حول "الاعتداءات الاقتصادية الجديدة من جانب الحكومة الأمريكية والرد الكوبي عليها"
يا أبناء وطننا الأعزاء:
في العاشر من أيار/مايو الماضي أبلغت برقية صحفية لشبكة "بي بي سي" (BBC) عن غرامة مالية فرضها الاحتياط الفدرالي للولايات المتحدة على مصرف سويسري بحجة انتهاكه المزعوم للعقوبات الأمريكية المفروضة على كل من ليبيا وإيران ويوغسلافيا وكوبا. وُجِّهت للمصرف السويسري تهمة قبول أوراق نقدية بالدولار الأمريكي أو إرسالها إلى بلدان تخضع لنظام عقوبات تفرضه حكومة الولايات المتحدة.
بعد ذلك بأيام قليلة نقلت وكالة الأنباء نوتيميكس" (Notimex) تصريحات لقاطع الطرق أوتو رايش أشار فيها عند تعرضه للحديث عن الإجراءات حديثة العهد المتخذة من قبل حكومة الولايات المتحدة إلى أن بعضها قد أصبح موضع التنفيذ وبعض آخر هو في طريقه إلى ذلك. وقال حرفياً، بلهجة تهديدية:
"الكثير منها يحتاج لوضع النظم ولجوانب بيروقراطية معيّنة، وهذا ما ينهمك به المحامون وغيرهم من الموظفين الحكوميين، وتسير نحو التنفيذ إجراءات أخرى أكثر بكثير".
في ذلك الموعد نفسه، ظهرت في صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" مقالة مشحونة بالافتراءات والأكاذيب الفظة، تحت عنوان "غَسَلَت كوبا 3900 مليون دولار في مصرف سويسري"، وهي مقالة، بالإضافة لتشويه حقيقة كل ما يتعلق بالعمليات التجارية الطبيعية التي تقوم بها كوبا في الخارج، حثّت السلطات الأمريكية على اتخاذ إجراءات جديدة ضد بلدنا. فقد ذكرت المقالة في الجزء النهائي منها:
"نعرف بأن الاحتياط الفدرالية يتمتع باستقلالية، ومن الواضح بأنه على غير اهتمام بمتابعة تطبيق قانون هيلمز-بيرتون، ولكن مكتب الإشراف على الممتلكات الأجنبية (OFAC) هو جزء من السلطة التنفيذية، وبالتالي هو، نعم، يمكن مطالبته بأن يشرح بشكل أفضل الضلع الكوبي في قضية "اتحاد البنوك السويسرية"، الذي قامت لجنة البنوك التابعة لمجلس الشيوخ بالتغطية عليه بشكل أنيق. ربما يكون بوسع أعضاء الكونغرس الكوبيين-الأمريكيين أن يدعوا إلى اجتماعات في اللجان المختصة التابعة لمجلس النواب لكي يتم توضيح هذه الفضيحة العملاقة".
الحكومة الكوبية، وفاءً منها لعادتها في الإبقاء على شعبنا مطلعاً باستمرار، نشرت في الثامن حزيران/يونيو بلاغاً في صحيفة "غرانما" شرحت فيه بالتفصيل مصدر عملياتنا المالية مع البنوك الأجنبية المخصّصة لإيداع الدولارات التي يتم استلامها في البلاد في حسابات مصرفية، وذلك بغية تنفيذ التزامات ناشئة عن تجارتنا الخارجية.
من بين الأمور التي قالها البلاغ:
"... لقد لاحظنا كيف أن اليمين المتطرف من إدارة بوش يقوم في الأيام الأخيرة بخطوات واضحة ترمي إلى محاصرة دخول بلدنا من السياحة وغيرها من الخدمات وتقليص قدرة الكوبيين المقيمين في الولايات المتحدة على إرسال تحويلات مالية إلى ذويهم في كوبا إلى صفر، وذلك عبر استخدام سبل هي أكثر ما يمكن تصوره من فساد وغدر ونفاق: عبر منعها ببساطة من التمكن من إيداع ما تحصل عليه من دولارات جراء مبيعاتها في محلات العملة الصعبة أو نشاطات لها علاقة بالسياحة وغيرها من الخدمات التجارية في بنوك أجنبية. على هذا النحو، لا يكون بوسع كوبا استخدام هذه الدولارات لشراء الأدوية ولا المواد الغذائية ولا استيراد مؤنها الضرورية لمحلاتها التجارية نفسها، حيث يشتري المنتجات أولئك الذين يتلقون تحويلات مالية من أقارب لهم مقيمين في الولايات المتحدة.
لهذه الغاية الماكرة، تقوم حكومة الولايات المتحدة بالضغط على بنوك أجنبية لكي لا تقبل من كوبا أرصدة هي مشروعة ونزيهة المنشأ. بالإضافة لذلك، تروّج لنشر افتراء مثير للاشمئزاز في صحافة المافيا الإرهابية في ميامي مفاده أنه يمكن أن يكون لتلك الأرصدة علاقة بنشاطات يحاربها بلدنا بشدة، مثل غسل الأموال وتهريب المخدرات".
وواصل البلاغ المنشور في صحيفة "غرانما" قوله:
"تضحي هذه التحركات أكثر إثارة للاشمئزاز إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن السبب الوحيد الذي يجعل السائحين الذين يزورون كوبا يستخدمون المال نقداً هو أن الحصار اليانكي يمنعهم من استخدام بطاقات اعتمادهم أو صكوك السفر الصادرة عن بنوك أو هيئات مالية أمريكية أخرى تسيطر على هذا السوق. بالإضافة لذلك، لم تُمنح ألا لشركة أمريكية واحدة إجازة القيام بإجراءات تحويلات مالية إلى كوبا عبر الطرق المصرفية، لدرجة أن الكوبيين المقيمين في الخارج يواجهون اليوم حاجزاً منيعاً بكل معنى الكلمة أمام تمكنهم من إرسال مساعدة اقتصادية لذويهم، فيضطرون في نهاية الأمر، في معظم الحالات، لإرسالها نقداً. ذات الملاحقة والتهديد اللذين يتبعان باستمرار الذين يرسلون مالاً من الولايات المتحدة إلى كوبا يساهمان في جعل هؤلاء يفضّلون في كثير من الأحيان إرساله نقداً، من أجل عدم ترك آثر موثَّق يُخضعهم لمضايقة السلطات الأمريكية وتفادي التحركات العنيفة من جانب الإرهابيين المقيمين في ميامي.
لا يمكن تصوّر صيغة أكثر دناءة وفساداً: الولايات المتحدة بحصارها المجرم تُرغم على إرسال التحويلات المالية ومدفوعات الزائرين الأجانب في كوبا نقداً؛ والآن، عبر ضغوط فظة، تحاول منع تمكن كوبا من استخدام هذا النقد لدفع بدل وارداتها".
وانتهى البلاغ إلى القول:
"كل هذه المكائد محكوم عليها بالفشل. فبالصمود والهدوء ورباطة الجأش المعتادين، سيكافح شعبنا البطل وسينتصر في وجه عدوّ جبار ولكنه دنئ وجبان، يستحق الازدراء فعلاً بسبب سياسته المبيدة ومناهجه النازية-الفاشية".
حول هذه الاعتبارات يمكننا أن نضيف أنه خلال فترة السنوات السبع المشار إليها، استوردت كوبا سلعاً بقيمة أكثر من ثلاثين ألفاً و854 مليون دولار، على نحو تشكّل فيه الثلاثة آلاف و900 مليوناً التي يقولون هم بأنه تم تحويلها إلى منتفعين آخرين، ما نسبته 13 بالمائة من مجموع مدفوعات كوبا خلال تلك الفترة لتغطية تكاليف الواردات، والتي يتمثل جزء كبير منها في احتياجاتها من المواد الغذائية والمحروقات والأدوية أو المواد الأولية لإنتاجها، ومنتجات أخرى وسيطة لصناعاتنا، وسلعاً تباع في شبكة المحلات بالعملة الصعبة، إلى آخره.
