استراتيجية المونكادا: مقابلة للتلفزة السويدية
Autor:
بالصورة فيدل يسوق و هو ذاهب مع الصحافيين إلى معسكر الثكنة مونكادا، حيث يروي جزءا من روايته.
لأول مرة تصدر بمجلة "كوبا الدولية" مختارات واسعة للمحادثات التي أجراها فيدل كاسترو حيث يتعرض لتطوره السياسي و يدلي بتصريحات مهمة حول الأعمال التاريخية التي قادها. قام رئيس مجلس الدولة الكوبية بجولة بالمناطق الشرقية للبلد، حيث جرت الأحداث التي أدت إلى الثورة منذ أكثر من عشرين سنة. بمعسكر الثكنة السابق المونكادا، شاطئ لاس كولوراداس ، للمناطق الجبلية لرأس التوركينو و لا بلاتا، تحدث فيدل مطولا مع الصحافيين السويديين الذين كانوا يرافقونه، و هم سجلوا فيلم للحوار الذي جرى و تصدر هنا أهم نصوصه و نستذكر بهذه المجلة، و هي الأولى بالسنة، الذكرى الخامسة و العشرين للهجوم على معسكر الثكنة مونكادا.
1- الأصول
يستطيع وعي الإنسان أن يرتقي على أصل طبقته.
الصحافي: أيها القائد الأعلى، أنتم بالأمس بمزرعة سيبوني حدثتمونا عن تكوينكم الإيديولوجي، تطوركم الايديولوجي و السياسي خلال الدراسات الجامعية. كنت أريد أن أسألكم سؤالا يتعلق بالفترة السابقة لتلك الدراسات، يعني، كيف حققتم هذا التطور الإيديولوجي، كيف انتقلتم من هذه التربية التي تلقيتموها بهذا النوع من العائلة إلى تحقيق هذا التطور الإيديولوجي، لأنكم بالخطاب الذي القيتموه للمثقفين عبرتم عن عبارة قوية جدا و حية ، أن التربية البرجوازية هي بمثابة مطحنة حجرية بالكاد تطحن الإنسان عقليا للأبد. هذا لفت أنظاري كثيرا، كنا نريد أن نسألكم حول ذلك.
القائد الأعلى فيدل كاسترو روز: في الحقيقة، أصلي ...إنني ولدت بعائلة أصحاب أراضي ، و لكنها ما كانت لديها مثل هذا النسل ، ما ذا يعني ذلك؟ أبي كان فلاحا اسبانيا من عائلة متواضعة جدا و قد جاء إلى كوبا في مطلع القرن كمهاجر اسباني.
بدأ يعمل بظروف صعبة جدا . كان رجل بعيد الهمة و مقدام، بدأ يبرز إلى أن أصبح مسؤولا في أعمال مطلع القرن. بدأ يجمع بعض المال و بدأ يحصل على بعض الأراضي . يعني أنه كان ناجحا في الأعمال و أصبح يملك أراضي ، إذا أتذكر جيدا حوالي ألف هكتار. و لم يكن مثل هذا الشيء صعب جدا خلال الفترات الأولى للجمهورية . فيما بعد أجر أراضي أخرى. و عندما وولدت، وولدت في الحقيقة بأحضان عائلة يمكننا أن نطلق عليها صاحبة أراضي.
الآن، من جهة أخرى، أمي كانت فلاحة كادحة جدا و فقيرة جدا و لذلك لم تكن عندنا تقاليدلما يمكن تسميته أوليغاركية في أحضان العائلة . و مع ذلك، موضوعيا، الموقع الاجتماعي في ذلك الحين كان لعائلة لديها موارد اقتصادية كبيرة نسبيا. كانت تملك أراضي و يمكننا أن نقول أنها كانت لديها كل الامتيازات و الرفاهية لعائلة صاحبة أراضي ببلدنا.
تربيتي بالسنوات الأولى، الأشهر الأولى، نقدر نقول...أتعلم القراءة و الكتابة بمدرسة عامة في المكان الذي وولدت فيه، وسط الريف. فيما بعد أخذوني إلى سانتياغو دي كوبا و كان لدي تقريبا 5 أو 6 سنوات. كان علي أن أتعرض لوضع صعب، و تعرضت للجوع، رغم أن عائلتي كانت تبعث أموالا للبيت الذي كنت فيه بسانتياغو دي كوبا، و لكن، لظروف شتى، كنا مجموعة كبيرة نسبية من الشباب هناك و تعرضنا لوضع صعب جدا بتلك الفترة.
صحافي: يعني أنكم لم تتمتعوا بطفولة ذات امتيازات في الحقيقة.
فيدل: عندما كنت في البيت، نعم؛ لما نقلوني إلى سانتياغو، لا.يمكنني أن أقول أنني جعت، أنني عمليا أصبحت حافيا. كان ينبغي علي خياطة أحذيتي عندما تتخرب.
صحافي: هذا يفسر أشياء كثيرة.
فيدل: تعرضت لذلك الوضع عام و نيف. يمكن ألقول بأنني تعرفت على الفقر بتلك المرة.
هل يمكن أن يكون ذلك قد أثر علي؟ في الواقع لا أعلم، ل يمكنني التأكيد على ذلك. بعد ذلك دخلت... بعثوني إلى مدرسة خاصة بسانتياغو دي كوبا تحت إشراف أخوية دينية، إخوة لا سالي. هناك كنت تقريبا خمسة سنوات. فيما بعد بعثوني إلى مدرسة يسوعيين و هكذا درست الابتدائية و إلى الثانوية بمدارس من هذا النوع . كانت مدارس لعائلات ذات الامتياز نسبيا . ثمة عدة معطيات ساعدت على تطوير نوع من روح التمرد بداخليي. يمكن القول بأنني تمردت أولا ضد الظروف المجحفة السائدة في بيت العائلة الذي أخذوني إليها عندما كان عمري 5 سنوات. و حتى في نفس المدارس التي بعثوني إليها شعرت بروح التمرد ضد نوع من الإجحاف السائد بالمدرسة.
نستطيع أن نقول أنه خلال طفولتي ، تقريبا 3 مرات شعرت و كان عندي الإحساس بأمور بدت لي مجحفة و شجعت بنفسي شعور التمرد. ربما تلك العوامل ساعدت على تطوير ميزاج متمرد نسبيا و روح التمرد هذه ربما ظهرت لذلك فيما بعد بحياتي اللاحقة.
أما علاقاتي الاجتماعية لما كنت شابا ، بالإجازة، بالمدرسة، كانت تتطور مع الأطفال الفقراء جدا بالمكان الذي كنت أعيش فيه.
الصحافي: أيها القائد الأعلى، هل من الممكن التمعن بهذا الموضوع؟
فيدل: يمكنني أن أقول أنه على الرغم من الوضع الاقتصادي لعائلتي، دائما في الريف الذي وولدت فيه كانت عندي روابط بأبناء العائلات الكادحة أكثر لأنه لم تكن بعائلتي تقاليد ارستقراطية و ثالثا أن عملية طفولتي و مراهقتي أكثر من مرة جعلتني أتخذ موقف معارضة و تمرد ضد أمور كنت أعتبرها مجحفة.
رغم التربية الخاصة بتلك المدارس الخاصة، سادت أيضا بتكويننا مبادىء معينة تتعلق بالاستقامة.
الآن، ربما كان يتطور بتلك المرحلة من حياتي ميزاج، روح و لكنني لم اكتسب أي وعي سياسي. الوعي السياسي الذي ساعدني لتفسير الحياة، ساعدني لتفسير العالم، ساعدني لتفسير المجتمع، ساعدني لتفسير التاريخ، اكتسبته كطالب جامعي.خصوصا عندما بدأت أتصل بالأدب الماركسي الذي أثر علي تأثير خارق العادة، و ساعدني لفهم أمور التي لم يكن من الممكن فهمها أبدا بشكل آخر. هكذا أستطيع أن أقول أنني اكتسبت وعي السياسي بواسطة الدراسة، التحليل و الملاحظة؛ ليس بأصلي الطبقي. و لكنني لا أعتقد و لا بأي شكل من الأشكال أن الأصل الطبقي هو عامل لا يمكن تجاوزه.أعتقد أن وعي الإنسان يمكنه أن يرتقي على أصله الطبقي.
2- المونكادا
من معسكر الثكنة إلى الجبل.
اختارنا هذا المكان لأنه كان ينبغي علينا أن نبحث عن محطة لتجميع الرفاق قبل الهجوم على معسكر الثكنة مونكادا، إذن درسنا المواقع المختلفة. و خلال البحث، وجدنا هذا البيت مع مساحة صغيرة من الأراضي، كانوا يؤجرونها، إذن، بعد تحليل كل المعطيات، قررنا اختيار هذا البيت الذي كان يبعد عدة كيلومترات عن معسكر الثكنة و كان مرتبطا به بشارع يوصل مباشرة إليه.
تم تأجير البيت، و لكن كان لا بد من البحث عن تغطية حتى لا تعرف الحقيقة. و حسب الخطة التي وضعنا قدمناها كمزرعة لتربية الدواجن. لهذا ترون بعض المنشآت التي كأنها مخصصة للدواجن.، ولكن في الواقع كانت مخصصة لنخبي السيارات فيها . إذن، أجرنا البيت عدة أشهر قبل ذلك. تم تحضيره ببعض المنشآت الإضافية بحجة أنه لتربية الدواجن.
صحافي: حسب ما فهمت كان قريبا لبيت أحد العسكريين لباتيستا، مما يقلل بشكل ما أي شبهة.
فيدل: ممكن. ولكن، لم يكن هذا العامل الأساسي، و إنما أنه كان معزولا و بالطريق الذي كان يؤدي مباشرة إلى مواقع قريبة من معسكر الثكنة. و كان من الأماكن المتوفرة. لم يكن من السهل إيجاد بيت.
إذا هذا البيت سمح أولا بتجميع الأسلحة و أخيرا بتجميع الرفاق . كان لا بد من العمل بظروف السرية. و لهذا كان لا بد من اتخاذ جميع الإجراءات . و كان هناك حتى جار يعيش هناك، أمام هذا البيت، فلاح. و أصبحت هناك صداقة معه و كل شيء، و هو لم يتصور أن البيت كان لديه غرض ثوري. كان هناك رفيق من الحركة يعيش بسانتياغو دي كوبا، كان الوحيد من سانتياغو دي كوبا، لأننا ما كنا نريد تجنيد رفاق من سانتياغو لتقليل مخاطر عدم كتمان السر . لذلك كان لدينا كادر فقط من سانتياغو و هو ساعد على تأجير هذا البيت. فيما بعد جاء إلى هذا البيت أحد زعماء الحركة و أقام هنا بسانتياغو دي كوبا . و خلال عدة أسابيع كنا نجمع الأسلحة هنا .
صحافي: و لكن لا أحد من المهاجمين كان يعرف في الحقيقة الهدف حتى اللحظة الأخيرة.
فيدل: لا ، قيادة الحركة نعم، مجموعة من ثلاثة رفاق الذين ينتمون إلى نوع من الهيئة التنفيذية لقيادة الحركة. و الرفيق من سانتياغو كان لديه أيضا فكرة عن الهدف.و قد عطيت له تعليمات بالمراقبة على معسكر الثكنة و القيام باستكشاف حوله.
صحافي:انطلقت من هنا السيارات التي ذهبت للهجوم على معسكر الثكنة مونكادا.
من هنا، نعم. و تجمعت الأسلحة هنا . يوم 26 يوليو/ تموز كان يوم الأحد. و منذ يوم السبت في الليل كانوا يتجمعون هنا بهذا البيت.
الصحافي: هل المسافة هي نفسها؟
فيدل: إن المسافة هي لعدة كيلومترات ، لا أتذكر الآن تماما كم هي. هذا الشارع يوصل إلى أوتستراد يؤدي إلى معسكر الثكنة ، تكتيكيا كان أفضل مكان للقيام بهذه العملية. هنا كان هذا يموه بحجة إقامة مزرعة دواجن بهذا المكان. و في الواقع صدق الجميع أن هناك مزرعة دواجن، على الأقل الجيران القلائل الذين هم أمام البيت. ما زال يعيش هناك الجار الذي كان مقيما أمام البيت في ذلك الحين.
كانت هناك عدة أشجار للمنغا. لا أعرف إذا زرعوا بعضها فيما بعد. و لكن، بصفة عامة كان هذا الجو السائد في البيت.
صحافي: و لكنه لم يجري أي تدريب هنا، و إنما تجمعوا هنا فقط.
فيدل: لم يكن من الممكن القيام بتدريب هنا لأنه أمر لو حصل لأخضعهم لمخاطر ؛ إننا قمنا بالتدريب في هافانا. كانوا يجمعون الأسلحة فقط هنا و كان هناك شخص فقط في سانتياغو دي كوبا يعرف عن هذا البيت. رغم أن سانتياغو دي كوبا متمردة جدا و ثورية جدا لم نجند أحد من سانتياغو للمشاركة في هجوم و هذا للحفاظ على سرية الخطة.
صحافي: رغم كل شيء، هذا من الأمور المثيرة أكثر للإعجاب لدى الحركة، و التي يعكس عنها الآن التاريخ، كيف كان من الممكن بقاء تلك المنظمة السرية في ظل نظام بمثل هذا القمع ، منظمة كبيرة مثل هذه.
فيدل: كان صعبا جدا، في الحقيقة كان صعبا ففي ذلك العصر لم يكن عند الثوار منظمة و لا خبرة عسكرية .
صحافي: و لكنها أصبحت موجودة ب26 تموز/ يوليو .
فيدل: طيب، نحن...كان هناك العديد من الناس يتنظمون بتلك الفترة. أعتقد أن منظمتنا في ذلك العصر جند عدد أكبر من المقاتلين مما جندتهم باقية المنظمات. علاوة على ذلك كانت مجموعة عاقلة جدا و تلتزم بكتمان السر، ليس فحسب لنوعية أعضائها، بل و إنما كذلك لوسيلة التنظيم التي كنا نتبعها. كنا منظمين بالخلايا. لا أحد كان يتصل بغيره و لم يكن هناك اتصال بين الخلايا . كانت مجموعة القيادة أصحاب ثقة كبيرة. كنا نتقيد بأحكام السرية، لأنه، بتلك الفترة كانت هناك ثوريون كثيرون و كانوا يحكون و يتحدثون.لم يكتموا السرية.تقريبا كلما كان يتم القيام به ضد باتيستا كان يعرف.
صحافي: و كل هذا الاستيراد للأسلحة من قبل أصحاب بريو و كلما كانوا يفعلونه؟
فيدل: نعم، لأن أصحاب بريو كانت لديهم أموال ، و نحن لم تكن لدينا مال. و لذلك، كان ينبغي علينا أن نتصرف بعناية فائقة.هم كانوا يعملون دعاية بالأسلحة، كانوا يصنعون السياسة بالأسلحة.
صحافي: و أنتم لم تحصلوا على تلك الأسلحة؟
فيدل:في الواقع، حاولنا الحصول على القليل منها.قمنا بالتسلل بمنظمتهم. كان لدينا 360 رجل تسلل بمنظمتهم بهدف محاولة الحصول على الأسلحة.و لكن على ما يبدو كانت ختطنا طماعة جدا و في لحظة ما اشتبهوا منهم قليلا.
صحافي: و لكن كل الأسلحة التي كانت شرطة باتيستا تعثر عليها كانت...
فيدل: كانت أسلحتهم، من الحكومة السابقة، التي كانت تمتلك أموال كثيرة لأنها كانت تسرق كثيرا.
صحافي: كانت أسلحة موضوعة من قبلهم،و ببعض الأحيان من قبل الشرطة ، باكتات مع...
فيدل:لا، حسب رأي لا. إن قيادات الأحزاب السياسية التقليدية، و الحكومة التي كانت تستولي على السلطة و أزاحها باتيستا كانت لديها كميات كبيرة من المال. اشتروا الأسلحة، ادخلتها في البلد بطرق مبدعة جدا و جاؤوا بها . لم تؤيدهم الجماهير، لم يكن لديهم مقاتلون، كان لديهم مال، كانت لديهم أسلحة و لكن لم يكن لديهم رجال . و كانوا يحاولون بذل الجهود لتجنيد ناس من الشعب . و في تلك المرحلة حاولنا تسلل بعض الرفاق في منظمتهم بهدف الحصول على الأسلحة.
صحافي: و لكن الحركة كانت لديها عدد كبير من الأعضاء بتلك الفترة.
فيدل: طيب، نحن دربنا أكثر من ألف رجل. في ذلك العصر كان لدينا حوالي ألف و مائتين رجل.
صحافي: إلى جانب المدربين كانت المنظمة كبيرة جدا؟
فيدل: لم تكن كبيرة جدا رغم أن القاعدة كانت قاعدة معارضة و حقد لنظام باتيستا. ولكن المناضلين، الرجال المنظمين و المدربين كانوا حوالي ألف و مائتين رجل لأنه كانت هناك معارضة واسعة جدا لحكومة باتيستا. العديد منهم أصلهم أرثوذكسي، العديد من مقاتلي المونكادا، و لكن أصلهم كادح جدا، يعني أنها كانت منظمة على هامش تلك الأحزاب السياسية. أنا اخترت الناس من القطاعات الكادحة بشكل رئيسي،تم اختيار رفاقنا من القطاعات الكادحة للشعب، بين الذين كان موقفهم معارض لباتيستا.
صحافي: كنت أفكر أن العديد من مناضلي الحركة كانوا بالأرثوذكسية
فيدل: كانوا من الأرثوذكسية لأنه كان حزبا شعبيا لديه سمعة و نفوذ لدى الشعب و لكنه غير متجانس. كان الحزب الأرثوذكسي يتكون من الكادحين بشكل رئيسي، عمال، فلاحين و من البرجوازية الصغيرة. بذلك العصر كانت القيادة العليا لذلك الحزب بأيدي الطبقة المسيطرة في الحقيقة.
صحافي: و شبيبة الحزب الذي كنت تنتمي إليه...
فيدل: كانت هناك شبيبة بروح قتالية، و لكن القيادات الرسمية للحزب كانت أكثر أو أقل ملتزمة لا أقول بموقف طبقي، و إنما كانت تتلاءم بالنظام، نقدر نقول ذلك. أنا أنظم شبيبة ذلك الحزب، و لكن بشكل منفصل عن الرسمية. إنني قمت بعمل مع الشباب بالقاعدة بشكل رئيسي، الذين أصلهم كادح، من الشعب. لم تكن بمنظمتنا زعماء رسميين لذلك الحزب. كان عمل سياسي-ايديولوجي، لأنه تم...
فيدل: نعم، كان عمل سياسي-ايديولوجي.
صحافي: ولكن، لم يجر الحديث بعد عن أفكار اشتراكية بذلك العصر.
فيدل: لم يجر الحديث عن الاشتراكية بعد. في ذلك العصر نقدر نقول أن الهدف الرئيسي للشعب كان إسقاط باتيستا.و لكن الأصل الاجتماعي لجميع أولائك الناس الذين جندناهم كان يسهل تعليمهم المذهب السياسي.
على الأقل المجموعة، المجموعة الصغيرة التي عملت في تنظيم الحركة، كانت لديهم أفكار متقدمة جدا. كانت لدينا دورات الماركسية، و مجموعة القيادة، خلال كل تلك الفترة كنا ندرس الماركسية. و يمكننا أن نقول أن أهم زعماء المنظمة كانوا قد أصبحوا ماركسيين.
بالمفهوم الماركسي.
صحافي: بعد موت أو انتحار شيباس، كان يتأزم، لنقول، الفرق ما بين قيادة الحزب و الشبيبة.
فيدل: أستطيع أن أقول ما يلي:شيباس كان زعيما ذو كاريزما،كان يحظي بتأييد شعبي كبير ، و لكنه لم يتميز ببرنامج إصلاحات اجتماعية عميقة . كان برنامجه يقتصر في ذلك العصر على عدة إجراءات قومية أمام الاحتكارات اليانكية و بشكل رئيسي إجراءات ضد الفساد الإداري، ضد السرقات. كان برنامجه دستوري و كان يجري النضال من أجل الاستقامة العامة. كان بعيدا عن الاشتراكية.
يمكننا أن نشير إلى أن ذلك البرنامج كان يتطابق و طموحات البرجوازية الصغيرة ، التي كانت قد أصبحت لديها تناقضات مع الامبريالية، و كانت تتأثر بالاستغلال المستطرد الذي تمارسها الاحتكارات الموجودة بالبلد و كانت رايتها الرئيسية النضال ضد الفساد العام، ضد الاختلاس. و لكن، بجماهير ذلك الحزب كان هناك اليسار. يمكننا أن نقول أننا كنا يسار ذالك الحزب. لم تكن المجموعة كبيرة جدا، و لكنها كانت متكونة من رفاق من الجامعة و فيها كان بإمكانهم الاتصال بالأفكار الاشتراكية، بالماركسية الينينية، و كنا قد اكتسبنا وعي سياسي متقدم أكثر، كثيرا.
بشكل أنه عندما يتوفى شيباس،كان هناك حزب جماهيري كبير دون قيادة . القيادة كانت إصلاحية. و بتلك الجماهير كانت هناك مجموعة لديها أفكار متقدمة أكثر بكثير. بكلمتين: أنا بذلك العصر،بنهاية الدراسة الجامعية كان قد أصبح عندي مفهوم ماركسي للسياسة. خلال الدراسة بالجامعة ، جعلتني معرفة الأفكار الماركسية أكتسب وعي ثوري. و انطلاقا من تلك اللحظة كل الإستراتيجية التي وضعتها سياسيا كانت تدخل في إطار المفهوم الماركسي.
عندما جرى انقلاب 10 آذار/مارس كان لدي تكوين ماركسي. و لكننا نجد وضع بلد تعرض لانقلاب، حيث الحزب الذي يحظي بأوسع قاعدة شعبية ، قيادته سيئة، دون توجيه.أنا كانت عندي فكرة ثورية عملية،محددة، منذ ما قبل انقلاب 10 آذار/مارس.
الصحافي: و الحزب الاشتراكي الشعبي، هل كانت لديه إستراتيجية؟
فيدل: كان الحزب الاشتراكي صغيرا، نسبيا صغيرا؛ بالنسبة إلى أمريكا اللاتينية كان حزبا كبيرا، و لكنه كان معزولا جدا. بتلك الظروف، كل عصر الماكرتية، العداء للشيوعية، تمت محاصرة الحزب الشيوعي. إنني لم أكن مناضلا بالحزب الشيوعي، لأنه، حسب تربيتي، لأصلي الطبقي... أنا أصل إلى الجامعة و أكتسب الوعي الثوري فيها، ، و لكن بتلك الفترة أصبح عندي موقع بحزب ليس ماركسيا، و إنما شعوبيا أنا أرى أن ذلك الحزب كان لديه قوة سياسية جماهيرية كبيرة و بدأ يضع إستراتيجية لإيصال الجماهير إلى موقف ثوري منذ ما قبل انقلاب 10 آذار/مارس. كان عندي فكرة واضحة، لا بد من صناعة الثورة عن طريق الاستيلاء على السلطة و لا بد من الاستيلاء على السلطة بشكل ثوري. في ذلك العصر، قبل الانقلاب، أنا أكتسب هذه القناعة. بطبيعة الحال، قبل الانقلاب الإستراتيجية التي وضعتها أنا شخصيا كانت تتطابق و تلك الظروف. كان ذلك العصر سياسي، برلماني . إذن أنا أصبحت داخل الحركة. الأفكار الأولى للثورة، كنت أرى حتى إمكانية انطلاقها من البرلمنت،ليس لصناعة الثورة من خلال البرلمنت. كنت أفكر بالاعتماد على البرلمنت لاقتراح برنامج ثوري.
