خطاب إيفو [موراليس]
توجد لحظات في التاريخ تحتاج لخطاب، ولو كان بالغ الإيجاز كخطاب يوليوس قيصر "Alea jacta est" عندما اجتاز نهر روبيكون. كان لا بدّ من عبوره في ذلك اليوم، بالذات عندما كان يجتمع وزراء دفاع الدول المستقلة في النصف الغربي من العالم في مدينة سانتا كروز، حيث دأب اليانكيون على الترويج للانفصال ولفك لحمة بوليفيا.
كان يوم اثنين، يوافق 22، كرّست وكالات الأنباء عملها فيه لنشر وقائع اجتماع حلف الناتو في لشبونة والتعليق عليه، حيث أعلنت هذه المؤسسة الحربية بلهجة متغطرسة وفظّة حقّها بالتدخل في أي بلد كان من العالم تشعر فيها أن مصالحها فيه مهدَّدة.
ساد في ذلك الاجتماع تجاهل كامل لمصير آلاف الملايين من الأشخاص، وللأسباب الحقيقية لفقر ومعاناة معظم سكان الكوكب.
وقاحة حلف الناتو كانت تستحق رداً، وقد جاء هذا الرد على لسان هنديّ أحمر من حضارة أيمارا، من بوليفيا، في قلب أمريكا الجنوبية، حيث كانت قد أزهرت حضارة أكثر إنسانية قبل أن يفرض الفتح والاستعمار والتطور الرأسمالي والإمبريالية هيمنة القوّة الصرفة، والقائمة على قوة أكثر الأسلحة والتكنولوجيا تطوراً.
رئيس ذلك البلد، إيفو موراليس، المنتخب بأغلبية ساحقة من أبناء شعبه، -وربما من دون أن يطلع بعد على الوثيقة المشينة لحلف الناتو- ردّ بمعطيات ووقائع لا تُدحض على السياسة التي مارستها حكومات الولايات المتحدة تاريخياً بحق شعوب أمريكا اللاتينية وحوض الكاريبي.
سياسة القوة التي تعبّر عن نفسها بالحروب والجرائم وانتهاك الدستور والقوانين؛ وتدريب ضباط من المعاهد العسكرية على حياكة مؤامرات والقيام بانقلابات وتنفيذ جرائم سياسيّة تم استخدامها لإسقاط حكومات تقدميّة وإحلال أنظمة قمع وفّروا لها الدعم السياسي والعسكري والإعلامي بشكل منتظم.
لم يسبق لخطابٍ أبداً أن جاء بتوقيته أنسب من هذا.
مستخدماً في كثير من الأحيان أشكالاً تعبيرية من لغته الأيمارا، أكد حقائق ستدخل التاريخ.
سأحاول أن أستعرض باختصار شديد ما قاله، مستخدماً عباراته وكلماته نفسها:
"شكراً جزيلاً.
يسعدنا جداً أن نستقبل في سانتا كروز دي لا سييرّا وزراء ووزيرات دفاع القارة الأمريكية، في سانتا كروز، موطن إغناسيو وارنيس وخوان خوسيه مانويل فاكا، الرجلين الثائرين منذ عام 1810، واللذين كافحا من أجل استقلال بوليفيانا العزيزة ووهبا حياتهما من أجلها.
رجال من أمثال أندريس إيبانيس وأنتاهولبا تومبا، الأخ الهندي الأحمر، اللذين كافحا خلال مرحلة الجمهورية من أجل استقلالها ومن أجل المساواة بين شعوب موطننا.
أهلاً وسهلاً بكم في بوليفيا، موطن توباك كاتاريه، موطن بارتولينا سيسا، وسيمون بوليفار وكثيرين من الرجال الذي خاضوا الكفاح منذ 200 سنة من أجل استقلال بوليفيا وغيرها كثير من بلدان القارة الأمريكية.
أمريكا اللاتينية [...] تعيش في السنوات الأخيرة تحولات ديمقراطية عميقة سعياً للعدالة وكرامة الشعوب.
[...] على خطى أنتونيو خوسيه دي سوكري وسيمون بوليفار وكثيرين من القادة الهنود الحمر والخلاسيين والمحليين الذي عاشوا منذ 200 سنة.
قبل أسبوع واحد بالضبط من اليوم احتفلنا بالذكرى المئوية الثانية لقيام الجيش البوليفي، حيث كان هنود حمر وخلاسيون ومحليّون قد نظّموا صفوفهم عسكرياً في الرابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1810 من أجل مقارعة الهيمنة الإسبانية.
[...] في الآونة الأخيرة، عاودت أمريكا اللاتينية التزامها بقرار تحررنا، كتحرر ثانٍ، ليس اجتماعياً أو ثقافياً فحسب، وإنما التحرر الاقتصادي والمالي لشعوب أمريكا اللاتينية.
[...] هذا المؤتمر التاسع لوزراء الدفاع يضع برامج للمرأة ولتعدد الانتماء الثقافي داخل القوات المسلّحة وبرامج ديمقراطيّة وسلام وأمن لقارتنا الأمريكية، وأخرى تتعلق بالكوارث الطبيعية والمساعدة الإنسانية ودور القوات المسلحة. إنه جدول أعمال صائب تماماً، جدول أعمال ينصب على تداول الأمل عند الشعوب، ليس على مستوى أمريكا اللاتينية فحسب، بل على مستوى العالم.