في اليوم التالي، جددت مقالة إضافية "للـ نويفو هيرالد" تطرقها للموضوع، وعلى نحو أكبر من الغدر، رأت بأن الأرصدة المودعة في المصرف السويسري المذكور هي أرصدة معتمدة "لأشخاص أو لهيئات مجهولة في مصارف لم يتم الكشف عنها"، في الوقت الذي تم استخدام تلك الأرصدة في جميع الحالات لعمليات تجارية عادية مع شركات تجارية أو صناعية معروفة عالمياً.
وعلى نحو هستيري، طالبت الصحيفة:
"هذه هي الأسماء التي يجب معرفتها. من واجب عضوا الكونغرس عن فلوريدا إليانا روس-ليهتينين ولينكولن دياز-بالارت أن يضغطا من أجل معرفة الوجهة التي انتهت إليها تلك الأموال والمكان الذي أتت منه".
في حملة واضحة هدفها لفت الانتباه الدولي إلى هذا الموضوع، أبلغت صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" في العاشر من حزيران/يونيو مجدداً بأن مافيا ميامي، ومن خلال أبرز المتحدثين باسمها، وهما عضوا الكونغرس إليانا روس-ليهتينين ولينكولن دياز-بالارت، تعكف على مطالبة الحكومة الفدرالية الأمريكية بإجراء تحقيق حول مصدر ووجهة الأرصدة المذكورة. ذكرت صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" في تلك المقالة:
"يجب على الولايات المتحدة أن تحقق في مصدر ووجهة 3900 مليون دولار قامت الحكومة الكوبية ‘بغسلها‘ من خلال برنامج دولي للاحتياط الفدرالي، هذا ما صرّح به يوم أمس عضوا الكونغرس عن فلوريدا روس-ليهتينين ولينكولن دياز-بالارت في رسالتين بعثا بهما إلى كل من الاحتياط الفدرالي ولجنة التمويل التابعة للمجلس".
"تحيّرنا على نحو عميق الكيفية التي أمكن بها حدوث انتهاك بالغ الخطورة للقانون الفدرالي من قبل ‘اتحاد البنوك السويسرية‘"، هذا ما كتبه عضوا الكونغرس لرئيس الاحتياط الفدرالي، ألان غرينسبان. وأضافا: "نتمنّى أن تجد التحقيقات إجابات على كثير من الأسئلة التي لدينا حول هذا الموضوع".
في بلاغ صحفي أصدرته في الثاني والعشرين من حزيران/يونيو، قالت إليانا روس-ليهتينين، "الذئبة الشرسة"، بهستيريتها المعهودة:
"أحس بالذهول حيال إقدام مصرفٍ أُسنِدت إليه المسؤولية الحسّاسة بتوزيع العملة الأمريكية الجديدة على انتهاك نظم هذا البلد تجاه دولة مصنّفة على أنها إرهابية".
وبوقاحة أكبر طالبت:
"أنا بانتظار نتائج التحقيق... إذا ما وُجد بأن ‘اتحاد البنوك السويسرية‘ مذنباً في انتهاك قيود الولايات المتحدة على العمليات التي تضطلع بها أنظمة إرهابية كالنظام الكوبي، يضحي أمراً بالغ الحيوية أن يتم فرض غرامة مالية ملائمة على المسؤولين".
واستكمالاً لحملتها كتبت إليانا روس-ليهتينين في الثلاثين من حزيران/يونيو رسالة إلى رئيس لجنة العلاقات الدولية لمجلس النواب مطالبةً بإجراء تحقيق حول الموضوع.
طبعاً، وراء هذه الحملة والضغوط الفظة كانت تبان واضحة الغاية المتمثّلة في إفزاع جميع البنوك التي يمكنها إقامة علاقات مالية مع كوبا، سعياً لمنع استقبالها للأوراق النقدية من الدولارات التي ينبغي على بلدنا إرسالها بشكل منتظم إلى الخارج لأسباب تم شرحها سابقاً.
بعدما حدث كل هذا، بدأ يتجلّى بوضوح أن بنوكاً كثيرة قد أخذت تخضع لضغوط السلطات الأمريكية سعياً لمحاولة محاصرة التحويلات وخلق وضع على نحو ما فوق العادي من الصعوبة والحرج لبلدنا.
ضمن هذه الظروف تم الشروع ببحث كل الخيارات الممكنة في سبيل منع تمكن أي عمل جديد من جانب حكومة الولايات المتحدة من إنزال أضرار اقتصادية كبيرة ببلدنا، وذلك عبر منعه من استخدام الدولارات التي يتلقاها نقداً لأهداف تجارية.
وبينما كانت كوبا تبحث بشكل هادئ وتمعّني كل الخيارات، كانت تهطل الأكاذيب والافتراءات المتعلقة بهذا الموضوع.
في الثالث من حزيران/يونيو شنت صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" هجوماً على كل من البنك عبر الأمريكي للتنمية و"اللجنة الاقتصادية الخاصة بأمريكا اللاتينية" (CEPAL) متهمةً إياهما بتضخيم تقديراتهما لقيمة التحويلات المالية العائلة من الولايات المتحدة إلى كوبا، ورأت بأن ذلك يستهدف تبرير المصدر القانوني للـ 3900 مليون دولار.
وقالت على هذا الصعيد:
"إنما هو هذه المكيدة ما يغطّي عليه كل من البنك عبر الأمريكي للتنمية و"اللجنة الاقتصادية الخاصة بأمريكا اللاتينية" عبر الأرقام المضخَّمة من التحويلات المالية التي ينسبانها إلى الجالية الكوبية-الأمريكية. لا بد من توضيح الأمر. بالإضافة لذلك، فضيحة غسل الأموال تعكس بأن كوبا هي ملجأ خفّي لأموال إرهابيين ومختلِسين. لا بد من كشف ذلك".
عبر نزعة الإثارة الخارجة عن المنطق التي يتصف بها رعاع ميامي، نشرت صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" في الثالث والعشرين من تموز/يوليو مقالة تحت عنوان "البحث في الولايات المتحدة عن ضلوع متصلة بالأرصدة الكوبية"، ذكرت في ما ذكرت ضمنها:
"بدأت الولايات المتحدة إجراء تحقيق قضائي من أجل تحديد ضلوع محتملة ‘لهيئات وأشخاص أمريكيين‘ بالـ 3900 مليوناً التي سرّبتها كوبا إلى النظام المالي الدولي عبر استخدامها لبرنامج الاحتياط الفدرالي.
هذه العملية تمت من خلال ‘اتحاد البنوك السويسرية‘.
‘يفتح الادعاء العام في المنطقة الجنوبية الغربية من نيويورك تحقيقاً بالأمر في هذه اللحظة‘، هذا ما أكده خوان زاراتي، مساعد وزير المالية الأمريكي المكلف شؤون مكافحة تمويل الإرهاب خلال زيارة أجراها يوم أمس لصحيفة ‘إلـ نويفو هيرالد‘".
ويبدو أن الأكاذيب التي كانت تُنشر يومياً في ميامي حول هذه القضية بلغت قدراً ومبلغاً من الفظاظة درجة أنه بالرغم مما يُعرف من تكتم عند المصارف السويسرية، شعرت المؤسسة المالية ذات الصلة بهذه القضية أنها مجبرة على النفي العلني لأي اتهام بغسل الأموال، فقد أبلغت برقية لوكالة الصحافة الفرنسية نُشرت في ميونيخ في الخامس والعشرين من تموز/يوليو ما يلي:
"نفى ‘Union des Banques Suisses‘ (اتحاد البنوك السويسرية، UBS)، وهو أكبر مصرف سويسري، يوم أمس أن يكون قد غسل أموالاً لكوبا كما ورد على لسان ثلاثة من أعضاء مجلس نواب الولايات المتحدة، ممن طالبو بإجراء تحقيق في بالأمر.
وأشار متحدث باسم ‘اتحاد البنوك السويسرية‘ بأنه ليس لديه علماً بتحقيقات جديدة عن البنك ونفى أي تهمة توجَّه إليه بغسل الأموال".
[...]
"واستناداً لما ذكره المتحدث باسم ‘اتحاد البنوك السويسرية‘ فإن الاحتياط الفدرالي للولايات المتحدة واللجنة الفدرالية السويسرية للبنوك قد نظراً في هذه القضية".