صحافي: لهذا قدمتم ترشيحكم؟
فيدل: كنت أفكر بالذات بالاعتماد على البرلمنت لاقتراح برنامج ثوري و بالالتفاف حول هذا البرنامج تعبئة الجماهير و السير نحو الاستيلاء الثوري على السلطة. منذ ذلك الحين لم أكن أفكر بالدروب التقليدية، منذ ما قبل 10 آذار/مارس.
مع أبيل سانتاماريا و شباب شجعان آخرين الذين سوف يشتركون في الهجوم التاريخي على معسكر الثكنة مونكادا.
لما جرى الانقلاب كان لا بد من تغيير كل تلك الإستراتيجية. لم يعد هناك حاجة إلى الاعتماد على الدروب الدستورية.
صحافي:و لكن انقلاب 10 آذار /مارس لم يحصل لتجنب الثورة، و إنما لتجنب الاستيلاء على السلطة من قبل الحركة الإصلاحية بكوبا أو من قبل حزب تقدمي تقريبا أو...؟
فيدل: يبدو لي أن انقلاب 10 آذار/ مارس يحصل للحيلولة دون انتصار حزب تقدمي، و لكننا نقدر نقول أنه تاريخيا أوجدوا الظروف لتطوير حركة ثورية. ها هي الحقيقة. هم يحاولون الحيلولة دون تطوير حركة تقدمية نقدر نقول أنهم تاريخيا أوجدوا الظروف لتطوير حركة ثورية. ولكن بظروف كوبا، أعتقد أنه كان ممكن حتى ترويج الثورة حتى قبل 10 آذار/مارس.
قبل 10 آذار/مارس أنا كنت شيوعيا، و لكن الشعب لم يكن بعد شيوعيا.لم تستجيب الجماهير الكبيرة لتفكير سياسي جدري و إنما كانت تستجيب لتفكير سياسي تقدمي، إصلاحي،و لكنه لم يكن بعد تفكير شيوعي.
صحافي: علاوة على ذلك كانت تؤثر على ذلك مشكلة العداء للشيوعية ،الماكارتية.
فيدل: كثيرا، كثيرا، لأننا كنا مستعمرة اقتصادية و كذلك اديولوجية للولايات المتحدة.و لكنني اكتسبت ذلك الوعي كطالب جامعي.
أسلحة بالقرض
الصحافي:أيها القائد الأعلى، هل ركبتم بهذا المكان بالذات السيارات التي ذهبتم فيها؟
فيدل: هناك بئر حيث كنا نحتفظ بالأسلحة، لأننا حصلنا عليها من دكاكين و مخازن الأسلحة و هي أسلحة للصيد : بنادق 22 ، عيار 22 و أسلحة للصيد،لصيد البط و الحمام، و لكنها لم تكن غير مؤذية . إننا اشترينا عدد كبير من بنادق الصيد و حصلنا على الدخائر ليس لصيد البط و إنما الأيل و الخنزير البري. يعني أنها كأسلحة لم تكن غير مؤذية في الحقيقة. و لكن باتيستا كان يشعر بالاطمئنان إلى حد الذي كانت دكاكين الأسلحة مفتوحة . هم كانوا يشعرون مطمئنين جدا بسلطتهم العسكرية.
صحافي: و لكن لم تكن هناك أسلحة حربية .
فيدل: لا، لم تكن هناك أسلحة حربية.و لكننا على الأقل استطعنا أن نحصل على أسلحة فعالة.حصلنا عليها شرعيا، شرعيا حصلنا على أسلحتنا. كان لدينا رفاق يلبسون كالصيادين، كالبرجوازية ، كانت لديهم هوياتهم،و هم اشتروها في دكاكين الأسلحة.
يجب أن نقول أن العمل كان فعالا جدا ، ومخازن الأسلحة أعطتنا قرضا و الأسلحة الأخيرة اشتريناها تقريبا كلها بالقرض.
الصحافي: و بعد ذلك وضعتموها هنا بالبئر.
فيدل : أغلبيتنا وصلت إلى هنا يوم الجمعة، يوم قبل 26 تموز/ يوليو. اشترينا الجزء الأكبر من الأسلحة و انتقلوا إلى هنا بالحافلة أو بالقطار. أسلحة حربية بالذات كانت لدينا 3 أو 4 بنادق . أسلحتنا كانت بنادق أعيار 22 أو 12 ، بنادق صيد أوتوماتيكية. و رشاشة واحدة، م-3 كانت تستخدم للتدريب في الجامعة، لأننا استخدمنا كثيرا الجامعة لتدريب الناس.
الصحافي: و لكن، كان عليكم أن تخرجوا من هنا ، في لحظة ما، لم أفهم.
فيدل: بذلك العصر كان هناك تنافس كبير ما بين المنظمات الشبابية. كان العديد من الشباب يفكرون أنهم وريثو التقاليد الثورية، ولكن حركتنا كانت قد كسبت تأييد عدة كوادر جامعية و هم أعطونا فرصة لتدريب رفاقنا بالجامعة. خاصة بيدرو ميريت، الذي هو اليوم عضو المكتب السياسي و كان مسؤولا عن التدريب بالجامعة. هم كانوا يدربون الجميع و لكننا حققنا الانتماء إلينا لأولئك الرفاق الذين كانوا يعملون هناك، خاصة بيدرو ميريت و استخدمنا الجامعة لتدريب رفاقنا الذين لم يكونوا جامعيين و إنما كان أصلهم شعبي.
الصحافي: أيها القائد الأعلى، إذن، خرجتم من هنا؟
فيدل: هنا جمعنا الأسلحة و هنا تجمع الرفاق الذين هاجوا على معسكر الثكنة مونكادا. مائة و خمسة و ثلاثين رجل اجتمعوا هنا بفجر يوم 26 تموز/ يوليو، بينما كانت مجموعة أخرى بمنطقة بايامو. لأننا عسكريا كنا نفكر بالاستيلاء على المونكادا و بايامو حتى تصبح لدينا طليعة منظمة بالقيادة الرئيسية للهجوم المضاد المحتمل ضد باتيستا.
صحافي: أيها القائد الأعلى، ولكن، استراتيجية المونكادا كانت الاستيلاء على هذا المعسكر لتسليح الشعب فيما بعد و مواصلة الحرب؟
فيدل: نحن كنا نفكر بالحصول على أسلحة المعسكر، كنا نفكر بدعوة الشعب إلى الإضراب العام، انطلاقا من وضع السخط و الحقد تجاه باتيستا و كنا نفكر بالاعتماد على المحطات الوطنية للإذاعة للدعوة إلى الإضراب العام.إذا لم يتحقق تعطيل البلد كان هدفنا الذهاب إلى الجبال لخوض حرب غير نظامية في الجبال.
صدف التاريخ.
صحافي:يعني أنكم كان لديكم خطة للحركة الفدائية.
فيدل: كان لدينا خياران.أحدهما محاولة تحقيق الانتفاضة الوطنية لإسقاط باتيستا. و إذا لم تتحقق الانتفاضة الوطنية أو بحالة رد باتيستا بقوات متفوقة علينا و الهجوم علينا بسانتياغو دي كوبا، كانت فكرتنا بأسلحة معسكر الثكنة مونكادا، الذهاب إلى الجبال و خوض الحرب غير النظامية بالجبال. و كان هذا بالضبط ما فعلناه بعد ثلاثة سنوات. إن الإستراتيجية التي وضعناها للمونكادا هي التي أوصلتنا إلى الانتصار فيما بعد، أما بالمرة الثانية لم نبدأ بالمونكادا ، بل بجبال سيرا مايسترا. خضنا الحرب بجبال سيرا مايسترا و في النهاية قضينا على باتيستا بنفس هذه الإستراتيجية بالجوهر.
بحيث أن إستراتيجية المونكادا هي التي اتخذناها – بصفة عامة - و فيما بعد اسقطنا باتيستا اعتمادا عليها .و لكن هذا لم يحدث بتلك اللحظة.
الآن أنا مقتنع بأننا لو استطعنا الاستيلاء على معسكر الثكنة و الحصول على الأسلحة و لو بدأنا الحرب ضد باتيستا آنذاك لقضينا عليه سابقا، و لكن لا بد من رؤية توازن القوى في عام 1953...
أعتقد أننا لو قضينا على باتيستا في عام 1953، لأحبطتنا الامبريالية، لأنه ما بين 1953 و 1959 جرى هناك تغير مهم جدا في توازن القوى في العالم.
صحافي:كانت الحرب الباردة لا تزال بأوجها.
فيدل: و كانت الدولة السوفيتية لا تزال ضعيفة نسبيا. و يجب أن نرى أن الدولة السوفيتية ساعدتنا بشكل حاسم. لم تكن تستطع أن تقم بذلك بعام 1953. هذا هو رأي.
يعني، أننا لو انتصرنا بعام 1953 لافشلت ذلك الامبريالية. فيما بعد. و لكن، ست سنوات بعد ذلك كانت اللحظة بالذات، بالضبط ، التي كان يسمح لنا توازن القوى فيها بالبقاء.ربما لم نستطيع أن نبق بعام 1953 ، لو كنا انتصرنا .
صحافي:لكنتم تجذرتم
فيدل: ولكننا انتصرنا بعام 1959 و كانت هناك فرصة للبقاء.ها هو تقديري.
صحافي: فرصة.
فيدل: نعم، نعم، فرصة.
صحافي: هذه عبارة ذات مغزى، أن تقولوا أنتم فرصة، لأنها في الحقيقة كانت ضيقة جدا ل...
فيدل: ماذا كنا نستطيع أن نفعله بعام 1953
. لو كنا انتصرنا لطبقنا البرنامج الثوري الذي كنا نؤمن به، و هذا البرنامج، لو طبق لأدى إلى الهجوم الامبريالي علينا و الذي لأدى إلى إسقاطنا. بحيث أن الثورة لو انتصرت بعام 1953 لم تستطع البقاء ، ها هي صدف التاريخ.
عامل المفاجأة
صحافي: طيب، أيها القائد الأعلى، نواصل معكم؟
فيدل: نفعل ما تريدونه. هل تريدون رؤية الأسلحة هنا؟ تعالى. ها هي البندقية م-1 ، سلاح حرب الوحيد الذي كان يتوفر لدينا.
خطاب الزعيم الطلابي
هنا تم اختيار مجموعة من الأسلحة التي كنا نستخدمها. هذا سلاح الحرب الوحيد الذي كان لدينا، م-1، كان ملكا للجامعة. كنا نتدرب هناك، بالجامعة مع هذه البندقية. كانت لدينا ثلاثة بنادق مثل هذه. و لكن هذه البندقية، هي من عصر بوفالو بيل تقريبا، بندقية 44. أغلبية أسلحتنا كانت من هذا النوع، بنادق للصيد، عيار 12، عيار16 و بنادق22 مم. بهذه الأسلحة... هذه اشتريناها كلها بدكاكين الأسلحة. يمكننا أن نقول أنها كانت أسلحة فعالة، كانت بنادق أوتوماتيكية.و هذه كذلك كانت أوتوماتيكية كانت لديها دخائر خاصة اشتريناها. و اعتقد أنها أسلحة فعالة، إلى حد اليوم هي أسلحة فعالة.
طبعا، لم يكن لدينا أي بازوك، و لا مدفع مضاد للدبابات، و لا هاونات. لكان أفضل لو كان لدينا كل ذلك . و لكنه كان لدينا تلك الأسلحة بذلك العصر و تلك هي الأسلحة التي حضرنا بها الهجوم على معسكر الثكنة مونكادا.
أمر آخر. كنا قد حصلنا على بدلات الجيش، كل بدلاتنا كانت بدلات الجيش و كنا حصلنا عليها عن طريق رفيق لنا كان بجيش باتيستا، إذن 135 رجل كانت لديهم بدلات الجيش.
عامل المفاجأة كان العامل الحاسم بالعملية بهذه الأسلحة و بهذه البدلات للجيش.
كنا نذهب للاستيلاء على القلعة العسكرية الثانية من جيش باتيستا و كان فيها أكثر من ألف رجل. و كان من الممكن الاستيلاء عليها، حتى اليوم أفكر أنها لم تكن خطة سيئة، كانت خطة جيدة.
صحافي:كانت المشكلة انحراف القوة الأخرى.
فيدل:المشكلة الأساسية هي أنه بمناسبة الكارنافال، و نحن كنا قد خططنا عمليتنا خلال الكارنافال من أجل تعبئة قواتنا بشكل أفضل، بتلك الأيام بالذات عززوا الحراسة، و وضعوا حراسة قوزاقية حول الفرقة ، الأمر الذي عقد الأوضاع نهائيا حدث اصطدامنا بالحرس القوزاقي و قد وضعوهم حول معسكر الثكنة و بالشارع الرئيسي الذي كنا فيه . و حدثت معركة خارج الثكنة . لو لم يحدث ذلك لكنا استطعنا الاستيلاء على الثكنة تماما.
صحافي: يمكن التقاط صورة هناك.
فيدل: بهذا البئر خبأنا الأسلحة، و على هذا البئر أبيل سانتا ماريا و هو الرفيق الذي كان مسؤولا عن البيت، وضع هذه الخابية و وضع التراب فيها و زرع شجرة . يعني أن أسلحتنا كانت تحت شجرة انزرعت هنا و هكذا كان كل شيء بيوم 26 تموز/يوليو، أزلنا الشجرة و الخابية و أخرجنا الأسلحة ( تواصل المقابلة بينما فيدل يسوق الجيب نحو معسكر الثكنة مونكادا)
صحافي: كم سيارات كانت؟
فيدل: كان المجموع...خرجت أولا السيارات مع الرفاق الذين سوف يقومون بالاستيلاء على المستشفى المدني؛ كانت ثلاثة. فيما بعد السيارات التي فيها الرفاق الذين سيقومون بالاستيلاء على قاعة الجلسات القانونية ؛ كانت سيارتان و فيما بعد كانت تذهب معي السيارات التي تذهب للاستيلاء على الثكنة ، و كانت حوالي 14 التي سيارة تذهب معي . كان معي حوالي 90 رجل للاستيلاء على الثكنة.
صحافي: إذن كان هناك عدد من الرفاق لديهم أهداف أخرى؟
فيدل: نعم، 35 كانت مهمتهم الاستيلاء على المستشفى المدني و قاعة الجلسات القانونية، للاحاطة بالثكنة.
صحافي: /إذا ما هي مهمة أخيكم ، راؤول؟
فيدل: راؤول كان يذهب للاستيلاء على المستشفى المدني، ليس المستشفى المدني و إنما قاعة الجلسات القانونية بسانتياغو دي كوبا ، التي تحيط بالثكنة. و أبيل كان ذاهبا إلى المستشفى المدني . أنا بعثت المسؤول الثاني، الذي كان أبيل إلى المستشفى المدني ، حتى لا تبقى المجموعة دون قيادة في حال قتلي. تفهم؟ و راؤول كان يذهب إلى قاعة الجلسات القانونية . أي أننا كنا سنستولي على العمارات المحيطة بالثكنة بالتزامن مع الهجوم على الثكنة.
و تتصور أننا كنا نذهب من هنا متوترين، بهذا الطريق، ولكن بعزيمة كبيرة. بالتأكيد لم يكن لدينا أي شك بانتصارنا. . أصعب شيء حتى تلك اللحظة كان قد تحقق، أي تنظيم الرجال، تدريبهم، الحصول على الأسلحة و تحضير الهجوم.
صحافي: طبعا، دون الوقوع بالقمع.
فيدل: طبعا.
صحافي: و هذا الجبل، أمامنا ، هي الحجرة الكبيرة؟ هل هذا المكان الذي ذهبتم إليه فيما بعد؟
فيدل: عدنا فيما بعد إلى هنا، إلى البيت، في محاولة لإعادة تنظيم الناس، و بمجموعة 10 إو 12 رجل ذهبنا إلى الجبال. و لكن أسلحتنا، التي كانت جيدة للكفاح في الثكنة، لم تكن جيدة للكفاح في الجبال.
صحافي. أ لم يكن مداها طويل؟
فيدل: كان مداها قصير جدا.
صحافي: أتصور أن الصورة كانت مختلفة تماما، لأنه لم تكن مواشي هناك.
فيدل: لا، كل هذا جديد. إذا تريدون ، حافظوا على مواد التسجيل إلى أن نصل إلى هناك.
صحافي: نعم، نعم، المواد متوفرة.
فيدل: كان بهذا الجسر. الحادث المهم الوحيد هو أن هذا الشارع ضيق و عندما كنا نسير كانت تأتي سيارة و توقفنا و كان علينا أن ننتظر حتى تمر.و واصلنا السير من هنا.
مثلما ترون كان البيت قريبا من الثكنة . هنا لفينا للدخول بمعسكر الثكنة.
صحافي: بمناسبة الهجوم ، واصلتم السير نحو الأمام؟
فيدل: من هنا، واصلنا السير من هنا.(يصل فيدل و الصحافيون إلى معسكر الثكنة مونكادا، حيث الحديث يستمر)إذن سأقول لكم أين تحدث الأزمة؛ الأزمة تحدث هنا . لماذا؟ لأن الحرس القوزاقية كانت تأتي إلى هنا بهذا الاتجاه، نجدها هنا. ؛ و لكنه مرت سيارة أمامنا و هي التي كانت عليها خلع أسلحة حرس محطة الحراسة . وصلت تلك السيارة و أخذت أسلحتهم. كانت تلك السيارة تسبقنا بمائة متر . ولكن الحرس القوزاقية رأت السيارة تخلع أسلحتهم و أصبحت في حالة استنفار .
في مزرعة سيبوني، حيث تجمع المهاجمون على معسكر الثكنة مونكادا منذ 25 سنة ، فيدل يرد على أسئلة الصحافيين.
كانت الحرس القوزاقية جنبي و أنا كنت أخذ المسدس لأعتقل الحرس القوزاقية. و تدرك الحرس القوزاقية أننا هناك و ستطلق النار و أنا أندفع بالسيارة نحوهم . كان هنا في هذا المكان بالضبط .تنسحب الحرس القوزاقية، أنا أنزل من السيارة بعدما عملت بعض الحركات لأنني كنت أسوق هنا و أخرج المسدس. إذن، عندما أوقفت السيارة ، فكر الرفاق بالسيارات ورائي أننا بالثكنة ، نزلوا من السيارات و هاجموا على هذا المكان . إذن كان ينبغي علي أن أنزل حتى أخرج الناس من هذه العمارة لمواصلة الهجوم، و لكننا أتأخر 5 أو 6 دقائق بذلك. عندما نركب السيارة مرة أخرى، هناك سيارة تقدمت، تأخرت و اصطدمت بسيارتي. و كانـت النتيجة أن المعركة بدأت تجرى خارج معسكر الثكنة، و كانت على المعركة أن تجري داخله.
صحافي: إذن جرت تعبئة معسكر الثكنة
فيدل: أصبحت إذن الفرقة في حالة التعبئة و نظمت دفاعاتها. و هذا يحول دون...لأنه في الحقيقة الحرس القوزاقية كان شيئا جديدا، وضعوها بمناسبة الكارنافال. إن الخطة في الحقيقة... سأقول لكم...لا أعرف إذا يمكننا أن نمشي من هنا، أعتقد أنه لم تكن أشجار هنا بذلك العصر. كان يبدأ الهجوم هناك، هناك.
صحافي: كان يجب أن يبدأ هناك.
فيدل:كان يجب أن يبدأ كل شيء هناك عندما نلف على محطة الحراسة. ولكنه جرى اللقاء مع الحرس القوزاقية، كان لدي في الحقيقة غرضان، واحد حماية الذين استولوا على محطة الحراسة و ثانيا أن نأخذ الأسلحة من الحرس القوزاقية.أعتقد أننا لو واصلنا السير دونما نبالي بمحطة الحراسة لتم الاستيلاء على معسكر الثكنة.
صحافي: في تلك اللحظات.
فيدل: نعم، نعم، كنا فاجأناه ؛لأنه لو رأىسيارة بالأمام، واحدة وراء وأخرى وراؤها ، لم تكن تطلق النار الحرس القوزاقية. اليوم أدرك ذلك، ولكن في ذلك الحين حاولت حماية الذين استولوا على محطة الحراسة و حاولت أخذ أسلحة الحرس القوزاقية. و نتيجة لذلك تحدث المعركة خارج معسكر الثكنة ؛ و الناس الذين لم يكونوا يعرفون بشكل جيد معسكر الثكنة يهاجمون على جميع تلك الأماكن. و كان على أن أقوم بإعادة تنظيم الرفاق للقاء. عندما راح ندخل بمعسكر الثكنة تجري حادثة سيارة تصطدم بسيارتي.
صحافي: لأن رفاقكم لم يعرفوا سانتياغو في الحقيقة.
فيدال : هم ما كانوا يعرفوها، كان عليهم أن يتوقفوا حيث أقف.و لكن في الحقيقة بذلك الحين ، عندما أرى أن الحرس القوزاقية ستطلق النار على رفاقي بمعسكر الثكنة حاولت حمايتهم و ذهبت لاعتقالهم . هم يروننا، راح يطلقوا النار و أنا أندفع بالسيارة عليهم و أصبح هناك إطلاق النار و هذا يحصل خارج معسكر الثكنة.
صحافي: إذا كانت هذا أخطر حادث.
فيدل: كان هذا الأخطر، لو لا ذلك الحادث مع الحرس القوزاقية لتم الاستيلاء على معسكر الثكنة لأن المفاجأة كانت كاملة. كانت خطة جيدة.و لو كانت هناك حاجة إلى وضع خطة بالخبرة المكتسبة، لكانت الخطة تقريبا كما هي. يعني أنه جرى حادث أثر على جميع الخطة، ها هي الحقيقة. يفشل الاستيلاء على معسكر الثكنة للقاء مع الحرس القوزاقية، كان ينبغي علينا مواصلة السير.
صحافي: لماذا أطلقت عليها اسم الحرس القوزاقية.
فيدل: أطلقت هكذا على الحرس الذين يتجولون حول معسكر الثكنة ، كانوا يذهبون إلى الطريق الرئيسي الواسع و يرجعون. وضعوها بمناسبة الكارنافال، يعني أن ذلك لم يكن متوقعا ، هذا الحرس. على ما يبدو وضعوها بمناسبة الكانافال لتجنب حوادث ذات الأهمية القليلة. لم يشتبهوا و لم يتصوروا أن معسكر الثكنة سيتم الهجوم عليه. ، ولكنهم وضعوا هذا الحرس بمناسبة الكارنافال بسانتياغو ، سابقا ما كان لديهم هذا الحرس، وضعوها بتلك الأيام.
صحافي: من جهة أخرى كان الكارنافال يشكل عامل لصالحكم.
