالإضافة لذلك هددها بالموت، ومن ثم على شخص مسنّ في السبعين من العمر، اضطر الأمر لبتر ذراعه. وكما في الحالة السابقة، يتم فعل كل ما يمكن في سبيل إنقاذ حياته، ولكن إذا لم يغيّر موقفه المدمّر ذاتياً، فإنه سيكون مسؤولاً، إلى جانب من يقفون وراءه، عن النهاية التي لا نتمنّاها أيضاً.
إنه ليثير الاشمئزاز المكيال بمعيارين من قبل الذين يطبقون صمتاً متواطئاً في أوروبا على أعمال التعذيب في ما تعرف بالحرب على الإرهاب، وسمحوا برحلات جوية سريّة للسي آي إيه من أجل نقل سجناء، وحتى أنهم قدّموا أراضي بلادهم من أجل إقامة سجون سرّيّة.
ماذا كانوا سيقولون لو أننا فعلنا مثلهم وانتهكنا الأعراف الخلقية وغذّّينا هؤلاء الأشخاص بالقوة، كما جرت العادة على فعله في مراكز تعذيب كثيرة من بينها قادة غوانتانامو البحرية. وبالمناسبة، هم أنفسهم الذين يقومون في عقر بلدانهم باستخدام قوات الشرطة للهجوم بالخيول على المتظاهرين، كما نشاهد يومياً تقريباً عبر شاشات التلفزيون، وللضرب وإطلاق الغازات المسيلة للدموع، وحتى الرصاص. وماذا يمكن القول عن سوء المعاملة والإذلال المتكرر الذي يُخضعون المهاجرين له؟
الصحافة الكبرى الغربية لا تهاجم كوبا فحسب، فقد شرعت بممارسة شكل جديد من الإرهاب الصحافي الشديد ضد قادة سياسيين ومثقفين وفنانين وشخصيات أخرى ترفع أصواتها في كل أنحاء العالم ضد الرياء والنفاق، ويقيّمون الأحداث بكل بساطة بشكل موضوعي.
من ناحية أخرى، يبدو بأن من حملوا راية حرية الصحافة التي يتحدثون عنها قد نسوا بأن الحصار الاقتصادي والتجاري المفروض على كوبا وكل آثاره اللاإنسانية على شعبنا ما تزال سارية وتشتد حدة؛ وأن إدارة الولايات المتحدة الحالية لم توقف الحد الأدنى من الدعم للتخريب؛ وأن الموقف المشترك المجحف والتمييزي والتدخلي للاتحاد الأوروبي، الذي رعته في لحظة اعتماده الإدارة الأمريكية واليمين المتطرف الإسباني، ما يزال يطالب بتغيير النظام في بلدنا، أو تدمير الثورة، والحال سواء.
إن أكثر من نصف قرن من المعركة الدائمة قد علّمت شعبنا بأن التردد هو مرادف للهزيمة.
مهما حدث، لن نتنازل أبداً أمام الابتزاز، جاء هذا من أي بلد أو من أي مجموعة بلدان مهما بلغ جبروتها. من حقنا أن ندافع عن أنفسنا.
إذا كانوا يسعون لحشرنا، فليعلموا بأننا سنعرف كيف نتحصّن، أولاً في الحقيقة وفي المبادئ. سنكون من جديد صامدين ورابطى الجأش وصابرين. الأمثلة في تاريخنا تزيد عن الحاجة!
هكذا كافح مناضلونا الأوائل في الحروب من أجل الاستقلال في القرن التاسع عشر!
وهكذا ألحقنا الهزيمة بآخر هجوم شنّه عشرة آلاف جنديّ من الدكتاتورية المسلحة حتى العظم، الذين واجههم في البداية مائتا مقاتل ثائر خاضوا تحت القيادة المباشرة للقائد العام فيدل كاسترو روز، وعلى مدى 75 يوماً، بين الرابع والعشرين من أيار/مايو والسادس من آب/أغسطس من عام 1958، أكثر من 100 معركة، بما فيها أربع في منطقة صغيرة تتراوح مساحتها بين 650 و700 كيلومتر مربّع، أي، منطقة أصغر مساحة من مدينة هافانا. تلك العملية الكبرى حسمت مجرى الحرب، وبعد ذلك بأربعة أشهر ويزيد حدث انتصار الثورة، مما حمل القائد إرنستو غيفارا على أن يكتب في يومياته الحربية: "خرج الجيش الباتستي مكسور الشوكة من هذا الهجوم الأخير على سلسلة جبال سييرّا مايسترا".