في عام 1985 [...] لم يكن يتمتع بحق الترشح أو انتخاب السلطات إلا أصحاب المال وأهل الاختصاص المهني والمتحدثون بالإسبانية أو القشتالية.
وعليه، فإن 10 بالمائة فقط من السكان البوليفيين كانوا يستطيعون المشاركة في الانتخابات أو الترشح كسلطات، بينما تسعون بالمائة لم يكن لنا الحق بذلك. [...] حدثت عمليات مختلفة، [...] بعض الإصلاحات، لكن في عام 2009 تم، وللمرة الأولى بمشاركة الشعب البوليفي بأسره، صياغة دستور جديد للدولة متعددة القوميات.
[...] طبعاً، في هذا الدستور الجديد، أكثر القطاعات هامشية [...] لم يكن لها الحق بالترشح أو انتخاب سلطات الدولة، سلطات جمهورية بوليفيا.
استلزم الأمر مرور أكثر من 180 سنة من أجل القيام بتحولات عميقة وإدراج هذه القطاعات المهمّشة تاريخياً في بوليفيا. أرجو ألا أكون مخطئاً بظني أنها البلد الوحيد، ليس في القارة الأمريكية فحسب، وإنما في العالم، الذي تجد فيه خمسين بالمائة من الوزراء نساءً وخمسين بالمائة رجالاً.
طبعاً، على هامش القوانين، على هامش الدستور [...]، كنت أشعر أن الأهمّ هو القرار السياسي الذي يتعيّن اتخاذه من أجل ضمّ القطاعات موضع الإهمال الأكبر، ولم يكن إلا بعد إقرار الدستور من قبل الشعب البوليفي عام 2009، أن حظي أكثرهم تهميشاً وموضع أكبر استخفاف والمعتبَرون كحيوانات، كما كانت عليه الحركة الهندية الحمراء، بتمثيل لهم في الجمعية التشريعية متعددة القوميات، كما أصبح لهم تمثيلاً أيضاً في الجمعيات الإقليمية.
هناك أمر هام، في ما يتعلّق بالحركات الهندية الحمراء ذات الأعداد السكانية المتدنية، تم فتح دوائر انتخابية خاصة لكي يكون هناك تمثيل للأخوة الهنود الحمر من الهضبة والوادي والشرق البوليفي.
الدوائر ذات اللائحة الموحّدة تسمح للأخوة الهنود الحمر أن يحظوا بتمثيل في الجمعية التشريعية متعددة القوميات.
[...] بهذه الطريقة نسمح بمشاركة هؤلاء الأخوة الهنود الحمر الذين كانوا مهملين ومحكوماً عليهم بالفناء.
[...] لم يكن هذا موجوداً من قبل.
[...] عندما كنتُ فتى، كنت في بعض الأحيان، بصفتي قائداً نقابياً، أعارض القوات المسلحة، وعندما وصلتُ إلى الرئاسة أيقنت أن جزءاً كبيراً من القوات المسلحة قد أتى من المجتمعات الريفية في الوادي بشكل خاص.
أريد أن أقول لكم، أيها الوزراء الأعزاء، لم يسبق أبداً أن كان هناك مشاركة كما هي عليه اليوم؛ فمن قبل كان لون البشرة فقط ما يحدد الانتماء الاجتماعي للفرد، واليوم الهندي الأحمر، القائد النقابي المثقف، صاحب الاختصاص المهني، يمكنه أن يكون رئيساً. لم تكن هذه الطريقة متوفرة من قبل، قبل تغيّر بوليفيا بتغيّر دستورنا.
عندما يطرح هذا المؤتمر الديمقراطية والأمن والسلام فقط، لا بد من مراجعة التاريخ. مراجعة القوانين بالنسبة لي هو أمر مشوّق جداً، فالمراجعة تطيب للنفس، وليس المراجعة لمجرّد المراجعة، وإنما المراجعة حول الديمقراطية في أمريكا اللاتينية والأمن والسلام، في القارة الأمريكية وفي العالم.
إذا تحدثنا عن ماضي الديمقراطية في بوليفيا، لم يكن هناك إلا ديمقراطية متفق عليها، لم يكن هناك من حزب يستطيع أن يفوز في الانتخابات بأكثر من خمسين بالمائة كما يقول الدستور السياسي للدولة متعددة القوميات.
[...] في بوليفيا، منذ عام 1952، منذ عقد الخمسينات، حتى عام 2005، كانت هناك ديمقراطية متفق عليها، كان هناك أحزاب تفوز بحصولها على نسبة 20 بالمائة، 30 بالمائة.
[...] أي حزب يحتل المكان الثالث يمكنه أن يحصل على الرئاسة، فقد كان ذلك يعتمد على الاتفاقيات وعلى توزيع الوزارات؛ وهذا النوع من الاتفاقات كان يرتّبه سفير الولايات المتحدة بالذات؛ من واجب أبناء وبنات وطننا البوليفيين والبوليفيات أن يتذكّروا أنه في عام 2002، على سبيل المثال، عندما لم يكن هناك فائز بنسبة تزيد عن الخمسين بالمائة، فإن الحزب الذي حقق أكبر عدد من الأصوات حصل على 21 بالمائة منها، وهناك كان سفير الولايات المتحدة، مانويل روتشا، يجمع بين الأحزاب النيوليبرالية ويقرّب في ما بينها لكي تتمكّن من الحكم، وتلك الحكومات لم تدُم، لم تتحمّل.