فيدل: كان يساعدنا لأنه كان يسهل الحركة بأقل شبهة ، ينعي أن الكارنافال ساعدنا ولكن من جهة أخرى ، بسبب الكارنافال وضعوا هذا الحرس الإضافي غير الموجود عادة و يجري هذا الصدام معنا على 80 متر من الدخول بمعسكر الثكنة. لو لا ذلك لنزل الجميع هنا من السيارات و لتم الاستيلاء على معسكر الثكنة و كنا لا بسين كالجنود و إذا يتم الاستيلاء على الحرس، يتخندقون هنا ، المشكلة أنهم يقومون بتعبئة الفرقة ؛ لو لا ذلك لكانت الفرقة نائمة، كنا حاصرناهم لأننا قمنا بالاستيلاء على غرفة الجلسات القانونية و العمارات المحيطة كنا نسيطر عليها ، العمارات الرئيسية التي تحيط بمعسكر الثكنة. إذن لقمنا بالاستيلاء على هذا الجزء و لوضعناهم بالفناء. طبعا، كان من الممكن حدوث مجزرة، و تبرهن بالصدام مع الحرس القوزاقية حيث كان إطلاق النار عنيف، عنيف جدا...أنا أفكر أن رفاقنا لم تكن لديهم بعد الكثير من الانضباط الناري. و إلا لكنت وصلت إلى هنا و أطلقت النار كذلك، و بهذا الحال لحدثت مجزرة، لا شك عندي حول ذلك.
صحافي: و الآن توجد مدرسة بهذا معسكر الثكنة. يمكن رؤية الطلائع...
فيدل: نعم، مدرسة. أسقطنا الجدران و كل هذا . البعض ينتقد ذلك . يقولون أنه كان لا بد من ترك المكان كمكان تاريخي ولكن في مطلع الثورة لم تكن لدينا العديد من المدارس و لم نكن نفكر بالتاريخ ، إذن أسقطنا الجدران و أقمنا مدرسة.
صحافي: ولكنه مكان تاريخي.
فيدل: لدينا هنا متحف صغير هنا.ربما يوما ما من الأفضل إعادة بناء الجدران و تركه كما كان بالأصل.
نعمل من أجل الانتصار
صحافي: أيها القائد الأعلى، كما ذكرت، كنت أريد أن انتقل إلى موضوع آخر، كما ذكرت، قبل الحديث عن قضايا سياسية عامة. هناك مسألة قد أثار كثيرا على أي واحد يعرف تاريخ كوبا ، عزلكم بعد هزيمة المونكادا، بمأساة عدد كبير من الرفاق الذين قتلوا. هزيمة، هذا واضح...كيف بهذا العزل، بزنزنة العزل لم تسقط معنوياتكم، لم تتخلى عن النضال ، واصلتم تحضير سيبرؤني التاريخ، وضعتم وثيقة سياسية كانت الأساس لمواصلة النضال و الذي كان برنامج الثورة؟
فيدل: في الحقيقة كنا نعمل للانتصار و ليس للهزيمة.عانينا بانتكاسة قاسية جدا . و علاوة على ذلك كلفت هذه الانتكاسة تضحيات رفاق كثيرين، إذا كنت أشعر نفسي قبل الهجوم على المونكادا أنني ملتزم بالبلد، بعد الهجوم شعرت أنني ملتزم أكثر بكثير. انطلاقا من أغراضنا و نيتنا لم أكن استطيع أن أتصرف بطريقة أخرى و الآن بالمزيد من العزيمة و الروح النضالية. لا أحد كان يعلم كيف يستطيع أن ينتهي كل ذلك . و لم نعلم إذا راح يقتلوننا. ولكن بطبيعة الحال، كان ينبغي علينا أن ندافع عن أفكارنا، كان ينبغي علينا أن ندافع عن حقيقتنا. يمكن القول أنه بظروف مثل هذه الإنسان لديه حافز إضافي ، أكبر مما هو بالظروف العادية و من هذه الصعوبات يكتسب القوة لمواجهة المشاكل. و الجوهري أكثر أننا كنا مقتنعين بشكل مطلق بأن الحق معنا. و هذا العامل كان يعطينا القوة لمواجهة مثل تلك اللحظات الصعبة و التعميق أكثر و طرح أهداف نضالنا أمام الشعب و مواجهة الحملة الحكومية للافتراءات و خلق الظروف حتى لو لا يستطيع جيلنا القيام بتلك المهام، فتقوم بها الجيل الآخر. يعني، زراعة البذر و تقديم مثال يحظى به و هو ليس مثالي الشخصي ، بل و إنما مثال كل الرفاق الذين كانوا يناضلون و قدموا تضحياتهم. كان واجبنا بذل قصارى المجهودات حتى لم تمر تلك التضحيات دون جدوى.
صحافي: و في تلك اللحظة الهائلة استلحمتم بمارتي، صحيح أيها القائد الأعلى؟
فيدل: في الحقيقة كلنا، كل جيلنا تأثر كثيرا بمارتي و بالتقاليد التاريخية لوطننا و قد كانت تقاليد نضالية قاسية جدا من أجل الاستقلال و تقاليد باسلة فعلا ، كانت تؤثر علينا كثيرا، على جميعنا. كان هناك تأثير مزدوج علي بذلك الحين و إلى حد اليوم.تأثير تاريخ وطننا ، تقاليده، تفكير مارتي، و التكوين الماركسي –اللينيني الذي اكتسبناه في الحياة الجامعية.
دائما كان هناك هذا الربط ما بين التأثيرين، تأثير الحركة التقدمية الكوبية ، الحركة الثورية الكوبية ، تفكير مارتي و التفكير الماركسي اللينيني، و هذا كان يؤثر على جميعنا. لا يمكن الفصل ما بين الأمرين بتاريخ بلدنا. لأن مارتي بعصره أدى مهمته و كان أعلى تعبير عن التفكير الثوري في ذلك العصر . نقدر نقول أنه بالنسبة إلينا الربط ما بين هذا التفكير الوطني ،هذا التفكير الثوري والتفكير الثوري الأحدث، أي الماركسية الينينية ، هذا الربط كان من العناصر التي أثر أكثر علينا و من التي كانت تلحمنا أكثر. و ما كان يمكن أن يكون بشكل آخر ، لأنه ببلدان مثل كوبا هناك ارتباط وثيق ما بين التحرر الوطني و التحرر الاجتماعي .
مارتي كان يرمز تفكير مجتمعنا و شعبنا في النضال من أجل التحرر الوطني . و كان يعني ماركس، اينجيل ، لينين التفكير الثوري في النضال من أجل الثورة الاجتماعية . توحد بوطننا التحرر الوطني و الثورة الاجتماعية و هما راية نضال جيلنا.
صحافي: أيها القائد الأعلى، حدثنا كثيرا الرفيق ألكيدي حول العملية بجزيرة الصنوبر و شرح لنا جيدا كيف تقوت إيديولوجيا المجموعة القيادية و كنت أريد أن أسألكم هل كنت تثق دائما بإمكانية الوصول إلى عفو عن طريق العمل السياسي للحركة و لقوة سياسية أخرى أو فكرتم بإمكانية الهروب من أجل مواصلة النضال، بالتأكيد لم تفكروا بالبقاء في السجن 15 سنة .
فيدل: لا، في الحقيقة لم أتصور أنني سأبقى هناك 15 سنة ، ولكنني كنت أفهم بشكل جيد الوضع السياسي للبلد. ساد هناك حقد معمم جدا ضد باتيستا و هو كان ضحية لتناقضاته. هو كان يحاول تشريع النظام و خلق الظروف السانحة للانتخابات، حتى لو كانت مزورة ، على الأقل ستعطي تغطية للدكتاتورية الباتيستية. و كنا نعلم أنه، للمعنويات السائدة بالرأي العام لم يكن من الممكن بذل أي محاولة لإيجاد حل شرعي لوضع كوبا دون العفو عن السجناء السياسيين. إضافة إلى ذلك، كنا نرى بحساباتنا أن باتيستا كان يشعر نفسه قويا و مطمئنا و كان يستخف الثورة و الثوار و في لحظة معينة، كجزء من اللعبة السياسية ، كان سيرى مضطرا لتشجيع العفو.
كنا نحاول...أولا كنا متمسكين بموقف ثابت جدا ، متمرد جدا، ذو كرامة بالسجون و بطبيعة الحال، كنا نشجع نضال الجماهير من أجل العفو. ولكن منذ ذلك الحين كنا نعمل بتنظيم الحركة و كنا نضع الخطط للمستقبل، عندما ترى الحكومة نفسها مضطرة على إصدار العفو. و جرى هكذا بالضبط.
عندما خرجنا من السجن كان لدينا إستراتيجية نضالية . الأهم، برأينا كان البرهان على عدم وجود حل سياسي، يعني، حل سلمي لمشكلة كوبا مع باتيستا، ولكن كان لا بد من البرهان على ذلك أمام الرأي العام، لأن البلد لو كان يرى نفسه مضطرا على العنف ليس الحق على الثوار، و إنما الحق على النظام. إذن كنا نطرح أننا مستعدون لقبول حل سياسي للمشكلة بواسطة شروط معينة و ظروف معينة ، كنا نعلم أنها لن تتوفر أبدا.و كانت تكفي عدة أسابيع للبرهان أمام الرأي العام بأن تلك الإمكانيات للحل السياسي لمشكلة كوبا مع باتيستا غير متوفرة.
دائما كنا قلقين جدا و كان يؤثر على ذلك أيضا التقليد المارتي- بأن الحرب هي آخر سبيل . و مارتي خلال النضالات من أجل الاستقلال أصر كثيرا على أنه إذا كانوا مضطرين للجوء إلى الحرب ، هذا لعدم وجود أي سبل أخرى. هذا كان جزء من التقليدي السياسي لتاريخنا. نحن، بنفس الشكل حاولنا أن نبرهن أنه لم يكن هناك حل سياسي مع باتيستا. بعدما كان هذا مبرهن حسب رأينا، بدأنا من جديد بتحضير الكفاح المسلح.
3-جبال سيرا
تحضير العودة
انتقلنا إلى المكسيك المسؤولون المعروفون أكثر ، فبعد المونكادا كنا معروفين جدا في البلد.كانت إستراتيجيتنا تتركز على تحضير الحركة داخليا و في نفس الوقت إعداد بعض الكوادر في الخارج، لخوض النضال بالتزامن في لحظة ما ، مع وصول الذين كنا في الخارج. كانت مهمة لتدريب الكوادر عسكريا بشكل رئيسي و تجميع حد أدنى من الأسلحة اللازمة لاستئناف الكفاح. . لهذا انتقلنا إلى المكسيك، فكان هناك دائما تقليد التضامن و استضافة و حفاوة المهاجرين من مختلف البلدان. قمنا بمهمتنا دون أي تأييد رسمي، لامباشرة و و لا بشكل غير مباشر، يعني، قمنا بعملنا دون أي تأييد رسمي. و بالمكسيك أدينا مهمتنا بشكل سري.
تعرضنا لبعض المشاكل من الناحية القانونية، لأن نشاطاتنا رغم أنها غير موجهة ضد الدولة المكسيكية، على كل حال كانت تعني نوعا من انتهاك القوانين المكسيكية، نشاطات مثل تجميع الأسلحة و تدريب الناس. هذا سبب لنا بعض المشاكل . كانت هناك عدة لحظات صعبة : بعضنا اعتقلنا، ولكن في تلك اللحظات ساعدنا كثيرا أن العميد لاثارو كارديناس، الرجل ذو أكبر سمعة و أكبر توجه أممي في المكسيك بالآونة الأخيرة،اهتم بوضعنا . لاثارو كارديناس كان لديه سمعة كبيرة بالمكسيك و اهتمامه بنا ساعد على حل وضعنا القانوني و خفف إلى حد ما القمع الذي كنا نعاني به بالمكسيك . هذا سمح لنا بكسب الوقت و تكملة التحضيرات للعودة إلى كوبا.
السجن بعد العمل الجريء ل26 تموز/ يوليو عام 1953.
في الحقيقة ، باتيستا كان يعمل كذلك بشكل نشيط.كان لديهم عملاء يدفع لهم بالمكسيك، يعني، عملاء كوبيين و كان يحاول أن يؤثر بولاية و منها إلى ولاية أخرى لتحقيق قمع نشاطاتنا بالمكسيك.عندما خرجنا من المكسيك في أواخر عام 1956، خرجنا بشكل سري تماما. و في ذلك الحين كانت تلاحقنا السلطات لشكاوى حكومة باتيستا ضدنا.
لا أنتقد السلطات المكسيكية ، ففي تلك الظروف كانت تحق لها بالكامل تجنب أي شيء ينتهك القوانين المكسيكية . و نحن إلى حد ما رأينا أنفسنا مجبورين على انتهاك القوانين المكسيكية و هذا في سبيل هدفنا الوطني في كوبا.
هذا التناقض كان قائما. جرت صعوبات ، تم الاستيلاء على أسلحة و كان علينا أن نخرج في لحظة حيث تحاول السلطات البحث عنا، اعتقالنا و، بطبيعة الحال منع نشاطنا الثوري. كانت الظروف التي عشناها بالمكسيك بالأيام الأخيرة صعبة جدا . رغم كل الشيء، و بفضل تجربتنا و النضال السري، استطعنا مواجهة هذه الصعوبات و الانطلاق من ميناء توكسبان يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1956 . بالمناسبة، كانت الأحوال الجوية سيئة و كانت الملاحة ممنوعة و كانت علينا أن نخرج مع الأحوال الجوية السيئة على كل حال.
و مع ذلك، خروجنا كان تقدما كبيرا . بعد ثلاثة أو أربعة أيام أدرك باتيستا خروجنا من المكسيك. إذن كانوا قد أعطوا تعليمات للبحرية الحربية و الطيران لتحديد موقع سفينتنا الصغيرة ، سفينة ستين قدم و نيف ، كنا نأتي فيها 82 رجل. .
كنا نبحر مع الأحوال الجوية السيئة، فيما بعد ابتعدنا عن الساحل الجنوبي للجزيرة حتى حدوث الإنزال بمحافظة أورينتي(الشرق) لحسن الحظ وصلنا دونما تكشفنا البحرية الحربية و الطيران . لأنه باليوم الأخير، ليلا، رغم أننا كنا بعيدين عن الساحل، أبحرنا حوالي 80 أو 100 ميلا ، للوصول فجرا 2 كانون الأول/ ديسمبر عام 1956 إلى الساحل الكوبي.
صحافي: حسبما فهمنا، أيها القائد الأعلى، أحد الزعماء أو القبطان البحري للسفينة كان ضابطا للبحرية الباتيستية، الذي انضم إلى النضال.
فيدل:لا، في الحقيقة لم يكن ضابطا سابقا للبحرية الباتيستية و إنما ضابطا سابقا للبحرية الدستورية ، ليس نفس الشيء، و ساعدنا، كان يقود السفينة. و كان معنا كذلك قبطان دومينيكيا ، ثوري دومينيكي كانت عنده خبرة في الإبحار و الملاحة هو توفى و كان قد اشترك مع كامانيو في الثورة الدومينيكية و أغتيل فيما بعد. ذلك الرفيق كان يأتي كذلك. و كان يأتي كذلك ملازم سابق للبحرية. و لكننا كلنا لم نكن نعرف الكثير عن السواحل الكوبية و كانت لدينا في الحقيقة معلومات قليلة جدا عن السواحل الكوبية. كانت المعلومات قليلة جدا مما أدى إلى عدة صعوبات . ولكن، رغم كل شيء أبحرنا ألف و خمسمائة ميلا و استطعنا الوصول إلى كوبا و بالمناسبة وصلنا و كان هناك بالمخزن بوصتين فقط من الوقود، يعني أنه لم يبق تقريبا عندنا وقود إلا لبعض الدقائق.
صحافي: يعني، كنتم دائما على حافة الخطر.
فيدل: أعتقد أنها من متاعب ممارسة مهنة الثوري.
الارادة في الصمود و التصدي.
فيدل: منذ عشرين سنة تم إنزالنا البحري هنا.
صحافي: يمكن رؤية الأعماق...
فيدل: نقترب إلى المكان الذي أنزلنا فيه 4 رفاق. الآن سترون .من هناك، أنظروا. هناك أنزلنا، يمكنكم التسجيل الآن ،هناك أنزلنا، سجلوا، و إلا نتجاوز هذا المكان. في الواقع إننا أنزلنا على مسافة كيلومتر نحو الجنوب. كما ترون كلها سهول.
صحافي: هل كان هناك خطأ، بدلا عن...؟
فيدل: طيب، المشكلة أن الشمس طان يطلع، فجرا وقع رجل بالماء و كان علينا أن نبحث عنه حتى نخرجه من الماء ، و تأخرنا 30 دقيقة،قبطان السفينة لم يكن يعرف أين أصبحنا، لفينا عدة مرات، سألته و قلت له : هل أنت متأكد أن هذه أرض كوبا ؟ و قال: "نعم"، فقلت له: "توجه بسرعة فائقة نحو الشاطئ". وصلنا إلى الشاطئ و المكان الذي أنزلنا فيه كان هناك مستنقع فظيع، عدة كيلومترات من المستنقعات ، اجتزنا المستنقع خلال ساعتين و نصف تقريبا و كانت الأمور صعبة جدا. كان الوحل يغمرنا إلى الخصر إلى أن وصلنا إلى اليابسة، و لكن المكان لم يكن جيدا. كانت تبقى لنا فقط بوصتين من الوقود في المخزن عندما أنزلنا ، كان أفضل لو جرى الإنزال نحو الشرق أكثر، ولكن الوقود لم يكن كافيا.
صحافي: و هذا كان يبعدكم أكثر عن جبال السيرا، أ ليس كذلك؟
فيدل : نعم، الوقود ما كان يكفي و المكان كله سهول . لو جرى الإنزال 50 أو 60 كم أبعد نحو الشرق ، لكانت الحرب انتهت قبل نهايتها الفعلية.
صحافي: يعني، أقرب من السيرا؟
فيدل:نعم، نعم لو قمنا أنزلنا قريبا من الجبال .
أنزلنا في السهول و استطاع العدو محاصرتنا في الأراضي التي كنا فيها و كان الوضع صعبا جدا. لو أنزلنا في الجبال لاستغرقت الحرب قترة أقصر بكثير.
صحافي: لم يكن يجري...
فيدل: ربما 12 إو 15 شهر، لأن الحرب استغرقت 25 شهر ، و لكن باليوم الثالث للإنزال كانت لدينا انتكاسة خطيرة جدا ، حيث هاجموا علينا بالمفاجأة و فرقوا قواتنا. كانت لدينا خسائرا كبيرة و عدد قليل منا بقي على قيد الحياة بهذا الوضع.
صحافي: هذا كان أليغريا دي بيو
فيدل: نعم، أليغريا دي بيو . فيما بعد جمعنا القليل من الرجال و القليل من الأسلحة ، ولكن، مثلما ترون، الجبال بعيدة عن المكان الذي أنزلنا فيه، تقريبا 30 أو 40 كم ، الرابيات الأولى. تبدأ هنا جبال سيرا مايسترا.
صحافي: أيها القائد الأعلى، في تلك المرحلة، بعد أليغريا دي بيو أصبحت مساعدة بعض الفلاحين أساسيا، الذين تجمعوا فيما بعد حتى...
فيدل: نعم، في البداية كنا محاصرين خلال أيام كثيرة . أنا كان عندي بندقية، و معي رجلان، واحد معه بندقية و الثاني لم تكن لديه بندقية. كانت عندي في تلك اللحظة مائة طلقة و بندقية. رفيق آخر كان لديه بندقية و 40 طلقة. فيما بعد اجتمع راؤول مع أربعة رجال الذين كانت لديهم أربعة بنادق، إلى جانب بندقية خامسة لرجل لم يستطع مواصلة السير . و جمعنا سبعة بنادق.
صحافي: و هل كانت المجموعة التي خرجت من أليغريا دي بيو صغيرة جدا
فيدل: كانت مشتتة ، مشتتة.
صحافي: و الذين كانوا معكم هم...
فيدل: كان رفيقان، أحدهما لديه بندقية و الثاني لم تكن لديه.
صحافي: و ألميدا كان بالمجموعة الأخرى؟
فيدل: ألميدا كانت بمجموعة ثالثة، مع تشي، مع كاميلو و رفاق آخرين. و لكن ما جمعناه في البداية كانت سبعة بنادق . هذا الطريق الجديد الذي ترونه لم تكن موجودا. فيما بعد جمعنا بعض الأسلحة . في هذه المنطقة بدأنا الاتصالات مع الفلاحين و هم ساعدونا للوصول إلى المنطقة الجبلية لسيرا مايسترا.
صحافي: كانوا غييرمو غارسيا و ...
فيدل: غييرمو كان أول فلاح اتصل بنا ، كان مقيما هنا و كان ينتمي إلى الحركة. و عندما وصلته أخبار الإنزال البحري كان يتابع الأمور عن كثب.
بالولايات المتحدة و بالمكسيك ، النشاط بلا هوادة لتحضير العودة من أجل التحرر النهائي.
صحافي: و كلما حضرته سيليا كان في منطقة نيكيرو، أ ليس كذلك؟
فيدل: في منطقة بيلون. لأنه، في الحقيقة أفضل مكان للإنزال كان أبعد نحو الشرق. أنزلنا هنا لأن الصباح كان متجليا. لم يعرفوا بشكل جيد لا الساحل و لا الميدان. إذن وضعنا خطة للاستيلاء على معسكر ثكنة صغيرة كان قريبا من هنا لمواصلة السير نحو جبال سيرا فيما بعد. بالطريقة التي جرى بها الإنزال البحري كان من المستحيل القيام بتلك العملية ، لأننا أنزلنا بمستنقع و توفر عند العدو الوقت الكافي ليرتب أموره و لتحضير العمليات العسكرية ضدنا. و بالواقع، العدو انتصر علينا ، لأنه فرق مجموعة رفاقنا المتكونة ب 82 رجل.
صحافي: كم بقي؟
فيدل: بالنهاية استطعنا أن نجمع أقل من عشرين، سبعة بنادق ، عدد من الرفاق الذين لم تكن معهم أسلحة. فيما بعد جمعنا بعض الأسلحة التي كانت متفرقة . أول عملية ناجحة ضد الجيش قمنا بها بيوم 5 شباط/ فبراير، حيث أصبح عندنا 16 سلاح.
صحافي: كان الأوفيرو؟
فيدل: لا بلاتا، لا بلاتا.قمنا بالهجوم فجرا، حسبما أتذكره كان في الساعة 2:40 فجرا ، كنا نقاتل معهم أكثر من ساعة ، تم احتلال معسكر ثكنة صغير و الحصول على 10 أسلحة . كبرت مجموعتنا و أصبحت لديها تقريبا 30 رجل و هذا بفضل انتماء فلاحي الجبال إلينا.