لم تمنع هذه التصريحات أفراد مافيا ميامي ووسائلها الصحافية من مواصلتها لحملتهم الغادرة، وفي السادس عشر من أيلول/سبتمبر أدلت إليانا روس-ليهتينين بتصريحات جديدة:
"‘إن هذا الأمر يثير الحفيظة ويتّسع الرقعة، هذا ما قالته عضو الكونغرس لصحيفة ‘إلـ نويفو هيرالد‘. وأضافت ‘هناك ثلاثة أشخاص على الأقل كانت لهم صلة بهذا التحريك للأموال ويجري توجيه الأنظار إلى بنوك أخرى‘".
ولنلاحظ التهديد الواضح في قولها "يجري توجيه الأنظار إلى بنوك أخرى".
في ذلك الموعد طلبتُ من المصرف المركزي الكوبي أن يحث الخطى في عمله حول هذا الموضوع، وأوعزت –والإشارة للقائد العام- بأن يتركز التحليل على إمكانية استخدام البيسو الكوبي القابل للصرف بدلاً من الدولار، على نحو لا تكون فيه البلاد هشّة أمام الضغوط الجديدة التي تمارسها مافيا ميامي ومعها حكومة الولايات المتحدة.
ربما تذكرون أنه يوم الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر، على المائدة المستديرة الثانية حول مواضيع الكهرباء، نبّهت الرأي العام إلى هذه المشكلات خلال مداخلتي، من دون أن أقدم كثيراً من التفاصيل. على هذا الصعيد قلت حرفياً:
"لدينا عدواً منذ 45 سنة وهو يحاول تدميرنا عبر كل السبل الممكنة، درجة أن ما يدفعه سائح من مال لا يمكن تداوله في العالم، فبما أنهم هم أصحاب العملة الرئيسية، أسياد العالم، يمنعون استخدام الدولار في أي عملية تجارية لكوبا".
وفيما يتعلق بالإجراءات التي كنا نعكف على العمل في إعدادها، ذكرتُ في المائدة المستديرة حول مسألة الكهرباء أيضاً، يوم التاسع والعشرين:
"إنهم يبذلون كل الجهود، ونحن أيضاً عاكفون على التفكير في كيفية الدفاع عن أنفسنا، لأننا لن نبقى عزّل. لن نقول لهم شيئاً، فليفعلوا ما يشاؤون، فليضايقوا، وليحاولوا الإنهاك، ولكنه لن يبقى بلا ردّ أي من تلك الإجراءات التي تحاول المحاصرة، ومن ثم يتهمون بلدنا بغسل الأموال، كما لو كانت أموالاً تم كسبها في لعب القمار، من التهريب.. غسل أموال؛ إنها أموالنا وتم كسبها بعرق جبيننا وبنزاهة. يتخذون إذن إجراءات لتمنع تداول هذا الدولار، ولكننا سنرى، من المؤكد بأننا سنجد رداً على هذه الإجراءات، وسيخفقون، كما أخفقوا دائماً".
في موعد حديث جداً هو التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، قبل 11 يوماً بالضبط من وقوعي العرضي، وصلت أنباء عن خطاب ألقاه دانييل و. فيسك، مساعد وزير الخارجية الأمريكي، أمام "جمعية القدماء الكوبيين الأمريكيين"، تباهى فيه بدناءة لا حدود لها بالنجاح المزعوم للإجراءات الإجرامية المتخذة من قبل حكومة بوش ضد شعبنا. وقال بين أمور أخرى:
"بل وأكثر من ذلك، أساس آخر في استراتيجيتنا هو تحديد مصدر تدفق الدخول لنظام كاسترو، وهو أمر تم تجاهله خلال زمن طويل، ثم التحرك من أجل تضييقه. على سبيل المثال، السياحة، التي حلّت محلّ الصادرات من السكر كمصدر رئيسي للعملة الصعبة.
[...]
كما يعرف كثيرون منكم، في سبيل مواصلة خفض تدفق الموارد التي تسمح لكاسترو الإبقاء على الشعب الكوبي مقموعاً، شدّدنا سياستنا المتعلقة بالتحويلات المالية، وطرود التبرعات والرحلات العائلية إلى الجزيرة. يمكن لهذه المصادر أن تعود بما يقدَّر بـِ 1500 مليون دولار سنوياً على شكل أرصدة وسلع تُرسَل إلى كوبا من قبل الذين يعيشون خارج الجزيرة.
[...]
لقد حرمنا حكومة كاسترو من أكثر من 100 مليون دولار من العملة الصعبة. وهذا يعني مائة مليون دولار دون ما يتمتع به كاسترو لقمع شعبه والمحافظة على قبضته في السلطة.
بالإضافة لذلك، حين نحسب هذه الأموال على طول سنة عادية كاملة، نقدّر بأن تحدث خسائر سنوية صافية للنظام بقيمة 375 مليوناً، وهذا جراء تقليص الزيارات فقط.
وعند حسبان انخفاض كل مصادر تدفق الدخول، نقدّر بأننا جرّدنا النظام مما لا يقل عن 500 مليون دولار كان من شأن كاسترو أن يستخدمها في دعم جهازه الأمني والتجسسي".
بين كل ما ورد في ذلك الخطاب من عجرفة إمبراطورية وتصلّف، هناك فقرة بالتحديد تحتاج لقراءة وتحليل دقيقين.
قال السيد فيسك:
"لقد شكلنا مجموعة ملاحقة للممتلكات الكوبية تتكون من موظفين مسؤولين عن تنفيذ القوانين من عدة وكالات في سبيل التحقيق في طرق جديدة لنقل العملة الصعبة من كوبا وإليها ووقفها".
ما كان بإمكان العلاقة بين الحملة القذرة لمافيا ميامي بشأن موضوع غسل الأموال وهذا التحرك الجديد والإجرامي من جانب حكومة الولايات المتحدة، مع تشكيلها لمجموعة تلاحِق مصادر تدفق العملة الصعبة من كوبا وإليها أن تكون أوضح مما هي عليه؛ درجة أن التحركات الرامية لحماية مصالح بلدنا أمام هذا العدوان الجديد يجب اتخاذها بدون مزيد من التأخير. أوعزتُ للمصرف المركزي الكوبي فوراً بإعداد برنامج زمني لوضع تداول البيسو الكوبي القابل للصرف محل الدولار حيّز التنفيذ بأقرب موعد ممكن.
تم الأخذ بتنفيذ هذا البرنامج الزمني، وقد أصبحنا في هذه اللحظات جاهزين للإعلان رسمياً أنه اعتباراً من الثامن تشرين الثاني/نوفمبر سيبدأ البيسو الكوبي القابل للصرف بالتداول بدلاً من الدولار الأمريكي في جميع أنحاء الأراضي الوطنية.
أول ما يجب توضيحه هو أن ذلك لا يعني المحاسبة القانونية على امتلاك الدولار أو غيره من العملات القابلة للصرف. فيمكن للمواطنين أن يمتلكوا في حوزتهم المبلغ الذي يشاؤون من الدولارات من دون أن يشكل ذلك انتهاكاً للقانون. ما يتعلق به الأمر هو أنه اعتباراً من التاريخ المذكور، الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، لن يكون الدولار مقبولاً في محلاتنا التجارية بالعملة الصعبة، حيث ستقبل هذه المحلات البيسو الكوبي القابل للصرف حصراً.
من يمتلك عملة قابلة للصرف، سواء كان مواطن كوبي أو زائر أجنبي، سيحتاج اعتباراً من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر لشراء البيسو الكوبي القابل للصرف في "دور تبديل العملات" (المعروفة اختصاراً باسم "CADECA")، أو في الفروع المصرفية، أو حتى في عدد كبير من المحلات التجارية نفسها التي تبيع بالعملة الصعبة، حيث ستقدم هذه الخدمة أيضاً، من أجل القيام بمشترياته ضمن شبكة المحلات العاملة بالعملة الصعبة في الأراضي الوطنية. وكأمر إضافي تم اتخاذ قرار يقضي بأن يدفع كل من يرغب بشراء البيسو الكوبي القابل للصرف بدولارات نقدية اعتباراً من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر ضريبة بنسبة عشرة بالمائة. ستنفع هذه الضريبة كتعويض عن المخاطر والتكاليف التي يترتب عليها استخدام الدولار الأمريكي بالنسبة للاقتصاد الكوبي، وذلك نتيجة الإجراءات المذكورة المتخذة من قبل حكومة الولايات المتحدة، وهي إجراءات تسعى لمنع بلدنا من استخدام الدولارات النقدية لأهداف تجارية عادية.