هذا النوع من الديمقراطية نحن آخذون بتجاوزه لحسن الحظ بفضل وعي الشعب البوليفي، ليس لدينا الآن ديمقراطية متفق عليها، وإنما ديمقراطية شرعية تحتكم إلى مشاعر الشعب البوليفي الذي يرافق فكراً، شعوراً يأتي من معاناة الشعوب، في ظل برنامج حكم.
[...] برنامج لاستعادة كرامة البوليفيين، برنامج يسعى للمساواة بين البوليفيين، برنامج يستعيد الثروات الطبيعية للبلاد، برنامج يسمح للخدمات الأساسية أن تكون حقاً إنسانياً.
[...] عندما يقول لنا بعضٌ من معارضينا، مثلكم، وكل بلد له معارضوه: حكومة شمولية، حكومة متسلّطة، حكومة دكتاتورية، ما هو ذنبي إن كان برنامج الحكومة هذا المقترح من قبل حزبٍ يتمتع بأكثر من الثلثين في مختلف هياكل الدولة متعددة القوميات؛ لم أتمكن من الفوز بمجلس بلدية مدينة سانتا كروز فقط.
رئيس البلدية لدينا نكن له الاحترام، لقد فازوا علينا، ولكنني أحييكم يا سعادة رئيس البلدية لما قمتم به من خطوات في الأسبوع الماضي لمكافحة الاحتكار، المضاربة [...]، تهانينا واحتراماتنا، أيها السيد رئيس البلدية.
[...] ويقول لنا البعض: فكر وحيد، ليس هناك أي فكر وحيد، لا يمكن إلا لبرنامج عمل لمختلف القطاعات الاجتماعية التي تتقدم الحركات الاجتماعية الأصلية والعمّالية أن يحقق مثل هذا الدعم من أجل تغيير بوليفيا.
لكن، ما الذي نواجهه في الطريق إذا تكلّمنا عن الديمقراطية؟ تآمر، انقلابات، محاولات انقلابية عام 2008. [...] ومن هو مصمّم هذا الانقلاب: سفير الولايات المتحدة السابق.
راجعتُ شيئاً من التاريخ [...] عن انقلاب عام 1964 عندما كان رئيساً العقيد الركن غوالبيرتو فيجارويل، الذي قال بصفته رئيساً: ’أنا لست ضد الأغنياء، لكن صداقتي للفقراء أكبر‘؛ وهذا العسكريّ الوطني هو أول رئيس يدعو لقيام الكونغرس الهندي الأحمر.
رئيس آخر، وهو خيرمان بوش، الذي قال: ’لم أصل إلى الرئاسة من أجل خدمة الرأسماليين‘، وهو عسكري.
أول رئيس أمّم الموارد الطبيعية، وهو أيضاً عسكري، كان دافيد تورو؛ وأنا أتكلّم عن عام 1937 أو 1938، [...] لكن هذا الرئيس أعدموه عام 1946، قتلوه في القصر.
[...] تركّز الهجوم آنذاك على كتلة قصر كيمادو، الذي وصلته الأعيرة النارية من شارع ’إيليماني‘، ومن زاوية شارع ’بوليفار‘، ومن شارع ’كوميرسيو‘، ومن مقر الشرطة، ومن الجانب الخلفي من مبنى ’لا سال‘ ومبنى ’كيرسول‘، حيث تقع قنصلية الولايات المتحدة.
[...] عند مشاهدة الأعيرة القادمة من مبنى ’كيرسول‘، القنصلية الأمريكية، وبعد التحري عن هذا العسكري الوطني، الذي أقام أول كونغرس للهنود الحمر، من قنصلية الولايات المتحدة، أمطرته الأعيرة النارية للقضاء على حياة العسكريّ. الوثائق التي قمنا بمراجعتها موجودة.
[...] التاريخ يعيد نفسه، وقد تعيّن عليّ أن أواجه وضعاً ينظّم ويخطّط فيه سفير أمريكي للقضاء على مسعاي بصورة منافية للديمقراطية، وأنا أشعر بأن هذا يتكرر في العالم بأسره.
لكن رفيقاً، أحد أبناء وطننا ذهب ضحية عدد كبير من الانقلابات العسكرية، يقول لي: ’رئيس إيفو، يجب الانتباه من سفارة الولايات المتحدة، فطالما حدثت انقلابات في كل أمريكا اللاتينية‘، وهو يقول لي: ’الولايات المتحدة وحدها التي لا يحدث فيها انقلابات، وهذا لأنه لا يوجد سفارة للولايات المتحدة فيها‘، والحقيقة أن الأمر وصل بي لأن أدرك أنني لم أسمع بالفعل عن أي انقلاب هناك.
[...] البلدان الذين نتحمّل انقلابات منذ عام 2002 فنزويلا، 2008 بوليفيا، 2009 هندوراس، 2010 الإكوادور، ولا بد من الاعتراف، يا أبناء وطننا الأمريكيين اللاتينيين وفي القارة الأمريكية، أن الولايات المتحدة فازت علينا في هندوراس، فعززت الانقلاب؛ الإمبراطورية فازت علينا، ولكن شعوب القارة الأمريكية في فنزويلا، وفي بوليفيا، وفي الإكوادور، فزنا [...]، ماذا سيكون عليه الأمر في المستقبل، سنرى المستقبل.