صحافي: كيف حققتم، ايها القائد الأعلى، بعد هزيمة أليغريا دي بيو، كيف حققتم استعادة القوة مواجهة الحصار و مواصلة النضال و عدم تخلي ايمانكم بالانتصار؟
فيدل: اعتقد... لم أكن أعلم من هم الذين بقوا على قيد الحياة و لا كم هم . من طرفي كانت عندي فكرة مواصلة النضال رغم وجود بندقيتين . لم تكن عيندي أخبار عن الباقية. راؤول، من طرفه، كانت عنده فكرة مواصلة النضال إلى أن اجتمعنا. عندما اجتمعنا راؤول و أنا كانت لدينا سبعة بنادق، و حصلنا فيما بعد على ست أو ثمانية بنادق كانت متفرقة . أول عملية قمنا بها ب17 أو 18 رجل و كانت لدينا تقريبا 14 بنادق و بعض المسدسات . أول عملية عسكرية كانت مع مجموعة صغيرة جدا و لكن كانت لدينا خبرة المونكادا و كان لدينا هدف مواصلة النضال. كنا على يقين بأن الفكرة صحيحة، و أننا عانينا بانتكاسة، رغم أن الانتكاسة كانت كبيرة جدا. هذه سيرا مايسترا، لم تستطع الطائرات قصفنا، كنا محاصرين من قبل الجيش، برا و بحرا.
و لكن بتلك الفترة كان أهم الشيء البقاء على قيد الحياة، كانت المسألة تكمن في البقاء على قيد الحياة و هذا كان يعتمد كثيرا علينا، على المجموعة الصغيرة التي كانت في الجبال. في الحقيقة، بتلك الفترة كانت لدينا فكرة، منظمة في المدن و إرادة بالصمود و التصدي.
و لكن في تلك اللحظة كان مهم جدا ما يفعله الفدائيون و كان يمكن تصفية الفدائيين في أي لحظة. و كنا معرضين للقضاء علينا نتيجة لخيانة فلاح. يعني، كان هناك فلاح ، ذهب لأداء مهمة و الجيش اعتقله ، طرحوا عليه الغفران وعرضوا عليه أشياء كثيرا و خاننا . كان أول دليل لنا و خاننا و العامل النفساني الأساسي هو أنه كان يرى أن قواتنا صغيرة جدا و قوات الجيش كبيرة جدا خسر إيمانه بإمكانية الحصول على الانتصار و وضع نفسه تحت خدمة الجيش. و عمل ذلك الفلاح بالتنسيق مع الجيش كان على وشك تصفية قواتنا . كانت أيام صعبة جدا، لأن دليلنا الرئيسي، الرجل الذي كان عيوننا و أذوننا كان يخوننا و كان يحاول وضعنا بموقع حتى يحاصرنا الجيش و يقضي علينا. و كانوا على وشك تحقيق ذلك، إلى أن ادركنا ما ذا كان يحصل.
صحافي: أدركتم ذلك بالوقت المناسب.
فيدل: ليس بالضبط. أدركنا ذلك خاصة بعد عملية الجيش الأخيرة التي كاد أن يقضي علينا، أدركنا أنه كان يخوننا . أنا أدركت ذلك، رفاق آخرين كانوا يشكون بذلك، طرحت كل المعطيات التي خلتني أفكر أنه كان يخوننا و برهنت الأحداث أن تقديري كان صحيحا . أنقذنا أنفسنا من التصفية بلحظات.
صحافي: تم محاصرتكم؟
فيدل: تم محاصرتنا، بدأت أشتبه و بدأنا نتحرك و التقينا مع الجيش و كان ذلك الفلاح يدلهم إلينا في لحظات كانت يفترض فيها أنه كان يؤدي مهمة لصالحنا. رأيناه و كنا نعرف أنه كان يخوننا لأنه وضعنا بموقع لتسهيل محاصرتنا من قبل الجيش. أثر على ذلك أن الخطة كانت محاصرتنا قبل يوم و لكن للأمطار الغزيرة تركوا تنفيذ الخطة لليوم الآخر. و أدركنا الموضوع لسجين اعتقلناه ، رغم أن التعليمات لرجالنا كانت أن لا تسمح برؤيتها . أنا سألته عدد من الأسئلة و لحركات الجيش قبل يوم أدركت المناورة لمحاصرتنا. اقتنعت بأن هناك خيانة علينا و طرحت التحرك من ذلك المكان. ذهبنا إلى أعلى الجبل، حيث كانت تكتمل محاصرتنا . كانوا على وشك التصفية علينا . قتلوا الرفيق الذي كان جنبي.
صحافي: هذا كان في المرة الثانية.
فيدل: كان هذا في مرتفعات اسبينوسا، ها هو اسم المكان. كانت اللحظة الأقرب من تصفيتنا جميعنا. ولكننا استطعنا البقاء على قيد الحياة . استطعنا الهروب من هذا الحصار و تعلمنا الدرس كذلك.
مع راؤول، ألميدا، راميرو فالديس و سيرو ريدندو خلال سنوات الحرب بالجبال الشرقية.
إن المنظمة، رغم أنها كانت صغيرة جدا بهذه المنطقة، ساعدنا من الوهلة الأولى، ساعدنا غييرمو غارسيا، ساعدنا كثيرا سيليا، التي كانت بمانثانييو و بعثت إلينا المؤن الأولى ، الملابس الأولى، الأموال الأولى، لأننا كنا ندفع كل شيء للفلاحين، في البداية كان الفلاح يخاف كثيرا من قمع الجيش، فيما بعد كسبته تدريجيا الثورة ، يعني أن العمل مع الفلاحين تم على امتداد النضال . كان الجيش يقمعهم و يقترف الجرائم، بينما نحن كنا نحترم الفلاحين، كنا ندفع كلما نشتريه و شيئا فشيء كان الفلاحون ينضمون إلينا و في النهاية كان كلهم معنا.
المركز الرئيسي لعملياتنا.
فيدل: هذا المكان الذي نحن فيه الآن يسمى لا بلاتا و هنا حققنا أول انتصار أمام قوات باتيستا. حدث تقريبا شهر و نصف بعد الإنزال البحري و بعد عدة أسابيع من تفريق قواتنا من قبلهم. هنا جمعنا حوالي 17 رجل. كانت هناك دورية مشتركة من البحرية و من جنود باتيستا الذين كانوا يقومون بطرد الفلاحين من بيوتهم و يعاملونهم بشكل سيء و يرتكبون أعمال سيئة لصالح مالك أراضي كبير بتلك المنطقة و كانوا يفكرون أنهم قضوا على الفدائيين.
صحافي: أيها القائد الأعلى، اسمحولي. هذه المسألة، أنهم فكروا أنهم قضوا على قواتكم، هذا عطاكم تنفسا صغيرا؟
فيدل: هذا ساعدنا إلى حد ما، لأنهم لم يبقوا بالمرصاد . كانوا يتقدمون و معهم سجناء فلاحين ، مثل الذي تحدث معكم. كانوا يعذبونهم،يغتالونهم، كانوا يغرسون الرعب ما بين الفلاحين في الحقيقة. إذن، نحن اقتربنا من الغرب، و بتلك المرتفعات كنا نراقب حركة الدورية و موقع الدورية. اقتربنا ليلا و اعتقلنا الرجل العملي لدورية الجيش الذي كان يعمل مع صاحب الأراضي و كان يعطيهم معلومات حول الفلاحين الذين يحتجون على قمعهم و يحتجون على طردهم من البيوت و كانوا يقمعون أولائك الفلاحين. الرجل العملي للدورية إعطانا كل التفاصيل حول المنشأة. إذن، هاجمنا عليها فجرا. كنا 17 رجل. هم كانوا حوالي 12 .كانوا بمعسكرين صغيرين، بعد ساعة من المعركة تقريبا استسلموا و كلهم كانوا قد أصبحوا جرحى أو موتى. كانوا أول سجناء لنا و لكن، بطبيعة الحال لم نستطع أخذهم معنا. عطينا لهم أدويتنا، كانت هذه سياسة اتخذناها دائما مع العدو، و تركنا الجرحى على قيد الحياة و هذه سياسة ثابتة اتخذناها بشكل ثابت مع السجناء خلال كل الحرب. حصلنا على أسلحتهم و أصبحت مجموعتنا لديها 30 رجل.
فيما بعد، فجرا، توجهنا باتجاه نهر آخر، حيث كنا سابقا، ببالما موشا. كانت ردة فعلهم بغضب شديد، بعثوا عدد كبير من القوات ، مائات الجنود و بعثوا في الأمام طليعة من المظليين و وضعنا كمينا لهم ، ألحقنا بهم خسائر كبيرة و هزمناهم و حصلنا كذلك على بعض الأسلحة . جرت المعركتان بيوم 17 كانون الثاني/يناير و 22 كانون الثاني/يناير عام 1957 و كانا أول نصرين عسكريين ضدهم.
الآن، هذه المنطقة ترتدي أهمية تاريخية لأنه بالشمال، باتجاه النهر، هناك منطقة لا بلاتا التي كانت المركز الرئيسي لعملياتنا . في الحقيقة، الحرب خلال أشهر كثيرة كانت تجري في أراضي لديها 30 كم طول و 20 كم عرض، أي 60 كم مربع. بتلك المنطقة كانوا يتحركون و كنا نحن نتحرك. و كانت تجري الأعمال فيها. في البداية كنا ضعيفين، و عندما يبعثون مجموعاتهم كانت تجتاز جبال السيرا دون صعوبة . بمرور الزمان كنا نلاحظ عاداتهم و بدأنا نضع كمائن لمجموعاتهم، و لكننا لم نستطع الحيلولة دون تدخلهم . كنا نلحق بهم خسائر، نأخذ أسلحتهم و لكنهم يجتازون الجبل.
كانت قوتنا تنمو و في صيف 1958 كان لدينا حوالي 300 رجل . عندما شنوا الهجمة الأخيرة بسيرا مايسترا كان لديهم حوالي 10ألف رجل و نحن كان لدينا 300 و لكن مقاتلينا الثلاثمائة كانوا قد أصبحوا مجربين. نسبيا كانت أسلحتنا قليلة، و لكننا دافعنا عن المواقع بتلك المرة وبمختلف أماكن الدخول بالسيرا حددنا مواقعا لنا كنا نقاوم، كنا نؤخر تقدمهم و نلحق بهم خسائرا بشكل متتالي.
إن هذه الهجمة، بين هجمتهم و هجتنا المضادة ، استغرقت 70 يوم.خلال 70 يوم كانت هناك معارك يوميا. ولكن اللحظة الحاسمة، التي نهزم بها الهجمة كانت بمعركة هيغوي، تقريبا على خمسة كم من هنا ، حيث استطعنا محاصرة كتيبة بزعامة قائد ذو حنكة كبيرة، كنا نراقب عليه، و قمنا ببعض المناورات خطيرة جدا للكتيبة و كانوا قد هربوا . ولكن حاصرناهم ب30 رجل و باقية الرجال، تسعين رجل. أغلبية الرجال وضعناهم باتجاه الشاطيء، حيث كانت القوة الأخرى للعدو. مع 120 رجل كنا نخوض المعركة التي استغرقت 10 أيام.
و لكن الوضع كان فريد من نوعه، كان لدينا مجموعة من العدو محاصرين و بنفس الوقت كنا محاصرين من قبل بعض مجموعات العدو. و هم كانوا يحاولون إركاعنا و مواجهة دفاعاتنا و نحن كنا نحاول هزيمة الكتيبة المحاصرة. استطعنا القضاء على تعزيزاتهم و خاصة الذين كانوا يأتون من هذا الاتجاه، من الشاطئ. كان تأتي أهم التعزيزات من الشاطئ و هناك وضعنا أغلبية قواتنا. بمقدار ما كنا نحصل على المزيد من الأسلحة، ، عندما تجري المعارك، كنا نزيد عدد الرجال. و في النهاية قضينا على التعزيزات و هزمنا الكتيبة . هذا وفرت لنا طاقات كبيرة جدا بالأسلحة و كانت نقطة تحول كامل بالهجمة. انطلاقا من تلك اللحظة أخذنا زمام المبادرة في الهجمة و طردناهم من سيرا مايسترا. في نهاية الهجمة كنا قد أخذنا منهم أكثر من 500 سلاحا و ألحقنا بهم أكثر من ألف خسارة ، بينهم 400 معتقل سلمناهم للصليب الأحمر ، بمشاركة الصليب الأحمر الدولي، سلمناهم و أفرجنا عنهم و هذه السياسة التي كنا نتخذها مع السجناء.
الآن نمت قواتنا و أصبحت لديها 800 رجل و عمليا ب800 رجل بدأ الغزو على البلد بأجمعه، باستثناء الجبهة الثانية، حيث كان راؤول، . عندما بدأت الهجمة أتينا بقوات ألميدا التي كانت قريبا من سانتياغو ، قوات كاميلو التي كانت بالسهوب .لهذا أصبحت لدينا 300 رجل. القوات الوحيدة التي لم نجمعها ، لأنها بعيدة جدا، كانت قوات راؤول، التي كانت في الجبهة الثانية.
بعد تلك الهجمة و بالنصف الثاني لعام 1958، بعثنا مجموعات إلى سانتياغو دي كوبا ، إلى شمال محافظة أورينتي، ، نحو كاماغوي و مجموعتان ، واحدة تحت قيادة تشي و الأخرى تحت قيادة كاميلو ، للذهاب إلى وسط البلد. لهذا تلك المعركة كانت تعني نقطة تحول في الحرب. الجيش كان يتفوق علينا بعدد رجالهم، بكثير. مجموع رجال باتيستا المسلحين كانوا تقريبا من 70 ألف إلى 80ألف و عندما انتهت الحرب كان لدينا 3 آلاف مسلح . رغم ذلك كنا نحاصر 14 ألف جندي في محافظة أورينتي . لأنهم كان لديهم العديد من المسلحين و لكن كان ينبغي عليهم رعاية المدن، المنشآت، الجسور، الاتصالات. أقصى عدد للقوات جمعوها للقتال كانت 10 ألاف رجل . بتلك المرة جرت هذه المعركة التي أتعرض لها.
صحافي: و هنا جرى حادثة القائد...
فيدل: نعم، القائد كيفيدو كان قائد كتيبة، كان لديه حنكة و قاتل، قاوم بشكل جيد خلال 10 أيام، كانوا قد أصبحوا دون ماء، دون أكل، كانت لديهم خسائر عديدة . إنه كان ضابطا مهذبا و لم يرتكب جرائما ضد السكان و لا أعمال سيئة ضدهم. كان معتقلا، كنا تركنا كسجناء أعلى القيادات فقط. فيما بعد انضم إلى قواتنا و ساعدنا.
صحافي: و الآن؟
أيام سيرا مايسترا
فيدل: الآن انه الملحق العسكري لكوبا بموسكو . إنه كتب كتابا حول تلك المعركة. كان قائد قادر جدا. كان عدو قادر جدا في الحقيقة.
صحافي: و أنتم تركتم له مسدسه في نهاية المعركة؟
فيدل: في نهاية المعركة تركنا المسدسات لجميع الضباط ، ليس له فقط.
و لكن حدث شيئا ، سأحكي لكم، كان صبري فارغا . في آخر يوم نتصل و نتعامل للاستسلام و أخبرنا قائد القوة المحاصرة أنه إذا لن تصل التعزيزات سيستسلمون في الساعة السادسة . لم تبق عندهم آمال بالإنقاذ لأننا هزمنا التعزيزات . كنا نستخدم مكبرات الصوت . الرسائل التي كنا نأخذها من التعزيزات كنا نبعثها إليهم و كنا نعطيهم الأخبار . كنا نضع الجنود السجناء بالإذاعة حتى يتحدثوا.كان يفرغ صبري و كنت أريد أن أعرف كمية الأسلحة التي سنأخذها ، كانت تجري الإجراءات للاستسلام و بالليل أقرر أن أذهب إلى المعسكر، و لكن دونما تعرف هويتي، كالرفاق الآخرين الذين كانوا يتحدثون معهم.
صحافي: إلى معسكر العدو؟
فيدل: إلى معسكر العدو.
صحافي: ألم يكن هذا بمثابة مخاطر كبيرة؟
فيدل: طيب، أنا، في الحقيقة ... هذا نسبي. كانوا خاليين عن السمعة بذلك الحين و أنا لم أقدم نفسي بهويتي ، بل كنت أذهب كواحد آخر من الذين كانوا يتفاوضون معهم. . و دخلت في المخيم و ما زال الجنود مسلحين و بعد لحظات كلهم عرفوني و تصرفوا بأكبر احترام. ولكن هذا حصل. دخلت المخيم و هم ما زالوا مسلحين ، طبعا لم أتصرف بحذر، كان خطأ بالحسابات.
صحافي: طيب، كل شيء كان تماما.
فيدل: نعم، كل شيء كان تماما. هم كانوا قد تحدثوا مع ذوينا . آخر يوم صار ما يمكن تسميته تآخي و كان يسود هذا المناخ.لم يكن يسود مناخ عنف. منذ ساعات لم تكن تجري معارك . ولكن كان هناك كيفيدو، و هو قائد تحترمه القوات احتراما كبر جدا. علاوة على ذلك كان رجل ذو مروة . كل هذه العوامل تؤثر، بطبيعة الحال . ربما تحليلي للأوضاع بمجملها عطاني ثقة لأفعل ما فعلته ، ولكن ليس كما حدث، كنت أفكر في الحقيقة أن أمر دونما يدركون هويتي و عرفوني بسرعة رغم أن الليل خيم.
يظهر جيش جديد
صحافي:أيها القائد الأعلى، بعد انتصار الثورة ، مع الانتصار لم تنحل كل المشاكل ، حدثت مشاكل كبيرة مثل المشكلة مع الحكومة الأولى، توطيد السلطة الثورية و بسرعة، هجوم الامبريالية عليكم، الحصار، كل هذا. من المسائل الرئيسية التي نلاحظها من الخارج تفتيت جيش الطغيان، الذي كان الدراع المسلح للبرجوازية و كان خطيرا كما يتجلى و لا يفهم بشكل جيد كيف تحقق هذا التفتيت للجيش قبل إعادة تنظيمه أو قبل أن يكتسب قوة و كفاءة من جديد.
فيدل: في الحقيقة نحن هزمنا جيش باتيستا، عمليا قضينا على نخبة قوات باتيستا في سيرا مايستراو رغم أنها قوات مسلحة كبيرة لأعضائها، نخبة قواته كانت قد انهزمت. عندما تتم تصفية قوات عمليات جيش، يصبح في الواقع منهزم. و كان يضاف إلى ذلك التأييد الكامل للشعب. بشكل أنهم عسكريا لم يستطعوا عمل أي شيء كبير.
بالأيام الأخيرة كان لدينا 14ألف جندي محاصر في محافظة أورينتي، و كانت الجزيرة منقسمة إلى قسمين. :إن زمام المبادرة بأيدينا و القوات المسلحة لباتيستا كانت خالعة عن السمعة. بهذه الظروف حاولوا الاتصال بنا . يطلب مني قائد قوات العمليات حيث يعترف بأنهم خسروا الحرب و سألونا ماذا يفعلون حسب رأينا.شرحت له أن الجيش كان قد فقد الكثير من مصدقيته و أنني مع ذلك كنت أرى أنه في الجيش رجال قادرون و صالحون الذين هم للأسف الشديد رأوا أنفسهم مضطرين على الدفاع عن المؤسسة أو الدفاع عن النظام إلى جانب المؤسسة. اتفقوا معنا و قبلوا مقترح الانتفاضة.
من الانتصار الباسل كان يظهر جيش جديد ثوري و شعبي.
قلنا لذلك الجيش المحاصر أنه يستطيع أن ينضم إلى القوة الثورية . و لكننا قلنا أننا كنا نرفض إطلاقا الانقلاب . حتى أنني نصحت قائد قوات العمليات أن لا يذهب إلى العاصمة و أن تجري انتفاضة القوات بأورينتي و أن ينضموا إلى الثورة . قبل، ولكنه لم يلتزم. ذهب إلى العاصمة.
نحن اشترطنا ثلاثة شروط: أولا أننا لا نقبل الانقلاب، ثانيا كنا نرفض أي محاولة لإنقاذ باتيستا و ثالثا كنا نرفض أي تسوية مع السفارة الأمريكية. و مع ذلك فعلوا العكس تماما: ذهبوا إلى العاصمة، نظموا الانقلاب ، اتفقوا مع السفارة الأمريكية و ساعدوا على هروب باتيستا .
لذلك عندما جرى الانقلاب بيوم 19 كانون الثاني/ يناير، بالإذاعة طرحنا شعار لجميع قواتنا: عدم الموافقة على وقف إطلاق النار ، مواصلة الهجمة في جميع الجبهات و دعوة العمال و الشعب كله إلى الإضراب العام الثوري. كان لقواتنا و لحركتنا التأثير و النفوذ الكبير و كان فساد و انحلال النظام قد وصل إلى الحد الذي جعل كل الإذاعة و التلفزيون يتصل براديو ريبيلدي( الإذاعة الثورية) و العمال أنفسهم فعلوا ذلك. الشعب كله و خاصة العمال أعلنوا عن الإضراب المطلق و الكامل و واصلت الهجمة قواتنا و مجموعاتنا دون وقف إطلاق النار و عمليا ب 72 ساعة تم نزع أسلحة الجيش.
بالمتحف، حيث هناك تحافظ على أسلحة و بدلات المهاجمين على معسكر الثكنة مونكادا.
بالأيام الأولى من كانون الأول/ ديسمبر استولى الشعب على جميع الأسلحة ، عشرات الآلاف من المواطنين أخذوا الأسلحة بأيديهم و الجيش أصبح منحل ضمنيا.
لو قبلوا شروطنا لكنا نستطيع أن ننقذ للثورة العديد من الضباط : ضباط تكونوا بالكليات، ضباط لم يرتكبوا جرائما لم يقوموا بالتعذيب و لم يقتلوا أحد . لأن هناك مجموعة من الضباط في الحقيقة الذين أيدوا باتيستا مائة بالمائة في ارتكاب جرائمه، بطانة، ولكن داخل القوات المسلحة كان هناك ضباط لم تكن لديهم مسؤولية مباشرة باقتراف تلك الجرائم.
في حالة قبولهم لما اقترحناه لظهر على كل حال جيش جديد. كان هذا شرط لا بد منه للثورة و لكننا لكنا نستطيع أن نحظي بتعاون عدد أكبر من الضباط. على كل حال حظينا بتعاون عدد من الضباط، فكان هناك ضباط معتقلين للتآمر على باتيستا و العديد منهم بعد الانتصار انضم إلينا.
كان هناك ضباط قاتلوا ضدنا ولكنهم مهذبون و لديهم مروة و انضموا إلينا و لكن العديد منهم لم نستطع إنقاذهم لأن الانحلال كان كامل و كذلك فقدان المصداقية. و لم تكن الظروف هي الأفضل لنحظي بتعاون العديد من هولاء الضباط. و لكنه في الحقيقة ظهر جيش جديد. و أعتقد أنه لم يكن من الممكن صناعة الثورة إذا لم يحل محل الجيش القديم جيش جديد ثوري و شعبي، جيش جديد إعداده الفني أفضل عشرة مرات من الجيش القديم . اليوم لدينا عدد من الضباط يتجاوز عشرة مرات ما توفر عند الجيش القديم. و لا يمكن مقارنة تحضير و تجهيز جيشنا اليوم بما سبق، إنه اليوم أفضل بكثير . إنه اليوم جيش ثوري، مع قوات نظامية ،مع الاحتياط المكون بشكل أساسي من قبل العمال و الفلاحين المدربين، إنه جيش شعبي، و قوته تكمن ليس باحترافه أو في الوسائل التقنية المتوفرة له و إنما بتطابق مصالحه بمصالح الشعب و باحتياطه الهائل من العمال و الفلاحين الذين هم الجماهير المقاتلة في حالة حرب.