إنه لمن الهام جداً التأكيد مجدداً، لكي لا يكون هناك أي التباس، بأن هذه الضريبة تبدأ اعتباراً من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، على نحو يسمح لكل من يملك دولارات التمتع بحق استبدالها بالبيسو الكوبي القابل للصرف بنسبة واحد بواحد وبدون أي ضريبة قبل الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر؛ أو، إذا أراد، أن يشتري سلعاً بالدولار قبل هذا الموعد، كما يجري عليه الأمر في هذه اللحظات. إذا كان لديه حساباً مصرفياً بالدولار، يمكنه إيداعها وسحبها لاحقاً بالبيسو الكوبي القابل للصرف بسعر واحد بواحد، أو بالدولار، وقتما شاء، وكذلك بدون أي ضريبة؛ أو، إذا لم يكن لديه حساباً، يمكنه فتح واحداً وإيداع دولاراته في البنك وسحبها في المستقبل بالبيسو الكوبي القابل للصرف بسعر الصرف واحد بواحد، و بالدولار، في اللحظة التي يشاء وبدون أي نوع من الضريبة.
من يتلقى أموالاً من الخارج بشكل معتاد، لديه متسعاً من الوقت من الآن ولمدة أسبوعين لكي ينسّق مع أقاربه، إذا ما رغب بذلك، لكي لا يرسلوا له تحويلاتهم المالية النقدية مستقبلاً بالدولار، وإنما بعملات أخرى مثل اليورو أو الدولار الكندي أو الجنيه الإسترليني أو الفرانك السويسري، التي لن يتوجب على حامليها دفع ضريبة العشرة بالمائة عند صرفها.
يعني ذلك بأنه قد تم البحث عن صيغ تمنع تعرض أحد للضرر من هذا الإجراء، حيث أنه يتم توفير الوقت الكافي للقيام بالتدابير اللازمة بالدولارات النقدية التي في الجيب، في سبيل عدم الاضطرار لدفع الضريبة الموضوعة.
أؤكد بأن هذا ليس بإجراء يسعى لجمع عملة صعبة من خلال ضريبة، وإنما هو رد على تهديد فعلي ناتج عن إجراء إجرامي متخذ من قبل حكومة الولايات المتحدة وحملة لا وجل فيها ترمي إلى إفزاع المصارف الأجنبية.
أود أن أؤكد أيضاً بأن جميع الحسابات المصرفية بالدولار أو بالبيسو الكوبي القابل للصرف أو بأي عملة أخرى هي مضمونة كلياً، وكما سبق وأشرت، لن تطبَّق أي ضريبة على الأرصدة المودعة في المصارف، بغض النظر عن الموعد الذي يريد فيه أصحاب الحسابات سحبها، بدون أي قيد من أي نوع كان.
كما سبق وشرحت، أول ما ينص عليه القرار هو أنه بوسع المواطنين أن يبقوا في أيديهم دولارات أمريكية أو أي عملة صعبة أخرى مهما بلغت كميتها، كما هو الحال حتى الآن، بدون أي قيد من أي نوع كان. بين يوم غد وبين السابع من تشرين الثاني/نوفمبر يسير كل شيء كما هو عليه حتى الآن ويستمر قبول الدولارات في المحال التجارية؛ ومن يريد صرف دولاراته بالبيسو الكوبي القابل للصرف لن تطبَّق عليه غرامة العشرة بالمائة، وإنما يتم فعل ذلك بسعر واحد بواحد؛ يمكن فتح حسابات جديدة بالدولار بدون أي قيد من أي نوع كان أو إدخال إيداعات جديدة في الحسابات الموجودة، ويمكنه في المستقبل، في اللحظة التي يشاء، سحب هذه الأموال بالبيسو الكوبي القابل للصرف بسعر واحد بواحد أو بالدولار، حسبما يختار المودع، من غير الخضوع لأي نوع من الضريبة.
اعتباراً من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر تدخل حيز التنفيذ إلزامية الدفع بالبيسو الكوبي القابل للصرف في جميع المحلات التي تقوم بعملياتها بالعملة الصعبة، وفي سبيل شراء البيسو الكوبي القابل للصرف بواسطة دولارات نقدية سيتم تطبيق ضريبة نسبتها عشرة بالمائة. وتذكروا بأن هذا ليس تغيّراً في نسبة سعر الصرف بين الدولار والبيسو الكوبي القابل للصرف، التي تظل على ما هي عليه، واحد بواحد، وإنما هي ببساطة ضريبة على شراء البيسو الكوبي القابل للصرف بدولارات نقدية. إذا كان لديك بيسو قابل للصرف تستطيع أن تشتري دولاراً؛ ولكن إذا كان لديك دولاراً وأردت شراء بيسو كوبي قابل للصرف من واجبك أن تدفع ضريبة نسبتها 10 بالمائة، وعليه فإن الدولار الذي تمتلكه يعود عليك بتسعين سنتاً من البيسو الكوبي القابل للصرف.
أذكّر مجدداً أنه بالنسبة لباقي العملات المقبولة في البلاد –اليورو، الفرانك السويسري، الجنيه الإسترليني والدولار الكندي- لن يُفرض عليها أي نوع من الضريبة. ضريبة العشرة بالمائة تطبَّق على الدولار النقدي حصراً وذلك نتيجة الوضع الناشئ عن الإجراءات الجديدة المتخذة من قبل حكومة الولايات المتحدة من أجل خنق البلاد.
في سبيل تسهيل عمليات تبديل العملات، سيتم القيام بها اعتباراً من الثامن والعشرين من الجاري في دور تبديل العملات والفروع المصرفية والفنادق والمحلات التجارية، مع تفاصيل دقيقة واردة ضمن نص القرار.
ينص القرار أيضاً على أن العمليات المالية التي يتم القيام بها عبر بطاقات اعتماد أو بطاقات دَين لا يطبَّق عليها أي نوع من الضريبة، بغض النظر عن العملة التي يتعلق بها الأمر، بما فيها الدولار. تفسير ذلك هو أنه حين يتم القيام بالعملية المالية عبر بطاقة دَين أو اعتماد، فإنها على غير صلة بالحركة النقدية، وعليه فإن لا تكاليف ولا مخاطر ترافق انتقال الأوراق النقدية بالدولار.
هناك بعض الإجراءات التي تم اتخاذها في النظام المصرفي من أجل تسهيل عمليات صرف العملات. على سبيل المثال، ستفتح المصارف أبوابها يومي السبت 6 والأحد 7 تشرين الثاني/نوفمبر، ومن الثامن والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر حتى السابع من تشرين الثاني/نوفمبر، اعتباراً من الساعة 12 من منتصف النهار، وستكون مكرّسة لعمليات صرف العملة ولن يتم ضمن ساعات العمل هذه القيام بأي عملية مالية أخرى، وذلك في سبيل توفير تسهيلات أكبر للمواطنين ولكي لا يتخلف أي راغب بصرف دولاراته بالبيسو الكوبي القابل للصرف عن فعل ذلك قبل الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، على نحو لا يضطره لدفع ضريبة العشرة بالمائة.
طبعاً، من واجبنا أن نوضّح في ذات السياق أن من يرغب بشراء البيسو الكوبي القابل للصرف بدولارات أمريكية في دور تبديل العملات ستطبَّق عليه ضريبة العشرة بالمائة، حيث أننا نكون بذلك نتلقى دولارات نقدية.
أود أن أوضّح أيضاً بأن هذا الإجراء لن يمنع ولن يعرقل بأي شكل كان الضمانات التي تقدّمها المؤسسات المالية الكوبية لهيئات أجنبية، ولا وفرة الأرصدة بالعملة القابلة للصرف لدفع التزاماتها. لهذه الإجراءات بُعداً داخلياً فقط ونحن نقوم فقط بتنظيم ما يتعلق بالتداول النقدي داخل الأراضي الوطنية وحماية أنفسنا من عدوان اقتصادي خارجي.