[...] هذا التقييم الداخلي يجب أن يتحوّل إلى مداولة عميقة بين وزراء الدفاع من أجل ضمان الديمقراطية [...]؛ أجدادي، شعبي، ذهب دائماً ضحية انقلابات، انقلابات دموية، وليس هذا لأنه ما أراده العسكريون، القوات المسلحة، وإنما هي قرارات سياسية داخلية وخارجية للقضاء على حكومات ثورية، على حكومات تأتي من قلب الشعب، هذا هو تاريخ أمريكا اللاتينية.
[...] من حقنا أن نطرح على أنفسنا أشكال ضمان الديمقراطية في كل بلد، ولكن بدون انقلابات، وبدون محاولات انقلابات.
بودّنا أن يسهر مؤتمر وزيرات ووزراء الدفاع هذا على ضمان ديمقراطية حقيقية للشعوب، مع احترام أوجه الاختلاف بيننا، بين منطقة وأخرى، وبين قطاع وآخر.
ولكن عندما نتكلّم عن السلام أيضاً، أتساءل أنا كيف يمكن وجود سلام ما دامت موجودة قواعد عسكرية، وهنا يمكننا الحديث أيضاً بشيء من التجربة والاطلاع، لأنني ذهبتُ ضحية هذه القواعد العسكرية الأمريكية، بحجة مكافحة تهريب المخدرات.
عندما كنت جندياً، جندياً بسيطاً في القوات المسلّحة في عام 1978، حيث علّمني الضباط والضباط المساعدون على الدفاع عن الوطن، القوات المسلحة هي للدفاع عن الوطن، لا يمكن للقوات المسلحة أن تسمح لأي عسكري أجنبي مسلح أن يتواجد في بوليفيا.
[...] حين أصبحتُ مسؤولاً، كنت شاهداً بصورة شخصية أن ’وكالة مكافحة تهريب المخدرات‘ لم تكن تدير القوات المسلحة فقط، ولم تكن تدير الشرطة فقط، وإنما، وبحجة مكافحة تهريب المخدرات، كانت بسلاحها تكافح أيضاً الحركات الاجتماعية، تلاحق بطائراتها المسيرات المنطلِقة من سانتا كروز، من كوتشابامبا، من أورورو، ولم يكن بوسعها أن تعثر علينا ولا حتى بطائراتها، وكانوا يقولون ’مسيرات شبح‘، وأي مسيرات شبح، فقد كان يصل إلى الآلاف عدد الرفاق الذين يرفعون مطالب ويطالبون باستعادة كرامتهم واستعادة سيادة شعوبنا.
[...] إنني على قناعة أنه إذا ما كافحت الشعوب من أجل كرامتنا، من أجل سيادتنا، فإنها لا تستطيع ذلك بوجود قواعد عسكرية ولا بوجود تدخلات عسكرية، وكل ذلك مهما صغرنا، البلدان المسماة بلداناً نامية، البلدان المسماة في طريق النمو، لنا كرامتنا، لنا سيادتنا؛ وبالإضافة لذلك، عندما كنتُ برلمانياً حاولوا حملي على القبول بالحصانة لموظفي سفارة الولايات المتحدة.
ما هي الحصانة؟ أنه إذا ما ارتكب موظفو سفارة الولايات المتحدة، بمن فيها وكالة مكافحة تهريب المخدرات، أي جريمة، عدم محاكمتهم بموجب القوانين البوليفية. إنما كانت هذه بطاقة بيضاء لهم لكي يقتلوا، لكي يجرحوا، كما فعلوا في منطقتي.
السلام هو الابن الشرعي للمساواة، للكرامة، وهو العدالة الاجتماعية، إذا لم يكن هناك كرامة، إذا لم يكن هناك مساواة، وإذا لم يكن هناك عدالة اجتماعية، من المستحيل أن نضمن السلام، وكيف سنتمكن من ضمانه؟، فهناك شعوب تتمرد لأنه يوجد ظلم.
عند سماعي لأميننا العام للأمم المتحدة عن العقائد، عن العقائد التي نعرفها في بوليفيا، عن عقيدة معادية للشيوعية، وعن وجود انقلابات من أجل السيطرة العسكرية على المناجم، لأن الحركات الاجتماعية، المناجم، خرّجت ثواراً كبار من دعاة التغيير في بوليفيا.
في عقد الخمسينات، الستينات، كانوا يتهموننا بأننا شيوعيين نحن القادة النقابيين من قطاع المناجم، وذلك في سبيل إبعادنا، في سبيل نفينا، في سبيل محاكمتنا وحتى قتلنا. ذلك العصر قد ولّى، فلم يعد بالوسع اليوم اتهامنا بأننا شيوعيين، لأن جميعنا لنا الحق بأن نفكّر بطريقة مختلفة.
إذا كانت الشيوعية هي الحل بالنسبة لبلد ما، بالنسبة لإقليم ما، فالحل بالنسبة لبلد آخر يمكن أن يكون الاشتراكية، وبالنسبة لآخر الرأسمالية. إنه القرار الديمقراطي لأي بلد.