لأول مرة تصدر بمجلة "كوبا الدولية" مختارات واسعة للمحادثات التي أجراها فيدل كاسترو حيث يتعرض لتطوره السياسي و يدلي بتصريحات مهمة حول الأعمال التاريخية التي قادها. قام رئيس مجلس الدولة الكوبية بجولة بالمناطق الشرقية للبلد، حيث جرت الأحداث التي أدت إلى الثورة منذ أكثر من عشرين سنة. بمعسكر الثكنة السابق المونكادا، شاطئ لاس كولوراداس ، للمناطق الجبلية لرأس التوركينو و لا بلاتا، تحدث فيدل مطولا مع الصحافيين السويديين الذين كانوا يرافقونه، و هم سجلوا فيلم للحوار الذي جرى و تصدر هنا أهم نصوصه و نستذكر بهذه المجلة، و هي الأولى بالسنة، الذكرى الخامسة و العشرين للهجوم على معسكر الثكنة مونكادا.
1- الأصول
يستطيع وعي الإنسان أن يرتقي على أصل طبقته.
الصحافي: أيها القائد الأعلى، أنتم بالأمس بمزرعة سيبوني حدثتمونا عن تكوينكم الإيديولوجي، تطوركم الايديولوجي و السياسي خلال الدراسات الجامعية. كنت أريد أن أسألكم سؤالا يتعلق بالفترة السابقة لتلك الدراسات، يعني، كيف حققتم هذا التطور الإيديولوجي، كيف انتقلتم من هذه التربية التي تلقيتموها بهذا النوع من العائلة إلى تحقيق هذا التطور الإيديولوجي، لأنكم بالخطاب الذي القيتموه للمثقفين عبرتم عن عبارة قوية جدا و حية ، أن التربية البرجوازية هي بمثابة مطحنة حجرية بالكاد تطحن الإنسان عقليا للأبد. هذا لفت أنظاري كثيرا، كنا نريد أن نسألكم حول ذلك.
القائد الأعلى فيدل كاسترو روز: في الحقيقة، أصلي ...إنني ولدت بعائلة أصحاب أراضي ، و لكنها ما كانت لديها مثل هذا النسل ، ما ذا يعني ذلك؟ أبي كان فلاحا اسبانيا من عائلة متواضعة جدا و قد جاء إلى كوبا في مطلع القرن كمهاجر اسباني.
بدأ يعمل بظروف صعبة جدا . كان رجل بعيد الهمة و مقدام، بدأ يبرز إلى أن أصبح مسؤولا في أعمال مطلع القرن. بدأ يجمع بعض المال و بدأ يحصل على بعض الأراضي . يعني أنه كان ناجحا في الأعمال و أصبح يملك أراضي ، إذا أتذكر جيدا حوالي ألف هكتار. و لم يكن مثل هذا الشيء صعب جدا خلال الفترات الأولى للجمهورية . فيما بعد أجر أراضي أخرى. و عندما وولدت، وولدت في الحقيقة بأحضان عائلة يمكننا أن نطلق عليها صاحبة أراضي.
الآن، من جهة أخرى، أمي كانت فلاحة كادحة جدا و فقيرة جدا و لذلك لم تكن عندنا تقاليدلما يمكن تسميته أوليغاركية في أحضان العائلة . و مع ذلك، موضوعيا، الموقع الاجتماعي في ذلك الحين كان لعائلة لديها موارد اقتصادية كبيرة نسبيا. كانت تملك أراضي و يمكننا أن نقول أنها كانت لديها كل الامتيازات و الرفاهية لعائلة صاحبة أراضي ببلدنا.
تربيتي بالسنوات الأولى، الأشهر الأولى، نقدر نقول...أتعلم القراءة و الكتابة بمدرسة عامة في المكان الذي وولدت فيه، وسط الريف. فيما بعد أخذوني إلى سانتياغو دي كوبا و كان لدي تقريبا 5 أو 6 سنوات. كان علي أن أتعرض لوضع صعب، و تعرضت للجوع، رغم أن عائلتي كانت تبعث أموالا للبيت الذي كنت فيه بسانتياغو دي كوبا، و لكن، لظروف شتى، كنا مجموعة كبيرة نسبية من الشباب هناك و تعرضنا لوضع صعب جدا بتلك الفترة.
صحافي: يعني أنكم لم تتمتعوا بطفولة ذات امتيازات في الحقيقة.
فيدل: عندما كنت في البيت، نعم؛ لما نقلوني إلى سانتياغو، لا.يمكنني أن أقول أنني جعت، أنني عمليا أصبحت حافيا. كان ينبغي علي خياطة أحذيتي عندما تتخرب.
صحافي: هذا يفسر أشياء كثيرة.
فيدل: تعرضت لذلك الوضع عام و نيف. يمكن ألقول بأنني تعرفت على الفقر بتلك المرة.
هل يمكن أن يكون ذلك قد أثر علي؟ في الواقع لا أعلم، ل يمكنني التأكيد على ذلك. بعد ذلك دخلت... بعثوني إلى مدرسة خاصة بسانتياغو دي كوبا تحت إشراف أخوية دينية، إخوة لا سالي. هناك كنت تقريبا خمسة سنوات. فيما بعد بعثوني إلى مدرسة يسوعيين و هكذا درست الابتدائية و إلى الثانوية بمدارس من هذا النوع . كانت مدارس لعائلات ذات الامتياز نسبيا . ثمة عدة معطيات ساعدت على تطوير نوع من روح التمرد بداخليي. يمكن القول بأنني تمردت أولا ضد الظروف المجحفة السائدة في بيت العائلة الذي أخذوني إليها عندما كان عمري 5 سنوات. و حتى في نفس المدارس التي بعثوني إليها شعرت بروح التمرد ضد نوع من الإجحاف السائد بالمدرسة.
نستطيع أن نقول أنه خلال طفولتي ، تقريبا 3 مرات شعرت و كان عندي الإحساس بأمور بدت لي مجحفة و شجعت بنفسي شعور التمرد. ربما تلك العوامل ساعدت على تطوير ميزاج متمرد نسبيا و روح التمرد هذه ربما ظهرت لذلك فيما بعد بحياتي اللاحقة.
أما علاقاتي الاجتماعية لما كنت شابا ، بالإجازة، بالمدرسة، كانت تتطور مع الأطفال الفقراء جدا بالمكان الذي كنت أعيش فيه.
الصحافي: أيها القائد الأعلى، هل من الممكن التمعن بهذا الموضوع؟
فيدل: يمكنني أن أقول أنه على الرغم من الوضع الاقتصادي لعائلتي، دائما في الريف الذي وولدت فيه كانت عندي روابط بأبناء العائلات الكادحة أكثر لأنه لم تكن بعائلتي تقاليد ارستقراطية و ثالثا أن عملية طفولتي و مراهقتي أكثر من مرة جعلتني أتخذ موقف معارضة و تمرد ضد أمور كنت أعتبرها مجحفة.
رغم التربية الخاصة بتلك المدارس الخاصة، سادت أيضا بتكويننا مبادىء معينة تتعلق بالاستقامة.
الآن، ربما كان يتطور بتلك المرحلة من حياتي ميزاج، روح و لكنني لم اكتسب أي وعي سياسي. الوعي السياسي الذي ساعدني لتفسير الحياة، ساعدني لتفسير العالم، ساعدني لتفسير المجتمع، ساعدني لتفسير التاريخ، اكتسبته كطالب جامعي.خصوصا عندما بدأت أتصل بالأدب الماركسي الذي أثر علي تأثير خارق العادة، و ساعدني لفهم أمور التي لم يكن من الممكن فهمها أبدا بشكل آخر. هكذا أستطيع أن أقول أنني اكتسبت وعي السياسي بواسطة الدراسة، التحليل و الملاحظة؛ ليس بأصلي الطبقي. و لكنني لا أعتقد و لا بأي شكل من الأشكال أن الأصل الطبقي هو عامل لا يمكن تجاوزه.أعتقد أن وعي الإنسان يمكنه أن يرتقي على أصله الطبقي.
2- المونكادا
من معسكر الثكنة إلى الجبل.
اختارنا هذا المكان لأنه كان ينبغي علينا أن نبحث عن محطة لتجميع الرفاق قبل الهجوم على معسكر الثكنة مونكادا، إذن درسنا المواقع المختلفة. و خلال البحث، وجدنا هذا البيت مع مساحة صغيرة من الأراضي، كانوا يؤجرونها، إذن، بعد تحليل كل المعطيات، قررنا اختيار هذا البيت الذي كان يبعد عدة كيلومترات عن معسكر الثكنة و كان مرتبطا به بشارع يوصل مباشرة إليه.
تم تأجير البيت، و لكن كان لا بد من البحث عن تغطية حتى لا تعرف الحقيقة. و حسب الخطة التي وضعنا قدمناها كمزرعة لتربية الدواجن. لهذا ترون بعض المنشآت التي كأنها مخصصة للدواجن.، ولكن في الواقع كانت مخصصة لنخبي السيارات فيها . إذن، أجرنا البيت عدة أشهر قبل ذلك. تم تحضيره ببعض المنشآت الإضافية بحجة أنه لتربية الدواجن.
صحافي: حسب ما فهمت كان قريبا لبيت أحد العسكريين لباتيستا، مما يقلل بشكل ما أي شبهة.
فيدل: ممكن. ولكن، لم يكن هذا العامل الأساسي، و إنما أنه كان معزولا و بالطريق الذي كان يؤدي مباشرة إلى مواقع قريبة من معسكر الثكنة. و كان من الأماكن المتوفرة. لم يكن من السهل إيجاد بيت.
إذا هذا البيت سمح أولا بتجميع الأسلحة و أخيرا بتجميع الرفاق . كان لا بد من العمل بظروف السرية. و لهذا كان لا بد من اتخاذ جميع الإجراءات . و كان هناك حتى جار يعيش هناك، أمام هذا البيت، فلاح. و أصبحت هناك صداقة معه و كل شيء، و هو لم يتصور أن البيت كان لديه غرض ثوري. كان هناك رفيق من الحركة يعيش بسانتياغو دي كوبا، كان الوحيد من سانتياغو دي كوبا، لأننا ما كنا نريد تجنيد رفاق من سانتياغو لتقليل مخاطر عدم كتمان السر . لذلك كان لدينا كادر فقط من سانتياغو و هو ساعد على تأجير هذا البيت. فيما بعد جاء إلى هذا البيت أحد زعماء الحركة و أقام هنا بسانتياغو دي كوبا . و خلال عدة أسابيع كنا نجمع الأسلحة هنا .
صحافي: و لكن لا أحد من المهاجمين كان يعرف في الحقيقة الهدف حتى اللحظة الأخيرة.
فيدل: لا ، قيادة الحركة نعم، مجموعة من ثلاثة رفاق الذين ينتمون إلى نوع من الهيئة التنفيذية لقيادة الحركة. و الرفيق من سانتياغو كان لديه أيضا فكرة عن الهدف.و قد عطيت له تعليمات بالمراقبة على معسكر الثكنة و القيام باستكشاف حوله.
صحافي:انطلقت من هنا السيارات التي ذهبت للهجوم على معسكر الثكنة مونكادا.
من هنا، نعم. و تجمعت الأسلحة هنا . يوم 26 يوليو/ تموز كان يوم الأحد. و منذ يوم السبت في الليل كانوا يتجمعون هنا بهذا البيت.
الصحافي: هل المسافة هي نفسها؟
فيدل: إن المسافة هي لعدة كيلومترات ، لا أتذكر الآن تماما كم هي. هذا الشارع يوصل إلى أوتستراد يؤدي إلى معسكر الثكنة ، تكتيكيا كان أفضل مكان للقيام بهذه العملية. هنا كان هذا يموه بحجة إقامة مزرعة دواجن بهذا المكان. و في الواقع صدق الجميع أن هناك مزرعة دواجن، على الأقل الجيران القلائل الذين هم أمام البيت. ما زال يعيش هناك الجار الذي كان مقيما أمام البيت في ذلك الحين.
كانت هناك عدة أشجار للمنغا. لا أعرف إذا زرعوا بعضها فيما بعد. و لكن، بصفة عامة كان هذا الجو السائد في البيت.
صحافي: و لكنه لم يجري أي تدريب هنا، و إنما تجمعوا هنا فقط.
فيدل: لم يكن من الممكن القيام بتدريب هنا لأنه أمر لو حصل لأخضعهم لمخاطر ؛ إننا قمنا بالتدريب في هافانا. كانوا يجمعون الأسلحة فقط هنا و كان هناك شخص فقط في سانتياغو دي كوبا يعرف عن هذا البيت. رغم أن سانتياغو دي كوبا متمردة جدا و ثورية جدا لم نجند أحد من سانتياغو للمشاركة في هجوم و هذا للحفاظ على سرية الخطة.
صحافي: رغم كل شيء، هذا من الأمور المثيرة أكثر للإعجاب لدى الحركة، و التي يعكس عنها الآن التاريخ، كيف كان من الممكن بقاء تلك المنظمة السرية في ظل نظام بمثل هذا القمع ، منظمة كبيرة مثل هذه.
فيدل: كان صعبا جدا، في الحقيقة كان صعبا ففي ذلك العصر لم يكن عند الثوار منظمة و لا خبرة عسكرية .
صحافي: و لكنها أصبحت موجودة ب26 تموز/ يوليو .
فيدل: طيب، نحن...كان هناك العديد من الناس يتنظمون بتلك الفترة. أعتقد أن منظمتنا في ذلك العصر جند عدد أكبر من المقاتلين مما جندتهم باقية المنظمات. علاوة على ذلك كانت مجموعة عاقلة جدا و تلتزم بكتمان السر، ليس فحسب لنوعية أعضائها، بل و إنما كذلك لوسيلة التنظيم التي كنا نتبعها. كنا منظمين بالخلايا. لا أحد كان يتصل بغيره و لم يكن هناك اتصال بين الخلايا . كانت مجموعة القيادة أصحاب ثقة كبيرة. كنا نتقيد بأحكام السرية، لأنه، بتلك الفترة كانت هناك ثوريون كثيرون و كانوا يحكون و يتحدثون.لم يكتموا السرية.تقريبا كلما كان يتم القيام به ضد باتيستا كان يعرف.
صحافي: و كل هذا الاستيراد للأسلحة من قبل أصحاب بريو و كلما كانوا يفعلونه؟
فيدل: نعم، لأن أصحاب بريو كانت لديهم أموال ، و نحن لم تكن لدينا مال. و لذلك، كان ينبغي علينا أن نتصرف بعناية فائقة.هم كانوا يعملون دعاية بالأسلحة، كانوا يصنعون السياسة بالأسلحة.
صحافي: و أنتم لم تحصلوا على تلك الأسلحة؟
فيدل:في الواقع، حاولنا الحصول على القليل منها.قمنا بالتسلل بمنظمتهم. كان لدينا 360 رجل تسلل بمنظمتهم بهدف محاولة الحصول على الأسلحة.و لكن على ما يبدو كانت ختطنا طماعة جدا و في لحظة ما اشتبهوا منهم قليلا.
صحافي: و لكن كل الأسلحة التي كانت شرطة باتيستا تعثر عليها كانت...
فيدل: كانت أسلحتهم، من الحكومة السابقة، التي كانت تمتلك أموال كثيرة لأنها كانت تسرق كثيرا.
صحافي: كانت أسلحة موضوعة من قبلهم،و ببعض الأحيان من قبل الشرطة ، باكتات مع...
فيدل:لا، حسب رأي لا. إن قيادات الأحزاب السياسية التقليدية، و الحكومة التي كانت تستولي على السلطة و أزاحها باتيستا كانت لديها كميات كبيرة من المال. اشتروا الأسلحة، ادخلتها في البلد بطرق مبدعة جدا و جاؤوا بها . لم تؤيدهم الجماهير، لم يكن لديهم مقاتلون، كان لديهم مال، كانت لديهم أسلحة و لكن لم يكن لديهم رجال . و كانوا يحاولون بذل الجهود لتجنيد ناس من الشعب . و في تلك المرحلة حاولنا تسلل بعض الرفاق في منظمتهم بهدف الحصول على الأسلحة.
صحافي: و لكن الحركة كانت لديها عدد كبير من الأعضاء بتلك الفترة.
فيدل: طيب، نحن دربنا أكثر من ألف رجل. في ذلك العصر كان لدينا حوالي ألف و مائتين رجل.
صحافي: إلى جانب المدربين كانت المنظمة كبيرة جدا؟
فيدل: لم تكن كبيرة جدا رغم أن القاعدة كانت قاعدة معارضة و حقد لنظام باتيستا. ولكن المناضلين، الرجال المنظمين و المدربين كانوا حوالي ألف و مائتين رجل لأنه كانت هناك معارضة واسعة جدا لحكومة باتيستا. العديد منهم أصلهم أرثوذكسي، العديد من مقاتلي المونكادا، و لكن أصلهم كادح جدا، يعني أنها كانت منظمة على هامش تلك الأحزاب السياسية. أنا اخترت الناس من القطاعات الكادحة بشكل رئيسي،تم اختيار رفاقنا من القطاعات الكادحة للشعب، بين الذين كان موقفهم معارض لباتيستا.
صحافي: كنت أفكر أن العديد من مناضلي الحركة كانوا بالأرثوذكسية
فيدل: كانوا من الأرثوذكسية لأنه كان حزبا شعبيا لديه سمعة و نفوذ لدى الشعب و لكنه غير متجانس. كان الحزب الأرثوذكسي يتكون من الكادحين بشكل رئيسي، عمال، فلاحين و من البرجوازية الصغيرة. بذلك العصر كانت القيادة العليا لذلك الحزب بأيدي الطبقة المسيطرة في الحقيقة.
صحافي: و شبيبة الحزب الذي كنت تنتمي إليه...
فيدل: كانت هناك شبيبة بروح قتالية، و لكن القيادات الرسمية للحزب كانت أكثر أو أقل ملتزمة لا أقول بموقف طبقي، و إنما كانت تتلاءم بالنظام، نقدر نقول ذلك. أنا أنظم شبيبة ذلك الحزب، و لكن بشكل منفصل عن الرسمية. إنني قمت بعمل مع الشباب بالقاعدة بشكل رئيسي، الذين أصلهم كادح، من الشعب. لم تكن بمنظمتنا زعماء رسميين لذلك الحزب. كان عمل سياسي-ايديولوجي، لأنه تم...
فيدل: نعم، كان عمل سياسي-ايديولوجي.
صحافي: ولكن، لم يجر الحديث بعد عن أفكار اشتراكية بذلك العصر.
فيدل: لم يجر الحديث عن الاشتراكية بعد. في ذلك العصر نقدر نقول أن الهدف الرئيسي للشعب كان إسقاط باتيستا.و لكن الأصل الاجتماعي لجميع أولائك الناس الذين جندناهم كان يسهل تعليمهم المذهب السياسي.
على الأقل المجموعة، المجموعة الصغيرة التي عملت في تنظيم الحركة، كانت لديهم أفكار متقدمة جدا. كانت لدينا دورات الماركسية، و مجموعة القيادة، خلال كل تلك الفترة كنا ندرس الماركسية. و يمكننا أن نقول أن أهم زعماء المنظمة كانوا قد أصبحوا ماركسيين.
بالمفهوم الماركسي.
صحافي: بعد موت أو انتحار شيباس، كان يتأزم، لنقول، الفرق ما بين قيادة الحزب و الشبيبة.
فيدل: أستطيع أن أقول ما يلي:شيباس كان زعيما ذو كاريزما،كان يحظي بتأييد شعبي كبير ، و لكنه لم يتميز ببرنامج إصلاحات اجتماعية عميقة . كان برنامجه يقتصر في ذلك العصر على عدة إجراءات قومية أمام الاحتكارات اليانكية و بشكل رئيسي إجراءات ضد الفساد الإداري، ضد السرقات. كان برنامجه دستوري و كان يجري النضال من أجل الاستقامة العامة. كان بعيدا عن الاشتراكية.
يمكننا أن نشير إلى أن ذلك البرنامج كان يتطابق و طموحات البرجوازية الصغيرة ، التي كانت قد أصبحت لديها تناقضات مع الامبريالية، و كانت تتأثر بالاستغلال المستطرد الذي تمارسها الاحتكارات الموجودة بالبلد و كانت رايتها الرئيسية النضال ضد الفساد العام، ضد الاختلاس. و لكن، بجماهير ذلك الحزب كان هناك اليسار. يمكننا أن نقول أننا كنا يسار ذالك الحزب. لم تكن المجموعة كبيرة جدا، و لكنها كانت متكونة من رفاق من الجامعة و فيها كان بإمكانهم الاتصال بالأفكار الاشتراكية، بالماركسية الينينية، و كنا قد اكتسبنا وعي سياسي متقدم أكثر، كثيرا.
بشكل أنه عندما يتوفى شيباس،كان هناك حزب جماهيري كبير دون قيادة . القيادة كانت إصلاحية. و بتلك الجماهير كانت هناك مجموعة لديها أفكار متقدمة أكثر بكثير. بكلمتين: أنا بذلك العصر،بنهاية الدراسة الجامعية كان قد أصبح عندي مفهوم ماركسي للسياسة. خلال الدراسة بالجامعة ، جعلتني معرفة الأفكار الماركسية أكتسب وعي ثوري. و انطلاقا من تلك اللحظة كل الإستراتيجية التي وضعتها سياسيا كانت تدخل في إطار المفهوم الماركسي.
عندما جرى انقلاب 10 آذار/مارس كان لدي تكوين ماركسي. و لكننا نجد وضع بلد تعرض لانقلاب، حيث الحزب الذي يحظي بأوسع قاعدة شعبية ، قيادته سيئة، دون توجيه.أنا كانت عندي فكرة ثورية عملية،محددة، منذ ما قبل انقلاب 10 آذار/مارس.
الصحافي: و الحزب الاشتراكي الشعبي، هل كانت لديه إستراتيجية؟
فيدل: كان الحزب الاشتراكي صغيرا، نسبيا صغيرا؛ بالنسبة إلى أمريكا اللاتينية كان حزبا كبيرا، و لكنه كان معزولا جدا. بتلك الظروف، كل عصر الماكرتية، العداء للشيوعية، تمت محاصرة الحزب الشيوعي. إنني لم أكن مناضلا بالحزب الشيوعي، لأنه، حسب تربيتي، لأصلي الطبقي... أنا أصل إلى الجامعة و أكتسب الوعي الثوري فيها، ، و لكن بتلك الفترة أصبح عندي موقع بحزب ليس ماركسيا، و إنما شعوبيا أنا أرى أن ذلك الحزب كان لديه قوة سياسية جماهيرية كبيرة و بدأ يضع إستراتيجية لإيصال الجماهير إلى موقف ثوري منذ ما قبل انقلاب 10 آذار/مارس. كان عندي فكرة واضحة، لا بد من صناعة الثورة عن طريق الاستيلاء على السلطة و لا بد من الاستيلاء على السلطة بشكل ثوري. في ذلك العصر، قبل الانقلاب، أنا أكتسب هذه القناعة. بطبيعة الحال، قبل الانقلاب الإستراتيجية التي وضعتها أنا شخصيا كانت تتطابق و تلك الظروف. كان ذلك العصر سياسي، برلماني . إذن أنا أصبحت داخل الحركة. الأفكار الأولى للثورة، كنت أرى حتى إمكانية انطلاقها من البرلمنت،ليس لصناعة الثورة من خلال البرلمنت. كنت أفكر بالاعتماد على البرلمنت لاقتراح برنامج ثوري.