في العاشر من أيار/مايو الماضي أبلغت برقية صحفية لشبكة "بي بي سي" (BBC) عن غرامة مالية فرضها الاحتياط الفدرالي للولايات المتحدة على مصرف سويسري بحجة انتهاكه المزعوم للعقوبات الأمريكية المفروضة على كل من ليبيا وإيران ويوغسلافيا وكوبا. وُجِّهت للمصرف السويسري تهمة قبول أوراق نقدية بالدولار الأمريكي أو إرسالها إلى بلدان تخضع لنظام عقوبات تفرضه حكومة الولايات المتحدة.
بعد ذلك بأيام قليلة نقلت وكالة الأنباء نوتيميكس" (Notimex) تصريحات لقاطع الطرق أوتو رايش أشار فيها عند تعرضه للحديث عن الإجراءات حديثة العهد المتخذة من قبل حكومة الولايات المتحدة إلى أن بعضها قد أصبح موضع التنفيذ وبعض آخر هو في طريقه إلى ذلك. وقال حرفياً، بلهجة تهديدية:
"الكثير منها يحتاج لوضع النظم ولجوانب بيروقراطية معيّنة، وهذا ما ينهمك به المحامون وغيرهم من الموظفين الحكوميين، وتسير نحو التنفيذ إجراءات أخرى أكثر بكثير".
في ذلك الموعد نفسه، ظهرت في صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" مقالة مشحونة بالافتراءات والأكاذيب الفظة، تحت عنوان "غَسَلَت كوبا 3900 مليون دولار في مصرف سويسري"، وهي مقالة، بالإضافة لتشويه حقيقة كل ما يتعلق بالعمليات التجارية الطبيعية التي تقوم بها كوبا في الخارج، حثّت السلطات الأمريكية على اتخاذ إجراءات جديدة ضد بلدنا. فقد ذكرت المقالة في الجزء النهائي منها:
"نعرف بأن الاحتياط الفدرالية يتمتع باستقلالية، ومن الواضح بأنه على غير اهتمام بمتابعة تطبيق قانون هيلمز-بيرتون، ولكن مكتب الإشراف على الممتلكات الأجنبية (OFAC) هو جزء من السلطة التنفيذية، وبالتالي هو، نعم، يمكن مطالبته بأن يشرح بشكل أفضل الضلع الكوبي في قضية "اتحاد البنوك السويسرية"، الذي قامت لجنة البنوك التابعة لمجلس الشيوخ بالتغطية عليه بشكل أنيق. ربما يكون بوسع أعضاء الكونغرس الكوبيين-الأمريكيين أن يدعوا إلى اجتماعات في اللجان المختصة التابعة لمجلس النواب لكي يتم توضيح هذه الفضيحة العملاقة".
الحكومة الكوبية، وفاءً منها لعادتها في الإبقاء على شعبنا مطلعاً باستمرار، نشرت في الثامن حزيران/يونيو بلاغاً في صحيفة "غرانما" شرحت فيه بالتفصيل مصدر عملياتنا المالية مع البنوك الأجنبية المخصّصة لإيداع الدولارات التي يتم استلامها في البلاد في حسابات مصرفية، وذلك بغية تنفيذ التزامات ناشئة عن تجارتنا الخارجية.
من بين الأمور التي قالها البلاغ:
"... لقد لاحظنا كيف أن اليمين المتطرف من إدارة بوش يقوم في الأيام الأخيرة بخطوات واضحة ترمي إلى محاصرة دخول بلدنا من السياحة وغيرها من الخدمات وتقليص قدرة الكوبيين المقيمين في الولايات المتحدة على إرسال تحويلات مالية إلى ذويهم في كوبا إلى صفر، وذلك عبر استخدام سبل هي أكثر ما يمكن تصوره من فساد وغدر ونفاق: عبر منعها ببساطة من التمكن من إيداع ما تحصل عليه من دولارات جراء مبيعاتها في محلات العملة الصعبة أو نشاطات لها علاقة بالسياحة وغيرها من الخدمات التجارية في بنوك أجنبية. على هذا النحو، لا يكون بوسع كوبا استخدام هذه الدولارات لشراء الأدوية ولا المواد الغذائية ولا استيراد مؤنها الضرورية لمحلاتها التجارية نفسها، حيث يشتري المنتجات أولئك الذين يتلقون تحويلات مالية من أقارب لهم مقيمين في الولايات المتحدة.
لهذه الغاية الماكرة، تقوم حكومة الولايات المتحدة بالضغط على بنوك أجنبية لكي لا تقبل من كوبا أرصدة هي مشروعة ونزيهة المنشأ. بالإضافة لذلك، تروّج لنشر افتراء مثير للاشمئزاز في صحافة المافيا الإرهابية في ميامي مفاده أنه يمكن أن يكون لتلك الأرصدة علاقة بنشاطات يحاربها بلدنا بشدة، مثل غسل الأموال وتهريب المخدرات".
وواصل البلاغ المنشور في صحيفة "غرانما" قوله:
"تضحي هذه التحركات أكثر إثارة للاشمئزاز إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن السبب الوحيد الذي يجعل السائحين الذين يزورون كوبا يستخدمون المال نقداً هو أن الحصار اليانكي يمنعهم من استخدام بطاقات اعتمادهم أو صكوك السفر الصادرة عن بنوك أو هيئات مالية أمريكية أخرى تسيطر على هذا السوق. بالإضافة لذلك، لم تُمنح ألا لشركة أمريكية واحدة إجازة القيام بإجراءات تحويلات مالية إلى كوبا عبر الطرق المصرفية، لدرجة أن الكوبيين المقيمين في الخارج يواجهون اليوم حاجزاً منيعاً بكل معنى الكلمة أمام تمكنهم من إرسال مساعدة اقتصادية لذويهم، فيضطرون في نهاية الأمر، في معظم الحالات، لإرسالها نقداً. ذات الملاحقة والتهديد اللذين يتبعان باستمرار الذين يرسلون مالاً من الولايات المتحدة إلى كوبا يساهمان في جعل هؤلاء يفضّلون في كثير من الأحيان إرساله نقداً، من أجل عدم ترك آثر موثَّق يُخضعهم لمضايقة السلطات الأمريكية وتفادي التحركات العنيفة من جانب الإرهابيين المقيمين في ميامي.
لا يمكن تصوّر صيغة أكثر دناءة وفساداً: الولايات المتحدة بحصارها المجرم تُرغم على إرسال التحويلات المالية ومدفوعات الزائرين الأجانب في كوبا نقداً؛ والآن، عبر ضغوط فظة، تحاول منع تمكن كوبا من استخدام هذا النقد لدفع بدل وارداتها".
وانتهى البلاغ إلى القول:
"كل هذه المكائد محكوم عليها بالفشل. فبالصمود والهدوء ورباطة الجأش المعتادين، سيكافح شعبنا البطل وسينتصر في وجه عدوّ جبار ولكنه دنئ وجبان، يستحق الازدراء فعلاً بسبب سياسته المبيدة ومناهجه النازية-الفاشية".
حول هذه الاعتبارات يمكننا أن نضيف أنه خلال فترة السنوات السبع المشار إليها، استوردت كوبا سلعاً بقيمة أكثر من ثلاثين ألفاً و854 مليون دولار، على نحو تشكّل فيه الثلاثة آلاف و900 مليوناً التي يقولون هم بأنه تم تحويلها إلى منتفعين آخرين، ما نسبته 13 بالمائة من مجموع مدفوعات كوبا خلال تلك الفترة لتغطية تكاليف الواردات، والتي يتمثل جزء كبير منها في احتياجاتها من المواد الغذائية والمحروقات والأدوية أو المواد الأولية لإنتاجها، ومنتجات أخرى وسيطة لصناعاتنا، وسلعاً تباع في شبكة المحلات بالعملة الصعبة، إلى آخره.
في اليوم التالي، جددت مقالة إضافية "للـ نويفو هيرالد" تطرقها للموضوع، وعلى نحو أكبر من الغدر، رأت بأن الأرصدة المودعة في المصرف السويسري المذكور هي أرصدة معتمدة "لأشخاص أو لهيئات مجهولة في مصارف لم يتم الكشف عنها"، في الوقت الذي تم استخدام تلك الأرصدة في جميع الحالات لعمليات تجارية عادية مع شركات تجارية أو صناعية معروفة عالمياً.