ولكن عندما كسبنا هذه المعركة، ولم يعد بوسعهم التبرير بعقيدة معادية للشيوعية لإسكات الشعوب، لتغيير الرؤساء، لتغيير الحكومات، فإنها تأتي العقيدة الأخرى، وهي الحرب على المخدرات.
إنه واجبنا جميعاً بالتأكيد أن نكافح المخدرات [...]. بوليفيا ليست حضارة المخدرات، بوليفيا ليست حضارة الكوكايين، ولكن، من أين يأتي الكوكايين؟ من سوق البلدان المتقدّمة، وهذا ليس مسؤولية الحكومة الوطنية، ولكنها ملزمة بأن تكافحه.
خلف مكافحة تهريب المخدرات لا يمكن أن تكمن مصالح جيو-سياسية. بحجة مكافحة تهريب المخدرات لا بد من إعطاء صورة شيطانية عن الحركات الاجتماعية، لا بد من تجريم الحركات الاجتماعية، لا بد من الخلط بين ورقة الكوكا وبين الكوكايين، ولا بد من الخلط بين منتِج ورقة الكوكا وبين تاجر المخدّرات، أو بين الاستهلاك المشروع لورقة الكوكا وبين الإدمان على المخدّرات.
لماذا لم يكافحوا الكوكا من قبل، منذ القرن الماضي، ما دامت الكوكا مضرّة؟ فالأوروبيون كانوا أوائل الإقطاعيين الذين استغلّوا ورقة الكوكا، ومن المؤكد أنه لم يكن يتم حرف الكوكايين.
كانت حكومات الولايات المتحدة في السابق تمنح شهادات تقدير لأفضل منتجي ورقة الكوكا، لماذا؟ لكي يتمكن منتج ورقة الكوكا من العيش، من العناية بورقة الكوكا وتأمينها لعمّال المناجم الذين يستغلّون القصدير ولكي تحمل الولايات المتحدة القصدير إلى أراضيها.
[...] يعرف العالم، وتعرفون أنتم، أن الحرب على المخدرات قد أخفقت؛ ولا بدّ من تغيير هذه السياسات، بالتأكيد، ما هي السياسة الجديدة، مثل القضاء على السرية المصرفية، على سبيل المثال، فهل تاجر المخدرات الكبير هذا، السمكة الكبيرة في بحر المخدرات، يحمل أمواله في الجعبة، في الحقيبة، أثناء سفره في الطائرة؟ لا، إنها تمر عبر البنوك، لم العجز عن القضاء على السرية المصرفية في سبيل القضاء على تهريب المخدرات، وبالتالي السيطرة على تهريب المخدّرات هذا؟
لماذا لا يدافع كل بلد عن نفسه من دخول المخدرات إلى أراضيه؛ فبما هو متاح من تكنولوجيا ومن أجهزة رادار، أقدّر أنه يمكن أن تتوفر القدرة على السيطرة عليها ولا نستطيع السيطرة، وإنما بحجة مكافحة المخدّرات يتم فرض سياسات مراقبة، تتجه بشكل رئيسي نحو كيفية استعادة الموارد الطبيعية لصالح الشركات العابرة للحدود.
[...] سفير الولايات المتحدة السابق، مانويل روتشا، يقول ’لا تصوتوا لإيفو موراليس، فإيفو موراليس هو بن لادن الأنديز، ومنتجو الكوكا هم طالبان‘.
حسب هذا النوع من العقائد، فإنكم، يا وزراء ووزيرات الدفاع الأعزاء، تجتمعون في هذه اللحظة مع بن لادن الأنديزي ورفاقي في الحركات النقابية طالبان، مثل هذه الاتهامات، وفي بعض الأحيان التشويهات.
[...] عندما يعجزون أيضاً عن الدفاع عن هذه الطروحات والعقائد المعادية للشيوعية، المعادية للإرهاب، هناك عقيدة جديدة بدأنا نسمعها منذ عدة أيام، وأريد أن أستغل هذه الفرصة لإطلاع شعبي عليها من خلال وسائل الاتصال.
يوم السابع عشر من الجاري انعقد اجتماع لبعض الأمريكيين اللاتينيين وبعض أعضاء كونغرس الأمريكيين في الولايات المتحدة في محفل يتحدث عن خطر الأنديز، عن تهديدات للديمقراطية، لحقوق الإنسان، وللأمن عبر الأمريكي.
[...] عضو الكونغرس إليانا روز-ليهتينين، تقول أنه ’لاحظنا في السنوات الأخيرة بقلق الجهود التي يبذلها عديدون في المنطقة، مثل هوغو تشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، ودانييل أورتيغا في نيكاراغوا، ورافائيل كورّيا في الإكوادور، لتعزيز سلطتهم مهما كلّف الثمن؛ أعضاء تحالف «ألبا» وعلى رأسهم هوغو تشافيز، واحد تلو الآخر، في تلاعب منهم بالنظام الديمقراطي لبلدانهم خدمةً لأهدافهم الذاتية في السلطة‘.
نذكّر هذه العضو في الكونغرس أننا لم نفز كما في الولايات المتحدة بفارق واحد بالمائة، أو اثنين بالمائة، إنما فزنا هنا بأكثر من خمسين بالمائة، أو أكثر من ستين بالمائة، وفي بعض الأقاليم بأكثر من ثمانين بالمائة. هذه هي الديمقراطية الحقيقية.