صحافي: لهذا قدمتم ترشيحكم؟
فيدل: كنت أفكر بالذات بالاعتماد على البرلمنت لاقتراح برنامج ثوري و بالالتفاف حول هذا البرنامج تعبئة الجماهير و السير نحو الاستيلاء الثوري على السلطة. منذ ذلك الحين لم أكن أفكر بالدروب التقليدية، منذ ما قبل 10 آذار/مارس.
مع أبيل سانتاماريا و شباب شجعان آخرين الذين سوف يشتركون في الهجوم التاريخي على معسكر الثكنة مونكادا.
لما جرى الانقلاب كان لا بد من تغيير كل تلك الإستراتيجية. لم يعد هناك حاجة إلى الاعتماد على الدروب الدستورية.
صحافي:و لكن انقلاب 10 آذار /مارس لم يحصل لتجنب الثورة، و إنما لتجنب الاستيلاء على السلطة من قبل الحركة الإصلاحية بكوبا أو من قبل حزب تقدمي تقريبا أو...؟
فيدل: يبدو لي أن انقلاب 10 آذار/ مارس يحصل للحيلولة دون انتصار حزب تقدمي، و لكننا نقدر نقول أنه تاريخيا أوجدوا الظروف لتطوير حركة ثورية. ها هي الحقيقة. هم يحاولون الحيلولة دون تطوير حركة تقدمية نقدر نقول أنهم تاريخيا أوجدوا الظروف لتطوير حركة ثورية. ولكن بظروف كوبا، أعتقد أنه كان ممكن حتى ترويج الثورة حتى قبل 10 آذار/مارس.
قبل 10 آذار/مارس أنا كنت شيوعيا، و لكن الشعب لم يكن بعد شيوعيا.لم تستجيب الجماهير الكبيرة لتفكير سياسي جدري و إنما كانت تستجيب لتفكير سياسي تقدمي، إصلاحي،و لكنه لم يكن بعد تفكير شيوعي.
صحافي: علاوة على ذلك كانت تؤثر على ذلك مشكلة العداء للشيوعية ،الماكارتية.
فيدل: كثيرا، كثيرا، لأننا كنا مستعمرة اقتصادية و كذلك اديولوجية للولايات المتحدة.و لكنني اكتسبت ذلك الوعي كطالب جامعي.
أسلحة بالقرض
الصحافي:أيها القائد الأعلى، هل ركبتم بهذا المكان بالذات السيارات التي ذهبتم فيها؟
فيدل: هناك بئر حيث كنا نحتفظ بالأسلحة، لأننا حصلنا عليها من دكاكين و مخازن الأسلحة و هي أسلحة للصيد : بنادق 22 ، عيار 22 و أسلحة للصيد،لصيد البط و الحمام، و لكنها لم تكن غير مؤذية . إننا اشترينا عدد كبير من بنادق الصيد و حصلنا على الدخائر ليس لصيد البط و إنما الأيل و الخنزير البري. يعني أنها كأسلحة لم تكن غير مؤذية في الحقيقة. و لكن باتيستا كان يشعر بالاطمئنان إلى حد الذي كانت دكاكين الأسلحة مفتوحة . هم كانوا يشعرون مطمئنين جدا بسلطتهم العسكرية.
صحافي: و لكن لم تكن هناك أسلحة حربية .
فيدل: لا، لم تكن هناك أسلحة حربية.و لكننا على الأقل استطعنا أن نحصل على أسلحة فعالة.حصلنا عليها شرعيا، شرعيا حصلنا على أسلحتنا. كان لدينا رفاق يلبسون كالصيادين، كالبرجوازية ، كانت لديهم هوياتهم،و هم اشتروها في دكاكين الأسلحة.
يجب أن نقول أن العمل كان فعالا جدا ، ومخازن الأسلحة أعطتنا قرضا و الأسلحة الأخيرة اشتريناها تقريبا كلها بالقرض.
الصحافي: و بعد ذلك وضعتموها هنا بالبئر.
فيدل : أغلبيتنا وصلت إلى هنا يوم الجمعة، يوم قبل 26 تموز/ يوليو. اشترينا الجزء الأكبر من الأسلحة و انتقلوا إلى هنا بالحافلة أو بالقطار. أسلحة حربية بالذات كانت لدينا 3 أو 4 بنادق . أسلحتنا كانت بنادق أعيار 22 أو 12 ، بنادق صيد أوتوماتيكية. و رشاشة واحدة، م-3 كانت تستخدم للتدريب في الجامعة، لأننا استخدمنا كثيرا الجامعة لتدريب الناس.
الصحافي: و لكن، كان عليكم أن تخرجوا من هنا ، في لحظة ما، لم أفهم.
فيدل: بذلك العصر كان هناك تنافس كبير ما بين المنظمات الشبابية. كان العديد من الشباب يفكرون أنهم وريثو التقاليد الثورية، ولكن حركتنا كانت قد كسبت تأييد عدة كوادر جامعية و هم أعطونا فرصة لتدريب رفاقنا بالجامعة. خاصة بيدرو ميريت، الذي هو اليوم عضو المكتب السياسي و كان مسؤولا عن التدريب بالجامعة. هم كانوا يدربون الجميع و لكننا حققنا الانتماء إلينا لأولئك الرفاق الذين كانوا يعملون هناك، خاصة بيدرو ميريت و استخدمنا الجامعة لتدريب رفاقنا الذين لم يكونوا جامعيين و إنما كان أصلهم شعبي.
الصحافي: أيها القائد الأعلى، إذن، خرجتم من هنا؟
فيدل: هنا جمعنا الأسلحة و هنا تجمع الرفاق الذين هاجوا على معسكر الثكنة مونكادا. مائة و خمسة و ثلاثين رجل اجتمعوا هنا بفجر يوم 26 تموز/ يوليو، بينما كانت مجموعة أخرى بمنطقة بايامو. لأننا عسكريا كنا نفكر بالاستيلاء على المونكادا و بايامو حتى تصبح لدينا طليعة منظمة بالقيادة الرئيسية للهجوم المضاد المحتمل ضد باتيستا.
صحافي: أيها القائد الأعلى، ولكن، استراتيجية المونكادا كانت الاستيلاء على هذا المعسكر لتسليح الشعب فيما بعد و مواصلة الحرب؟
فيدل: نحن كنا نفكر بالحصول على أسلحة المعسكر، كنا نفكر بدعوة الشعب إلى الإضراب العام، انطلاقا من وضع السخط و الحقد تجاه باتيستا و كنا نفكر بالاعتماد على المحطات الوطنية للإذاعة للدعوة إلى الإضراب العام.إذا لم يتحقق تعطيل البلد كان هدفنا الذهاب إلى الجبال لخوض حرب غير نظامية في الجبال.
صدف التاريخ.
صحافي:يعني أنكم كان لديكم خطة للحركة الفدائية.
فيدل: كان لدينا خياران.أحدهما محاولة تحقيق الانتفاضة الوطنية لإسقاط باتيستا. و إذا لم تتحقق الانتفاضة الوطنية أو بحالة رد باتيستا بقوات متفوقة علينا و الهجوم علينا بسانتياغو دي كوبا، كانت فكرتنا بأسلحة معسكر الثكنة مونكادا، الذهاب إلى الجبال و خوض الحرب غير النظامية بالجبال. و كان هذا بالضبط ما فعلناه بعد ثلاثة سنوات. إن الإستراتيجية التي وضعناها للمونكادا هي التي أوصلتنا إلى الانتصار فيما بعد، أما بالمرة الثانية لم نبدأ بالمونكادا ، بل بجبال سيرا مايسترا. خضنا الحرب بجبال سيرا مايسترا و في النهاية قضينا على باتيستا بنفس هذه الإستراتيجية بالجوهر.
بحيث أن إستراتيجية المونكادا هي التي اتخذناها – بصفة عامة - و فيما بعد اسقطنا باتيستا اعتمادا عليها .و لكن هذا لم يحدث بتلك اللحظة.
الآن أنا مقتنع بأننا لو استطعنا الاستيلاء على معسكر الثكنة و الحصول على الأسلحة و لو بدأنا الحرب ضد باتيستا آنذاك لقضينا عليه سابقا، و لكن لا بد من رؤية توازن القوى في عام 1953...
أعتقد أننا لو قضينا على باتيستا في عام 1953، لأحبطتنا الامبريالية، لأنه ما بين 1953 و 1959 جرى هناك تغير مهم جدا في توازن القوى في العالم.
صحافي:كانت الحرب الباردة لا تزال بأوجها.
فيدل: و كانت الدولة السوفيتية لا تزال ضعيفة نسبيا. و يجب أن نرى أن الدولة السوفيتية ساعدتنا بشكل حاسم. لم تكن تستطع أن تقم بذلك بعام 1953. هذا هو رأي.
يعني، أننا لو انتصرنا بعام 1953 لافشلت ذلك الامبريالية. فيما بعد. و لكن، ست سنوات بعد ذلك كانت اللحظة بالذات، بالضبط ، التي كان يسمح لنا توازن القوى فيها بالبقاء.ربما لم نستطيع أن نبق بعام 1953 ، لو كنا انتصرنا .
صحافي:لكنتم تجذرتم
فيدل: ولكننا انتصرنا بعام 1959 و كانت هناك فرصة للبقاء.ها هو تقديري.
صحافي: فرصة.
فيدل: نعم، نعم، فرصة.
صحافي: هذه عبارة ذات مغزى، أن تقولوا أنتم فرصة، لأنها في الحقيقة كانت ضيقة جدا ل...
فيدل: ماذا كنا نستطيع أن نفعله بعام 1953
. لو كنا انتصرنا لطبقنا البرنامج الثوري الذي كنا نؤمن به، و هذا البرنامج، لو طبق لأدى إلى الهجوم الامبريالي علينا و الذي لأدى إلى إسقاطنا. بحيث أن الثورة لو انتصرت بعام 1953 لم تستطع البقاء ، ها هي صدف التاريخ.
عامل المفاجأة
صحافي: طيب، أيها القائد الأعلى، نواصل معكم؟
فيدل: نفعل ما تريدونه. هل تريدون رؤية الأسلحة هنا؟ تعالى. ها هي البندقية م-1 ، سلاح حرب الوحيد الذي كان يتوفر لدينا.
خطاب الزعيم الطلابي
هنا تم اختيار مجموعة من الأسلحة التي كنا نستخدمها. هذا سلاح الحرب الوحيد الذي كان لدينا، م-1، كان ملكا للجامعة. كنا نتدرب هناك، بالجامعة مع هذه البندقية. كانت لدينا ثلاثة بنادق مثل هذه. و لكن هذه البندقية، هي من عصر بوفالو بيل تقريبا، بندقية 44. أغلبية أسلحتنا كانت من هذا النوع، بنادق للصيد، عيار 12، عيار16 و بنادق22 مم. بهذه الأسلحة... هذه اشتريناها كلها بدكاكين الأسلحة. يمكننا أن نقول أنها كانت أسلحة فعالة، كانت بنادق أوتوماتيكية.و هذه كذلك كانت أوتوماتيكية كانت لديها دخائر خاصة اشتريناها. و اعتقد أنها أسلحة فعالة، إلى حد اليوم هي أسلحة فعالة.
طبعا، لم يكن لدينا أي بازوك، و لا مدفع مضاد للدبابات، و لا هاونات. لكان أفضل لو كان لدينا كل ذلك . و لكنه كان لدينا تلك الأسلحة بذلك العصر و تلك هي الأسلحة التي حضرنا بها الهجوم على معسكر الثكنة مونكادا.
أمر آخر. كنا قد حصلنا على بدلات الجيش، كل بدلاتنا كانت بدلات الجيش و كنا حصلنا عليها عن طريق رفيق لنا كان بجيش باتيستا، إذن 135 رجل كانت لديهم بدلات الجيش.
عامل المفاجأة كان العامل الحاسم بالعملية بهذه الأسلحة و بهذه البدلات للجيش.
كنا نذهب للاستيلاء على القلعة العسكرية الثانية من جيش باتيستا و كان فيها أكثر من ألف رجل. و كان من الممكن الاستيلاء عليها، حتى اليوم أفكر أنها لم تكن خطة سيئة، كانت خطة جيدة.
صحافي:كانت المشكلة انحراف القوة الأخرى.
فيدل:المشكلة الأساسية هي أنه بمناسبة الكارنافال، و نحن كنا قد خططنا عمليتنا خلال الكارنافال من أجل تعبئة قواتنا بشكل أفضل، بتلك الأيام بالذات عززوا الحراسة، و وضعوا حراسة قوزاقية حول الفرقة ، الأمر الذي عقد الأوضاع نهائيا حدث اصطدامنا بالحرس القوزاقي و قد وضعوهم حول معسكر الثكنة و بالشارع الرئيسي الذي كنا فيه . و حدثت معركة خارج الثكنة . لو لم يحدث ذلك لكنا استطعنا الاستيلاء على الثكنة تماما.
صحافي: يمكن التقاط صورة هناك.
فيدل: بهذا البئر خبأنا الأسلحة، و على هذا البئر أبيل سانتا ماريا و هو الرفيق الذي كان مسؤولا عن البيت، وضع هذه الخابية و وضع التراب فيها و زرع شجرة . يعني أن أسلحتنا كانت تحت شجرة انزرعت هنا و هكذا كان كل شيء بيوم 26 تموز/يوليو، أزلنا الشجرة و الخابية و أخرجنا الأسلحة ( تواصل المقابلة بينما فيدل يسوق الجيب نحو معسكر الثكنة مونكادا)
صحافي: كم سيارات كانت؟
فيدل: كان المجموع...خرجت أولا السيارات مع الرفاق الذين سوف يقومون بالاستيلاء على المستشفى المدني؛ كانت ثلاثة. فيما بعد السيارات التي فيها الرفاق الذين سيقومون بالاستيلاء على قاعة الجلسات القانونية ؛ كانت سيارتان و فيما بعد كانت تذهب معي السيارات التي تذهب للاستيلاء على الثكنة ، و كانت حوالي 14 التي سيارة تذهب معي . كان معي حوالي 90 رجل للاستيلاء على الثكنة.
صحافي: إذن كان هناك عدد من الرفاق لديهم أهداف أخرى؟
فيدل: نعم، 35 كانت مهمتهم الاستيلاء على المستشفى المدني و قاعة الجلسات القانونية، للاحاطة بالثكنة.
صحافي: /إذا ما هي مهمة أخيكم ، راؤول؟
فيدل: راؤول كان يذهب للاستيلاء على المستشفى المدني، ليس المستشفى المدني و إنما قاعة الجلسات القانونية بسانتياغو دي كوبا ، التي تحيط بالثكنة. و أبيل كان ذاهبا إلى المستشفى المدني . أنا بعثت المسؤول الثاني، الذي كان أبيل إلى المستشفى المدني ، حتى لا تبقى المجموعة دون قيادة في حال قتلي. تفهم؟ و راؤول كان يذهب إلى قاعة الجلسات القانونية . أي أننا كنا سنستولي على العمارات المحيطة بالثكنة بالتزامن مع الهجوم على الثكنة.
و تتصور أننا كنا نذهب من هنا متوترين، بهذا الطريق، ولكن بعزيمة كبيرة. بالتأكيد لم يكن لدينا أي شك بانتصارنا. . أصعب شيء حتى تلك اللحظة كان قد تحقق، أي تنظيم الرجال، تدريبهم، الحصول على الأسلحة و تحضير الهجوم.
صحافي: طبعا، دون الوقوع بالقمع.
فيدل: طبعا.
صحافي: و هذا الجبل، أمامنا ، هي الحجرة الكبيرة؟ هل هذا المكان الذي ذهبتم إليه فيما بعد؟
فيدل: عدنا فيما بعد إلى هنا، إلى البيت، في محاولة لإعادة تنظيم الناس، و بمجموعة 10 إو 12 رجل ذهبنا إلى الجبال. و لكن أسلحتنا، التي كانت جيدة للكفاح في الثكنة، لم تكن جيدة للكفاح في الجبال.
صحافي. أ لم يكن مداها طويل؟
فيدل: كان مداها قصير جدا.
صحافي: أتصور أن الصورة كانت مختلفة تماما، لأنه لم تكن مواشي هناك.
فيدل: لا، كل هذا جديد. إذا تريدون ، حافظوا على مواد التسجيل إلى أن نصل إلى هناك.
صحافي: نعم، نعم، المواد متوفرة.
فيدل: كان بهذا الجسر. الحادث المهم الوحيد هو أن هذا الشارع ضيق و عندما كنا نسير كانت تأتي سيارة و توقفنا و كان علينا أن ننتظر حتى تمر.و واصلنا السير من هنا.
مثلما ترون كان البيت قريبا من الثكنة . هنا لفينا للدخول بمعسكر الثكنة.
صحافي: بمناسبة الهجوم ، واصلتم السير نحو الأمام؟
فيدل: من هنا، واصلنا السير من هنا.(يصل فيدل و الصحافيون إلى معسكر الثكنة مونكادا، حيث الحديث يستمر)إذن سأقول لكم أين تحدث الأزمة؛ الأزمة تحدث هنا . لماذا؟ لأن الحرس القوزاقية كانت تأتي إلى هنا بهذا الاتجاه، نجدها هنا. ؛ و لكنه مرت سيارة أمامنا و هي التي كانت عليها خلع أسلحة حرس محطة الحراسة . وصلت تلك السيارة و أخذت أسلحتهم. كانت تلك السيارة تسبقنا بمائة متر . ولكن الحرس القوزاقية رأت السيارة تخلع أسلحتهم و أصبحت في حالة استنفار .
في مزرعة سيبوني، حيث تجمع المهاجمون على معسكر الثكنة مونكادا منذ 25 سنة ، فيدل يرد على أسئلة الصحافيين.
كانت الحرس القوزاقية جنبي و أنا كنت أخذ المسدس لأعتقل الحرس القوزاقية. و تدرك الحرس القوزاقية أننا هناك و ستطلق النار و أنا أندفع بالسيارة نحوهم . كان هنا في هذا المكان بالضبط .تنسحب الحرس القوزاقية، أنا أنزل من السيارة بعدما عملت بعض الحركات لأنني كنت أسوق هنا و أخرج المسدس. إذن، عندما أوقفت السيارة ، فكر الرفاق بالسيارات ورائي أننا بالثكنة ، نزلوا من السيارات و هاجموا على هذا المكان . إذن كان ينبغي علي أن أنزل حتى أخرج الناس من هذه العمارة لمواصلة الهجوم، و لكننا أتأخر 5 أو 6 دقائق بذلك. عندما نركب السيارة مرة أخرى، هناك سيارة تقدمت، تأخرت و اصطدمت بسيارتي. و كانـت النتيجة أن المعركة بدأت تجرى خارج معسكر الثكنة، و كانت على المعركة أن تجري داخله.
صحافي: إذن جرت تعبئة معسكر الثكنة
فيدل: أصبحت إذن الفرقة في حالة التعبئة و نظمت دفاعاتها. و هذا يحول دون...لأنه في الحقيقة الحرس القوزاقية كان شيئا جديدا، وضعوها بمناسبة الكارنافال. إن الخطة في الحقيقة... سأقول لكم...لا أعرف إذا يمكننا أن نمشي من هنا، أعتقد أنه لم تكن أشجار هنا بذلك العصر. كان يبدأ الهجوم هناك، هناك.
صحافي: كان يجب أن يبدأ هناك.
فيدل:كان يجب أن يبدأ كل شيء هناك عندما نلف على محطة الحراسة. ولكنه جرى اللقاء مع الحرس القوزاقية، كان لدي في الحقيقة غرضان، واحد حماية الذين استولوا على محطة الحراسة و ثانيا أن نأخذ الأسلحة من الحرس القوزاقية.أعتقد أننا لو واصلنا السير دونما نبالي بمحطة الحراسة لتم الاستيلاء على معسكر الثكنة.
صحافي: في تلك اللحظات.
فيدل: نعم، نعم، كنا فاجأناه ؛لأنه لو رأىسيارة بالأمام، واحدة وراء وأخرى وراؤها ، لم تكن تطلق النار الحرس القوزاقية. اليوم أدرك ذلك، ولكن في ذلك الحين حاولت حماية الذين استولوا على محطة الحراسة و حاولت أخذ أسلحة الحرس القوزاقية. و نتيجة لذلك تحدث المعركة خارج معسكر الثكنة ؛ و الناس الذين لم يكونوا يعرفون بشكل جيد معسكر الثكنة يهاجمون على جميع تلك الأماكن. و كان على أن أقوم بإعادة تنظيم الرفاق للقاء. عندما راح ندخل بمعسكر الثكنة تجري حادثة سيارة تصطدم بسيارتي.
صحافي: لأن رفاقكم لم يعرفوا سانتياغو في الحقيقة.
فيدال : هم ما كانوا يعرفوها، كان عليهم أن يتوقفوا حيث أقف.و لكن في الحقيقة بذلك الحين ، عندما أرى أن الحرس القوزاقية ستطلق النار على رفاقي بمعسكر الثكنة حاولت حمايتهم و ذهبت لاعتقالهم . هم يروننا، راح يطلقوا النار و أنا أندفع بالسيارة عليهم و أصبح هناك إطلاق النار و هذا يحصل خارج معسكر الثكنة.
صحافي: إذا كانت هذا أخطر حادث.
فيدل: كان هذا الأخطر، لو لا ذلك الحادث مع الحرس القوزاقية لتم الاستيلاء على معسكر الثكنة لأن المفاجأة كانت كاملة. كانت خطة جيدة.و لو كانت هناك حاجة إلى وضع خطة بالخبرة المكتسبة، لكانت الخطة تقريبا كما هي. يعني أنه جرى حادث أثر على جميع الخطة، ها هي الحقيقة. يفشل الاستيلاء على معسكر الثكنة للقاء مع الحرس القوزاقية، كان ينبغي علينا مواصلة السير.
صحافي: لماذا أطلقت عليها اسم الحرس القوزاقية.
فيدل: أطلقت هكذا على الحرس الذين يتجولون حول معسكر الثكنة ، كانوا يذهبون إلى الطريق الرئيسي الواسع و يرجعون. وضعوها بمناسبة الكارنافال، يعني أن ذلك لم يكن متوقعا ، هذا الحرس. على ما يبدو وضعوها بمناسبة الكانافال لتجنب حوادث ذات الأهمية القليلة. لم يشتبهوا و لم يتصوروا أن معسكر الثكنة سيتم الهجوم عليه. ، ولكنهم وضعوا هذا الحرس بمناسبة الكارنافال بسانتياغو ، سابقا ما كان لديهم هذا الحرس، وضعوها بتلك الأيام.
صحافي: من جهة أخرى كان الكارنافال يشكل عامل لصالحكم.