وعلى نحو هستيري، طالبت الصحيفة:
"هذه هي الأسماء التي يجب معرفتها. من واجب عضوا الكونغرس عن فلوريدا إليانا روس-ليهتينين ولينكولن دياز-بالارت أن يضغطا من أجل معرفة الوجهة التي انتهت إليها تلك الأموال والمكان الذي أتت منه".
في حملة واضحة هدفها لفت الانتباه الدولي إلى هذا الموضوع، أبلغت صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" في العاشر من حزيران/يونيو مجدداً بأن مافيا ميامي، ومن خلال أبرز المتحدثين باسمها، وهما عضوا الكونغرس إليانا روس-ليهتينين ولينكولن دياز-بالارت، تعكف على مطالبة الحكومة الفدرالية الأمريكية بإجراء تحقيق حول مصدر ووجهة الأرصدة المذكورة. ذكرت صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" في تلك المقالة:
"يجب على الولايات المتحدة أن تحقق في مصدر ووجهة 3900 مليون دولار قامت الحكومة الكوبية ‘بغسلها‘ من خلال برنامج دولي للاحتياط الفدرالي، هذا ما صرّح به يوم أمس عضوا الكونغرس عن فلوريدا روس-ليهتينين ولينكولن دياز-بالارت في رسالتين بعثا بهما إلى كل من الاحتياط الفدرالي ولجنة التمويل التابعة للمجلس".
"تحيّرنا على نحو عميق الكيفية التي أمكن بها حدوث انتهاك بالغ الخطورة للقانون الفدرالي من قبل ‘اتحاد البنوك السويسرية‘"، هذا ما كتبه عضوا الكونغرس لرئيس الاحتياط الفدرالي، ألان غرينسبان. وأضافا: "نتمنّى أن تجد التحقيقات إجابات على كثير من الأسئلة التي لدينا حول هذا الموضوع".
في بلاغ صحفي أصدرته في الثاني والعشرين من حزيران/يونيو، قالت إليانا روس-ليهتينين، "الذئبة الشرسة"، بهستيريتها المعهودة:
"أحس بالذهول حيال إقدام مصرفٍ أُسنِدت إليه المسؤولية الحسّاسة بتوزيع العملة الأمريكية الجديدة على انتهاك نظم هذا البلد تجاه دولة مصنّفة على أنها إرهابية".
وبوقاحة أكبر طالبت:
"أنا بانتظار نتائج التحقيق... إذا ما وُجد بأن ‘اتحاد البنوك السويسرية‘ مذنباً في انتهاك قيود الولايات المتحدة على العمليات التي تضطلع بها أنظمة إرهابية كالنظام الكوبي، يضحي أمراً بالغ الحيوية أن يتم فرض غرامة مالية ملائمة على المسؤولين".
واستكمالاً لحملتها كتبت إليانا روس-ليهتينين في الثلاثين من حزيران/يونيو رسالة إلى رئيس لجنة العلاقات الدولية لمجلس النواب مطالبةً بإجراء تحقيق حول الموضوع.
طبعاً، وراء هذه الحملة والضغوط الفظة كانت تبان واضحة الغاية المتمثّلة في إفزاع جميع البنوك التي يمكنها إقامة علاقات مالية مع كوبا، سعياً لمنع استقبالها للأوراق النقدية من الدولارات التي ينبغي على بلدنا إرسالها بشكل منتظم إلى الخارج لأسباب تم شرحها سابقاً.
بعدما حدث كل هذا، بدأ يتجلّى بوضوح أن بنوكاً كثيرة قد أخذت تخضع لضغوط السلطات الأمريكية سعياً لمحاولة محاصرة التحويلات وخلق وضع على نحو ما فوق العادي من الصعوبة والحرج لبلدنا.
ضمن هذه الظروف تم الشروع ببحث كل الخيارات الممكنة في سبيل منع تمكن أي عمل جديد من جانب حكومة الولايات المتحدة من إنزال أضرار اقتصادية كبيرة ببلدنا، وذلك عبر منعه من استخدام الدولارات التي يتلقاها نقداً لأهداف تجارية.
وبينما كانت كوبا تبحث بشكل هادئ وتمعّني كل الخيارات، كانت تهطل الأكاذيب والافتراءات المتعلقة بهذا الموضوع.
في الثالث من حزيران/يونيو شنت صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" هجوماً على كل من البنك عبر الأمريكي للتنمية و"اللجنة الاقتصادية الخاصة بأمريكا اللاتينية" (CEPAL) متهمةً إياهما بتضخيم تقديراتهما لقيمة التحويلات المالية العائلة من الولايات المتحدة إلى كوبا، ورأت بأن ذلك يستهدف تبرير المصدر القانوني للـ 3900 مليون دولار.
وقالت على هذا الصعيد:
"إنما هو هذه المكيدة ما يغطّي عليه كل من البنك عبر الأمريكي للتنمية و"اللجنة الاقتصادية الخاصة بأمريكا اللاتينية" عبر الأرقام المضخَّمة من التحويلات المالية التي ينسبانها إلى الجالية الكوبية-الأمريكية. لا بد من توضيح الأمر. بالإضافة لذلك، فضيحة غسل الأموال تعكس بأن كوبا هي ملجأ خفّي لأموال إرهابيين ومختلِسين. لا بد من كشف ذلك".
عبر نزعة الإثارة الخارجة عن المنطق التي يتصف بها رعاع ميامي، نشرت صحيفة "إلـ نويفو هيرالد" في الثالث والعشرين من تموز/يوليو مقالة تحت عنوان "البحث في الولايات المتحدة عن ضلوع متصلة بالأرصدة الكوبية"، ذكرت في ما ذكرت ضمنها:
"بدأت الولايات المتحدة إجراء تحقيق قضائي من أجل تحديد ضلوع محتملة ‘لهيئات وأشخاص أمريكيين‘ بالـ 3900 مليوناً التي سرّبتها كوبا إلى النظام المالي الدولي عبر استخدامها لبرنامج الاحتياط الفدرالي.
هذه العملية تمت من خلال ‘اتحاد البنوك السويسرية‘.
‘يفتح الادعاء العام في المنطقة الجنوبية الغربية من نيويورك تحقيقاً بالأمر في هذه اللحظة‘، هذا ما أكده خوان زاراتي، مساعد وزير المالية الأمريكي المكلف شؤون مكافحة تمويل الإرهاب خلال زيارة أجراها يوم أمس لصحيفة ‘إلـ نويفو هيرالد‘".
ويبدو أن الأكاذيب التي كانت تُنشر يومياً في ميامي حول هذه القضية بلغت قدراً ومبلغاً من الفظاظة درجة أنه بالرغم مما يُعرف من تكتم عند المصارف السويسرية، شعرت المؤسسة المالية ذات الصلة بهذه القضية أنها مجبرة على النفي العلني لأي اتهام بغسل الأموال، فقد أبلغت برقية لوكالة الصحافة الفرنسية نُشرت في ميونيخ في الخامس والعشرين من تموز/يوليو ما يلي:
"نفى ‘Union des Banques Suisses‘ (اتحاد البنوك السويسرية، UBS)، وهو أكبر مصرف سويسري، يوم أمس أن يكون قد غسل أموالاً لكوبا كما ورد على لسان ثلاثة من أعضاء مجلس نواب الولايات المتحدة، ممن طالبو بإجراء تحقيق في بالأمر.
وأشار متحدث باسم ‘اتحاد البنوك السويسرية‘ بأنه ليس لديه علماً بتحقيقات جديدة عن البنك ونفى أي تهمة توجَّه إليه بغسل الأموال".
[...]
"واستناداً لما ذكره المتحدث باسم ‘اتحاد البنوك السويسرية‘ فإن الاحتياط الفدرالي للولايات المتحدة واللجنة الفدرالية السويسرية للبنوك قد نظراً في هذه القضية".