ولم يخيفنا الأسطول اليانكي أيضاً قبالة شاطئ خيرون [خليج الخنازير] عام 1961. أمام ناظرهم قضينا على جيشهم المرتزق في ما شكّل أول هزيمة لمغامرة عسكرية للولايات المتحدة في هذه القارة.
وهذا ما فعلناه مجدداً عام 1962 خلال أزمة أكتوبر [أزمة الصواريخ]. لم نتراجع مليمتر واحد أمام التهديدات الوحشية التي أطلقها عدوّ كان يصوّب إلينا أسلحته النووية ويستعد لغزو الجزيرة؛ ولا حتى فعلنا ذلك عندما حاول قادة الاتحاد السوفييتي، حليفنا الرئيسي في وضع بالغ الصعوبة وكان مصير الثورة يعتمد على دعمه، حاولوا بلا احترام أن يقنعونا، بعدما تفاوضوا من وراء ظهرنا على شروط حل الأزمة، أن نرضى بالتفتيش داخل أراضي وطننا للتحقق من سحب أسلحتهم النووية، وقلنا بأنه في أحسن الأحوال يمكنهم القيام بذلك من على متن سفنهم في المياه الدولية، ولكن في كوبا.. أبداً.
إننا متأكدون بأن ظروفاً أسوأ من تلك يصعب أن تتكرر.
وفي مرحلة أحدث عهداً، أظهر الشعب الكوبي بشكل راسخ قدرته على المقاومة وثقته بنفسه عندما عانت كوبا، كمحصّلة لاندثار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفييتي، انخفاض إجمالي ناتجها المحلي بنسبة 35 بالمائة، وتقلّص تجارتها الخارجية بنسبة 85 بالمائة، وفقدانها لأسواق صادراتها الأساسية، مثل السكر والنيكل والحمضيات وغيرها، التي انخفضت أسعارها بمقدار النصف، واختفاء القروض بشروط ملائمة، بما تبع ذلك من توقف للاستثمارات الحيوية الرئيسية مثل أول محطة كهرو-حرارية ومصفاة سيينفويغوس، وانهيار النقل والبناء والزراعة مع التوقف الفجائي ومرة واحدة للمؤن من قطع الغيار للتقنية والأسمدة والأعلاف والمواد الأولية للصناعات، مما أدى إلى شلل مائة بالمائة من المصانع والتدهور المفاجئ كماً ونوعاً لغذاء شعبنا وصولاً إلى ما دون المستوى اللازم. جميعنا عانينا فصول الصيف الحارّة تلك خلال النصف الأول من عقد التسعينات من القرن الماضي بانقطاعات للتيار الكهربائي تزيد مدة الواحد منها عن الاثنتي عشر ساعة بسبب انعدام الوَقود اللازم لتوليد الكهرباء؛ وبينما كان يحدث كل هذا، كانت عشرات الوكالات الصحفية الغربية، ومن دون أن يخفي بعضها بهجته، ترسل مراسليها إلى كوبا لكي تكون الأولى في نقل وقائع الهزيمة النهائية للثورة.
في خضم ذلك الوضع المأساوي، لم يُترك أحداً ومصيره وظهرت جلياً القوة التي تبعثها قوة الشعب حين يتعلق الأمر بالدفاع عن أفكار عادلة وعن إنجاز تم تحقيقه بكثير من التضحية. إنما نظام اشتراكي فحسب، وبالرغم من عيوبه ونواقصه، ما هو قادر على تجاوز امتحان عسير.
وعليه، فإنها لا تؤرقنا الطبول الراهنة للهجمة الرجعية الدولية، المنسَّقة كالعادة، من قبل الذين لا يتقبّلون الإدراك بأن هذا البلد لن ينثني، بأي طريقة كانت، وأنه يفضّل الاختفاء من الوجود قبل ذلك كما أثبتنا في عام 1962.
قبل 142 سنة فقط من اليوم، في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 1868، بدأت هذه الثورة. في ذلك الوقت كان الصراع مع استعمار أوروبي قيد الانحطاط، وهو كفاح جرت مقاطعته دائماً من قبل الإمبريالية الأمريكية حديثة الولادة التي لم تكن تريد لنا الاستقلال، إلى أن تسقط "الثمرة الناضجة" بفعل "الجاذبية الجغرافية" بين يديها. هذا ما حدث بعد ذلك الموعد بثلاثين سنة من حروب خاضها وتضحيات قدمها الشعب الكوبي.