فيدل: كان يساعدنا لأنه كان يسهل الحركة بأقل شبهة ، ينعي أن الكارنافال ساعدنا ولكن من جهة أخرى ، بسبب الكارنافال وضعوا هذا الحرس الإضافي غير الموجود عادة و يجري هذا الصدام معنا على 80 متر من الدخول بمعسكر الثكنة. لو لا ذلك لنزل الجميع هنا من السيارات و لتم الاستيلاء على معسكر الثكنة و كنا لا بسين كالجنود و إذا يتم الاستيلاء على الحرس، يتخندقون هنا ، المشكلة أنهم يقومون بتعبئة الفرقة ؛ لو لا ذلك لكانت الفرقة نائمة، كنا حاصرناهم لأننا قمنا بالاستيلاء على غرفة الجلسات القانونية و العمارات المحيطة كنا نسيطر عليها ، العمارات الرئيسية التي تحيط بمعسكر الثكنة. إذن لقمنا بالاستيلاء على هذا الجزء و لوضعناهم بالفناء. طبعا، كان من الممكن حدوث مجزرة، و تبرهن بالصدام مع الحرس القوزاقية حيث كان إطلاق النار عنيف، عنيف جدا...أنا أفكر أن رفاقنا لم تكن لديهم بعد الكثير من الانضباط الناري. و إلا لكنت وصلت إلى هنا و أطلقت النار كذلك، و بهذا الحال لحدثت مجزرة، لا شك عندي حول ذلك.
صحافي: و الآن توجد مدرسة بهذا معسكر الثكنة. يمكن رؤية الطلائع...
فيدل: نعم، مدرسة. أسقطنا الجدران و كل هذا . البعض ينتقد ذلك . يقولون أنه كان لا بد من ترك المكان كمكان تاريخي ولكن في مطلع الثورة لم تكن لدينا العديد من المدارس و لم نكن نفكر بالتاريخ ، إذن أسقطنا الجدران و أقمنا مدرسة.
صحافي: ولكنه مكان تاريخي.
فيدل: لدينا هنا متحف صغير هنا.ربما يوما ما من الأفضل إعادة بناء الجدران و تركه كما كان بالأصل.
نعمل من أجل الانتصار
صحافي: أيها القائد الأعلى، كما ذكرت، كنت أريد أن انتقل إلى موضوع آخر، كما ذكرت، قبل الحديث عن قضايا سياسية عامة. هناك مسألة قد أثار كثيرا على أي واحد يعرف تاريخ كوبا ، عزلكم بعد هزيمة المونكادا، بمأساة عدد كبير من الرفاق الذين قتلوا. هزيمة، هذا واضح...كيف بهذا العزل، بزنزنة العزل لم تسقط معنوياتكم، لم تتخلى عن النضال ، واصلتم تحضير سيبرؤني التاريخ، وضعتم وثيقة سياسية كانت الأساس لمواصلة النضال و الذي كان برنامج الثورة؟
فيدل: في الحقيقة كنا نعمل للانتصار و ليس للهزيمة.عانينا بانتكاسة قاسية جدا . و علاوة على ذلك كلفت هذه الانتكاسة تضحيات رفاق كثيرين، إذا كنت أشعر نفسي قبل الهجوم على المونكادا أنني ملتزم بالبلد، بعد الهجوم شعرت أنني ملتزم أكثر بكثير. انطلاقا من أغراضنا و نيتنا لم أكن استطيع أن أتصرف بطريقة أخرى و الآن بالمزيد من العزيمة و الروح النضالية. لا أحد كان يعلم كيف يستطيع أن ينتهي كل ذلك . و لم نعلم إذا راح يقتلوننا. ولكن بطبيعة الحال، كان ينبغي علينا أن ندافع عن أفكارنا، كان ينبغي علينا أن ندافع عن حقيقتنا. يمكن القول أنه بظروف مثل هذه الإنسان لديه حافز إضافي ، أكبر مما هو بالظروف العادية و من هذه الصعوبات يكتسب القوة لمواجهة المشاكل. و الجوهري أكثر أننا كنا مقتنعين بشكل مطلق بأن الحق معنا. و هذا العامل كان يعطينا القوة لمواجهة مثل تلك اللحظات الصعبة و التعميق أكثر و طرح أهداف نضالنا أمام الشعب و مواجهة الحملة الحكومية للافتراءات و خلق الظروف حتى لو لا يستطيع جيلنا القيام بتلك المهام، فتقوم بها الجيل الآخر. يعني، زراعة البذر و تقديم مثال يحظى به و هو ليس مثالي الشخصي ، بل و إنما مثال كل الرفاق الذين كانوا يناضلون و قدموا تضحياتهم. كان واجبنا بذل قصارى المجهودات حتى لم تمر تلك التضحيات دون جدوى.
صحافي: و في تلك اللحظة الهائلة استلحمتم بمارتي، صحيح أيها القائد الأعلى؟
فيدل: في الحقيقة كلنا، كل جيلنا تأثر كثيرا بمارتي و بالتقاليد التاريخية لوطننا و قد كانت تقاليد نضالية قاسية جدا من أجل الاستقلال و تقاليد باسلة فعلا ، كانت تؤثر علينا كثيرا، على جميعنا. كان هناك تأثير مزدوج علي بذلك الحين و إلى حد اليوم.تأثير تاريخ وطننا ، تقاليده، تفكير مارتي، و التكوين الماركسي –اللينيني الذي اكتسبناه في الحياة الجامعية.
دائما كان هناك هذا الربط ما بين التأثيرين، تأثير الحركة التقدمية الكوبية ، الحركة الثورية الكوبية ، تفكير مارتي و التفكير الماركسي اللينيني، و هذا كان يؤثر على جميعنا. لا يمكن الفصل ما بين الأمرين بتاريخ بلدنا. لأن مارتي بعصره أدى مهمته و كان أعلى تعبير عن التفكير الثوري في ذلك العصر . نقدر نقول أنه بالنسبة إلينا الربط ما بين هذا التفكير الوطني ،هذا التفكير الثوري والتفكير الثوري الأحدث، أي الماركسية الينينية ، هذا الربط كان من العناصر التي أثر أكثر علينا و من التي كانت تلحمنا أكثر. و ما كان يمكن أن يكون بشكل آخر ، لأنه ببلدان مثل كوبا هناك ارتباط وثيق ما بين التحرر الوطني و التحرر الاجتماعي .
مارتي كان يرمز تفكير مجتمعنا و شعبنا في النضال من أجل التحرر الوطني . و كان يعني ماركس، اينجيل ، لينين التفكير الثوري في النضال من أجل الثورة الاجتماعية . توحد بوطننا التحرر الوطني و الثورة الاجتماعية و هما راية نضال جيلنا.
صحافي: أيها القائد الأعلى، حدثنا كثيرا الرفيق ألكيدي حول العملية بجزيرة الصنوبر و شرح لنا جيدا كيف تقوت إيديولوجيا المجموعة القيادية و كنت أريد أن أسألكم هل كنت تثق دائما بإمكانية الوصول إلى عفو عن طريق العمل السياسي للحركة و لقوة سياسية أخرى أو فكرتم بإمكانية الهروب من أجل مواصلة النضال، بالتأكيد لم تفكروا بالبقاء في السجن 15 سنة .
فيدل: لا، في الحقيقة لم أتصور أنني سأبقى هناك 15 سنة ، ولكنني كنت أفهم بشكل جيد الوضع السياسي للبلد. ساد هناك حقد معمم جدا ضد باتيستا و هو كان ضحية لتناقضاته. هو كان يحاول تشريع النظام و خلق الظروف السانحة للانتخابات، حتى لو كانت مزورة ، على الأقل ستعطي تغطية للدكتاتورية الباتيستية. و كنا نعلم أنه، للمعنويات السائدة بالرأي العام لم يكن من الممكن بذل أي محاولة لإيجاد حل شرعي لوضع كوبا دون العفو عن السجناء السياسيين. إضافة إلى ذلك، كنا نرى بحساباتنا أن باتيستا كان يشعر نفسه قويا و مطمئنا و كان يستخف الثورة و الثوار و في لحظة معينة، كجزء من اللعبة السياسية ، كان سيرى مضطرا لتشجيع العفو.
كنا نحاول...أولا كنا متمسكين بموقف ثابت جدا ، متمرد جدا، ذو كرامة بالسجون و بطبيعة الحال، كنا نشجع نضال الجماهير من أجل العفو. ولكن منذ ذلك الحين كنا نعمل بتنظيم الحركة و كنا نضع الخطط للمستقبل، عندما ترى الحكومة نفسها مضطرة على إصدار العفو. و جرى هكذا بالضبط.
عندما خرجنا من السجن كان لدينا إستراتيجية نضالية . الأهم، برأينا كان البرهان على عدم وجود حل سياسي، يعني، حل سلمي لمشكلة كوبا مع باتيستا، ولكن كان لا بد من البرهان على ذلك أمام الرأي العام، لأن البلد لو كان يرى نفسه مضطرا على العنف ليس الحق على الثوار، و إنما الحق على النظام. إذن كنا نطرح أننا مستعدون لقبول حل سياسي للمشكلة بواسطة شروط معينة و ظروف معينة ، كنا نعلم أنها لن تتوفر أبدا.و كانت تكفي عدة أسابيع للبرهان أمام الرأي العام بأن تلك الإمكانيات للحل السياسي لمشكلة كوبا مع باتيستا غير متوفرة.
دائما كنا قلقين جدا و كان يؤثر على ذلك أيضا التقليد المارتي- بأن الحرب هي آخر سبيل . و مارتي خلال النضالات من أجل الاستقلال أصر كثيرا على أنه إذا كانوا مضطرين للجوء إلى الحرب ، هذا لعدم وجود أي سبل أخرى. هذا كان جزء من التقليدي السياسي لتاريخنا. نحن، بنفس الشكل حاولنا أن نبرهن أنه لم يكن هناك حل سياسي مع باتيستا. بعدما كان هذا مبرهن حسب رأينا، بدأنا من جديد بتحضير الكفاح المسلح.
3-جبال سيرا
تحضير العودة
انتقلنا إلى المكسيك المسؤولون المعروفون أكثر ، فبعد المونكادا كنا معروفين جدا في البلد.كانت إستراتيجيتنا تتركز على تحضير الحركة داخليا و في نفس الوقت إعداد بعض الكوادر في الخارج، لخوض النضال بالتزامن في لحظة ما ، مع وصول الذين كنا في الخارج. كانت مهمة لتدريب الكوادر عسكريا بشكل رئيسي و تجميع حد أدنى من الأسلحة اللازمة لاستئناف الكفاح. . لهذا انتقلنا إلى المكسيك، فكان هناك دائما تقليد التضامن و استضافة و حفاوة المهاجرين من مختلف البلدان. قمنا بمهمتنا دون أي تأييد رسمي، لامباشرة و و لا بشكل غير مباشر، يعني، قمنا بعملنا دون أي تأييد رسمي. و بالمكسيك أدينا مهمتنا بشكل سري.
تعرضنا لبعض المشاكل من الناحية القانونية، لأن نشاطاتنا رغم أنها غير موجهة ضد الدولة المكسيكية، على كل حال كانت تعني نوعا من انتهاك القوانين المكسيكية، نشاطات مثل تجميع الأسلحة و تدريب الناس. هذا سبب لنا بعض المشاكل . كانت هناك عدة لحظات صعبة : بعضنا اعتقلنا، ولكن في تلك اللحظات ساعدنا كثيرا أن العميد لاثارو كارديناس، الرجل ذو أكبر سمعة و أكبر توجه أممي في المكسيك بالآونة الأخيرة،اهتم بوضعنا . لاثارو كارديناس كان لديه سمعة كبيرة بالمكسيك و اهتمامه بنا ساعد على حل وضعنا القانوني و خفف إلى حد ما القمع الذي كنا نعاني به بالمكسيك . هذا سمح لنا بكسب الوقت و تكملة التحضيرات للعودة إلى كوبا.
السجن بعد العمل الجريء ل26 تموز/ يوليو عام 1953.
في الحقيقة ، باتيستا كان يعمل كذلك بشكل نشيط.كان لديهم عملاء يدفع لهم بالمكسيك، يعني، عملاء كوبيين و كان يحاول أن يؤثر بولاية و منها إلى ولاية أخرى لتحقيق قمع نشاطاتنا بالمكسيك.عندما خرجنا من المكسيك في أواخر عام 1956، خرجنا بشكل سري تماما. و في ذلك الحين كانت تلاحقنا السلطات لشكاوى حكومة باتيستا ضدنا.
لا أنتقد السلطات المكسيكية ، ففي تلك الظروف كانت تحق لها بالكامل تجنب أي شيء ينتهك القوانين المكسيكية . و نحن إلى حد ما رأينا أنفسنا مجبورين على انتهاك القوانين المكسيكية و هذا في سبيل هدفنا الوطني في كوبا.
هذا التناقض كان قائما. جرت صعوبات ، تم الاستيلاء على أسلحة و كان علينا أن نخرج في لحظة حيث تحاول السلطات البحث عنا، اعتقالنا و، بطبيعة الحال منع نشاطنا الثوري. كانت الظروف التي عشناها بالمكسيك بالأيام الأخيرة صعبة جدا . رغم كل الشيء، و بفضل تجربتنا و النضال السري، استطعنا مواجهة هذه الصعوبات و الانطلاق من ميناء توكسبان يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1956 . بالمناسبة، كانت الأحوال الجوية سيئة و كانت الملاحة ممنوعة و كانت علينا أن نخرج مع الأحوال الجوية السيئة على كل حال.
و مع ذلك، خروجنا كان تقدما كبيرا . بعد ثلاثة أو أربعة أيام أدرك باتيستا خروجنا من المكسيك. إذن كانوا قد أعطوا تعليمات للبحرية الحربية و الطيران لتحديد موقع سفينتنا الصغيرة ، سفينة ستين قدم و نيف ، كنا نأتي فيها 82 رجل. .
كنا نبحر مع الأحوال الجوية السيئة، فيما بعد ابتعدنا عن الساحل الجنوبي للجزيرة حتى حدوث الإنزال بمحافظة أورينتي(الشرق) لحسن الحظ وصلنا دونما تكشفنا البحرية الحربية و الطيران . لأنه باليوم الأخير، ليلا، رغم أننا كنا بعيدين عن الساحل، أبحرنا حوالي 80 أو 100 ميلا ، للوصول فجرا 2 كانون الأول/ ديسمبر عام 1956 إلى الساحل الكوبي.
صحافي: حسبما فهمنا، أيها القائد الأعلى، أحد الزعماء أو القبطان البحري للسفينة كان ضابطا للبحرية الباتيستية، الذي انضم إلى النضال.
فيدل:لا، في الحقيقة لم يكن ضابطا سابقا للبحرية الباتيستية و إنما ضابطا سابقا للبحرية الدستورية ، ليس نفس الشيء، و ساعدنا، كان يقود السفينة. و كان معنا كذلك قبطان دومينيكيا ، ثوري دومينيكي كانت عنده خبرة في الإبحار و الملاحة هو توفى و كان قد اشترك مع كامانيو في الثورة الدومينيكية و أغتيل فيما بعد. ذلك الرفيق كان يأتي كذلك. و كان يأتي كذلك ملازم سابق للبحرية. و لكننا كلنا لم نكن نعرف الكثير عن السواحل الكوبية و كانت لدينا في الحقيقة معلومات قليلة جدا عن السواحل الكوبية. كانت المعلومات قليلة جدا مما أدى إلى عدة صعوبات . ولكن، رغم كل شيء أبحرنا ألف و خمسمائة ميلا و استطعنا الوصول إلى كوبا و بالمناسبة وصلنا و كان هناك بالمخزن بوصتين فقط من الوقود، يعني أنه لم يبق تقريبا عندنا وقود إلا لبعض الدقائق.
صحافي: يعني، كنتم دائما على حافة الخطر.
فيدل: أعتقد أنها من متاعب ممارسة مهنة الثوري.
الارادة في الصمود و التصدي.
فيدل: منذ عشرين سنة تم إنزالنا البحري هنا.
صحافي: يمكن رؤية الأعماق...
فيدل: نقترب إلى المكان الذي أنزلنا فيه 4 رفاق. الآن سترون .من هناك، أنظروا. هناك أنزلنا، يمكنكم التسجيل الآن ،هناك أنزلنا، سجلوا، و إلا نتجاوز هذا المكان. في الواقع إننا أنزلنا على مسافة كيلومتر نحو الجنوب. كما ترون كلها سهول.
صحافي: هل كان هناك خطأ، بدلا عن...؟
فيدل: طيب، المشكلة أن الشمس طان يطلع، فجرا وقع رجل بالماء و كان علينا أن نبحث عنه حتى نخرجه من الماء ، و تأخرنا 30 دقيقة،قبطان السفينة لم يكن يعرف أين أصبحنا، لفينا عدة مرات، سألته و قلت له : هل أنت متأكد أن هذه أرض كوبا ؟ و قال: "نعم"، فقلت له: "توجه بسرعة فائقة نحو الشاطئ". وصلنا إلى الشاطئ و المكان الذي أنزلنا فيه كان هناك مستنقع فظيع، عدة كيلومترات من المستنقعات ، اجتزنا المستنقع خلال ساعتين و نصف تقريبا و كانت الأمور صعبة جدا. كان الوحل يغمرنا إلى الخصر إلى أن وصلنا إلى اليابسة، و لكن المكان لم يكن جيدا. كانت تبقى لنا فقط بوصتين من الوقود في المخزن عندما أنزلنا ، كان أفضل لو جرى الإنزال نحو الشرق أكثر، ولكن الوقود لم يكن كافيا.
صحافي: و هذا كان يبعدكم أكثر عن جبال السيرا، أ ليس كذلك؟
فيدل : نعم، الوقود ما كان يكفي و المكان كله سهول . لو جرى الإنزال 50 أو 60 كم أبعد نحو الشرق ، لكانت الحرب انتهت قبل نهايتها الفعلية.
صحافي: يعني، أقرب من السيرا؟
فيدل:نعم، نعم لو قمنا أنزلنا قريبا من الجبال .
أنزلنا في السهول و استطاع العدو محاصرتنا في الأراضي التي كنا فيها و كان الوضع صعبا جدا. لو أنزلنا في الجبال لاستغرقت الحرب قترة أقصر بكثير.
صحافي: لم يكن يجري...
فيدل: ربما 12 إو 15 شهر، لأن الحرب استغرقت 25 شهر ، و لكن باليوم الثالث للإنزال كانت لدينا انتكاسة خطيرة جدا ، حيث هاجموا علينا بالمفاجأة و فرقوا قواتنا. كانت لدينا خسائرا كبيرة و عدد قليل منا بقي على قيد الحياة بهذا الوضع.
صحافي: هذا كان أليغريا دي بيو
فيدل: نعم، أليغريا دي بيو . فيما بعد جمعنا القليل من الرجال و القليل من الأسلحة ، ولكن، مثلما ترون، الجبال بعيدة عن المكان الذي أنزلنا فيه، تقريبا 30 أو 40 كم ، الرابيات الأولى. تبدأ هنا جبال سيرا مايسترا.
صحافي: أيها القائد الأعلى، في تلك المرحلة، بعد أليغريا دي بيو أصبحت مساعدة بعض الفلاحين أساسيا، الذين تجمعوا فيما بعد حتى...
فيدل: نعم، في البداية كنا محاصرين خلال أيام كثيرة . أنا كان عندي بندقية، و معي رجلان، واحد معه بندقية و الثاني لم تكن لديه بندقية. كانت عندي في تلك اللحظة مائة طلقة و بندقية. رفيق آخر كان لديه بندقية و 40 طلقة. فيما بعد اجتمع راؤول مع أربعة رجال الذين كانت لديهم أربعة بنادق، إلى جانب بندقية خامسة لرجل لم يستطع مواصلة السير . و جمعنا سبعة بنادق.
صحافي: و هل كانت المجموعة التي خرجت من أليغريا دي بيو صغيرة جدا
فيدل: كانت مشتتة ، مشتتة.
صحافي: و الذين كانوا معكم هم...
فيدل: كان رفيقان، أحدهما لديه بندقية و الثاني لم تكن لديه.
صحافي: و ألميدا كان بالمجموعة الأخرى؟
فيدل: ألميدا كانت بمجموعة ثالثة، مع تشي، مع كاميلو و رفاق آخرين. و لكن ما جمعناه في البداية كانت سبعة بنادق . هذا الطريق الجديد الذي ترونه لم تكن موجودا. فيما بعد جمعنا بعض الأسلحة . في هذه المنطقة بدأنا الاتصالات مع الفلاحين و هم ساعدونا للوصول إلى المنطقة الجبلية لسيرا مايسترا.
صحافي: كانوا غييرمو غارسيا و ...
فيدل: غييرمو كان أول فلاح اتصل بنا ، كان مقيما هنا و كان ينتمي إلى الحركة. و عندما وصلته أخبار الإنزال البحري كان يتابع الأمور عن كثب.
بالولايات المتحدة و بالمكسيك ، النشاط بلا هوادة لتحضير العودة من أجل التحرر النهائي.
صحافي: و كلما حضرته سيليا كان في منطقة نيكيرو، أ ليس كذلك؟
فيدل: في منطقة بيلون. لأنه، في الحقيقة أفضل مكان للإنزال كان أبعد نحو الشرق. أنزلنا هنا لأن الصباح كان متجليا. لم يعرفوا بشكل جيد لا الساحل و لا الميدان. إذن وضعنا خطة للاستيلاء على معسكر ثكنة صغيرة كان قريبا من هنا لمواصلة السير نحو جبال سيرا فيما بعد. بالطريقة التي جرى بها الإنزال البحري كان من المستحيل القيام بتلك العملية ، لأننا أنزلنا بمستنقع و توفر عند العدو الوقت الكافي ليرتب أموره و لتحضير العمليات العسكرية ضدنا. و بالواقع، العدو انتصر علينا ، لأنه فرق مجموعة رفاقنا المتكونة ب 82 رجل.
صحافي: كم بقي؟
فيدل: بالنهاية استطعنا أن نجمع أقل من عشرين، سبعة بنادق ، عدد من الرفاق الذين لم تكن معهم أسلحة. فيما بعد جمعنا بعض الأسلحة التي كانت متفرقة . أول عملية ناجحة ضد الجيش قمنا بها بيوم 5 شباط/ فبراير، حيث أصبح عندنا 16 سلاح.
صحافي: كان الأوفيرو؟
فيدل: لا بلاتا، لا بلاتا.قمنا بالهجوم فجرا، حسبما أتذكره كان في الساعة 2:40 فجرا ، كنا نقاتل معهم أكثر من ساعة ، تم احتلال معسكر ثكنة صغير و الحصول على 10 أسلحة . كبرت مجموعتنا و أصبحت لديها تقريبا 30 رجل و هذا بفضل انتماء فلاحي الجبال إلينا.
صحافي: كيف حققتم، ايها القائد الأعلى، بعد هزيمة أليغريا دي بيو، كيف حققتم استعادة القوة مواجهة الحصار و مواصلة النضال و عدم تخلي ايمانكم بالانتصار؟
فيدل: اعتقد... لم أكن أعلم من هم الذين بقوا على قيد الحياة و لا كم هم . من طرفي كانت عندي فكرة مواصلة النضال رغم وجود بندقيتين . لم تكن عيندي أخبار عن الباقية. راؤول، من طرفه، كانت عنده فكرة مواصلة النضال إلى أن اجتمعنا. عندما اجتمعنا راؤول و أنا كانت لدينا سبعة بنادق، و حصلنا فيما بعد على ست أو ثمانية بنادق كانت متفرقة . أول عملية قمنا بها ب17 أو 18 رجل و كانت لدينا تقريبا 14 بنادق و بعض المسدسات . أول عملية عسكرية كانت مع مجموعة صغيرة جدا و لكن كانت لدينا خبرة المونكادا و كان لدينا هدف مواصلة النضال. كنا على يقين بأن الفكرة صحيحة، و أننا عانينا بانتكاسة، رغم أن الانتكاسة كانت كبيرة جدا. هذه سيرا مايسترا، لم تستطع الطائرات قصفنا، كنا محاصرين من قبل الجيش، برا و بحرا.