لم تمنع هذه التصريحات أفراد مافيا ميامي ووسائلها الصحافية من مواصلتها لحملتهم الغادرة، وفي السادس عشر من أيلول/سبتمبر أدلت إليانا روس-ليهتينين بتصريحات جديدة:
"‘إن هذا الأمر يثير الحفيظة ويتّسع الرقعة، هذا ما قالته عضو الكونغرس لصحيفة ‘إلـ نويفو هيرالد‘. وأضافت ‘هناك ثلاثة أشخاص على الأقل كانت لهم صلة بهذا التحريك للأموال ويجري توجيه الأنظار إلى بنوك أخرى‘".
ولنلاحظ التهديد الواضح في قولها "يجري توجيه الأنظار إلى بنوك أخرى".
في ذلك الموعد طلبتُ من المصرف المركزي الكوبي أن يحث الخطى في عمله حول هذا الموضوع، وأوعزت –والإشارة للقائد العام- بأن يتركز التحليل على إمكانية استخدام البيسو الكوبي القابل للصرف بدلاً من الدولار، على نحو لا تكون فيه البلاد هشّة أمام الضغوط الجديدة التي تمارسها مافيا ميامي ومعها حكومة الولايات المتحدة.
ربما تذكرون أنه يوم الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر، على المائدة المستديرة الثانية حول مواضيع الكهرباء، نبّهت الرأي العام إلى هذه المشكلات خلال مداخلتي، من دون أن أقدم كثيراً من التفاصيل. على هذا الصعيد قلت حرفياً:
"لدينا عدواً منذ 45 سنة وهو يحاول تدميرنا عبر كل السبل الممكنة، درجة أن ما يدفعه سائح من مال لا يمكن تداوله في العالم، فبما أنهم هم أصحاب العملة الرئيسية، أسياد العالم، يمنعون استخدام الدولار في أي عملية تجارية لكوبا".
وفيما يتعلق بالإجراءات التي كنا نعكف على العمل في إعدادها، ذكرتُ في المائدة المستديرة حول مسألة الكهرباء أيضاً، يوم التاسع والعشرين:
"إنهم يبذلون كل الجهود، ونحن أيضاً عاكفون على التفكير في كيفية الدفاع عن أنفسنا، لأننا لن نبقى عزّل. لن نقول لهم شيئاً، فليفعلوا ما يشاؤون، فليضايقوا، وليحاولوا الإنهاك، ولكنه لن يبقى بلا ردّ أي من تلك الإجراءات التي تحاول المحاصرة، ومن ثم يتهمون بلدنا بغسل الأموال، كما لو كانت أموالاً تم كسبها في لعب القمار، من التهريب.. غسل أموال؛ إنها أموالنا وتم كسبها بعرق جبيننا وبنزاهة. يتخذون إذن إجراءات لتمنع تداول هذا الدولار، ولكننا سنرى، من المؤكد بأننا سنجد رداً على هذه الإجراءات، وسيخفقون، كما أخفقوا دائماً".
في موعد حديث جداً هو التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، قبل 11 يوماً بالضبط من وقوعي العرضي، وصلت أنباء عن خطاب ألقاه دانييل و. فيسك، مساعد وزير الخارجية الأمريكي، أمام "جمعية القدماء الكوبيين الأمريكيين"، تباهى فيه بدناءة لا حدود لها بالنجاح المزعوم للإجراءات الإجرامية المتخذة من قبل حكومة بوش ضد شعبنا. وقال بين أمور أخرى:
"بل وأكثر من ذلك، أساس آخر في استراتيجيتنا هو تحديد مصدر تدفق الدخول لنظام كاسترو، وهو أمر تم تجاهله خلال زمن طويل، ثم التحرك من أجل تضييقه. على سبيل المثال، السياحة، التي حلّت محلّ الصادرات من السكر كمصدر رئيسي للعملة الصعبة.
[...]
كما يعرف كثيرون منكم، في سبيل مواصلة خفض تدفق الموارد التي تسمح لكاسترو الإبقاء على الشعب الكوبي مقموعاً، شدّدنا سياستنا المتعلقة بالتحويلات المالية، وطرود التبرعات والرحلات العائلية إلى الجزيرة. يمكن لهذه المصادر أن تعود بما يقدَّر بـِ 1500 مليون دولار سنوياً على شكل أرصدة وسلع تُرسَل إلى كوبا من قبل الذين يعيشون خارج الجزيرة.
[...]
لقد حرمنا حكومة كاسترو من أكثر من 100 مليون دولار من العملة الصعبة. وهذا يعني مائة مليون دولار دون ما يتمتع به كاسترو لقمع شعبه والمحافظة على قبضته في السلطة.
بالإضافة لذلك، حين نحسب هذه الأموال على طول سنة عادية كاملة، نقدّر بأن تحدث خسائر سنوية صافية للنظام بقيمة 375 مليوناً، وهذا جراء تقليص الزيارات فقط.
وعند حسبان انخفاض كل مصادر تدفق الدخول، نقدّر بأننا جرّدنا النظام مما لا يقل عن 500 مليون دولار كان من شأن كاسترو أن يستخدمها في دعم جهازه الأمني والتجسسي".
بين كل ما ورد في ذلك الخطاب من عجرفة إمبراطورية وتصلّف، هناك فقرة بالتحديد تحتاج لقراءة وتحليل دقيقين.
قال السيد فيسك:
"لقد شكلنا مجموعة ملاحقة للممتلكات الكوبية تتكون من موظفين مسؤولين عن تنفيذ القوانين من عدة وكالات في سبيل التحقيق في طرق جديدة لنقل العملة الصعبة من كوبا وإليها ووقفها".
ما كان بإمكان العلاقة بين الحملة القذرة لمافيا ميامي بشأن موضوع غسل الأموال وهذا التحرك الجديد والإجرامي من جانب حكومة الولايات المتحدة، مع تشكيلها لمجموعة تلاحِق مصادر تدفق العملة الصعبة من كوبا وإليها أن تكون أوضح مما هي عليه؛ درجة أن التحركات الرامية لحماية مصالح بلدنا أمام هذا العدوان الجديد يجب اتخاذها بدون مزيد من التأخير. أوعزتُ للمصرف المركزي الكوبي فوراً بإعداد برنامج زمني لوضع تداول البيسو الكوبي القابل للصرف محل الدولار حيّز التنفيذ بأقرب موعد ممكن.
تم الأخذ بتنفيذ هذا البرنامج الزمني، وقد أصبحنا في هذه اللحظات جاهزين للإعلان رسمياً أنه اعتباراً من الثامن تشرين الثاني/نوفمبر سيبدأ البيسو الكوبي القابل للصرف بالتداول بدلاً من الدولار الأمريكي في جميع أنحاء الأراضي الوطنية.
أول ما يجب توضيحه هو أن ذلك لا يعني المحاسبة القانونية على امتلاك الدولار أو غيره من العملات القابلة للصرف. فيمكن للمواطنين أن يمتلكوا في حوزتهم المبلغ الذي يشاؤون من الدولارات من دون أن يشكل ذلك انتهاكاً للقانون. ما يتعلق به الأمر هو أنه اعتباراً من التاريخ المذكور، الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، لن يكون الدولار مقبولاً في محلاتنا التجارية بالعملة الصعبة، حيث ستقبل هذه المحلات البيسو الكوبي القابل للصرف حصراً.
من يمتلك عملة قابلة للصرف، سواء كان مواطن كوبي أو زائر أجنبي، سيحتاج اعتباراً من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر لشراء البيسو الكوبي القابل للصرف في "دور تبديل العملات" (المعروفة اختصاراً باسم "CADECA")، أو في الفروع المصرفية، أو حتى في عدد كبير من المحلات التجارية نفسها التي تبيع بالعملة الصعبة، حيث ستقدم هذه الخدمة أيضاً، من أجل القيام بمشترياته ضمن شبكة المحلات العاملة بالعملة الصعبة في الأراضي الوطنية. وكأمر إضافي تم اتخاذ قرار يقضي بأن يدفع كل من يرغب بشراء البيسو الكوبي القابل للصرف بدولارات نقدية اعتباراً من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر ضريبة بنسبة عشرة بالمائة. ستنفع هذه الضريبة كتعويض عن المخاطر والتكاليف التي يترتب عليها استخدام الدولار الأمريكي بالنسبة للاقتصاد الكوبي، وذلك نتيجة الإجراءات المذكورة المتخذة من قبل حكومة الولايات المتحدة، وهي إجراءات تسعى لمنع بلدنا من استخدام الدولارات النقدية لأهداف تجارية عادية.