العناصر الخارجية تقوم الآن بتبادل الأدوار فيما بينها. منذ أكثر من نصف قرن والإمبراطورية الأكثر حداثة وجبروتاً على وجه الأرض تعتدي علينا وتضايقنا بشكل متواصل، مستعينة الآن بالمقاطعة المترتبة عن "الموقف المشترك" المشين، الذي ما يزال على حاله بفضل ضغوط بعض البلدان والقوى السياسية الرجعية من الاتحاد الأوروبية بشروط متنوعة غير مقبولة.
نتساءل: لماذا؟ ونرى أنه، بكل بساطة، لأن هذه العناصر ما تزال هي نفسها ولا تتخلى عن طموحاتها القديمة في الهيمنة.
يدرك الشباب الثوري الكوبي تماماً أنه في سبيل حماية الثورة والاشتراكية، ومواصلة السير في طريق العزة والحرية ما زالت أمامهم سنوات كثيرة بعد من الكفاح والتضحيات.
في ذات الوقت، تحدّق بالبشرية تحديات هائلة، وينبغي على الشبان، في المقام الأول، مواجهتها. يتعلق الأمر بالدفاع عن بقاء الجنس البشري بحد ذاته، الذي يهدده التغير المناخي اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهو تغيّر يتسارع بفعل معايير الإنتاج والاستهلاك اللاعقلانية التي تكرّسها الرأسمالية.
نحن اليوم سبعة آلاف مليون نسمة على وجه الأرض. نصفهم من الفقراء، ألف وعشرون مليون يعانون الجوع. يجدر التساؤل: ماذا سيحدث في عام 2050، حين يصل عدد سكان العالم إلى تسعة آلاف مليون وتكون شروط الحياة على وجه الأرض قد تدهورت بشكل أكبر بعد.
المهزلة التي انتهت إليها القمة الأخيرة المنعقدة في العاصمة الدانماركية في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي هي إثبات على أن الرأسمالية بقوانين سوقها العمياء لن تقوى أبداً على حل هذه المشكلة ولا غيرها من المشكلات الكثيرة. إنما الوعي وحده وتعبئة الشعوب والإرادة السياسية عند الحكومات وتقدم المعرف العلمية والتكنولوجية ما يمكنه أن يمنع فناء الإنسان.
وفي الختام أود أن أذكر بأنه في شهر نيسان/أبريل من العام القادم يمر نصف قرن على إعلان الطابع الاشتراكي للثورة وعلى الانتصار الساحق على الغزو المرتزق في شاطئ خيرون. سنحتفل بهذين الحدثين الهامّين في كل ركن من أركان البلاد، بدءاً من باراكووا حيث حاولوا إنزال كتيبة، وحتى أقصى غربي البلاد، وسنقوم في العاصمة بمسيرة شعبية كبرى واستعراض عسكري، وفي جميع هذه النشاطات سيكون العمال، المثقفون والشباب العناصر الرئيسيون.
بعد أيام قليلة، في الأول من أيار/مايو، سيعطي شعبنا الثوري رداً ساحقاً على طول البلاد وعرضها، في الشوارع وفي الساحات العامة، على هذا التصعيد العدواني الدولي الجديد.
لا تخشى كوبا الأكاذيب ولا تركع أمام الضغوط أو الشروط أو الإملاءات، أتت من حيث أتت، إنها تدافع عن نفسها بالحقيقة، التي تفرض نفسها دائماً، عاجلاً أم آجلاً.
قبل 48 سنة من الآن، في مثل هذا اليوم، ولد اتحاد الشبيبة الشيوعية. في ذلك الرابع من نيسان/أبريل 1962 التاريخي، أكد فيدل:
"إن الإيمان بالشباب هو أن ترى فيهم، بالإضافة للحماس، أهلية؛ وبالإضافة للطاقة، مسؤولية؛ وبالإضافة للشباب، بطولة، شخصية قوية، إرادة، حب للوطن، إيمان بالوطن! حب للثورة، إيمان بالثورة، ثقة بأنفسهم! قناعة عميقة بأن الشبيبة قادرة، بأن الشبيبة كفؤة، قناعة عميقة بأنه على كاهل الشبيبة يمكن إيداع مهام كبرى".
هكذا كان الأمس، وهكذا هو اليوم، وهكذا سيكون الغد.
شكراً جزيلاً.
Fuente:
Versiones Taquigráficas - Consejo de Estado
Fecha:
04/04/2010