و لكن بتلك الفترة كان أهم الشيء البقاء على قيد الحياة، كانت المسألة تكمن في البقاء على قيد الحياة و هذا كان يعتمد كثيرا علينا، على المجموعة الصغيرة التي كانت في الجبال. في الحقيقة، بتلك الفترة كانت لدينا فكرة، منظمة في المدن و إرادة بالصمود و التصدي.
و لكن في تلك اللحظة كان مهم جدا ما يفعله الفدائيون و كان يمكن تصفية الفدائيين في أي لحظة. و كنا معرضين للقضاء علينا نتيجة لخيانة فلاح. يعني، كان هناك فلاح ، ذهب لأداء مهمة و الجيش اعتقله ، طرحوا عليه الغفران وعرضوا عليه أشياء كثيرا و خاننا . كان أول دليل لنا و خاننا و العامل النفساني الأساسي هو أنه كان يرى أن قواتنا صغيرة جدا و قوات الجيش كبيرة جدا خسر إيمانه بإمكانية الحصول على الانتصار و وضع نفسه تحت خدمة الجيش. و عمل ذلك الفلاح بالتنسيق مع الجيش كان على وشك تصفية قواتنا . كانت أيام صعبة جدا، لأن دليلنا الرئيسي، الرجل الذي كان عيوننا و أذوننا كان يخوننا و كان يحاول وضعنا بموقع حتى يحاصرنا الجيش و يقضي علينا. و كانوا على وشك تحقيق ذلك، إلى أن ادركنا ما ذا كان يحصل.
صحافي: أدركتم ذلك بالوقت المناسب.
فيدل: ليس بالضبط. أدركنا ذلك خاصة بعد عملية الجيش الأخيرة التي كاد أن يقضي علينا، أدركنا أنه كان يخوننا . أنا أدركت ذلك، رفاق آخرين كانوا يشكون بذلك، طرحت كل المعطيات التي خلتني أفكر أنه كان يخوننا و برهنت الأحداث أن تقديري كان صحيحا . أنقذنا أنفسنا من التصفية بلحظات.
صحافي: تم محاصرتكم؟
فيدل: تم محاصرتنا، بدأت أشتبه و بدأنا نتحرك و التقينا مع الجيش و كان ذلك الفلاح يدلهم إلينا في لحظات كانت يفترض فيها أنه كان يؤدي مهمة لصالحنا. رأيناه و كنا نعرف أنه كان يخوننا لأنه وضعنا بموقع لتسهيل محاصرتنا من قبل الجيش. أثر على ذلك أن الخطة كانت محاصرتنا قبل يوم و لكن للأمطار الغزيرة تركوا تنفيذ الخطة لليوم الآخر. و أدركنا الموضوع لسجين اعتقلناه ، رغم أن التعليمات لرجالنا كانت أن لا تسمح برؤيتها . أنا سألته عدد من الأسئلة و لحركات الجيش قبل يوم أدركت المناورة لمحاصرتنا. اقتنعت بأن هناك خيانة علينا و طرحت التحرك من ذلك المكان. ذهبنا إلى أعلى الجبل، حيث كانت تكتمل محاصرتنا . كانوا على وشك التصفية علينا . قتلوا الرفيق الذي كان جنبي.
صحافي: هذا كان في المرة الثانية.
فيدل: كان هذا في مرتفعات اسبينوسا، ها هو اسم المكان. كانت اللحظة الأقرب من تصفيتنا جميعنا. ولكننا استطعنا البقاء على قيد الحياة . استطعنا الهروب من هذا الحصار و تعلمنا الدرس كذلك.
مع راؤول، ألميدا، راميرو فالديس و سيرو ريدندو خلال سنوات الحرب بالجبال الشرقية.
إن المنظمة، رغم أنها كانت صغيرة جدا بهذه المنطقة، ساعدنا من الوهلة الأولى، ساعدنا غييرمو غارسيا، ساعدنا كثيرا سيليا، التي كانت بمانثانييو و بعثت إلينا المؤن الأولى ، الملابس الأولى، الأموال الأولى، لأننا كنا ندفع كل شيء للفلاحين، في البداية كان الفلاح يخاف كثيرا من قمع الجيش، فيما بعد كسبته تدريجيا الثورة ، يعني أن العمل مع الفلاحين تم على امتداد النضال . كان الجيش يقمعهم و يقترف الجرائم، بينما نحن كنا نحترم الفلاحين، كنا ندفع كلما نشتريه و شيئا فشيء كان الفلاحون ينضمون إلينا و في النهاية كان كلهم معنا.
المركز الرئيسي لعملياتنا.
فيدل: هذا المكان الذي نحن فيه الآن يسمى لا بلاتا و هنا حققنا أول انتصار أمام قوات باتيستا. حدث تقريبا شهر و نصف بعد الإنزال البحري و بعد عدة أسابيع من تفريق قواتنا من قبلهم. هنا جمعنا حوالي 17 رجل. كانت هناك دورية مشتركة من البحرية و من جنود باتيستا الذين كانوا يقومون بطرد الفلاحين من بيوتهم و يعاملونهم بشكل سيء و يرتكبون أعمال سيئة لصالح مالك أراضي كبير بتلك المنطقة و كانوا يفكرون أنهم قضوا على الفدائيين.
صحافي: أيها القائد الأعلى، اسمحولي. هذه المسألة، أنهم فكروا أنهم قضوا على قواتكم، هذا عطاكم تنفسا صغيرا؟
فيدل: هذا ساعدنا إلى حد ما، لأنهم لم يبقوا بالمرصاد . كانوا يتقدمون و معهم سجناء فلاحين ، مثل الذي تحدث معكم. كانوا يعذبونهم،يغتالونهم، كانوا يغرسون الرعب ما بين الفلاحين في الحقيقة. إذن، نحن اقتربنا من الغرب، و بتلك المرتفعات كنا نراقب حركة الدورية و موقع الدورية. اقتربنا ليلا و اعتقلنا الرجل العملي لدورية الجيش الذي كان يعمل مع صاحب الأراضي و كان يعطيهم معلومات حول الفلاحين الذين يحتجون على قمعهم و يحتجون على طردهم من البيوت و كانوا يقمعون أولائك الفلاحين. الرجل العملي للدورية إعطانا كل التفاصيل حول المنشأة. إذن، هاجمنا عليها فجرا. كنا 17 رجل. هم كانوا حوالي 12 .كانوا بمعسكرين صغيرين، بعد ساعة من المعركة تقريبا استسلموا و كلهم كانوا قد أصبحوا جرحى أو موتى. كانوا أول سجناء لنا و لكن، بطبيعة الحال لم نستطع أخذهم معنا. عطينا لهم أدويتنا، كانت هذه سياسة اتخذناها دائما مع العدو، و تركنا الجرحى على قيد الحياة و هذه سياسة ثابتة اتخذناها بشكل ثابت مع السجناء خلال كل الحرب. حصلنا على أسلحتهم و أصبحت مجموعتنا لديها 30 رجل.
فيما بعد، فجرا، توجهنا باتجاه نهر آخر، حيث كنا سابقا، ببالما موشا. كانت ردة فعلهم بغضب شديد، بعثوا عدد كبير من القوات ، مائات الجنود و بعثوا في الأمام طليعة من المظليين و وضعنا كمينا لهم ، ألحقنا بهم خسائر كبيرة و هزمناهم و حصلنا كذلك على بعض الأسلحة . جرت المعركتان بيوم 17 كانون الثاني/يناير و 22 كانون الثاني/يناير عام 1957 و كانا أول نصرين عسكريين ضدهم.
الآن، هذه المنطقة ترتدي أهمية تاريخية لأنه بالشمال، باتجاه النهر، هناك منطقة لا بلاتا التي كانت المركز الرئيسي لعملياتنا . في الحقيقة، الحرب خلال أشهر كثيرة كانت تجري في أراضي لديها 30 كم طول و 20 كم عرض، أي 60 كم مربع. بتلك المنطقة كانوا يتحركون و كنا نحن نتحرك. و كانت تجري الأعمال فيها. في البداية كنا ضعيفين، و عندما يبعثون مجموعاتهم كانت تجتاز جبال السيرا دون صعوبة . بمرور الزمان كنا نلاحظ عاداتهم و بدأنا نضع كمائن لمجموعاتهم، و لكننا لم نستطع الحيلولة دون تدخلهم . كنا نلحق بهم خسائر، نأخذ أسلحتهم و لكنهم يجتازون الجبل.
كانت قوتنا تنمو و في صيف 1958 كان لدينا حوالي 300 رجل . عندما شنوا الهجمة الأخيرة بسيرا مايسترا كان لديهم حوالي 10ألف رجل و نحن كان لدينا 300 و لكن مقاتلينا الثلاثمائة كانوا قد أصبحوا مجربين. نسبيا كانت أسلحتنا قليلة، و لكننا دافعنا عن المواقع بتلك المرة وبمختلف أماكن الدخول بالسيرا حددنا مواقعا لنا كنا نقاوم، كنا نؤخر تقدمهم و نلحق بهم خسائرا بشكل متتالي.
إن هذه الهجمة، بين هجمتهم و هجتنا المضادة ، استغرقت 70 يوم.خلال 70 يوم كانت هناك معارك يوميا. ولكن اللحظة الحاسمة، التي نهزم بها الهجمة كانت بمعركة هيغوي، تقريبا على خمسة كم من هنا ، حيث استطعنا محاصرة كتيبة بزعامة قائد ذو حنكة كبيرة، كنا نراقب عليه، و قمنا ببعض المناورات خطيرة جدا للكتيبة و كانوا قد هربوا . ولكن حاصرناهم ب30 رجل و باقية الرجال، تسعين رجل. أغلبية الرجال وضعناهم باتجاه الشاطيء، حيث كانت القوة الأخرى للعدو. مع 120 رجل كنا نخوض المعركة التي استغرقت 10 أيام.
و لكن الوضع كان فريد من نوعه، كان لدينا مجموعة من العدو محاصرين و بنفس الوقت كنا محاصرين من قبل بعض مجموعات العدو. و هم كانوا يحاولون إركاعنا و مواجهة دفاعاتنا و نحن كنا نحاول هزيمة الكتيبة المحاصرة. استطعنا القضاء على تعزيزاتهم و خاصة الذين كانوا يأتون من هذا الاتجاه، من الشاطئ. كان تأتي أهم التعزيزات من الشاطئ و هناك وضعنا أغلبية قواتنا. بمقدار ما كنا نحصل على المزيد من الأسلحة، ، عندما تجري المعارك، كنا نزيد عدد الرجال. و في النهاية قضينا على التعزيزات و هزمنا الكتيبة . هذا وفرت لنا طاقات كبيرة جدا بالأسلحة و كانت نقطة تحول كامل بالهجمة. انطلاقا من تلك اللحظة أخذنا زمام المبادرة في الهجمة و طردناهم من سيرا مايسترا. في نهاية الهجمة كنا قد أخذنا منهم أكثر من 500 سلاحا و ألحقنا بهم أكثر من ألف خسارة ، بينهم 400 معتقل سلمناهم للصليب الأحمر ، بمشاركة الصليب الأحمر الدولي، سلمناهم و أفرجنا عنهم و هذه السياسة التي كنا نتخذها مع السجناء.
الآن نمت قواتنا و أصبحت لديها 800 رجل و عمليا ب800 رجل بدأ الغزو على البلد بأجمعه، باستثناء الجبهة الثانية، حيث كان راؤول، . عندما بدأت الهجمة أتينا بقوات ألميدا التي كانت قريبا من سانتياغو ، قوات كاميلو التي كانت بالسهوب .لهذا أصبحت لدينا 300 رجل. القوات الوحيدة التي لم نجمعها ، لأنها بعيدة جدا، كانت قوات راؤول، التي كانت في الجبهة الثانية.
بعد تلك الهجمة و بالنصف الثاني لعام 1958، بعثنا مجموعات إلى سانتياغو دي كوبا ، إلى شمال محافظة أورينتي، ، نحو كاماغوي و مجموعتان ، واحدة تحت قيادة تشي و الأخرى تحت قيادة كاميلو ، للذهاب إلى وسط البلد. لهذا تلك المعركة كانت تعني نقطة تحول في الحرب. الجيش كان يتفوق علينا بعدد رجالهم، بكثير. مجموع رجال باتيستا المسلحين كانوا تقريبا من 70 ألف إلى 80ألف و عندما انتهت الحرب كان لدينا 3 آلاف مسلح . رغم ذلك كنا نحاصر 14 ألف جندي في محافظة أورينتي . لأنهم كان لديهم العديد من المسلحين و لكن كان ينبغي عليهم رعاية المدن، المنشآت، الجسور، الاتصالات. أقصى عدد للقوات جمعوها للقتال كانت 10 ألاف رجل . بتلك المرة جرت هذه المعركة التي أتعرض لها.
صحافي: و هنا جرى حادثة القائد...
فيدل: نعم، القائد كيفيدو كان قائد كتيبة، كان لديه حنكة و قاتل، قاوم بشكل جيد خلال 10 أيام، كانوا قد أصبحوا دون ماء، دون أكل، كانت لديهم خسائر عديدة . إنه كان ضابطا مهذبا و لم يرتكب جرائما ضد السكان و لا أعمال سيئة ضدهم. كان معتقلا، كنا تركنا كسجناء أعلى القيادات فقط. فيما بعد انضم إلى قواتنا و ساعدنا.
صحافي: و الآن؟
أيام سيرا مايسترا
فيدل: الآن انه الملحق العسكري لكوبا بموسكو . إنه كتب كتابا حول تلك المعركة. كان قائد قادر جدا. كان عدو قادر جدا في الحقيقة.
صحافي: و أنتم تركتم له مسدسه في نهاية المعركة؟
فيدل: في نهاية المعركة تركنا المسدسات لجميع الضباط ، ليس له فقط.
و لكن حدث شيئا ، سأحكي لكم، كان صبري فارغا . في آخر يوم نتصل و نتعامل للاستسلام و أخبرنا قائد القوة المحاصرة أنه إذا لن تصل التعزيزات سيستسلمون في الساعة السادسة . لم تبق عندهم آمال بالإنقاذ لأننا هزمنا التعزيزات . كنا نستخدم مكبرات الصوت . الرسائل التي كنا نأخذها من التعزيزات كنا نبعثها إليهم و كنا نعطيهم الأخبار . كنا نضع الجنود السجناء بالإذاعة حتى يتحدثوا.كان يفرغ صبري و كنت أريد أن أعرف كمية الأسلحة التي سنأخذها ، كانت تجري الإجراءات للاستسلام و بالليل أقرر أن أذهب إلى المعسكر، و لكن دونما تعرف هويتي، كالرفاق الآخرين الذين كانوا يتحدثون معهم.
صحافي: إلى معسكر العدو؟
فيدل: إلى معسكر العدو.
صحافي: ألم يكن هذا بمثابة مخاطر كبيرة؟
فيدل: طيب، أنا، في الحقيقة ... هذا نسبي. كانوا خاليين عن السمعة بذلك الحين و أنا لم أقدم نفسي بهويتي ، بل كنت أذهب كواحد آخر من الذين كانوا يتفاوضون معهم. . و دخلت في المخيم و ما زال الجنود مسلحين و بعد لحظات كلهم عرفوني و تصرفوا بأكبر احترام. ولكن هذا حصل. دخلت المخيم و هم ما زالوا مسلحين ، طبعا لم أتصرف بحذر، كان خطأ بالحسابات.
صحافي: طيب، كل شيء كان تماما.
فيدل: نعم، كل شيء كان تماما. هم كانوا قد تحدثوا مع ذوينا . آخر يوم صار ما يمكن تسميته تآخي و كان يسود هذا المناخ.لم يكن يسود مناخ عنف. منذ ساعات لم تكن تجري معارك . ولكن كان هناك كيفيدو، و هو قائد تحترمه القوات احتراما كبر جدا. علاوة على ذلك كان رجل ذو مروة . كل هذه العوامل تؤثر، بطبيعة الحال . ربما تحليلي للأوضاع بمجملها عطاني ثقة لأفعل ما فعلته ، ولكن ليس كما حدث، كنت أفكر في الحقيقة أن أمر دونما يدركون هويتي و عرفوني بسرعة رغم أن الليل خيم.
يظهر جيش جديد
صحافي:أيها القائد الأعلى، بعد انتصار الثورة ، مع الانتصار لم تنحل كل المشاكل ، حدثت مشاكل كبيرة مثل المشكلة مع الحكومة الأولى، توطيد السلطة الثورية و بسرعة، هجوم الامبريالية عليكم، الحصار، كل هذا. من المسائل الرئيسية التي نلاحظها من الخارج تفتيت جيش الطغيان، الذي كان الدراع المسلح للبرجوازية و كان خطيرا كما يتجلى و لا يفهم بشكل جيد كيف تحقق هذا التفتيت للجيش قبل إعادة تنظيمه أو قبل أن يكتسب قوة و كفاءة من جديد.
فيدل: في الحقيقة نحن هزمنا جيش باتيستا، عمليا قضينا على نخبة قوات باتيستا في سيرا مايستراو رغم أنها قوات مسلحة كبيرة لأعضائها، نخبة قواته كانت قد انهزمت. عندما تتم تصفية قوات عمليات جيش، يصبح في الواقع منهزم. و كان يضاف إلى ذلك التأييد الكامل للشعب. بشكل أنهم عسكريا لم يستطعوا عمل أي شيء كبير.
بالأيام الأخيرة كان لدينا 14ألف جندي محاصر في محافظة أورينتي، و كانت الجزيرة منقسمة إلى قسمين. :إن زمام المبادرة بأيدينا و القوات المسلحة لباتيستا كانت خالعة عن السمعة. بهذه الظروف حاولوا الاتصال بنا . يطلب مني قائد قوات العمليات حيث يعترف بأنهم خسروا الحرب و سألونا ماذا يفعلون حسب رأينا.شرحت له أن الجيش كان قد فقد الكثير من مصدقيته و أنني مع ذلك كنت أرى أنه في الجيش رجال قادرون و صالحون الذين هم للأسف الشديد رأوا أنفسهم مضطرين على الدفاع عن المؤسسة أو الدفاع عن النظام إلى جانب المؤسسة. اتفقوا معنا و قبلوا مقترح الانتفاضة.
من الانتصار الباسل كان يظهر جيش جديد ثوري و شعبي.
قلنا لذلك الجيش المحاصر أنه يستطيع أن ينضم إلى القوة الثورية . و لكننا قلنا أننا كنا نرفض إطلاقا الانقلاب . حتى أنني نصحت قائد قوات العمليات أن لا يذهب إلى العاصمة و أن تجري انتفاضة القوات بأورينتي و أن ينضموا إلى الثورة . قبل، ولكنه لم يلتزم. ذهب إلى العاصمة.
نحن اشترطنا ثلاثة شروط: أولا أننا لا نقبل الانقلاب، ثانيا كنا نرفض أي محاولة لإنقاذ باتيستا و ثالثا كنا نرفض أي تسوية مع السفارة الأمريكية. و مع ذلك فعلوا العكس تماما: ذهبوا إلى العاصمة، نظموا الانقلاب ، اتفقوا مع السفارة الأمريكية و ساعدوا على هروب باتيستا .
لذلك عندما جرى الانقلاب بيوم 19 كانون الثاني/ يناير، بالإذاعة طرحنا شعار لجميع قواتنا: عدم الموافقة على وقف إطلاق النار ، مواصلة الهجمة في جميع الجبهات و دعوة العمال و الشعب كله إلى الإضراب العام الثوري. كان لقواتنا و لحركتنا التأثير و النفوذ الكبير و كان فساد و انحلال النظام قد وصل إلى الحد الذي جعل كل الإذاعة و التلفزيون يتصل براديو ريبيلدي( الإذاعة الثورية) و العمال أنفسهم فعلوا ذلك. الشعب كله و خاصة العمال أعلنوا عن الإضراب المطلق و الكامل و واصلت الهجمة قواتنا و مجموعاتنا دون وقف إطلاق النار و عمليا ب 72 ساعة تم نزع أسلحة الجيش.
بالمتحف، حيث هناك تحافظ على أسلحة و بدلات المهاجمين على معسكر الثكنة مونكادا.
بالأيام الأولى من كانون الأول/ ديسمبر استولى الشعب على جميع الأسلحة ، عشرات الآلاف من المواطنين أخذوا الأسلحة بأيديهم و الجيش أصبح منحل ضمنيا.
لو قبلوا شروطنا لكنا نستطيع أن ننقذ للثورة العديد من الضباط : ضباط تكونوا بالكليات، ضباط لم يرتكبوا جرائما لم يقوموا بالتعذيب و لم يقتلوا أحد . لأن هناك مجموعة من الضباط في الحقيقة الذين أيدوا باتيستا مائة بالمائة في ارتكاب جرائمه، بطانة، ولكن داخل القوات المسلحة كان هناك ضباط لم تكن لديهم مسؤولية مباشرة باقتراف تلك الجرائم.
في حالة قبولهم لما اقترحناه لظهر على كل حال جيش جديد. كان هذا شرط لا بد منه للثورة و لكننا لكنا نستطيع أن نحظي بتعاون عدد أكبر من الضباط. على كل حال حظينا بتعاون عدد من الضباط، فكان هناك ضباط معتقلين للتآمر على باتيستا و العديد منهم بعد الانتصار انضم إلينا.
كان هناك ضباط قاتلوا ضدنا ولكنهم مهذبون و لديهم مروة و انضموا إلينا و لكن العديد منهم لم نستطع إنقاذهم لأن الانحلال كان كامل و كذلك فقدان المصداقية. و لم تكن الظروف هي الأفضل لنحظي بتعاون العديد من هولاء الضباط. و لكنه في الحقيقة ظهر جيش جديد. و أعتقد أنه لم يكن من الممكن صناعة الثورة إذا لم يحل محل الجيش القديم جيش جديد ثوري و شعبي، جيش جديد إعداده الفني أفضل عشرة مرات من الجيش القديم . اليوم لدينا عدد من الضباط يتجاوز عشرة مرات ما توفر عند الجيش القديم. و لا يمكن مقارنة تحضير و تجهيز جيشنا اليوم بما سبق، إنه اليوم أفضل بكثير . إنه اليوم جيش ثوري، مع قوات نظامية ،مع الاحتياط المكون بشكل أساسي من قبل العمال و الفلاحين المدربين، إنه جيش شعبي، و قوته تكمن ليس باحترافه أو في الوسائل التقنية المتوفرة له و إنما بتطابق مصالحه بمصالح الشعب و باحتياطه الهائل من العمال و الفلاحين الذين هم الجماهير المقاتلة في حالة حرب.
Lugar:
بسانتياغو دي كوبا
Fecha:
02/12/1977