إنه لمن الهام جداً التأكيد مجدداً، لكي لا يكون هناك أي التباس، بأن هذه الضريبة تبدأ اعتباراً من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، على نحو يسمح لكل من يملك دولارات التمتع بحق استبدالها بالبيسو الكوبي القابل للصرف بنسبة واحد بواحد وبدون أي ضريبة قبل الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر؛ أو، إذا أراد، أن يشتري سلعاً بالدولار قبل هذا الموعد، كما يجري عليه الأمر في هذه اللحظات. إذا كان لديه حساباً مصرفياً بالدولار، يمكنه إيداعها وسحبها لاحقاً بالبيسو الكوبي القابل للصرف بسعر واحد بواحد، أو بالدولار، وقتما شاء، وكذلك بدون أي ضريبة؛ أو، إذا لم يكن لديه حساباً، يمكنه فتح واحداً وإيداع دولاراته في البنك وسحبها في المستقبل بالبيسو الكوبي القابل للصرف بسعر الصرف واحد بواحد، و بالدولار، في اللحظة التي يشاء وبدون أي نوع من الضريبة.
من يتلقى أموالاً من الخارج بشكل معتاد، لديه متسعاً من الوقت من الآن ولمدة أسبوعين لكي ينسّق مع أقاربه، إذا ما رغب بذلك، لكي لا يرسلوا له تحويلاتهم المالية النقدية مستقبلاً بالدولار، وإنما بعملات أخرى مثل اليورو أو الدولار الكندي أو الجنيه الإسترليني أو الفرانك السويسري، التي لن يتوجب على حامليها دفع ضريبة العشرة بالمائة عند صرفها.
يعني ذلك بأنه قد تم البحث عن صيغ تمنع تعرض أحد للضرر من هذا الإجراء، حيث أنه يتم توفير الوقت الكافي للقيام بالتدابير اللازمة بالدولارات النقدية التي في الجيب، في سبيل عدم الاضطرار لدفع الضريبة الموضوعة.
أؤكد بأن هذا ليس بإجراء يسعى لجمع عملة صعبة من خلال ضريبة، وإنما هو رد على تهديد فعلي ناتج عن إجراء إجرامي متخذ من قبل حكومة الولايات المتحدة وحملة لا وجل فيها ترمي إلى إفزاع المصارف الأجنبية.
أود أن أؤكد أيضاً بأن جميع الحسابات المصرفية بالدولار أو بالبيسو الكوبي القابل للصرف أو بأي عملة أخرى هي مضمونة كلياً، وكما سبق وأشرت، لن تطبَّق أي ضريبة على الأرصدة المودعة في المصارف، بغض النظر عن الموعد الذي يريد فيه أصحاب الحسابات سحبها، بدون أي قيد من أي نوع كان.
كما سبق وشرحت، أول ما ينص عليه القرار هو أنه بوسع المواطنين أن يبقوا في أيديهم دولارات أمريكية أو أي عملة صعبة أخرى مهما بلغت كميتها، كما هو الحال حتى الآن، بدون أي قيد من أي نوع كان. بين يوم غد وبين السابع من تشرين الثاني/نوفمبر يسير كل شيء كما هو عليه حتى الآن ويستمر قبول الدولارات في المحال التجارية؛ ومن يريد صرف دولاراته بالبيسو الكوبي القابل للصرف لن تطبَّق عليه غرامة العشرة بالمائة، وإنما يتم فعل ذلك بسعر واحد بواحد؛ يمكن فتح حسابات جديدة بالدولار بدون أي قيد من أي نوع كان أو إدخال إيداعات جديدة في الحسابات الموجودة، ويمكنه في المستقبل، في اللحظة التي يشاء، سحب هذه الأموال بالبيسو الكوبي القابل للصرف بسعر واحد بواحد أو بالدولار، حسبما يختار المودع، من غير الخضوع لأي نوع من الضريبة.
اعتباراً من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر تدخل حيز التنفيذ إلزامية الدفع بالبيسو الكوبي القابل للصرف في جميع المحلات التي تقوم بعملياتها بالعملة الصعبة، وفي سبيل شراء البيسو الكوبي القابل للصرف بواسطة دولارات نقدية سيتم تطبيق ضريبة نسبتها عشرة بالمائة. وتذكروا بأن هذا ليس تغيّراً في نسبة سعر الصرف بين الدولار والبيسو الكوبي القابل للصرف، التي تظل على ما هي عليه، واحد بواحد، وإنما هي ببساطة ضريبة على شراء البيسو الكوبي القابل للصرف بدولارات نقدية. إذا كان لديك بيسو قابل للصرف تستطيع أن تشتري دولاراً؛ ولكن إذا كان لديك دولاراً وأردت شراء بيسو كوبي قابل للصرف من واجبك أن تدفع ضريبة نسبتها 10 بالمائة، وعليه فإن الدولار الذي تمتلكه يعود عليك بتسعين سنتاً من البيسو الكوبي القابل للصرف.
أذكّر مجدداً أنه بالنسبة لباقي العملات المقبولة في البلاد –اليورو، الفرانك السويسري، الجنيه الإسترليني والدولار الكندي- لن يُفرض عليها أي نوع من الضريبة. ضريبة العشرة بالمائة تطبَّق على الدولار النقدي حصراً وذلك نتيجة الوضع الناشئ عن الإجراءات الجديدة المتخذة من قبل حكومة الولايات المتحدة من أجل خنق البلاد.
في سبيل تسهيل عمليات تبديل العملات، سيتم القيام بها اعتباراً من الثامن والعشرين من الجاري في دور تبديل العملات والفروع المصرفية والفنادق والمحلات التجارية، مع تفاصيل دقيقة واردة ضمن نص القرار.
ينص القرار أيضاً على أن العمليات المالية التي يتم القيام بها عبر بطاقات اعتماد أو بطاقات دَين لا يطبَّق عليها أي نوع من الضريبة، بغض النظر عن العملة التي يتعلق بها الأمر، بما فيها الدولار. تفسير ذلك هو أنه حين يتم القيام بالعملية المالية عبر بطاقة دَين أو اعتماد، فإنها على غير صلة بالحركة النقدية، وعليه فإن لا تكاليف ولا مخاطر ترافق انتقال الأوراق النقدية بالدولار.
هناك بعض الإجراءات التي تم اتخاذها في النظام المصرفي من أجل تسهيل عمليات صرف العملات. على سبيل المثال، ستفتح المصارف أبوابها يومي السبت 6 والأحد 7 تشرين الثاني/نوفمبر، ومن الثامن والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر حتى السابع من تشرين الثاني/نوفمبر، اعتباراً من الساعة 12 من منتصف النهار، وستكون مكرّسة لعمليات صرف العملة ولن يتم ضمن ساعات العمل هذه القيام بأي عملية مالية أخرى، وذلك في سبيل توفير تسهيلات أكبر للمواطنين ولكي لا يتخلف أي راغب بصرف دولاراته بالبيسو الكوبي القابل للصرف عن فعل ذلك قبل الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، على نحو لا يضطره لدفع ضريبة العشرة بالمائة.
طبعاً، من واجبنا أن نوضّح في ذات السياق أن من يرغب بشراء البيسو الكوبي القابل للصرف بدولارات أمريكية في دور تبديل العملات ستطبَّق عليه ضريبة العشرة بالمائة، حيث أننا نكون بذلك نتلقى دولارات نقدية.
أود أن أوضّح أيضاً بأن هذا الإجراء لن يمنع ولن يعرقل بأي شكل كان الضمانات التي تقدّمها المؤسسات المالية الكوبية لهيئات أجنبية، ولا وفرة الأرصدة بالعملة القابلة للصرف لدفع التزاماتها. لهذه الإجراءات بُعداً داخلياً فقط ونحن نقوم فقط بتنظيم ما يتعلق بالتداول النقدي داخل الأراضي الوطنية وحماية أنفسنا من عدوان اقتصادي خارجي.