ماذا تقول الأجندة عن دانييل أورتيغا، أجندة إنتاج الكوكا التي يدفع بها إيفو موراليس، في تحالفه الراهن مع إيران وروسيا، وحالة رافائيل كورّيا، والإصلاحات الدستورية موضع الشك، بخطوط عريضة معادية للولايات المتحدة.
في ظل قيادتي، ستبرم بوليفيا اتفاقيات وتقيم تحالفات مع كل العالم، لن يمنعني أحد من ذلك، فهذا من حقنا، ونحن أصحاب ثقافة الحوار.
[...] بدون وجود شركاء ديمقراطيين ثابتين لا يمكن وجود أمن إقليمي؛ أمن إقليمي أو ابحثوا عن أمنٍ للولايات المتحدة، ومن هذا المنطق، فإن اللحظة الراهنة هي لحظة إقدام الولايات المتحدة على دعم أعدائها أو إضعاف أعدائها؛ الآن هي اللحظة التي يتعيّن فيها على منظمة الدول الأمريكية أن تحرر إرثها من الازدواجية الأخلاقية وأن تحمل جميع الدول الأعضاء فيها على الالتزام بالمبادئ والواجبات الأساسية للميثاق الديمقراطي عبر الأمريكي. حسناً، يتعيّن مراجعة الميثاق عبر الأمريكي.
عضو الكونغرس الثاني (يتكلّم عن كوني ماك، ويشرح أفكاره بالكلمات التالية) لديّ نص كل ما قاله، كل مداخلته، ولكن سأحاول الإيجاز كسباً للوقت، يوقّعها ويقول: ’أريد أن أتكلّم عن بعض الملاحظات خلال السنوات الست الأخيرة، بصفتي عضواً في هذا الكونغرس، لاحظتُ بصراحة الإدارتين: الإدارة الجمهورية والإدارة الديمقراطية.
في هذا الاتجاه أظن أن هذه الفكرة عند الإدارتين تجاه هوغو تشافيز. الفكرة الأولى: ليس علينا أن نتدخل، فلنجلس وندعه ينهار من تلقاء نفسه، والفكرة الآن تقول أنه ربما كان هوغو تشافيز مجنوناً. وأنا لا أقع في أي من هاتين الفكرتين؛ فلا أظن أن هوغو تشافيز مجنوناً، ولا أظن كذلك بأن فكرة تركه ينهار من تلقاء نفسه ستنجح. هوغو تشافيز هو تهديد للحرية وللديمقراطية في أمريكا اللاتينية وحول العالم.
هذا ما يبعث القلق الأكبر عندي، وبالتالي آمل أن نتحوّل إلى الأغلبية التالية في الكونغرس المقبل، بصفتي رئيساً للجنة الفرعية لنفعل بهذا بالذات، سنتولّى أمر تشافيز: هزمه سياسياً أو تفجيره جسدياً‘".
ثم يضيف إيفو:
"بوسعي القول أن عضو الكونغرس هذا، كوني ماك، قد أصبح قاتلاً معترِفاً ومتآمراً معترِفاً على الرفيق الشقيق رئيس فنزويلا، هوغو تشافيز.
إذا حدث شيء لحياة هوغو تشافيز فإن المسؤول الوحيد سيكون هذا العضو في كونغرس الولايات المتحدة، فهو يقول ذلك علناً وهو مكتوب في وسائل الاتصال وفي مداخلته.
أيها الرفيق، الأخ الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية، من واجبك أن تطردنا نحن فنزويلا والإكوادور وبوليفيا، ويقول في مكان آخر نيكاراغوا أيضاً، وتطبيق عقوبات علينا. ماذا يعني ذلك؟ من المؤكد أنه يعني حصاراً اقتصادياً كالحصار المفروض على كوبا.
أظن أن هذا هو المقصود بالعقوبات، إذن كيف نستطيع بعض بلدان القارة الأمريكية ضمان الأمن، السلام، عندما يكون هذا طرح بعض أعضاء الكونغرس، بعض الأمريكيين اللاتينيين.
كنت أراجع بحثاً عن السبب، الدافع لطرد كوبا عام 1962، ويقول القرار أنه لكونها لينينية، ماركسية وشيوعية، يطردون كوبا من منظمة الدول الأمريكية. العقيدة الجديدة الآن هي عقيدة مناهضة لمجموعة ’ألبا‘. بما أننا في هذه البلدان ننظّم، نحيي فيدل، نحيّي تشافيز، ورؤساء آخرين؛ وكيف سيكون لدينا أداة مثل ’البا‘، أداة تكامل، أداة تضامن، تضامن غير مشروط، كيف نتقاسم بدلاً من أن نتنافس، وكيف نمارس سياسات تكميلية وليس تنافسية.
[...] في إطار هذا التنافس لا تستفيد إلا مجموعات صغيرة وليس الأغلبيات التي تأمل ذلك من رؤسائها.
في إطار سياسات التنافس هذه وليس التكميلية، ولا الرأسمالية هي حل بالنسبة للرأسمالية، هذه هي الأزمة المالية.
[...] هذه العقيدة الجديدة، على غرار العقائد التي كانت تأتي من ’مدرسة بنما‘، سلّمتها قيادة الجنوب لعسكريينا. لقد أغلقت هذه المدارس بفضل نضال شعوبنا، والآن لم تعد ’مدارس الأمريكتين‘. فما هو القائم حالياً؟، عمليات مشتركة من خلال قوات خاصة.
[...] يثير إعجابي بعض ضباط قواتي المسلحة الذي أبلغوا بالتفصيل عن هذه التدريبات التي يجرونها سنوياً بالتناوب في مختلف بلدان القارة الأمريكية، لماذا؟ لكي يطرحوا عليهم كيفية القضاء على البلدان الثورية، البلدان التي تقوم بتحوّلات ديمقراطية عميقة؛ بل وأنها تدريبات لإجراء بروفات أو تعليم القناصين وأن يقتلوا الزعماء.
[...] كنتُ قد شاهدت بامتعاض شديد بعض مشاهد هذه العمليات المشتركة من خلال القوات الخاصة التي تتناوب بين أبناء كل شعب. طبعاً، بوليفيا لم تعد تشارك فيها، وهي لن تشارك أبداً ما دام هذا الرئيس موجوداً في هذا النوع من العمليات المشتركة لمواصلة ضرب الديمقراطية.
[...] بالنسبة للحركة الهندية الحمراء [...] يمكن لهذا الكوكب أو الأرض-الأم أن يوجد بدون الكائن البشري، ولكننا نحن أبناء البشر لا نستطيع أن نعيش بدون الكوكب، بدون الأرض-الأم.
[...] الرأسمالية ليست الملكية الخاصة، لأنهم يحاولون في بعض الأحيان خلط الأمور، ويقولون بأن الرئيس إيفو يشكك بالرأسمالية، سوف يجردوننا من منازلنا، من سياراتنا، لا، الملكية الخاصة مضمونة.
[...] الدستور الجديد يضمن اقتصاداً تعددياً، وهذا الاقتصاد التعددي يضمن الملكية الخاصة، ويتم ضمان الملكية الاجتماعية والعامّة ولكل قطاعات المجتمع، ولكن عندما نتكلم عن الرأسمالية إنما نحن نتكلّم عن هذا التطور اللاعقلاني، اللامسؤول، الذي لا يعرف حدوداً.
لم يعد رفاقنا يجدون ماءً في هذه المنطقة من الأمازون. عندما نشرع بالحفر في منطقة ما، نجد المياه على عمق أكبر يوماً بعد يوم وبكميات أقل، وعندما لا نضمن المياه بسبب الجفاف، وذلك بسبب الاحتباس الحراري بالذات، يتعيّن على تلك العائلة أن تهيم على وجهها، إنها آلاف، إنها ملايين العائلات في العالم، إنهم مهاجرون مناخيّون.
هذه المشكلة لن نحلّها بمشاركة القوات المسلحة، لن نتمكن من حلّها بمشاركة وزراء الدفاع، ولا بالتعاون، إنه موضوع بنيوي ذو طابع عالمي.
[...] بودّنا أن نقرر هنا على المدى المتوسط والمدى البعيد، بأن الحل الأفضل للقضاء على الكوارث، أو القضاء على الكوارث الطبيعية هو القضاء على الرأسمالية، عبر تغيير هذه السياسات المتمادية الصناعيّة.
طبعاً، جميع البلدان نريد التصنيع، التصنيع من أجل الحياة، التصنيع من أجل الإنسان، وليس التصنيع من أجل القضاء على الحياة، القضاء على أبناء البشر. هناك عقائد تدعو إلى الحرب وتروّج لها، هناك شعوب أو دول تعيش من الحرب، ولا بد من نهاية لذلك، وإذا أردنا أن ننهي ذلك، إنما هو باجتثاث الصناعات الكبرى للأسلحة التي تقضي على الحياة.
[...] أعرف ن وزراء كثيرين أتوا حاملين رسالة رؤسائهم، حكوماتهم، شعوبهم، ولكن، لنكن مسؤولين أمام الحياة، والمسؤولية أمام الحياة هي مسؤولية تجاه الكوكب أو تجاه الأرض-الأم، والمسؤولية تجاه الأرض-الأم أو الكوكب هو احترام حقوق الأرض-الأم.
[...] ليت أن القارة الأمريكية تتمكن من خلالكم، يا وزراء الدفاع، من ضمان حق الأرض-الأم من أجل ضمان حقوق الإنسان، الحياة، البشرية، وليس فقط من أجل القارة الأمريكية، وإنما لكل العالم. أشعر أن على كاهلنا مسؤولية كبرى في هذا الوضع.
أودّ أن أحيّي مشاركة قواتنا المسلحة، وأن أصارحكم أيضاً بأنني كنت خائفاً جداً، خوف عام 2005، 2006، عندما وصلت إلى الرئاسة: إن كانت القوات المسلحة سترافقني أم لا في هذه العمليّة.
[...] القوات المسلحة، عبر مشاركتها بأعمال اجتماعية، في تغييرات هيكلية، في استعادة المناجم، في دعم سياسات استعادة الموارد الطبيعية، تحظى الآن بمحبة الشعب البوليفي.
[...] يشعر الشعب بأن لدية قوات مسلحة للشعب. لدينا الآن، ولحسن الحظ، هيكلين هامّين في الدولة متعدد القوميات، الحركات الاجتماعية التي تدافع عن مواردها الطبيعية، والقوات المسلحة التي تدافع أيضاً عن مواردها الطبيعية؛ وإذا عدنا إلى عام 1810، فإن القوات المسلحة قد نشأت طبعاً وهي تدافع عن مواردها الطبيعية وعن هوية وسيادة شعوبنا. إنما في بعض الحقب أسيء استخدام قواتنا المسلحة، ليس بسبب قادتها، وإنما بسبب مصالح أوليغارشية أو بعيدة عن الشعوب، وهو أمر أنزل بنا الكثير من الضرر بالتأكيد.
[...] مع فرض سياسات آتية من الأعلى ومن الخارج، من صندوق النقد الدولي ومن البنك العالمي، وعمليات خصخصة، نقل شركات عامة إلى أيادٍ أجنبية.
[...] لم يكن يبقَ من الأرباح [...] إلا 18 بالمائة للبوليفيين، وكان يذهب 82 بالمائة للشركات العابرة للحدود.
وفي الأول من أيار/مايو 2006، من خلال مرسوم أعلى، قررنا أولاً سيطرة الدولة على مواردنا الطبيعية، وبعدها، وقناعة منّا بأن مَن يستثمر من حقّه استعادة استثماره وله الحق بالحصول على أرباح، قلنا أنهم يستطيعون الحصول على أرباح بنسبة 18 بالمائة واستعادة استثماراتهم. وهكذا أثبت لي الفنيّون أنه اعتباراً من الأول من أيار/مايو يذهب 82 بالمائة من الأرباح للبوليفيين و18 بالمائة للشركات المستثمِرة، هذا هو التأميم مع احترام الاستثمار".
أنهى إيفو خطابه بتقديم معطيات لا تُدحَض عن النتائج الاقتصادية التي حققتها الثورة.
"في السابق، كان حجم إجمالي الناتج المحلي يصل إلى تسعة آلاف مليون دولار عام 2005، وفي عام 2010 وصل حجم إجمالي الناتج المحلي إلى 18 ألفاً و500 مليون دولار.
[...] بوجود صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، كان معدّل دخل الفرد يبلغ ألف دولار سنوياً [...] وخلال حكمنا وصل إلى 1900 دولار.
[...] في عام 2005 كانت بوليفيا تشغل الموقع ما قبل الأخير بين البلدان من ناحية الاحتياط الدولي، تحسّن وضعنا الآن؛ فكم كان لدى بوليفيا من احتياط دولي: 1700 مليون دولار، ولدينا هذه السنة 9300 مليون دولار.
[...] حين كنّا تابعين لحكومات الولايات المتحدة لم يكن بوسعنا حتى أن نقضي على الأميّة، والآن بفضل التعاون غير المشروط من جانب كوبا بشكل خاص، كما هو حال فنزويلا، أعلنّا بوليفيا منذ سنتين أراضٍ خالية من الأمية، وذلك بعد 200 سنة.
مقابل هذا التعاون، ماذا تطلب منّا كوبا؟ لا شيء، هذا اسمه تضامن، تقاسم القليل الذي نملك، وليس تقاسم ما يفيض عن حاجتنا. هذا ما تعلّمته من الرفيق فيدل والذي أكن له احتراماً كبيراً والكثير من الإعجاب".
بدافع التواضع لا غير، لم يتحدث إيفو عن الإنجازات التي حققها الشعب البوليفي في مجال الصحة. ففي مجال طب العيون فقط، خضع نحو 500 ألف بوليفي لعمليات جراحية، وتصل الخدمات الصحية إلى جميع البوليفيين، وهناك نحو خمسة آلاف أخصائي بالطب العام التكاملي يجري تأهيلهم وسيتسلمون شهاداتهم في موعد قريب. لدى هذا البلد الأمريكي اللاتيني الشقيق ما يكفي من الأسباب للشعور بالفخر.
ينتهي إيفو إلى القول:
[...] بدون صندوق النقد الدولي، أي، أن يفرضوا علينا سياسات اقتصادية للخصخصة والبيع بالمزاد، يمكننا أن نكون في حال أفضل بعد في مجال الديمقراطية، لو لم نكن نعتمد على الولايات المتحدة لارتقينا بديمقراطيتنا في أمريكا اللاتينية، إنها نتيجة هذه السنوات الخمس من التدبير كرئيس.
طبعاً، لا أريد بذلك أن أقول بأن بوليفيا لم تعد بحاجة للتعاون، فبوليفيا ما زالت بحاجة لقروض دولية، تعاون دوليّ. أحيّي البلدان التي تتعاون معها من أوروبا وأمريكا اللاتينية، عبر تسهيلات بالقروض، لأننا قيد عملية تحولات عميقة.
[...] فليكن للشعوب حقها بأن تقرر في شأن ديمقراطيتها، بشأن أمنها، ولكن ما دامت أمامنا موقف تدخليّة بأي حجة كانت [...] من المؤكد أننا سنتأخر في تحرير الشعوب. ولكن، عاجلا أم آجلاً، إن الشعوب ستواصل تحررها حسب ما نشاهده.
لذلك فإنني على قناعة بأنه من التمرد إلى الثورة، ومن الثورة إلى إزالة الاستعمار".
بعد خطاب إيفو، بالكاد مرّ عليه 48 ساعة، وقع كالبرق خطاب شافيز. أضواء التمرّد أنارت سماء قارتنا الأمريكية.
فيدل كاسترو روز
24 تشرين الثاني/نوفمبر 2010
الساعة: 7:36 مساءً